رسالة (تـو) إلى الغوغاء القائمين على هذا المنتدى

بسم الله الرّحمن الرّحيم ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرَجهم . ربّ اشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واحلل عقدة من لساني ، يفقهوا قولي .

أيتها الجماعة يبدو لي أنّ عندكم مشكلة يجب أن تحلّوها ؛ وهي تتمثّل في بيان ما يلي :

إنّكم تتجاهلون حقيقة واقعية ، هي أنّنا نحن الشيعة المتحوّلين من مذهب أهل السنّة والجماعة ، إنّما كان تحوّلنا من داخل بيت أهل السنّة والجماعة نفسه . أعني من خلال قراءاتنا المتفحّصة لكتب أهل السنّة والجماعة (كتب الحديث ، والتفسير ، والتاريخ ، ...) لعلماء ومفكّرين ، قدامى ومعاصرين ، كالبخاري ومسلم ، والطبرى وغيرهم كثير ، وسيد قطب والمودودي ، طبعا غير كتب ولا علماء السلفية والوهابية ، الذين يحرّفون الكتب التي تتضمّن الحقائق والمعارف المفيدة ـ تماما مثلما تفعلون في هذا المنتدى الذي أنشأتموه وأطلقتم عليه كذبا ومينا وزورا اسم شيعة تبسة ، فالكذب فيكم سجية ، وهذه هي أخلاقكم لم نتفاجأ لها ـ ولم نطّلع أصلا على كتب إخواننا الشيعة التي لا تنفكّون تستلّون منها رواية شاذّة من هذا الكتاب ، وأخرى ضعيفة من ذاك الكتاب ، وثالثة موضوعة من ذلك الكتاب ؛ هذه الروايات التي لا تعتبر من أساسيات ولا من ركائز مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، والتي لم نطّلع عليها أصلا إلا بعد ما استوعبنا ما في كتب قومنا من حقائق تشهد بأحقية أهل البيت النبوي عليهم السلام أجمعين وصدقية مذهبهم ؛ وبعد ما فهمنا التشيّع حقّ الفهم ، وعرفنا مباني مذهب الشيعة ، ولو اطّلعنا عليها قبل ُ، لما صرنا شيعة لأهل بيت نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم تسليما كثيرا ، وهذا ما لا نخالفكم فيه ، لأننا لو فعلنا مثلكم لما فهمنا التشيّع ، ولرفضناه مثلما تفعلون بسبب جهلكم ، وفساد طينتكم . وممّا تجهلون عن مذهب السيعة أو تتجاهلونه ولا تريدون التصريح به لأتباعكم هو أنّه ليس للشيعة كتاب يسمّونه أو يعتبرونه صحيحا كاملا أو أصحّ كتاب بعد كتاب الله تعالى ، حتى لو كان كتاب نهج البلاغة ، هذه هي الحقيقة التي يجب أن يطّلع عليها أتباعكم ، ويجب أن تضعوها في حسبانكم إن كنتم تبتغون الحق والحقيقة من كتاباتكم المسمومة هذه ؛ وهذا من المستبعد عنكم ، لأنّكم ببساطة منزّهون عنها أعني الحقيقة .

إذن ، فإنّ تشيّعنا في الحقيقة تشيّع مصادره سنّيّة ، لأنّه مستخرج من عند أهل السنّة والجماعة أنفسهم ، وهذه حقيقة لا يمكن لكم أن تنكروها إلا جحدا منكم ومكابرة للحقّ ، وعنادا ، و((الناس أعداء ما جهلوا)) كما يقول أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام .

فمكشكلتكم هذه عويصة حقّا ، إذ أنّكم تريدون أن تخرجونا ممّا دخلنا فيه راضين مقتنعين ، من داخل البيت الشيعي بينما نحن أخذناه من داخل البيت السنّيّ ؛ إنّكم تجهدون أنفسكم دونما كلل ولا تعب أو ملل ، وبلا هوادة ـ نسأل الله تعالى أن يرزقنا مثل طاقتكم الجبارة هذه لنستهلكها في نشر الهداية والعلم والنّور في مجتمعاتنا المغبونة ، ونبصّرها أمر دينها كما جاء به نبيها صلى الله عليه وآله وسلّم وخلّفه في أهل بيته عليهم السلام .

إنكم أيتها الجماعة تريدون أن تخرجونا من التشيّع من داخل بيت الشيعة ، وهنا مكمن خطئكم ؛ يجب عليكم أن تدخلوا معنا البيت الذي هو بيت أهل السنة والجماعة ، وتفتّحوا أعينكم وعقولكم ، وتنظروا ما فيه بتدقيق وتفحّص ، ثمّ تقرأوا معنا بوعي ، لتفهموا ما فهمناه ، ثمّ بعدها اعملوا ما في وسعكم لإخراجنا ممّا دخلنا فيه ، وهيهات هيهات أن يتحقق لكم ذلك ((حتى يلج الجمل في سمّ الخياط)) .

وأمّا عن المنهجية التي تتبعونها في معالجة المشكلة فهي خطأ . وببساطة إنّكم تتعبون أنفسكم ، وتهدرون طاقاتكم ، وتضيّعون أوقاتكم ، وربّما أموالكم ، إن لم يكن العكس أعني أنكم تقبضون الأموال الطائلة التي تغدقها عليكم الجهات المعروفة بعدائها لأهل البيت عليهم السلام ولشيعتهم فأنتم لا تعملون هذا في سبيل الله طبعا ,

أيتها الجماعة ، ليس من لا يبصر كمن يبصر ، ومن فهم وذاق حلاوة الإيمان وعرف اطمئنان الرّوح أنّى له أن يتراجع ويعود إلى الوراء ؟ فبالله عليكم دعونا وشأننا ، واهتمّوا لأنفسكم وأحوالكم ، ولا تحاولوا أن تلمّعوا صورتكم على حسابنا وبتشويه صورتنا .

إنّ حججنا في بيتكم ، ومنها استبصرنا لديننا ــ طبعا إن كنتم تنتمون إلى هذا البيت ، وأعني به بيت أهل السنّة والجماعة . وأنتم بطريقتكم هذه تضحكون على أنفسكم وعلى من يقرأ لكم من السذج ــ حقّا إنّه الضحك على الذقون ؛ أنصحكم أن تبحثوا لكم عن حرفة أخرى ، أو دور آخر ترتزقون بواسطته الرزق الحلال ، وليكن التمثيل الهادف مثلا .

إنّ أخطر ما يقع فيه المرء هو الغرور والعيش في أحلام اليقظة التي تجعله يتصوّر أنه هو الذي على خطّ الصواب فهو ليس في حاجة إلى أن يراجع أساساته.

أمر آخر ، الإنصاف يفرض عليكم أن تخبروا قراءكم أن كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي يقع في 110 مجلّد أي أجزاء ، وكتاب ضخم بهذا الحجم من الطبيعي جدّا أن يقع صاحبه في بعض الأخطاء ، كأن يقدّم أو يؤخّر في حديث ما ، وكم للبخاري مثلا من حذف أو تغيير أو تكنية بدل التصريح باسن الصحابي إلخ... فلا حاجة إلى المزايدة في هذا المجال .

السلام على الحسين ، وعلى عليّ بن الحسين ، وعلى أولاد الحسين ، وعلى أصحاب الحسين . عليهم منّي جميعا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل
والنّهار، يا ليتني كنت معهم فأفوز والله فوزا عظيما .

ولعن الله أمّة قتلتهم ، ولعن الله أمّة سمعت بذلك فرضيت به .

وعلى كلّ حال انتظرونا ، إذ سنكون معكم إن شاء الله تعالى .

وأعظم الله أجورنا وأجوركم يا شيعة آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم ، في مصابنا بأبي عبد الله الحسين عليه السلام بحلول ذكرى أربعينيته . وصلّى الله على محمّد وآل محمّد الطيّبين الطّاهرين وسلّم تسليمًا كثيرا ، والحمد لله ربّ العالمين .