منتدى شيعة تبسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يلم شمل شيعة تبسة الجزائرية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالسبت مايو 09, 2015 1:53 pm من طرف أبن العرب

» التوحيد واقسامه
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالجمعة مايو 01, 2015 1:29 pm من طرف أبن العرب

» قولوا لا إله إلا الله تفلحوا
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالجمعة مايو 01, 2015 1:08 pm من طرف أبن العرب

» برنامج الأذان الشيعي للكمبيوتر -رائع-
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 21, 2014 1:31 am من طرف أبو حسين

» الرد علي الشبهات تارافضيه
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالسبت نوفمبر 15, 2014 6:53 pm من طرف الشناوي احمد

» هل ولد علي بن ابي طالب رضي الله عنه في الكعبه يا رافضه
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالسبت نوفمبر 15, 2014 6:50 pm من طرف الشناوي احمد

» لماذا يكفر من ينكر الامامه
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالسبت نوفمبر 15, 2014 6:48 pm من طرف الشناوي احمد

» سؤال الي الرافضه
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالسبت نوفمبر 15, 2014 6:46 pm من طرف الشناوي احمد

» سؤال الي الشيعه
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالسبت نوفمبر 15, 2014 6:44 pm من طرف الشناوي احمد

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
pubarab

 

 عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رزيقة
المدير العام
المدير العام
رزيقة


عدد الرسائل : 1459
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 29/12/2009

عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Empty
مُساهمةموضوع: عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان   عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 07, 2010 10:08 pm

قصة أستشهاد الأمام الحسين عليه السلام



الاجابة للشيخ صالح الكرباسي

مات معاوية بن أبي سفيان في النصف من رجب سنة 59 أو 60 من الهجرة ، و استولى ابنه يزيد على مسند الخلافة ، و ادّعى أنه خليفة رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .
فاستنكف المسلمون أن يدخلوا تحت طاعة رجل لا يؤمن بالله و لا بالرسول ، و يحمل عقيدة الإلحاد و الزندقة ، كما صرّح بذلك يوم قال :
لَعِبَتْ هاشمُ بالملك فلا *** خَبَر جاء و لا وحي نزلْ
ثم أن يزيد كَتب كتاباً إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان والي المدينة يُخبره بموت معاوية ، و يأمره بأخذ البيعة من أهل المدينة عامّة و من الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) خاصّة .
فأرسل الوليد إلى الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) و قرأ عليه كتاب يزيد .
فقال الحسين : أيها الوليد إنّك تعلم انا أهلُ بيتٍ بنا فَتَح الله و بنا يَختم ، و مِثْلي لا يبايع ليزيد شارب الخمور و راكب الفجور و قاتل النفس المحترمة .
و خرج الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) من المدينة خائفاً يترقّب و قصد نحو مكّة فجعل أهل العراق يكاتبونه و يراسلونه و يطلبون منه التوجّه إلى بلادهم ليبايعوه بالخلافة ، لأنه أولى من غيره ، فإنه ابن رسول الله وسبطه ، و المنصوص عليه بالإمامة من جدّه رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) لقوله : " الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا " ، أي سواء قاما بأعباء الخلافة أو غُصبتْ عنهما .
إلى أن اجتمع عند الحسين ( عليه السَّلام ) إثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق و كلّها مضمون واحد ، كتبوا إليه : قد أينعتِ الثمار و اخضرّ الجناب ، و إنما تقدم على جندٍ لك مجنّدة ، إن لك في الكوفة مائة ألف سيف ، إذا لم تقدم إلينا فإنا نخاصمك غداً بين يدي الله .
فأرسل الحسين ( عليه السَّلام ) ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، فلمّا دخل مسلم الكوفة اجتمع الناس حوله و بايعوه لأنه سفير الحسين و ممثّله فبايعه ثمانية عشر ألفاً أو أربعة و عشرون ألفاً .
و كتب مسلم إلى الحسين ( عليه السَّلام ) يخبره ببيعة الناس و يطلب منه التعجيل بالقدوم ، فلما علم يزيد ذلك أرسل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ، فدخل ابن زياد الكوفة و أرسل إلى رؤساء العشائر و القبائل يُهدّدهم بجيش الشام و يطمعهم .
فبدأ الناس يتفرّقون عن مسلم شيئاً فشيئاً ، إلى أن بقي مسلم وحيداً ، فأضافته امرأة فطوّقوا الدار التي كان فيها ، و خرج مسلم ، و اشتعلت نار الحرب ، و قتل مسلم منهم مقتلة عظيمة ، و ألقي عليه القبض يوم عرفة و ضربوا عنقه ، و جعلوا يسحبونه في الأسواق و الحبل في رجليه .
و خرج الحسين ( عليه السَّلام ) من مكة نحو العراق يوم الثامن من ذي الحجة ، و منعه جماعة من التوجه نحو العراق و أحدهم عبد الله بن العباس ( حَبْر الأمّة ) .
فقال له الحسين ( عليه السَّلام ) : يابن عباس : إن رسول الله أمرني بأمرٍ أنا ماضٍ فيه .
فقال : بماذا أمرك جدّك ؟
فقال الحسين : أتاني جدّي في المنام و قال : يا حسين أخرج إلى العراق فإن الله شاء أن يراك قتيلا .
فقال ابن عباس : إذن فما معنى حملُك هؤلاء النساء معك ؟
فقال الحسين : هنّ ودائع رسول الله و لا آمنُ عليهنّ أحدا ، و هنّ أيضاً لا يُفارقنني .
و خرج الحسين ( عليه السَّلام ) قاصداً الكوفة ، و في أثناء الطريق التقى به سريّة من الجيش تتكوّن من ألف فارس بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي ، و أرادوا إلقاء القبض على الحسين ( عليه السَّلام ) و إدخاله الكوفة على ابن زياد ، إلا أن الحسين امتنع من الانقياد لهم ، فتمّ القرار على أن يسلك الحسين ( عليه السَّلام )طريقاً لا يُدخله الكوفة و لا يردّه إلى المدينة ، فوصل إلى ارض كربلاء فنزل فيها .
و قام ابن زياد خطيباً في الكوفة و قال : من يأتيني براس الحسين فله الجائزة العظمى ، و أعطه ولاية ملك الرّي عشر سنوات .
فقام عمر بن سعد بن أبي وقاص و قال : أنا .
فعقد له رايةً في أربعة آلاف رجل ، و اصبح الصباح ، و أولُ راية سارتْ نحو كربلاء راية عمر بن سعد ، ولم تزل الرايات تترى حتى تكاملوا في اليوم التاسع من المحرم ثلاثين ألفاً أو خمسين ألفاً أو أكثر من ذلك .
و حالوا بين الحسين و أهل بيته و بين ماء الفرات من اليوم السابع من المحرم ، و لما كان اليوم التاسع اشتدّ بهم العطش ، و اشتدّ الأمر بالمراضع و الأطفال الرضّع .
قالت سكينة بنت الحسين : عزّ ماؤنا ليلة التاسع من المحرّم فجفّت الأواني ويبست الشفاه حتى صرنا نتوقّع الجرعة من الماء فلم نجدها ، فقلت في نفسي أمضي إلى عمّتي زينب لعلّها ادّخرت لنا شيئاً من الماء ، فمضيتُ إلى خيمتها فرأيتها جالسة و في حجرها أخي عبد الله الرضيع و هو يلوك بلسانه من شدّة العطش و هي تارة تقوم و تارة تقعد ، فخفقتني العبرة فلزمتُ السكوت .
فقالت عمتي : ما يُبكيك ؟
قلت : حال أخي الرضيع أبكاني .
ثم قلت : عمتاه قومي لنمضي إلى خيم عمومتي لعلّهم ادّخروا شيئاً من الماء ، فمضينا و اخترقنا الخيم بأجمعها فلم نجد عندهم شيئاً من الماء ، فرجعت عمّتي إلى خيمتها فتبعتها و تبعنا من نحو عشرين صبياً و صبيّة ، و هم يطلبون منها الماء و ينادون : العطش ... العطش .
و آخر راية وصلت إلى كربلاء راية شمر بن ذي الجوشن في ستة آلاف مساء يوم التاسع ، و معه كتاب من ابن زياد إلى ابن سعد ، فيه : فإن نزل الحسين و أصحابه على حكمي و استسلموا فابعث بهم إليّ سلما ، و إن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم ، فإن قتلت حسيناً فأوطئ الخيل صدره و ظهره ... .
فزحف الجيش نحو خيام الحسين عند المساء بعد العصر ، و اقترب نحو خيم الحسين و الحسين جالس أمام خيمته ، إذ خفق برأسه على ركبتيه ، و سمعت أخته زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) الصيحة فدنت من أخيها و قالت : يا أخي أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت ؟
فرفع الحسين رأسه و قال : أخيّة : أتى رسول الله الساعة في المنام فقال لي : إنك تروح إلينا .
فلطمتْ أخته زينب وجهها وصاحت : و اويلاه .
فقال لها الحسين ( عليه السَّلام ) : ليس الويل لك يا أخيّة ، و لا تُشمتي القوم بنا ، اسكتي رحمك الله .
فقال له العباس بن عليّ : يا أخي قد أتاك القوم فانهض .
فنهض ثم قال : يا عباس اركب ـ بنفسي أنت ـ يا أخي حتى تلقاهم و تقول لهم : ما لكم و ما بدا لكم ؟ و ما تريدون ؟
فأتاهم العباس في نحو عشرين فارساً ، فقال لهم العباس : ما بدا لكم و ما تريدون ؟
قالوا : قد جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم .
فرجع العباس إلى الحسين و أخبره بمقال القوم .
فقال الحسين : ارجع إليهم ، فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غد و تدفعهم عنّا العشيّة لعلّنا نُصلّي لربّنا الليلة و ندعوه و نستغفره ، فهو يعلم أني قد كنت أحبّ الصلاة له و تلاوة كتابه .
فمضى العباس إلى القوم و سألهم ذلك ، فأبوا أن يمهلوهم .
فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي : ويلكم والله لو أنهم من الترك و الديلم و سألونا مثل ذلك لأجبناهم فكيف و هم آل محمد ؟!
و بات الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) و أصحابه و أهل بيته ليلة العاشر من المحرم ، و لهم دويٌّ كدويّ النحل ، ما بين قائم و قاعد و راكع و ساجد .
ثم أن الحسين ( عليه السَّلام ) جمع أصحابه و قام فيهم خطيباً و قال :
أما بعد : فإني لا أعلم أصحاباً أوفى و لا خيراً من أصحابي و لا أهل بيتٍ أبرّ و لا أوصل و لا أفضل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً ، فلقد بررتم و عاونتم .
ألا : و إني لا أظن يوماً لنا من هؤلاء الأعداء إلا غداً ، ألا و إني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلٍّ من بيعتي ليس عليكم مني حرج و لا ذمام ، و هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً ، و ليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، و تفرّقوا في سواد هذا الليل ، و ذروني و هؤلاء القوم ، فإنهم لا يريدون غيري .
فقال له اخوته و أبناؤه و أبناء عبد الله بن جعفر : و لِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبدا .
و تكلّم اخوته و جميع أهل بيته فقالوا : يابن رسول الله فما يقول لنا الناس و ماذا نقول لهم ؟ نقول إنا تركنا شيخنا و كبيرنا و ابن بنت نبيّنا لم نرم معه بسهم ، و لم نطعن معه برمح ، و لم نضرب معه بسيف ، لا والله يابن رسول الله لا نفارقك أبداً ، و لكن نقيك بأنفسنا حتى نقتل بين يديك و نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك .
و قام الأصحاب و تكلّموا بما تكلّموا واحداً بعد واحد .
فلما رأى الحسين ( عليه السَّلام ) ذلك منهم قال لهم : إن كنتم كذلك فارفعوا رؤوسكم و انظروا إلى منازلكم .
فكشف لهم الغطاء ـ بإذن الله ـ و رأوا منازلهم و حورهم و قصورهم .
فقال لهم الحسين : يا قوم إني غداً أقتل و تقتلون كلكم معي ، و لا يبقى منكم واحد .
فقالوا : الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك ، و شرّفنا بالقتل معك ، أو لا ترضى أن نكون في درجتك يابن رسول الله ؟
فقال : جزاكم الله خيراً .
و لمّا أصبح الصباح من يوم عاشوراء نادى الحسين أصحابه و امرهم بالصلاة ، فتيمّموا بدلاً عن الوضوء و صلّى بأصحابه صلاة الصبح ثم قال : " اللهم أنت ثقتي في كلّ كربٍ و أنت رجائي في كل شدّة ، و أنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة و عدّة ، كم من كربٍ يضعف فيه الفؤاد و تقلّ فيه الحيلة ، و يخذل فيه الصديق و يشمت فيه العدو ، أنزلته بك و شكوته إليك رغبة مني إليك عمّن سواك ، ففرّجته عنّي و كشفته ، فأنت وليّ كلّ نعمة و صاحب كل حسنة و منتهى كل رغبة " .
ثم نظر إلى أصحابه و قال : " إن الله قد أذن في قتلكم و قتلي ، و كلّكم تقتلون في هذا اليوم إلا ولدي علي بن الحسين ـ أي زين العابدين ـ فاتقوا الله و اصبروا " .
و اصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم و خرج بالناس ، وجعل على ميمنة العسكر عمرو بن الحجاج الزبيدي ، و على المسيرة شمر بن ذي الجوشن ، و على الخيل عروة بن قيس ، و على الرجّالة شبث بن ربعي ، و أعطى الراية دُريداً غلامه .
و دعى الحسين بفرس رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) المترجزْ ، و عبّأ أصحابه ، و كان معه اثنان و ثلاثون فارساً ، و أربعون راجلاً ، و قيل أكثر من ذلك ، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، و حبيب بن مظاهر في المسيرة ، و أعطى رايته أخاه العباس ، و جعلوا البيوت و الخيم في ظهورهم و أمر بحطب و قصب أن يترك في خندق عملوه في ساعة من الليل ، و أشعلوا فيه النار مخافة أن يأتيهم العدو من ورائهم ، و جعلوا جبهة القتال جهةً واحدة ، فغضب الأعداء بأجمعهم .
فنادى شمر بأعلى صوته : يا حسين أتعجّلت النار قبل يوم القيامة ؟
فقال الحسين : من هذا ، كأنه شمر ؟
فقالوا : نعم .
فقال : يابن راعية المعزى أنت أولى بها صليّا .
و أراد مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين ، و قال أكره أن أبدأهم بالقتال .
ثم تقدّم الحسين نحو القوم ، ثم نادى بأعلى صوته : يا أهل العراق ـ وكلهم يسمعون ـ فقال : " أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحقّ لكم عليّ ، و حتى أعذر إليكم ، فإن أعطيتموني النصف كنتم بذلك سعداء وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فأجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم عليكم غُمّة ثم اقضوا إليّ و لا تنظرون ، إنّ وليّي الله الذي نزّل الكتاب و هو يتولّى الصالحين .
ثم حمد الله وأثنى عليه و ذكره بما هو أهله ، و صلى على النبي و آله و على الملائكة و الأنبياء ، فلم يسمع متكلّم قط قبله و لا بعده أبلغ منه في المنطق .
ثم قال : أما بعد يا أهل الكوفة فانسبوني فانظروا من أنا ، ثم راجعوا أنفسكم فعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي و انتهاك حرمتي ؟
أ لستُ ابن بنت نبيّكم و ابن وصيّه و ابن عمّه و أول مصدّق لرسول الله ( صلى الله عليه و آله ) بما جاء به من عند ربّه ؟
أو ليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي ؟
أو ليس جعفر الطيّار في الجنة بجناحين عمّي ؟
أو لم يبلغكم ما قال رسول الله لي و لأخي : " هذان سيدا شباب أهل الجنة" .
فإن صدّقتموني بما أقول و هو الحق ، والله ما تعمّدتُ كذبً منذ علمتُ أن الله يمقت عليه أهله ، و إن كذّبتموني فإن فيكم مَنْ إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، و أبا سعيد الخدري ، و سهل بن سعد الساعدي ، و زيد بن أرقم ، و أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي و لأخي ... أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟
يا قوم : فإن كنتم في شكٍ من ذلك ، أفتشكّون أني ابن بنت نبيّكم فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم .
ويحكم ! أتطالبوني بقتيل منكم قتلتُه أو مالٍ استملكته ، أو بقصاص من جراح ؟
فأخذوا لا يكلّمونه ، و نادى بأعلى صوته فقال : أنشدكم الله هل تعرفونني ؟
قالوا : نعم أنت ابن رسول الله وسبطه .
فقال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت رسول الله ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم هل تعلمون أن جدّتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاماً ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن حمزة سيد الشهداء عمّ أبي ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطيّار في الجنّة عمّي ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله أنا متقلّده ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لابسها ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن علياً كان أول القوم إسلاماً وأعلمهم عِلماً وأعظمهم حلما ، وانه ولي كل مؤمن ومؤمنة ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : فبم تستحلّون دمي وأبي الذائدُ عن الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر عن الماء ، ولواءُ الحمد في يد أبي يوم القيامة ؟!
قالوا : قد علمنا ذلك كلّه و نحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشانا .
و خطب فيهم خطبة أخرى ، و أتمّ عليهم الحجّة فما أفاد فيهم الكلام ، ثم أناخ راحلته و دعى بفرس رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) المرتجز فركبه ، فعند ذلك تقدّم عمر بن سعد وقال : يا دريد أدن رايتك ثم أخذ سهماً و وضعه في كبد القوس و قال : اشهدوا لي عند الأمير فأنا أول من رمى الحسين ، فاقبلت السهام من القوم كأنها شآبيب المطر ، فقال الحسين لأصحابه : قوموا رحمكم الله فإن هذه السهام رسل القوم إليكم .
فاقتتلوا ساعة من النهار حملةً و حملةً ، فلما انجلت الغبرة و إذا بخمسين من أصحاب الحسين صرعى ، فعند ذلك ضرب الحسين بيده على لحيته الكريمة و قال : " اشتدّ غضبُ الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ، و اشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة ، و اشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس و القمر ، و اشتدّ غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم ، أما والله لا أجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي " .
ثم جعل أصحاب الحسين يبرزون واحداً بعد واحد ، وكل من أراد منهم الخروج ودّع الحسين و قال السلام عليك يا أبا عبد الله ، فيجيبه الحسين : و عليك السلام و نحن خلفك ، ثم يتلو : ﴿ ... فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [1] .
و لم يزالوا كذلك حتى دخل وقت الظهر ، فجاء أبو تمامة الصيداوي و قال : يا أبا عبد الله أنفسنا لنفسك الفداء ، هؤلاء اقتربوا منك ، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ... و أحبّ أن ألقى الله عزّ وجلّ و قد صلّيت هذه الصلاة معك .
فرفع الحسين رأسه إلى السماء و قال : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها .
ثم قال ( عليه السَّلام ) سلوا هؤلاء القوم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي ، فأذّن الحسين بنفسه ، و قيل : أمر مؤذّنه ليؤذّن ، ثم قال الحسين : ويلك يابن سعد أنسيت شرائع الإسلام ؟ اقصر عن الحرب حتى نصلّي و تصلّي بأصحابك ونعود إلى ما نحن عليه من الحرب ، فاستحى ابن سعد أن يجيبه ، فناداه الحصين ابن نمير ـ عليه اللعنة ـ قائلاً : صلّ يا حسين ما بدا لك فإن الله لا يقبل صلاتك .
فأجابه حبيب بن مظاهر : ثكلتك أمك ، ابن رسول الله صلاته لا تقبل و صلاتك تقبل يا خمّار ؟!
فقال الحسين لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله : تقدّما أمامي حتى أصلّي الظهر . فتقدّما أمامه في نحو نصفٍ من أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف ، و سعيد تقدّم أمام الحسين فاستهدف لهم فجعلوا يرمونه بالنبال كلّما أخذ الحسين يميناً و شمالاً قام بين يديه فما زال يرمى إليه حتى سقط على الأرض و هو يقول : اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود ، اللهم أبلغ نبيّك عني السلام ، و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنني أردت بذلك نصرة ذرّية نبيّك ثم مات رحمه الله .
و بعد ما قتل أصحاب الحسين رضوان الله عليهم فعند ذلك وصلت النوبة إلى بني هاشم ، و أول من قتل منهم علي بن الحسين الأكبر ، و كان من أصبح الناس وجهاً و أحسنهم خلقاً و خُلقاً ، فاستأذن أباه في القتال فنظر إليه الحسين نظر آيس منه ، و أرخى عينيه و بكى ، و رفع سبابتيه أو شيبته الشريفة نحو السماء و قال : " اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً و خُلقاً و منطقاً برسولك ، و كنّا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إلى وجه هذا الغلام ، اللهم امنعهم بركات الأرض و فرّقهم تفريقاً و مزّقهم تمزيقاً ، و اجعلهم طرائق قدداً و لا تغفر لهم أبداً ، و لا ترضي الولاة عنهم أحداً ، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا " .
ثم برز بنو هاشم واحداً بعد واحد و قاتلوا الأعداء حتى استشهدوا جميعاً .
ثم نادى الحسين : هل من ذائب يذبّ عن حرم رسول الله ؟ هل من موحّدٍ يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟
فارتفعت أصوات النساء بالبكاء و العويل ، فتقدّم إلى باب الخيمة و قال لزينب : ناوليني ولدي الرضيع لأودّعه .
فناولته ولده الرضيع فحمله نحو القوم و هو ينادي يا قوم قتلتم أنصاري و أولادي ، و ما بقي غير هذا الطفل ، إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل ، لقد جفّ اللبن في صدر أمّه .
فرماه حرملة بسهم فوقع في نحره فذبحه من الوريد إلى الوريد . فوضع الحسين كفّيه تحت نحر الطفل فلمّا امتلأتا دماً رمى به إلى السماء ، و قال : هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله ، اللهم لا يكونن طفلي هذا أهون عليك من فصيل ـ أي فصيل ناقة صالح ـ .
و لما قتل أصحابه و أهل بيته و لم يبق أحد عزم على لقاء الله ، فدعى ببردة رسول الله فالتحف بها فأفرغ عليها درعه ، و تقلّد سيفه و استوى على متن جواده .
ثم توجّه نحو القوم و قال : ويلكم على مَ تقاتلونني ؟ على حقٍّ تركته ؟ أم على شريعة بدّلتها ؟ أم على سنّة غيّرتها ؟ فقالوا : نقاتلك بغضاً منّا لأبيك و ما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين . فلما سمع كلامهم بكى ، و جعل يحمل عليهم و جعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ، ثم رجع إلى مركزه و هو يقول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
فصاح عمر بن سعد : الويل لكم ! أتدرون لمن تقاتلون ؟ هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب ، احملوا عليه من كل جانب . فحملوا عليه فحمل عليهم كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجهُ بالسيف فقتله ، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فحالوا بينه و بين رحله ، فصاح : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم ، و ارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا .
فناداه شمر : ما تقول يابن فاطمة ؟
قال أقولك أنا الذي أقاتلكم و أنتم تقاتلونني ، و النساء ليس عليهن جناح ، فامنعو عتاتكم و جهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّا .
فصاح شمر بأصحابه : تنحّوا عن حرم الرجل و اقصدوه بنفسه ، فلعمري هو كفو كريم ، فتراجع القوم .
ثم بدأوا يرشقونه بالسهام و النبال حتى صار درعه كالقنفذ ، فوقف ليستريح ساعة و قد ضعف عن القتال فبينما هو واقف إذ أتاه حجرٌ فوقع على جبهته ، فاخذ الثوب ليمسح الدم عن عينه فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره على قلبه ، فقال الحسين : بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملّة رسول الله ، ثم رفع رأسه إلى السماء و قال : الهي إنك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره .
ثم أخذ السهم و أخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب ، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت دماً رمى به إلى السماء ، ثم وضع يده على الجرح ثانياً فلما امتلأت لطّخ به رأسه و لحيته و قال هكذا أكون حتى ألقى جدّي رسول الله و أنا مخضوب بدمي أقول : يا رسول الله قتلني فلان و فلان .
فعند ذلك طعنه صالح بن وهب على خاصرته طعنة ، فسقط عن فرسه على خده الأيمن و هو يقول : بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملّة رسول الله ، ثم جعل يجمع التراب تحت يده كالوسادة فيضع خدّه عليها ثم يناجي ربّه قائلاً :
صبراً على قضائك و بلائك ، يا رب لا معبود سواك ، ثم وثب ليقوم للقتال فلم يقدر ، فنادى : وا جدّاه وا محمّداه ، وا أبتاه وا عليّاه ، وا غربتاه وا قلّة ناصراه ، أ اُقتل مظلوماً و جدّي محمد المصطفى ؟ ءأذبح عطشانا و أبي عليّ المرتضى ؟ ءأترك مهتوكاً و أمي فاطمة الزهراء ؟
ثم خرجت زينب من الفسطاط و هي تنادي : وا أخاه ، وا سيداه ، وا أهل بيتاه ، ليت السماء أطبقت على الأرض ، ليت الجبال تدكدكت على السهل ، اليوم مات جدّي اليوم ماتت أمي .
ثم نادت : ويحك يابن سعد أيقتل أبو عبد الله و أنت تنظر إليه ؟ فلم يجبها عمرو بشيء ، فنادت : ويحكم أما فيكم مسلم ؟ فلم يجبها أحد .
فخرج عبد الله بن الحسن و هو غلامٌ لم يراهق من عند النساء ، فشدّ حتى وقف إلى جنب عمّه الحسين ، فلحقته زينب بنت علي لتحسبه ، فقال لها الحسين : احبسيه يا أختي فابى و امتنع عليها امتناعاً شديداً و قال : والله لا أفارق عمي ، و اهوى أبحر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام : ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمّي فضربه أبحر بالسيف فأتقاه الغلام بيده و أطنّها الى الجلد فإذا هي معلّقة ، و نادى الغلام : يا عمّاه يا أبتاه فأخذه الحسين فضمّه إليه و قال : يابن أخي صبراً على ما نزل بك و احتسب في ذلك الأجر فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين فرماه حرملة بسهم فذبحه في حجر عمّه الحسين .
ثم صاح عمر بن سعد بأصحابه : ويلكم إنزلوا و حزّوا رأسه ، و قال لرجل : ويلك إنزل إلى الحسين و أرحه . فأقبل عمرو بن الحجاج ليقتل الحسين فلمّا دنى ونظر إلى عينيه ولّى راجعاً مدبراً ، فسألوه عن رجوعه ؟ قال : نظرتُ إلى عينيه كأنهما عينا رسول الله . و اقبل شبثُ بن ربعي فارتعدت يده و رمى السيف هارباً ، فعند ذلك أقبل شمرٌ و جلس على صدر الحسين و وقعت المصيبة الكبرى التي يعجز القلم عن وصفها [2] .

[1] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 421 .
[2] كان هذا تلخيصاً لمقتل الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) للخطيب العلامة السيد محمد كاظم القزويني ( رحمه الله ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رزيقة
المدير العام
المدير العام
رزيقة


عدد الرسائل : 1459
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 29/12/2009

عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Empty
مُساهمةموضوع: الإمام الحسين عليه السلام والقرآن   عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 07, 2010 11:08 pm


لإمام الحسين عليه السلام والقرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاه والسلام على أشرف الخلق

محمد على آله الطيبيين الطاهرين

والعنه الدائمه على أعدائهم الى قيام يوم الدين




العلاقة بين العترة الطاهرة والقرآن الكريم علاقة متينة ووطيدة, فكل منهما يرشد الأمة إلى الآخر ويبينّ فضله ويوصي به. لذا قال رسول الله – صلّى الله عليه وآله - ( إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما إن تمسكتم بهما : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإن اللطيف الخبير قد عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كهاتين - وجمع بين مسبحتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين المسبحة والوسطى - فتسبق إحداهما الأخرى، فتمسكوا بهما لا تزلوا ولا تضلوا ولا تقدموهم فتضلوا) [1].

وأخرج مسلم في صحيحه[2] : قال رسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلم - : أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب, وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به, فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي.
إذن يخطأ من يظن أنه متمسك بالكتاب إذا أهمل العترة, وكذلك يخطأ من يظن أنه متمسك بالعترة إذا أهمل الكتاب. لأنهما لا يفترقان أبداً, فحيث وجدت نفسك مفترقاً عن أحدهما, فاعلم أنك قد افترقت عن الآخر أيضاً, والنجاة لا تكون إلا بالتمسك بهما معاً. ويكفي هذا الحديث الشريف الذي رواه الشيعة والسنة وصححوه في إثبات مكانة الحسين في الدين الإسلامي, وفي إثبات أن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة. إذ مفاد الحديث أن من يتخلى عن الحسين يكون فريسة للضلال والهلاك. والحسين الذي يلازم القرآن (المعصوم) في كل شؤونه ولا يفترق عنه أبداً لا بد أن يكون هو معصوماً أيضاً. بل جميع الصفات الكمالية للقرآن الكريم هي ثابتة أيضاً لقرينه الذي لا يفارقه. نعم , ذلك الحسين لا ريب فيه, هدى للمتقين, مبين, وتبيان لكل شيء, ويهدي للتي هي أقوم, وهو الفرقان, وهو المهيمن على ما بين يديه, وإذا ذكر الحسين فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون, وتربة الحسين شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً, ولئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل الحسين لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً, ويأتي رسول الله يشتكي لربه أن قومه اتخذوا هذا الحسين مهجوراً, وقال الذين كفروا لن نؤمن بالحسين ولا بالذين بين يديه, وهو الحسين العظيم الحكيم المجيد ذي الذكر, وللذكر فهل من مدكر, وقال الذين كفروا لا تسمعوا للحسين والغوا فيه لعلكم تغلبون, فلماذا لا يتدبرون الحسين أم على قلوب أقفالها؟! فاقرأوا ما تيسر من الحسين.
أيها الأحبة !! خذوا دينكم ودنياكم وآخرتكم من الحسين تسعدوا وتهتدوا. ويتضح من خلال حديث الثقلين السابق أن المفسّر الحقيقي للقرآن الكريم ومعانيه وموضح المحكم من المتشابه, والناسخ من المنسوخ, إنما هم العترة. فانظر كيف ترك الكثير من البشر تعلّم معاني القرآن وحقيقته عن طريق قرين القرآن, وذهبوا يبحثون عن معاني القرآن وأحكامه عن طرق أخرى, فضلوا وأضلوا.
ونحن في هذا المقال نتوقف عند بعض المواقف والأدلة التي توضح لنا شيئاً من علاقة الإمام الحسين بالقرآن الكريم:
الموقف الأول: آية التطهير:
قال الله تعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[3] ولا خلاف بين علماء المسلمين في دخول الحسين ضمن أهل البيت. وفي صحيح مسلم: قالت عائشة خرج النبي صلى الله عليه وآله سلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً [4].
إذن هذه الآية الكريمة التي كان يكررها رسول الله على باب بيت فاطمة ستة أشهر عندما يخرج إلى صلاة الفجر[5] توضح لنا العناية الأزلية التي تعلقت بالحسين – عليه السلام- وهو لم يبلغ العاشرة من العمر. فالحسين لا يقصد ولا يريد الرجس, بل الرجس والدنيا يطلبان الحسين, ولكن العناية الإلهية محيطة بالحسين فتذهب عنه الرجس, ويتولى العليم القدير الرحيم – جلّت قدرته وعظمته – تطهير الحسين, فما بالك بإنسان يتولى الجليل تطهيره تطهيراً, أترى يبقى عليه شيء من درن الدنيا وأهواء الشيطان ؟!
وحيث كانت هذه العناية والإرادة الإلهية أزلية فهذا يكشف لك عن عظمة الحسين عند الله تعالى قبل هذه النشأة, وهذا شعاع من اعتقادنا بأنهم كانوا أنواراً بعرش الله محدقين.
( أ ) عندما أمر الله تعالى ملائكته بالسجود لآدم – عليه السلام- سجدوا إلا إبليس, فقال الله تعالى (يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)[6].
والسؤال الاستنكاري المطروح على إبليس: هل سبب عدم سجودك هو استكبارك يا إبليس؟ أو لأنك من العالين الذين لم يؤمروا بالسجود لآدم؟ ولا شك أن العالين كانوا موجودين قبل خلق آدم.
فمن أولئك العالون الذين أشار القرآن إلى وجودهم في ذلك العالم وإلى أفضليتهم على آدم وعلى الملائكة أيضاً؟ إنهم أنوار محمد وآل محمد – صلّى الله عليه وآله- .
( ب ) وهكذا تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه, وفي الحديث أنه سأل ربه بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين – عليهم السلام – [7].
( ج ) وهكذا ينطلق الشيطان ليتوعد آدم وذريته (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[8] فالشيطان يعترف منذ ذلك الحين بعدم قدرته على صنف معين, وهم المخلَصون, وعلى رأس المخلَصين خاتم الأنبياء والمرسلين وعترته الطاهرة.
بل إن المشروع الإلهي هو جعل خليفة لله في الأرض, فمَن مِن البشر جسّد تلك الخلافة وقام بحقها؟! إنهم محمد وأهل بيته – صلوات الله وسلامه عليهم- . فالحسين خليفة الله في أرضه, ويجب التوقف ملياً لندرك ما لخليفة الله من مؤهلات وصفات كمالية ووجودية بحيث يصبح هو الممثل والخليفة عن الله تعالى في الأرض.
الموقف الثاني : آية المباهلة :
قوله تعالى (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)[9].
قال الحاكم النيسابوري: (وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوا فاطمة وراءهم ثم قال هؤلاء أبناءنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)[10].
يطلب الله تعالى من رسوله وحبيبه أن يخرج بثقله وأقرب الناس لديه للمباهلة مع نصارى نجران. ويبدأ ذلك بدعوة الأبناء, والحسنان لم يصلا إلى مرحلة التكليف, ولكن القرآن – في تلك الواقعة- يريد للحسنين أن يكون لهما دور في إثبات أحقية الدين الإسلامي قبل أن يكون للسيدة الزهراء ولأمير المؤمنين. وهكذا يخرج الحسين مع جده وأبيه وأمه وأخيه ليخلد القرآن الكريم ذلك الموقف, ويبقى صادحاً به إلى يوم القيامة؛ بأن استمرار الدين الإسلامي مرهون بجهد هؤلاء الخمسة, وليعلم العالم بأسره أن للحسين منذ ذلك الوقت , وقبله وبعده دور رائد ورئيسي ومحوري في الإسلام, ولا ينهض الإسلام بدون الحسين. فالحسنان الذين هما سيدا شباب أهل الجنة [11] أ ترى أن الله تعالى جعلهما سيدي شباب أهل الجنة لمجرد العلاقة النسبية مع رسوله؟ بل لأن دورهما في هداية البشر تفوق جميع ما بذله الصحابة وغيرهم.
الموقف الثالث: آية المودة :
قال الله تعالى (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)[12].
وقد اتفق جميع المسلمين على وجوب مودة أهل البيت وإن اختلفوا في بعض الأدلة. يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه), فهل ترى أن الله تعالى أوجب محبة الحسين لمجرد أنه ابن بنت رسول الله, أم أن محبة الحسين لها دور في الدين وفي شريعة سيد المرسلين.
إن محبة الحسين - أيها الأخوة – لهي سبب في الاتباع واقتفاء الأثر والاقتداء, لذا نجد أن القرآن الكريم ربط بين المحبة والاتباع في قوله تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[13]. وقد ربط الإمام الصادق – عليه السلام- بين حب الحسين وبين الخير, فقال في الرواية : من أراد الله به الخير قذف في قلبه حب الحسين ( عليه السلام ) وحب زيارته ، ومن أراد الله به السوء قذف في قلبه بغض الحسين وبغض زيارته [14].
وروي عن الإمام الباقر – عليه السلام - : وهل الدين إلا الحب.[15]
تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا لعمرك في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته * إن المحب لمن أحب مطيع

الموقف الرابع : سورة الإنسان :
روي عن الإمام الباقر - عليه السلام - في قوله تعالى : ( يوفون بالنذر ويخافون ) قال مرض الحسن والحسين -عليهما السلام- وهما صبيان صغار فعادهما رسول الله -صلى الله عليه وآله- ومعه رجلان فقال أحدهما يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذراً إن الله عافاهما ، فقال أصوم ثلاثة أيام شكراً لله تعالى وكذلك قالت فاطمة -عليها السلام-. وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام, وكذلك قالت جاريتهم فضة, فألبسهما الله العافية فأصبحوا صياماً وليس عندهم طعام، فانطلق علي - عليه السلام - إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف ، فقال هل لك أن تعطني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصواع من شعير؟ قال : نعم فأعطاه فجاء بالصوف، والشعير وأخبر فاطمة -عليها السلام- فقبلت وأطاعت ، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ، ثم أخذ صاعاً من الشعير فطحنته ، وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصاً، وصلى علي مع النبي صلوات الله عليهما المغرب، ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي - عليه السلام - إذا مسكين قد وقف بالباب ، فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة. فوضع علي اللقمة من يده ,وعمدت فاطمة إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين ، وباتوا جياعاً وأصبحوا صياماً لم يذوقوا إلا الماء القراح ، ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصاً وصلى علي المغرب مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم أتى منزله ، فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب ، فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة ، فوضع علي اللقمة من يده, وعمدت فاطمة إلى جميع ما في الخوان ، وأعطته وباتوا جياعاً لم يذوقوا إلا الماء القراح وأصبحوا صياماً ، وعمدت فاطمة عليها السلام ، فغزلت الثلث الباقي من الصوف وطحنت الصاع الباقي ، وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرصاً, وصلى علي المغرب مع النبي عليهما السلام ، ثم أتى منزله فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي - عليه السلام - إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد, تأسروننا ، وتشدوننا ولا تطعموننا فوضع علي - عليه السلام - اللقمة من يده, وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه ، وباتوا جياعاً وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء .
قال شعيب في حديثه : وأقبل علي بالحسن والحسين عليهما السلام نحو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر بهم النبي قال: يا أبا الحسن شد ما يسوءني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة ، فانطلقوا وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع ، وغارت عيناها فلما رآها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ضمها إليه فقال : وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم. فهبط جبرئيل - عليه السلام - فقال : يا محمد خذ ما هنأ الله لك في أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل ؟ قال : (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) ، حتى بلغ إلى قوله : (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً)[16].
نلاحظ في هذا القصة كيف أن الحسنين – وهما صبيان- يدركان النذر وأهميته ووجوب الوفاء به, ونشاهد كيف أن الجوع الشديد لم يحبط معنوياتهما عن التصدق حتى في اليوم الثالث, كما لم يزعزع عزيمتهما على الاستمرار في الصيام, وعدم قطع الصيام حتى بشرب الماء.
إذا عرفنا ذلك نعرف صبر الحسين في صغره لمدة ثلاثة أيام بلا طعام, وبدون أن يذهب لجده النبي يشتكي الجوع, بل يتصدق بطعامه ويستمر في الصيام, هذا هو الحسين الذي وقف في كربلاء بجبال الصبر والثبات, وهو ينادي (هيهات منا الذلة) لكل جبت وطاغوت. وإنما فعل ذلك لوجه الله لا يريد منهم جزاءاً ولا شكوراً. الحسين وهو صبي يخاف من ربه يوماً عبوساً قمطريراً.
الموقف الخامس: سورة الفجر:
روي عن الإمام الصادق -عليه السلام- قال: اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فإنها سورة الحسين بن علي - عليه السلام- من قرأها كان مع الحسين بن علي -عليه السلام- يوم القيامة في درجته من الجنة إن الله عزيز حكيم[17].
إذن المثال الأعظم للنفس المطمئنة هي نفس الحسين – عليه السلام- , وهي التي ترجع إلى ربها راضية مرضية. وإن ربك لبالمرصاد للطواغيب سواء كان يزيد أو غيره من طواغيب العصور والأزمان.
تصف السيدة زينب – عليها السلام –حال يزيد فتقول له (أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وضيقت علينا آفاق السماء، فأصبحنا لك في أسار ، نساق إليك سوقاً في قطار، وأنت علينا ذو اقتدار أن بنا من الله هواناً وعليك منه كرامة وامتناناً، وأن ذلك لعظم خطرك، وجلالة قدرك ، فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك)[18].

وحال يزيد هو الحال المذكور في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)[19], فيعتقد الإنسان أن المال الذي تحت يده دليل كرامته على الله تعالى ومنزلته لديه.
الموقف السادس: اللؤلؤ والمرجان:
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ)[20] قال: علي وفاطمة بينهما برزخ لا يبغيان, قال النبي صلى الله عليه وآله سلم (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)[21]الحسن والحسين قال [22].
الموقف السابع: آية الحمل:
روي عن الإمام الصادق -عليه السلام- قال : لما حملت فاطمة -عليها السلام- بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول الله -صلّى الله عليه وآله- فقال : إن فاطمة عليها السلام ستلد غلاماً تقتله أمتك من بعدك ، فلما حملت فاطمة بالحسين عليه السلام كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ، ثم قال أبو عبد الله -عليه السلام- : لم تر في الدنيا أم تلد غلاماً تكرهه ولكنها كرهته لما علمت أنه سيقتل ، قال : وفيه نزلت هذه الآية " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً "[23].[24]
أيها الأحبة لنلاحظ بقية الآية الكريمة (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
حالة الالتجاء والتضرع إلى الله تعالى, والاستمداد منه التوفيق ليشكر النعمة, ولا تختص ذلك بالنعم التي نزلت على الشخص بنفسه, فالحسين يريد أن يشكر الله تعالى لما منّ به من نعم على والديه, ويدعو ربه ليعينه على عمل صالح يرضاه, إذ الشكر لا يقتصر على اللهج باللسان, بل يترجمه في الواقع الخارجي إلى أعمال صالحة لوجه الله تعالى, ولا ينسى ذريته من الدعاء بالصلاح, وأخيراً يعلن حالة التسليم لأمر الله تعالى, فلا اعتراض على قضاء الله وقدره, لذا نجد الحسين في لحظاته الأخيرة وهو يتشحط بدمائه, والجراح قد أثخنت جسمه, والسهم المثلث بهض قوته, ونار العطش يتأجج في أحشائه, والأعداء محيطة بنسائه وعياله, ويبقى الحسين يناجي ربه على رمال كربلاء (صبراً على قضائك, لا معبود سواك, يا غياث المستغيثين)[25] ذلك هو الصبر الذي عجبت منه ملائكة السماء.
الموقف الثامن: آية ومن قتل مظلوماً:
روي عن الإمام الصادق -عليه السلام - قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ) [26] قال : نزلت في الحسين - عليه السلام- ، لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفاً [27] .
الموقف التاسع: آية الذين أخرجوا:
روي عن الإمام الباقر -عليه السلام- في قول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) [28] قال : نزلت في رسول الله -صلّى الله عليه وآله- وعلي وحمزة وجعفر, وجرت في الحسين -عليهم السلام أجمعين-[29] .
الموقف العاشر: آية الموؤدة:
روي عن أبي الإمام الصادق -عليه السلام- في قول الله عزّ وجلّ : (وإذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)[30] ، قال : نزلت في الحسين بن علي -عليهما السلام- [31].
الموقف الحادي عشر: آية وجعلها كلمة باقية:
روي عن الإمام الباقر -عليه السلام- في قول الله عزّ وجلّ : (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) [32] إنها في الحسين -عليه السلام- تنتقل من ولد إلى ولد ، لا ترجع إلى أخ ولا عم [33].
وغيرها من الآيات القرآنية والسور, فالحسين هو الحبل الذي أمرنا القرآن بالتمسك به[34], وهو السبيل إلى الله تعالى[35], والقرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم, أي الإمام المعصوم[36]. بل إن سيد الشهداء هو القرآن الناطق, وهو المفسّر للقرآن, وحاميه, وما الثورة الحسينية إلا لاستمرار رسالة القرآن والحفاظ عليه وليحتل القرآن الكريم مكانته الصحيحة في حياة المجتمع البشري, وهو معنى (لطلب الإصلاح في أمة جدي)[37].
لذا نجد الحسين في منى لم يترك شيئاً مما أنزل الله فيهم من القرآن إلا تلاه وفسّره[38], بل وقد جسّد معاني القرآن الكريم وأهدافه (أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر) ونراه يردد ويستشهد بالآيات القرآنية في العديد من المواقف المصيرية:
1) في خروجه من المدينة يتلو (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[39].
2) عند دخوله مكة يتلو (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ)[40].
3) في المعركة يردد (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)[41].
ويكفيك شاهداً: عندما أراد معسكر ابن سعد القتال في عصر تاسوعاء, طلب الإمام الحسين تأجيل المعركة إلى الغد, وقال لأخيه أبي الفضل العباس : ارجع إليهم ، فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غد وتدفعهم عنا العشية ، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه و نستغفره ، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له ، وتلاوة كتابه ، وكثرة الدعاء والاستغفار[42] .
بل لم يترك الحسين كتاب الله حتى بعد شهادته, بل وهو رأس على سنان الرمح يكرر قوله تعالى (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)[43], (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)[44] وتلاوة سورة الكهف, لا سيما الآيتين (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً)[45], (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)[46].[47]

والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ما بقيت وبقي الليل والنهار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عظم الله لك الأجر يا مولي يا صاحب العصر والزمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شيعة تبسة :: قسم العترة الطاهرة :: منتدى الواحة الحسينية والعاشورائية-
انتقل الى: