واقع أهل السنة في الدولة الشيعية: ظلت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري. وفي الفترة التي كانت فيها البلاد على عقيدة أهل السنة والجماعة قدمت بسبب ظروفها الاجتماعية والتاريخية والثقافية، المئات من الفقهاء والمحدثين والمؤرخين والمفسرين والعلماء، كلهم إيرانيون إلى أن شيعت، فأصبحت بؤرة اصطدام ومركزا للصراع ضد أهل السنة، وعملت الدولة الشيعية الصفويه قديماً على وقف المد السني الإسلامي بالتعاون مع قوى الاستعمار في المنطقة.
وتتضارب المعلومات بشأن الحجم الحقيقي للسنة في إيران، فالإحصاءات الرسمية للدولة تقول أنهم يشكلون 10 % من السكان، إلا أن مصادر السنة تؤكد أنهم يشكلون ثلث حجم السكان البالغ عددهم أكثر من 70 مليون نسمة، ومصادر مستقلة تقول أن السنة يشكلون من 15 إلى 20 % من سكان إيران. مقسمون إلى 3 عرقيات رئيسة هي الأكراد والبلوش والتركمان، إلى جانب العرب في إقليم خوزستان المحتل، ويسكنون بالقرب من خطوط الحدود التي تفصل إيران عن الدول المجاورة ذات الأغلبية السنية مثل باكستان وأفغانستان، والعراق وتركمانستان، أما المسلمون السنة من العرق الفارسي فوجودهم نادر.
ورغم هذه النسبة التي ليست بالقليلة، يعاني السنة في إيران من كل أشكال الاضطهاد، سواء خلال حكم الشاه أو منذ قيام الثورة الشيعية بقيادة الخميني، ومن الحقائق المعلومة لدى الجميع أن السنة محرومون من بناء المساجد داخل أكبر المدن الإيرانية، مثل العاصمة طهران وأصفهان ويزد وشيراز وغيرها من المدن الكبيرة، ومع أنه يوجد في طهران حوالي نصف مليون من السنة لكن ليس لهم مسجد واحد يصلون فيه، ولا مركز يجتمعون فيه بينما توجد كنائس للنصارى وبيع لليهود وبيوت النار للمجوس وغيرهم.
ومما يذكر أن السنة لا يجدون في طهران غير مقر السفارة السعودية والمدرسة الباكستانية ليقيمون صلاة الجمعة فيهما، حيث قررت الحكومة عدم السماح ببناء أي مسجد للسنة في العاصمة.. وتعد طهران العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها مسجد واحد للسنة.
إلى جانب ذلك، يمنع أئمة وعلماء السنة في إيران من إلقاء الدروس في المدارس والمساجد والجامعات، وخاصة إلقاء الدروس العقدية، بينما لأئمة الشيعة ودعاتهم الحرية المطلقة في بيان مذهبهم بل والتعدي على عقيدة أهل السنة. كما توضع مراكز ومساجد السنة تحت المراقبة الدائمة، ويتجسس رجال الأمن وأفراد الاستخبارات على الجوامع سيما أيام الجمعة، إلى جانب مراقبة الخطب والأشخاص الذين يتجمعون في المساجد.
الأوضاع السياسية للسنة في إيران: بالرغم من كون أهل السنة يمثلون أكبر أقلية مذهبية في إيران، إلا إن مستوى تمثيلهم السياسي في البرلمان والتشكيل الوزاري لا يتناسب مع نسبتهم العددية، حيث منعوا من تمثيل برلماني يتناسب مع حجمهم الحقيقي، إذ لا يمثلهم في البرلمان سوى 14 نائباً فقط، وليس لهم أي وزن حقيقي في البرلمان بل يستغل وجودهم لأهداف سياسية بما ينافي مصالحهم، كما يتهم السنة في إيران الحكومة بإنجاح العناصر السنية الموالية لها وليست المعبرة عن مطالبهم.
وأشاروا إلى أن أهل السنة محظور عليهم تولي تلك المناصب حيث لا يوجد سني واحد في مجلس الوزراء والمناصب الرئيسة في الوزارات والمؤسسات الكبرى، كما أن المحافظين ورؤساء الدوائر الرسمية في المدن والمحافظات التي يشكل أهل السنة الأغلبية المطلقة فيها مثل كردستان وبلوشستان وطالش وبندر عباس والجزر الخليجية وبوشهر وتركمن صحرا وشرقي خراسان، هم جميعا من الشيعة..
واشتكى النواب الإيرانيون السنة من عدم موافقة السلطات العليا على إقامة مسجد لهم في طهران رغم انتماء ما يزيد على نصف مليون من سكان العاصمة إلى المذهب السني.
ما يشهده إقليم خوزستان العربي (عربستان) ومدينة الأهواز الغني بالنفط جنوب غرب البلاد والذي تقطنه أغلبية عربية سنية، من تمرد مسلح ضد الحكم المركزي الشيعي في طهران، تقوده ''الجبهة الديمقراطية الشعبية للشعب العربي الأهوازي'' المعارضة، والتي تتخذ من لندن مقر سياسي وإعلامي وتشن حملة من أجل استقلال الأهواز عن إيران.
ويعد الإقليم أحد الأعمدة الاقتصادية المهمة لإيران، وكان الشاه رضا خان قد تمكن من احتلاله عسكريا عام 1925م، بمساعدة بريطانية، بعد أن اعتقل حاكمه الأمير خزعل ووضعه تحت الإقامة الجبرية في طهران. وبذلك أنهت إيران آخر إمارة عربية في الإقليم.. إلا أنه ومنذ هذا التطور لم تتوقف مساعي الانفصال التي يشنها العرب السنة من سكان الإقليم.
كما يشهد إقليم بلوشستان (على الحدود مع باكستان) ذي الأغلبية السنية حركة تمرد مسلحة ضد السلطة الشيعية في طهران.