((بسم الله الرحمن الرحيم)) (الفاتحة -1) الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى (النمل -2) آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعضٍ والله سميعٌ عليم (آل عمران - 33 -34) إنه لقول رسولٍ كريم (الحاقة -40) إني لكم رسول أمين (الشعراء - 107) أبلغكم رسالات ربي و (الأعراف -62) لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى (الشورى-23) وآتِ ذا القربى حقه (الإسراء - 26) ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون (الروم - 38). صدق الله (آل عمران - 95) العلي العظيم (البقرة: 255).
قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاةٍ وإمام خيرٍ ويمنٍ وعزٍ فخرٍ وبحر علمٍ وذخر) صدق رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) (عيون أخبار الرضا: 1/ 62).
إن محور المراقد المقدسة للهاشميين هو مرقد الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حيث أنه يقع في قلب العالم الإسلامي، ولقد أصبح بعد الحرمين الشريفين والغري مركزاً دينياً جديداً جاثياً ما بين ضفة الفرات وحافة الصحراء على مفترق الطرق من العالم القديم ليمد أنوار النبوة المشعة من المدينة المنورة إلى بقية أقطار العالم الإسلامي من بلاد الشام وبلاد الرافدين وإيران وقفقازيا وتركستان والصين وغيرها وجعلت كربلاء المقدسة وبيت الله الحرام في مصاف واحد يدركها من لم يستطع إدراك حرم الله الأقدس.
ولقد تعرض مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) محاولات هدم وإخفاء للمعالم على مر التاريخ، فخطئ الحائر بعد تلك المحن خطوة أوسع من ذي قبل في الاتجاه نحو أقطار الشرق الأقصى، فجثا حرم الإمام الرضا (عليه السلام) على أبواب الهند في خراسان ليبعث بهذا النور في الاتجاهات المختلفة الأخرى من مصدره في المدينة المنورة والنجف الأشرف وكربلاء المقدسة فضربت هاشم قبابها الشامخة المشعة في أنحاء المعمورة في الحجاز وعلى ضفة الفرات ودجلة والنيل والبحر المتوسط وعلى ضفاف بردى في الشام وفي خراسان والهند والصين وغيرها وبقيت آثار أمية الطاغية مطمورة مخذولة وملعونة ومنكودة كما عرفت وعهدت.
فما اهتمام الناس بمرقد الإمام الحسين (عليه السلام) إلا من حيث كونه يحتضن بين جنباته جسد إمام عظيم شهيد، كما هو الحال لباقي الأئمة (عليهم السلام) من أهل البيت النبوي والأصحاب الصالحين، ومن هذا المنطلق نشأت واستمرت ولا زالت حتى يومنا أهمية زيارة هذه المراقد والأضرحة للتبرك بالراقدين بها والتوسل إلى الله عز وجل تحت قبابهم لما لهم من منزلة ومكانة عند الله جل شأنه.
تطور مرقد الإمام الحسين (عليه السلام):
إن مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ظل منذ أن احتضنته أرض كربلاء قبله لملايين الأباة والأحرار، ومهوى لجميع المؤمنين والموالين باختلاف ألسنتهم وقومياتهم على مر العصور، ورغم محاولات الطغاة لطمسه إلا انه بقي مركز إشعاع للعالم حيث مكروا ومكر الله والله خير الماكرين. لقد أصبح المرقد الحسيني الشريف حربة ذا حدين يستخدمها السلاطين والأمراء، والرؤساء والوزراء كأداة داعمة من جهة، ووسيلة دامغة من جهة أخرى، وعلى أثره صنع تاريخ مرقده الشريف، الذي نحاول إلقاء الضوء عليه واستعراض ما يمكن استعراضه بشكل موجز وسريع جداً.