أ
أساليب القبورية في محاربة خصومها
- أساليب الاحتواء والاختراق:
الصوفية هم تلاميذ الشيعة الباطنية، وورثة مكرهم وأساليبهم في احتواء واختراق المخالف، ولهم في ذلك طرق شتى.
ولكن أصحاب البصيرة والعلم لا تخفى عليهم تلك الطرق والأساليب الماكرة.
وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين أخبر فيما رواه الإمام مالك في الموطأ وغيره: "تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما؛ فلن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي". فالعلمَ العلمَ، والصبرَ الصبرَ على طلبه، والجدَّ الجدَّ في تحصيله؛ فإنه قيل: "العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك".
وهو –أي العلم الشرعي المستمد من الكتاب والسنة الصحيحة بفهم السلف-، خير عاصم بفضل الله من البدع والضلالات.
لقد أثر الداعي عامر بن عبد الله الزواحي على علي بن محمد الصليحي؛ لعدم وجود ما يعصمه من العلم الشرعي، مع أن والده –أي محمد الصليحي- كان فقيهاً قاضياً، مرضي السيرة، سنياً.
وقد أورد المؤلف قصة تحول علي بن محمد الصليحي إلى مذهب الباطنية، وكذلك أورد قصة الصوفي عبد الرحمن بن عمر باهرمز مع الفقيه عمر بن عبد الله با مخرمة، وكيف حوله إلى مذهب هؤلاء الصوفية القبورية.
ومن أساليبهم في اختراق صفوف المخالف ما فعله والي الدولة الصليحية على "الجَنَد" من بث الفتنة من بين فقهائها حتى يسلم هو وأهل نحتله من انصرافهم لمقاومتهم، والعمل على إزالة دولتهم.
ومنه أيضاً ما نقله المؤلف عن الأستاذ صلاح البكري في "تاريخ الإرشاد" من عمل القبورية أصحاب الرابطة العلوية لزرع الفتنة بين أصحاب الإرشاد –لولا أن سلم الله- وقُضِيَ على الفتنة قبل استفحالها.
الإرهاب الفكري من أقوى أسلحة القبورية
ومن ذلك:
- تربية المجتمع على التسليم المطلق لأوليائهم وأقطابهم:
"وذلك أن علومهم الباطنية المزعومة لا يمكن إقامة الحجة عليها، فلا كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عقل يمكن أن يدل عليها، فما بقي إلا أن يسلم السامع، وأن يلغي عقله حتى لا يحرم، وكذلك تصرفاتهم المخالفة للشرع والعقل لا يمكن تبريرها إلا بذلك، ولو ذهبت أبحث عن الأمثلة وأحصرها لضاقت عنها مساحة هذا المطلب، ولكن أضرب أمثلة قليلة تدل على أمثالها وأشكالها".
ثم ذكر خمسة أمثلة، وهذا واحد منها:
ذكر صاحب كتاب "تذكير الناس": "وقال سيدي أحمد: وقد أمدَّ الله الوقت للشيخ عمر بامخرمة من بعد العصر إلى المغرب ثلاثين ألف سنة، فاستشكل بعضهم هذا، فقال له سيدي: أما في بالك حديث يوم القيامة طوله خمسون ألف سنة، وأنه يكون على المؤمن كأخف صلاة صلاها في الدنيا؛ وهذا منه، فقيل له: وكيف صارت تلك المدة: ليالي وأياماً أو غير ذلك؟، فقال: هذا علم تصديق وإيمان، ما هو علم هاتوه أشوفه".
- استخدام الخرافة والشعوذة، والاستعانة بالجن لإرهاب المخالف:
وفي ذلك أورد المؤلف سبعة أمثلة، منها ما ذكره عن الشلي في ترجمة عمر المحضار أنه قال: "قال لابن أخيه الشيخ عبد الله العيدروس: إن رجلاً يغضب لغضبه جبار السموات، وأشار إلى نفسه". ثم استدل الشلي على إثبات ذلك بقوله: "وكان إذا غضب على أحد أصابه الجذام وغيره من الأسقام بعد ثلاثة أيام، فقيل له: أما تخشى أن ينالك بهذا شيء؟ فقال: إني لم أدعُ على أحد، ولكني إذا غضبت على أحد وقع في باطني نار لا تنطفئ إلا بعدما يصيبه ذلك المرض أو يتوب".
ولا يملك المؤمن أمام هذه الضلالات والخرافات إلا أن يردد: "سبحانك هذا بهتان عظيم".
استخدام القوة في محاربة الخصم:
ومن ذلك:
- اللجوء إلى السلطان:
"اللجوء إلى السلطان شأن المبتدعة والباطنية في كل زمان ومكان؛ لفقدهم الدليل المقنع، فيلجئون إليه، يداهنونه، ويطرونه؛ ليدافع عنهم وعن باطلهم، ويدفع خطر خصومهم.
لا يفزعون إلى الدليل وإنما **** في العجز مفزعهم إلى السلطان".
ومن مواقفهم التي يتزلفون فيها إلى السلطان ما ذكره المؤلف عنهم:
- تبشيرهم بالملك أو بخلوده في أعقابهم.
- بشارتهم بهزيمة عدوهم.
- الشهادة بشرف النسب لمن يطرونه ويداهنونه.
وقد استدل المؤلف بما حصل في حرب الانفصال 1994م، حيث وقف صوفية حضرموت مع الشيوعيين، بكل ما أوتوا من قوة، وقد تبارى خطباؤهم في تأييد حركة الانفصال، وأصدروا البيانات المؤيدة لها، وأفتوا بأن القتال في صفوف الاشتراكيين جهاد في سبيل الله.
ومما نقله المؤلف أيضاً: موقف صوفية حضرموت في أثناء الصراع الذي نشب في أندونيسيا بين العلويين والإرشاديين.
فقد سعى صوفية حضرموت لدى حكومة بريطانيا، وحاولوا إقناعها بأن الإرشاد تعمل ضد السياسة البريطانية، كما ذكره البكري في "تاريخ الإرشاد بأندونيسيا".
- اللجوء إلى القبائل المسلحة وحملها على إخضاع خصومهم:
كما حصل في مواجهة الحملة النجدية، حيث جمع آل العطاس وهم من صوفية حضرموت، جمعوا قبائل مدينة حريضة، وكونوا منهم جيشاً كبيراً تصدى للنجديين وكسرهم. ولم يكن هم الدعوة النجدية إلا تطهير البلاد من آثار القبورية، فقد نقل المؤلف كلاماً طيباً عن قاضي قضاة القطر اليماني، القاضي محمد بن علي الشوكاني صاحب "نيل الأوطار" وغيره من المؤلفات التي تدل على رسوخ قدمه في علم الكتاب والسنة.
يقول الإمام الشوكاني في "البدر الطالع" (2/5) في ترجمة الشريف بن غالب بن مساعد: "فإن صاحب نجد تبلغ عنه قوة عظيمة لا يقوم لمثلها صاحب الترجمة. فقد سمعنا أنه قد استولى على بلاد الحسا (!) والقطيف وبلاد الدواسر وغالب بلاد الحجاز. ومن دخل تحت حوزته أقام الصلاة والزكاة والصيام، وسائر شعائر الإسلام، ودخل في طاعته من عرب الشام الساكنين ما بين الحجاز وصعدة، غالبهم إما رغبة وإما رهبة، وصاروا مقيمين لفرائض الدين بعد أن كانوا لا يعرفون من الإسلام شيئاً، ولا يقومون بشيء من واجباته إلا مجرد التكلم بلفظ الشهادتين على ما في لفظهم بها من عوج. وبالجملة فكانوا جاهلية جهلاء كما تواترت بذلك الأخبار إلينا، ثم صاروا الآن يصلون الصلوات لأوقاتها، ويأتون بسائر الأركان الإسلامية على أبلغ صفاتها، ولكنهم يرون أن من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نجد ممتثلاً لأوامره خارج عن الإسلام".
وهذه شهادة عظيمة من الإمام الشوكاني للدعوة النجدية المباركة، التي ما زالت آثارها وآثار علمائها تنتشر في كل زمان ومكان بفضل الله وحده.
* اعتماد التصفية الجسدية للخصوم:
وهذا شأن فاقد الحجة والبرهان من أهل الأهواء والبدع، فهم يعتمدون هذه الأساليب من الضرب ومحاولة القتل بالسلاح واستخدام السم وغير ذلك. وقد نقل المؤلف عن الأستاذ صلاح البكري في كتابه "تاريخ الإرشاد" تحت عنوان: "محاولة اغتيال رائد النهضة الدينية":
(حاول جماعة من آل باعلوي اغتيال الشيخ أحمد محمد السوركتي، وذلك بدس السم داخل فاكهة تسمى "بلمنبنق"، وكان الشيخ مولعاً بأكلها فابتاع منها كمية وأكلها، وبعد لحظات شعر بمغص شديد، وأخذ يئن من شدة الألم فاستدعى طبيباً، وبعد الفحص قرر الطبيب أنه مسموم، ولو لم يسعفه الطبيب بالدواء لذهب الشيخ إلى رحمة ربه، وهكذا أراد الله تعالى للشيخ أن يعيش ليستمر في تأدية رسالة الإسلام. وفي مدينة بوقور هاجم جماعة من العلويين وأنصارهم الشيخ عبد العزيز الكويتي ضيف أندونيسيا، ومؤيد الحركة الإرشادية الحرة وضربوه بآلة حادة في رأسه، ولكن عناية الله أحاطت به وأنقذته من الموت".
وقد ذكر الإمام الشوكاني في كتابه "أدب الطلب" شيئاً كثيراً مما جرى له، وكذلك ما جرى للإمام محمد بن إبراهيم الوزير والعلامة صالح بن مهدي المقبلي وغيرهم من أهل العلم والفضل، فقد حاولوا قتلهم، واتهموا بعضهم في عرضه، حتى قال أحد سفهائهم طعناً في عرض المقبلي: