علي بن الحسين الملقب بزين العابدين - الإمام المعصوم الرابع عندالشيعة ، وسيد أهل البيت في زمانه - يذكر أصحـاب محمـد عليه الصلاة والسلام، ويدعو لهم في صـلاته بالرحمـة والمغفرة لنصرتهم سيد الخلق في نشر دعوة التوحيد وتبليغ رسالة الله إلى خلقه فيقول: ( فاذكرهم منك بمغفرة ورضــوان اللهـم وأصحــاب محمــد خاصــة، الذين أحسنوا الصحبـة، والذين أبلوا البـلاء الحسن في نصره، وكاتفوه وأسرعوا إلى وفـادته، وسابقـوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجـة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهـار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، والذين هجرتهـم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهـم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهـم مـن رضوانـك وبما حاشوا الحـق عليك، وكانوا مـن ذلك لك وإليك، واشكرهم على هجرتهـم فيك ديـارهم وخروجهـم مـن سعـة المعـاش إلى ضيقـه ، ومن كثرة في اعتزاز دينـك إلى أقله، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمــان خير جزائك، الذين قصدوا سمتهــم، وتحروا جهتهـم، لو مضوا إلى شاكلتهم لم يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهـم شك في قفو آثارهم والائتمام بهداية منارهم مكانفين وموازرين لهم، يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم" [صحيفة كاملة لزين العابدين ص13 ط الهند 1248ه].
ويقول الحسن العسكري - الإمام الحادي عشر عند الشيعة - في تفسيره: ( إن كليم الله موسى سأل ربه : هــل في أصحــاب الأنبياء أكرم عندك مــن صحابتي؟ قال الله: يا موسى! أما عملت أن فضــل صحــــابة محـــمـد على جميع صحـابة المرسلين كفضـل محـــمــد على جميع المرسلين والنبيين) .[تفسير الحسن العسكري ص65 ط الهند، وأيضاً "البرهان" ج3 ص228، واللفظ له].
وكتب بعد ذلك في تفسير الحسن العسكري ( إن رجـلاً ممن يبغـــض آل محــمــد وأصحــابه الخيرين أو واحــداً منهـــم يعذبه الله عذاباً لو قسم على مثل عدد خلـــق الله لأهلكهم أجمعين) .[تفسير الحسن العسكري ص196].
ولأجل ذلك قال جده الأكبر علي بن موسى الملقب بالرضا - الإمام الثامن عند الشيعـة - حينما سئل "عن قول النبي : أصحـابي كالنجــوم فبأيهــم اقتديتم اهديتــم ، وعن قوله عليه السلام: دعــوا لي أصحــابي:؟ فقال: هذا صحيح) . [نص ما ذكره الرضا نقلاً عن كتاب "عيون أخبار الرضا" لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق تحت قول النبي: أصحابي كالنجوم ج2 ص87].
وإليكم ما قاله ابن عــم النبي وابن عــم علي رضي الله عنه عبد الله بن عباس - فقيه أهل البيت وعامل علي رضي الله عنه - في حــق الصحــابة: ( إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خص نبيه محمــداً بصحــابة آثروه على الأنفس والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتــابه فقال: (رحمــاء بينهم) الآية، قاموا بمعالم الدين، وناصحوا الاجتهاد للمسلمين، حتى تهذبت طرقـه، وقويت أسبابـه، وظهرت آلاء الله، واستقر دينه، ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه ومحا دعائمه، وصارت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزاكية، والأرواح الطـاهـرة العالية، فقد كانوا في الحياة لله أولياء، وكانوا بعد المـوت أحيـاء، وكانوا لعبـاد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها) . ["مروج الذهب" ج3 ص52، 53 دار الأندلس بيروت].
ويروي محمد الباقر رواية تنفى النفــاق عن أصحــاب رســول الله ، وتثبت لهم الإيمان ومحبة الله عز وجل كما أوردها العياشي والبحراني في تفسيريهما تحت قول الله عز وجل: ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) :عن سلام قال: كنت عند أبي جعفر، فدخل عليه حمران بن أعين، فسأله عن أشياء، فلما هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليه السلام: أخبرك أطال الله بقاك وأمتعنا بك، إنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا، وتسلوا أنفسنا عن الدنيا، وتهون علينا ما في أيدي الناس مـن هذه الأمـوال، ثم نخرج مـن عندك، فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا؟ قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما هي القلوب مرة يصعب عليها الأمر ومرة يسهل، ثم قال أبو جعفر: أما إن أصحــاب رسول الله قالوا: يا رسول الله نخاف علينا النفاق، قال: فقال لهم: ولم تخافون ذلك؟ قالوا: إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا، ووجلنا، نسينا الدنيــا وزهدنـا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة والجنــة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك، ودخلنا هذه البيوت، وشممنا الأولاد، ورأينا العيال والأهـل والمـال، يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك، وحتى كأنا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون هذا النفاق؟ فقال لهـم رسول الله : كــــلا، هذا مــن خطوات الشيطان. ليرغبنكم في الدنيا، والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتــم أنفسكم بها لصافحتكــم الملائكـــة، ومشيتم على الماء، ولولا أنكم تذنبون، فتستغفرون الله لخلق الله خلقاً لكي يذنبوا، ثم يستغفروا، فيغفر الله لهم، إن المؤمـن مفتـن تواب، أما تسمع لقوله: ( إن الله يحب التوابين) وقال: ( استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) . ["تفسير العياشي" ج1 ص109، و "البرهان" ج1 ص215].
وأما ابن الباقر جعفر الملقب بالصادق فإنه يقول: ( كان أصحــاب رسول الله اثنى عشر ألفا، ثمانية آلاف من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجئ ولا حروري ولا معتزلي، ولا صاحب رأي، كانوا يبكــون الليل والنهــار ويقولون: اقبـض أرواحنـا مــن قبل أن نأكل خبز الخمير) . ["كتاب الخصال" للقمي ص640 ط مكتبة الصدوق طهران].