[center]
عندما تأسست المملكة العراقية في الربع الأول من القرن العشرين، قامت الحكومة العراقية حينها باستضافة الشخصيات العربية من فقهاء و أدباء لتعريفهم بالمملكة الفتية، و كان من بينهم الشاعر محمد مجذوب السوري، و عندما زار الوفود النجف الأشرف و شاهد الشاعر مقام الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام، تعجب مما رأى من بنيان شامخ مهيب و الزوار يحيطون بالقبر الشريف فقرر بعد عودته إلى سوريا أن يزور فبر معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله، فرأى العجب العجاب و كانت النتيجة هذه القصيدة، و قد نشرت في الطبعة الأولى من ديوانه و لكن عملت دولارات البترول سحرها و ضغوطات الدول فعلها مما أدى إلى اختفاء القصيدة من الطبعات اللاحقة، و إليكم القصيدة:
أين القصور أبا يزيد ولهوها *** والصافنات وزهوها والسؤددُ
أين الدهاء نحرت عزته على *** أعتاب دنـــيا زهوهــــا لا ينفدُ
آثرت فانيها على الــحق الذي *** هو لو علمت على الزمان مخلدُ
تلك البهارج قد مضت لسبيلها *** وبقيت وحــــدك عبرة تتجــــددُ
هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه *** لا سال مدمعك المصير الأسودُ
كتل من الترب المهين بخربــــة *** سكـــر الذباب بها فراح يعربدُ
خفيت معالمـــــها على زوارهــا *** فكـــأنها في مجهــل لا يقصــدُ
والقبة الشمــــاء نكـــس طرفهــا *** فبكــــل جزء للــــفناء بهـــا يدُ
تهمي السحائب من خلال شقوقها *** والريح فـــي جنـــباتها تــترددُ
وكذا المصلى مظـــــلم فكــــــأنه *** مــــذ كان لم يجـــتز به متعـــبدُ
أأبا يزيد وتلك حكـــــمة خالق *** تــــجلى على قلب الحكيم فيرشدُ
أرأيت عاقبة الجــــــموح ونزوة *** أودى بـــلبك غّــــيها ال(ــمـ)ترصــــدُ
تعدوا بها ظلما على من حــــــبه *** ديــــن وبغضتــه الشقاء السرمدُ
ورثت شمائـــــله بـــــراءة أحمد *** فـــيكاد من بريــــده(برديه) يشرق احمدُ
وغلــــوت حتى قد جعلت زمامها *** إرثا لكــــــل مـــدمم لا يحمدُ
هتك المحــــارم واستباح خدورها *** ومضى بـــغير هــــواه لا يتقيدُ
فأعادها بعد الــــهدى عصــــــبية *** جــــهلاء تـــلتهم النفوس وتفسدُ
فكأنـــما الإسلام ســــلعة تــاجر *** وكــــــأن أمــــته لآلــــك أعـــبدُ
فاســــأل مرابض كربلاء ويثرب *** عن تــــلكم الــــنار التي لا تخمدُ
أرسلت مارجـــــها فـــــماج بحره *** أمـــــس الجـــدود ولن يجّنبها غدُ
والزاكـــيات من الدمــــــاء يريقها *** بــــــاغ على حرم الــــنبوة مفسدُ
والطاهرات فديــــــتهن حواســـرا *** تـــنــثال من عـــبراتهن الأكـــبدُ
والطــــيـبـيـن من الصغار كـــأنهم *** بـــيض الزنابق ذيد عنها الموردُ
تشـــــكو الظمأ والظــــــالمون *** أصمهم حقد أناخ على الجوانح موقدُ
والذائــــــدين تبعـــثرت أشلاؤهم *** بــــــدوا فثمة معصــــــم وهنا يدُ
تطأ السنابـــــــك بالظــــــغاة أديمها *** مثــــل الكتاب مشى عليه الملحدُ
فعلــــــى الرمــال من الأباة مضرج *** وعلى النــــياق من الهداة مصفدُ
وعلى الرماح بقّـــــية من عابـــــــد *** كالشمس ضاء به الصفا والمسجدُ
أن يجهــــــش الأثــماء موضع قدره *** فـــلقــد دراه الراكـــــعون السّجدُ
أأبا يزيد وســـــــــاء ذلك عـــــــثرة *** ماذا أقول وباب سمعــــك موصدُ
قم وارمق النجف الشريــــف بنظرة *** يرتد طرفك وهو بـــــــــاك أرمدُ
تلك العظــــــــام أعز ربك قــــدرها *** فتـــــكاد لولا خــــــوف ربك تعبدُ
أبدا تباركــــــــها الوفــــــود يحثــها *** من كــــــــل حدب شوقها المتوقدُ
نازعـــــتها الدنـــيا فـــفزت بوردها *** ثم انقــــضى كالحــــلم ذاك الموردُ
وسعت إلى الأخــــــرى فخلد ذكرها *** في الخالديــــن وعطف ربك أخلدُ
أأبا يزيد لتـــــلك آهــــــــــــة موجع *** أفــــــــــضى إليك بها فؤاد مُقصدُ
أنا لســـــــــت بالقالي ولا أنا شـامت *** قـــــــلب الكريم عن الشماتة أبعدُ
هي مـــــــــــهجة حرى أذاب شفافها *** حــــــزن على الإسلام لم يك يهمدُ
ذكرتـــــــــــــها الماضي فهاج دفينها *** شمل لشعب المصــــــــطفى متبددُ
فبعـــثته عتـــــبا وان يـــــك قاســـيا *** هــــــــو في ضلــوعي زفرة يترددُ
لم اســـــتطع صـــــبرا على غلوائها *** أي الضلـــــوع على اللظى تتجل