بسم الله الرحمن الرحيم
جعل الإسلام للنفس الإنسانية مكانة محترمة فمدح في كتابه الكريم إحياء النفس وذمَّ قتلها فقال تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾، بل ورد في علَّة تسمية المؤمن بالمؤمن هو أنه مصدر أمان للناس في أنفسهم وأموالهم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "ألا أنبئكم لِمَ سمي المؤمن مؤمناً ؟ لإيمانه الناس على أنفسهم وأموالهم"، وعن الإمام علي عليه السلام: "المؤمنون خيراتهم مأمولة، وشرورهم مأمونة".
وقد عظّم الإسلام من حرمة الإنسان المؤمن، فحرم أذيته وجعل لنفسه وأهله وماله الحصانة التي تمنع من التعدي عليه.
فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى الكعبة فقال: "مرحباً بالبيت، ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله ؟ ! والله للمؤمن أعظم حرمة منك".
من هنا حذَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام من إلحاق أيّ أذى بالمؤمن، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من آذى مؤمناً فقد آذاني"، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال الله عز وجل: ليأذن بحرب مني من أذى عبدي المؤمن"،وكذا ورد عنه: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصدود لأوليائي فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم و عاندوهم وعنفوهم في دينهم، ثم يؤمر بهم إلى جهنم".
ولا يقتصر الأمر على الأذية المباشرة فالإعانة على الأذية لا تقل سوءاً، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه. آيس من رحمتي".
وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: "كف الأذى من كمال العقل، وفيه راحة للبدن عاجلا وآجلا"، وهي من خصال المؤمنين، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصال: وقورا عند الهزاهز، صبورا عند البلاء، شكورا عند الرخاء، قانعا بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة".
وقد أكدَّت الروايات أنَّ أذية المؤمن محرَّمة حتى لو اقتصرت على مجرَّد إخافته وترويعه فعن الإمام علي عليه السلام: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً".
وحرمة الإخافة هذه تبدأ من مجرَّد النظرة التي ورد فيها العقاب الشديد يوم القيامة كما في الحديث الوارد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من نظر إلى مؤمن نظرة يخيفه بها أخافه الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله".
وتعظم الحرمة حينما تتطور من النظرة إلى فعل الإخافة لا سيَّما بالسلاح، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أشار إلى أخيه المسلم بسلاحه، لعنته الملائكة حتى ينحيه عنه"
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين