يحاول المستوى الرسمي الإسرائيلي التكتّم إزاء المجريات والتغييرات الحاصلة في العالم العربي. عند اندلاع الأحداث في مصر في تشرين الثاني 2010، أمر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وزراءه بعدم إطلاق تصريحات عشوائية إزاء ما يجري في أرض الكنانة.
منذ ذلك الحين يحاول صنّاع القرار في الدولة العبرية حفظ قراءاتهم للأحداث للغرف المغلقة. لكنَّ هذا لا يمنع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، أحياناً، من محاولته الدائمة أن يظهر للعالم بأنَّ إسرائيل قد تستفيد في حال وجود أنظمة ديموقراطية في الشرق الأوسط، علماً بأنَّ هذه التصريحات لا تبدو صادقة، وخصوصاً أنَّ الدولة العبرية، خلال العقود الماضية، استفادت على الأقل من وجود نظام ديكتاتوري يحكم أكبر دولة عربية، موالٍ للولايات المتحدة وهادئ حيال الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. إضافة إلى أنَّ الأنظمة الديكتاتورية العربية لم تزعزع المكانة الدبلوماسية التي تتمتع بها إسرائيل في العالم بفضل دعاية كونها «الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط».
كما مصر، الأحداث السورية الأخيرة تحتل اهتمام معلقي الشأن العربي في الصحف العبرية. سوريا ليست مصر، ومن المؤكد أنَّ إسرائيل لا ترى العالم العربي بعين واحدة. يعي المسؤولون أنَّ الصراع الإسرائيلي ـــــ السوري أعمق بكثير من خلافها مع مصر مثلاً. وحتى الآن، لم يدل المستوى الرسمي بأي تصريحات تذكر، بينما الإعلام الإسرائيلي مشغول بالمجريات والتظاهرات التي تحتلّ العناوين الرئيسية. ووصف خبير الشؤون العربية في جامعة تل أبيب إيال زيسر، موقفه من المجريات في سوريا بقوله: «إذا كنت أقول سابقاً إنَّ نظام بشّار (الأسد) يعني استقراراً، نظاماً علمانياً وهدوءاً في هضبة الجولان، فيجب اليوم تعديل الصورة، مع هذا بشار هو حليف قريب لإيران وحماس وحزب الله. لديك هدوء من ناحية، وعدم هدوء في مكان آخر».
وكتب البروفيسور اليميني شلومو كيدار، في صحيفة «يسرائيل هيوم»، مقالاً موسعاً أمس تحت عنوان «حيرة بشار الأسد»، قال فيه إنَّه ما دام بحوزة النظام السوري وسائل عسكرية وبوليسية لاستعمالها، فإنه لن يحاول «جر إسرائيل الى معركة»، موضحاً أنَّ إسرائيل في مثل هذه الحالة «ستوقع فيه ضربة من شأنها أن تسحب منه القدرة على السيطرة على الجماهير».
وأضاف أنه «مع هذا، وفي حال انهيار تام للمنظومة السلطوية، ممكن ان يفكّر أحد من النظام السوري بمنطق «تموت نفسي مع الاسرائيليين»، وأن يطلق أشياء ليست مريحة باتجاهنا»، موضحاً أنه في حال كهذه «يصعب على إسرائيل الرد بفاعلية، فلن يكون هناك من يجب لجمه. على إسرائيل أن تكون مستعدّة لسيناريو كهذا، وأن تفتح عيناً وأذناً، على الأقل، في مقابل سلاح الدمار الشامل الموجود بيد سوريا».
وحاول الصحافيان عاموس هارئيل وآفي سيخاروف، في صحيفة «هآرتس»، تحليل الوضع السوري وإظهار الفرق بين الرئيسين المصري محمد حسني مبارك والسوري بشار الأسد. وأشارا إلى أنه خلافاً لمبارك، فإن الجيش السوري ملتزم بالوقوف إلى جانب بشار الأسد، من دون أن ينفيا أن هذه الوضعية من شأنها أن تتغير مستقبلاً. وقال الاثنان: «حتى الآن، لا تزال الكلمة المهمة في سوريا هي للجيش». لكنهما أضافا أن «التأييد العسكري للأسد من شأنه أن يتفكك. الجيش وأنظمة الأمن ذبحوا، بأمر منه، المواطنين في درعا، اللاذقية، حمص وحلب. وهذا لا يمكن أن يستمر للأبد».
واستغلّ المحلل السياسي لصحيفة «هآرتس»، ألوف بن، إعلان الرئيس السوري إلغاء قوانين الطوارئ لينتقد الحكومة الاسرائيلية باستمرار اعتمادها مثل هذا القانون. وكتب مقالاً تحت عنوان «سوريا سبقت إسرائيل إلى إلغاء قوانين الطوارئ». وأضاف بن أن إلغاء قوانين الطوارئ في سوريا يمثل فرصة جيدة لإعادة التفكير في قوانين الطوارئ الاسرائيلية السارية المفعول منذ عام 1948.
وبحسب بن، فإن وضع الطوارئ (في إسرائيل) يمكّن الحكومة الاسرائيلية من تجاوز خطوات سن القوانين العادية، ويمنحها صلاحيات واسعة تلحق الضرر بحقوق المواطن مثل الحبس الإداري، والحجز على الممتلكات، واعتقال متسللين وتقييد حقوق مشتبهين في الإرهاب.