إن من علم بالوعيد الذي جاء في هجر المسلم والإعراض عنه ـ
وما جاء فيه من الوعيد والترهيب فيه هاب ذلك ورهب عن الوقوع فيه ـ
وابتعد وكان من رهبته على وجل ـ فكيف يليق بمؤمن بالله واليوم الآخر ـ
أن يهجر أخاه أو يبغضه بسبب كلمة جرحه بها ـ أخذ الشيطان ينفخ بها ـ
في رأسه وقلبه حتى انفجرت فيه غلاً وحسداً وحقداً ـ
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث "
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار " [ رواه أبو داود 5/215 وهو في صحيح الجامع 7635 ] .
وعن أبي خراش الأسلمي رضي الله عنه مرفوعا : " من هجر أخاه سنة فهو بسفك دمه " [ رواه البخاري في الأدب المفرد حديث رقم 406 وهو في صحيح الجامع 6557 ] .
ويكفي من سيئات القطيعة بين المسلمين الحرمان من مغفرة الله عز وجل فعن أبي هريرة مرفوعا : " تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين ، يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء فيقال : اتركوا أو أركوا ( يعني أخروا ) هذين حتى يفيئا " [ رواه مسلم 4/1988 ].
ومن تاب إلى الله من المتخاصمين فعليه أن يعود إلى صاحبه ويلقاه بالسلام فإن فعل وأبى صاحبه فقد برئت ذمة العائد وبقيت التبعة على من أبى ، عن أبي أيوب مرفوعا : " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " [ رواه البخاري فتح الباري 10/492 ].
أما إن وجد سبب شرعي للهجر كترك صلاة أو إصرار على فاحشة فإن كان الهجر يفيد المخطئ ويعيده إلى صوابه أو يشعره بخطئه صار الهجر واجبا ، وأما إن كان لا يزيد المذنب إلا إعراضا ولا ينتج إلا عتوا ونفورا وعنادا وازديادا في الإثم فعند ذلك لا يسوغ الهجر لأنه لا تتحقق به المصلحة الشرعية بل تزيد المفسدة فيكون من الصواب الاستمرار في الإحسان والنصح والتذكير .
و الله تعالى أعلى و أعلم