كيف نستقبل شهر رجب

كيف نستقبل شهر رجب الأصبّ ؟؟


{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } التوبة - 36




أيام قليلة تفصلنا عن شهر رجب ويطل علينا شهر الله تعالى ، هو شهر عظيم وكل شهور الله عظيمة ، شهر رجب من أشهر الله الحرم وله فضل كبير وعظيم ..

رجب أول الأشهر الحرم وهم : رجب ، ذو القعدة ، ذو الحجة ومحرم .

سؤال يطرح نفسه أليست كل أشهر الله تعالى للعبادة فلماذا نخصص الطاعات والعبادات في هذه المواسم النورانية ونعطيها الأهمية الكبرى ؟؟

- الجواب هو أن كل يوم من أيام الله تعالى للعبادة إلا أن سيد الأيام وأعظمها يوم الجمعة ، وكل أشهر الله للعبادة وأعظم الشهور شهر رمضان المبارك ، الأيام كلها مواسم عبادة وطاعة لكن هناك خصوصية لبعض الأيام والأشهر ترد فيها عبادات أكثر وفضل أكبر وهذا لا يعني أننا نؤقت العبادات في مواسم معينة - كالذين يكتفون بصوم شهر رمضان وقراءة القرآن فيه وعند إنتهاء الشهر المبارك يقفلون الباب التقرب من الله تعالى - بل هذه المواسم هي محطات نتزود فيها طاقات إيمانية وروحية وأخلاقية وعبادية ..

هذه الطاقات تحركنا في طريق الله عزوجل المحفوفة بالأعداء المتربصون مع شيطان رجيم وشياطين خصوم الدين ، يقفون في منتصف الطريق في درب السالكين والسائرين يريدون إبعاد عباد الله عن عبادة الله وكذلك مغريات الدنيا وشهواتها يواجهون بكل ما يملكون من قوة .. وبطبيعة الحال نحتاج لمحطة نتزود منها نشحن قوانا فيها لنستمر ونكون أنشط ..

هذه الطاقات الإيمانية الروحية تتجلى إسبوعياً في يوم الجمعة وكذلك في أشهر مباركة تضاعف فيها الأعمال تحركنا للقرب والتوجه والتمسك بالباري جل وعلا ليس للصوم والصلاة - فقط - في بقية الأيام بل لتحركنا في كل الساحات بدءًا من المسجد ويوم الجمعة وصولاً إلى تطبيق كل عمل على أرض الواقع وهذا العمل للإسلام وهذه الأنشطة تكون لله تعالى وفي سبيله ..

تعودنا على الحركة المستمرة للبذل من أجل الله وتحركنا أيضاً وأيضاً في ساحات الصمود والثبات والجهاد .. هذا الوقود يشحننا عزماً وإرادة لنقدم كل ما نملك في سبيل الله ومرضاته .. وهذه المواسم العبادية في أشهر النور هي المدرسة العبادية بامتياز والتي يجب على كل مؤمن أن يتخرج منها بنجاح وشهر رجب الأصب الذي تصب فيه رحمة الله ورضوانه وبركاته صباً على عباده هو موسم طاعة وفرصة للنهوض والإستقواء والمتابعة ، علينا أن لا نغفل عن هذه الأيام والليالي المباركات التي وردت فيها أعظم المناسبات والمستحبات والأعمال ..

البعض يقرأ الرواية والحديث ثم يقرأ مباشرة الجائزة .. إذا اقتنع بالجائزة عمل بالعمل وإن لم يقتنع فلا يعمل !!! لكن ما علينا إلا أن نكون عباداً نقوم بوظائف العبودية ورب العالمين رحيم كريم ، ورد في دعاء أيام شهر رجب " يا من يعطي من سأله ، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة " حتى المنافق الملحد الكافر المنحرف يعطيه رب رحمان كريم تحنناً وفضلاً وكرماً ورحمة ..



عن أبي عبد الله (ع) قال : إن نوحاً ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال : " من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة " ..

عن الإمام أمير المؤمنين (ع) قال : " رجب نهرٌ في الجنّة ، أشدُّ بَياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، مَن صام يوماً من رجب سقاهُ اللهُ عزّوجلّ من ذلك النهر".

عن رسول الله (ص) : " رجب شهر الله و شعبان شهري و شهر رمضان شهر أمتي من صام من رجب يوماً إيماناً واحتساباً استوجب رضوان الله الأكبر واسكنَ الفردوس الأعلى وابتعد عنه غضب الله وأغلق عنه باب من أبواب النار " ..

رجب خصَّ بالمغفرة من الله تعالى وشعبان بالشفاعة ورمضان بتضعيف الحسنات وقيل رجب شهر التوبة وشعبان شهر المحبة ورمضان شهر القربة ..

وعنه (ص) : " أكرموا رجب يكرمكم الله بألف كرامة يوم القيامة ومن اغتسل أول رجب وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه " .


عن الإمام الصادق (ع) : " رجب شهر الاستغفار لأمتي فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم ، ويسمى الرجب الأصب لأن الرحمة على أمتي تصب فيه صباً ، فاستكثروا من قول : أستغفر الله وأسأله التوبة " .


رجب إسمه الأصبّ لأنّه تصبّ فيه الرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى إلى العباد صبّاً ، وإسمه الأصمّ لأنّه يُرفع إلى الله إذا انقضى فيسأله الله تعالى عن عمل عباده فيسكت ثم يسأله ثانياً فيسكت، ثم يسأله ثالثاً فيسكت ثم يقول يا رب أنت أمرت عبادك أن يستر بعضهم بعضاً وسماني نبيّك محمد (ص) الأصمّ لأن الملائكة الكاتبين تصمّ فيه عن سماع صرير القلم ، فأنا الأصمّ سمعت طاعتهم دون معصيتهم.

ويسمّى بالأصمّ أيضاً لعدم سماع صوت القتال وقعقعة السلاح فيه ، ولم تكن العرب تغزو فيه ولا ترى الحرب وسفك الدماء  وإنّما سمّيت الأشهر الحرم لأنّ أهل الجاهلية كانوا يحرّمون فيها القتال تعظيماً لها فلمّا جاء الإسلام لم يزدها إلاّ حرمة وتعظيماً.

« ... فإنّ من عرف حرمة رجب وشعبان ، ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم ، شهدت له هذه الشهور يوم القيامة ، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان ، شهوده بتعظيمه لها ، وينادي منادٍ : يا رجب وشعبان وشهر رمضان ، كيف عمل هذا العبد فيكم كان في طاعة الله ؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان: ياربّنا ، ما تزوّد منّا إلاّ استعانة على طاعتك ، واستعداداً لمواد فضلك ، ولقد تعرّض بحمده لرضاك ، وطلب لطاقته محبّتك ...
فعند ذلك يأمر الله بهذا العبد إلى الجنّة ، فتلقاه الملائكة بالحباء والكرامات ، ويحملونه على نجب النور، وخيول البلق ، ويصير إلى نعيم لا ينفد ودار لا تبيد ... ». النبي الأكرم (ص) .



« من صام ثلاثة أيّام من رجب كتب الله له بكلّ يوم صيام سنة ، ومن صام سبعة أيّام من رجب غلقت عنه سبعة أبواب النار، ومن صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنّة الثمانية ، ومن صام خمسة عشر يوماً حاسبه الله حساباً يسيراً، ومن صام رجباً كلّه كتب الله له رضوانه ، ومن كتب الله له رضوانه لم يعذّبه ». النبي الأكرم (ص) .

جاء عن سالم أنّه قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمّد سلام الله عليهما في رجب وقد بقيت منه أيّام فلمّا نظر إليّ قال لي: يا سالم !! هل صمت في هذا الشهر شيئاً؟
- قلت : لا والله يا بن رسول الله ..
- فقال لي: « لقد فاتك من الثواب ما لا يعلم مبلغه إلاّ الله عزّوجلّ، إنّ هذا شهر قد فضّله الله وعظّم حرمته ، وأوجب للصائم فيه كرامته »
- قال : قلت : يا بن رسول الله فإن صمت ممّا بقي شيئاً هل أنال فوزاً ببعض ثواب الصائمين فيه؟
- فقال : « ياسالم من صام يوماً من آخر الشهر كان ذلك أماناً له من شدّة سكرات الموت ، وأماناً له من هول المطّلع وعذاب القبر، ومن صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جواز على الصراط ، ومن صام ثلاثة أيّام من آخر الشهر أمن يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده وأُعطي براءة من النار ».


- 1 رجب ولادة الإمام محمد الباقر (ع) .
- 2 رجب ولادة الإمام علي الهادي (ع) .
- 3 رجب شهادة الإمام علي الهادي (ع) في زمن الخليفة العباسي المعتز ابن المتوكل .
- 10 رجب ولادة الإمام محمد الجواد (ع) .
- 12 رجب وفاة عم النبي (ص) العباس بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف .
- 13 رجب ولادة أمير المؤمنين (ع) .
- 15 رجب وفاة اُم المصائب والمحن الحوراء زينب (ع) .
- 24 رجب فتح خيبر على يد كرار غير فرار أمير المؤمنين (ع) .
- 26 رجب وفاة عم النبي (ص) أبو طالب (رض) .
- 25 رجب شهادة الإمام موسى الكاظم (ع) مسموماً محبوساً في سجن السندي بن شاهك في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد .
- ليلة 27 رجب إسراء ومعراج النبي الأكرم (ص) .
- يوم 27 رجب المبعث النبوي الشريف .

بالإضافة إلى :

- أول ليلة جمعة من شهر رجب أعمال " ليلة الرغائب " .
- يوم 15 من شهر رجب أعمال " أم داوود "

كيف نستقبل شهر رجب الأصبّ ؟؟


و هي على ثلاثة أقسام :


القسم الأوّل :الأعمال العامّة التي تُؤدّى خلال شهر رجب، منها:

- عن رسول الله (ص) : مَن قال في رجب « أستغفرُ اللهَ الذي لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له وأتوبُ إليه » مئةَ مرّة وختمها بالصدقة، ختم الله له بالرحمة والمغفرة. ومن قالها أربعمائة مرّة كتب الله له أجر مئة شهيد.


- قراءة سورة التوحيد " قُلْ هُوَ اللهُ " أحَد مئة مرّة، فإذا كان ذلك يوم الجمعة من شهر رجب كان للقارئ نورٌ يوم القيامة يجذبه إلى الجنّة.

- صلاة أربع ركعات في إحدى جمعات شهر رجب، يقرأ في كل ركعة سورة الحمد وسبع مرّات آية الكرسيّ وخمس مرّات سورة التوحيد. فإذا تمّت الصلاة قال عشر مرّات: أستغفرُ اللهَ الذي لا إله إلاّ هو وأسألُه التوبة.

- صلاة عشر ركعات في إحدى ليالي شهر رجب، يقرأ في كلّ ركعة: سورة الحمد، وسورة الكافرون، وثلاث مرّات سورة التوحيد.

القسم الثاني: الأعمال العامّة التي تُؤدّى كلّ يوم من أيّام الشهر، منها:

أ. أدعيّة شريفة مذكورة في كتب الأذكار والأعمال والدعوات، أوائلها:
ـ يا مَن يملك حوائجَ السائلين..
ـ خاب الوافدون على غيرِك..
ـ اللهمّ إنّي أسالك صبرَ الشاكرين لك..
ـ اللهمّ ياذا المِنَن السابغة، والآلاءِ الوازعة، والرحمة الواسعة..
ـ اللهمّ إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به وُلاةُ أمرِك..
ـ اللهمّ إنّي أسألك بالمولودَين في رجب..

ب. أن يقرأ في أعقاب صلوات الفريضة اليوميّة والليليّة الدعاءَ الشريف:
- يامَن أرجوهُ لكلِّ خير، وآمَنُ سَخطَه عند كلِّ شرّ...

- وفي كلّ ليلة يصلّي ركعتين، يقرأ في كلّ واحدة منهما: سورة الحمد وثلاث مرّات سورة الكافرون، ومرّة واحدة سورة التوحيد. فإذا تشهّد وسلّم قال: لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريك، له المُلك وله الحمد، يُحيي ويميت وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير، وإليه المصير، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، اللهمّ صلِّ على محمّدٍ النبيِّ الأُميّ وآلهِ.. ويُمرُّ يدَيه على وجهه.

- أن يقرأ كلّ ليلة من ليالي رجب كلاًّ من: سورة الحمد، وآية الكرسيّ، وقُلْ يا أيّها الكافرون، وقُلْ هوَ اللهُ أحَد، وقُلْ أعوذ بربِّ الفَلَق، وقُلْ أعوذُ بربِّ الناس ـ ثلاث مرّات.
أو يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم. وثلاثاً: اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد. وثلاثاً: اللهمّ اغفِرْ للمؤمنين والمؤمنات. وأربعمائة مرّة: أستغفرُ اللهَ وأتوب إليه.

القسم الثالث: الأعمال الخاصّة بليالٍ أو أيّامٍ معيّنة في شهر رجب.
• في الليلة الأولى ـ وهي شريفة ـ يستحبّ:
- دعاء إذا رأى الهلال ..
- الغُسل
- زيارة الإمام الحسين عليه السّلام الخاصّة برجب
- صلاة عشرين ركعة بعد صلاة المغرب، وصلاة ركعتين بعد العشاء بكيفيّة معيّنة، والتفرّغ للعبادة، وقراءة دعاء: اللّهمّ إنّي أسألك بأنك مَلِك... ويقول وهو ساجد بعد فراغه من صلاة الليل: لك المَحْمَدةُ إن أطَعتُك...

• وفي الليلة الثالثة عشرة يستحبّ صلاة الليالي البِيض بقراءة خاصّة، وتستمرّ ثلاث ليالٍ بأعداد معيّنة من الركعات.

• اليوم الثالث عشر، وهو أوّل الأيّام البيض ، ومن أراد أن يدعو بدعاء أمّ داود صام هذا اليوم واليومينِ التاليَين.

• وفي اليوم الخامس عشر من رجب يستحبّ: زيارة الإمام الحسين عليه السّلام الخاصّة بالنصف من رجب، وصلاة سلمان رضي الله عنه، وصلاة أربع ركعات ثمّ بسط اليدين بالدعاء: اللهمّ يا مُذِلَّ كلِّ جبّار..
وعمل أمّ داود في تفصيل مبيَّن في محلّه، يكون في آخره دعاء أثناء السجود: اللهمّ لك سَجَدتُ، وبك آمنتُ، فارحَمْ ذُلّي وفاقتي، واجتهادي وتضرّعي ومَسكنتي، وفَقري إليك. يُختم ذلك بدمعة خشوع وطلب الحوائج من الله تبارك وتعالى.

• أمّا في ليلة المبعث الشريف ، وهي من الليالي المباركة.. فيستحبّ صلاة اثنتي عشرة ركعة بعد العِشاء بقراءة خاصّة وأدعية معيّنة، وزيارة أمير المؤمنين عليه السّلام ـ وهي أفضل أعمال الليلة هذه ، كما يستحبّ الدعاء:
ـ اللّهمّ إنّي أسألُك بالتجلّي الأعظم، في هذه الليلة من الشهر المُعظَّم، والمرسَل المكرَّم، أن تُصلّيَ على محمّدٍ وآله وأن تغفرَ لنا ما أنت به منّا أعلم، يا مَن يعلم ولا نعلم...

• وفي اليوم السابع والعشرين من رجب، يوم المبعث النبويّ الشريف.. يستحبّ: الغُسل، والصيام، والصلاة على النبيّ وآله صلوات الله عليه وعليهم، وزيارة النبيّ صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين سلام الله عليه، وأذكار وأعمال أخرى، إضافةً إلى دعاء: اللّهمّ إنّي أسالك بالتجلّي الأعظم... ( أو بالنَّجْل الأعظم ).

• يبقي اليوم الأخير من شهر رجب، يدعو إلى: الغسل، والصيام الذي يُوجِب غفران الذنوب، وصلاة سلمان الفارسي رحمه الله .

وفّقنا الله تعالى وإيّاكم إلى أداء هذه الأعمال المربّية للروح والمنعشة للقلب ، والهادية إلى الإيمان ، والسالكة بالمرء إلى طاعة الله وخشيته وطلب مرضاته.


هنيئاً لمن وهبه الله عز وجل روحاً ونفحةً من ريحانه ..

إلهي بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها اقبلنا بقبولك ..

واجعلنا اللهم ممن هيئته لمناجاتك وعبادتك ..

اللهم اجعلنا ممن شغلته عمن سواك ..

اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلنا إلى قربك ..

يا أرحم الراحمين ..