المجلس الخامس
ليلة الثلاثاء 27/ رجب / 1345 هجرية
أقبل الحافظ وسائر العلماء من أول الليل مع جماعة كبيرة من أتباعهم، وبعد تناول الشاي والحلوى، بدأ الحافظ قائلا:
لقد فكرت كثيرا في حديثكم وكلامكم حول حديث المنزلة، وراجعت كتبنا فرأيته كما ذكرتم أنه من الأحاديث الصحيحة المتواترة بإجماع علمائنا وأهل الحديث الموثقين عندنا..
ولكنه لا يدل على خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة من غير فاصل كما تقولون، بل صدر حديث المنزلة عند خروج النبي (صلى الله عليه وآله) من المدينة إلى غزوة تبوك وخلّف عليا في المدينة.
فهو يدل على خلافة سيدنا علي رضي الله عنه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك المورد فحسب، وذلك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، فلا يتعدى إلى موارد أخرى، وخاصة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)! الصفحة 274
قلت: لو كان أحد الحاضرين من غير العلماء يطرح هذا الإشكال ما كنت أتعجب، ولكن هذا البيان من رجل فاضل يعلم قواعد اللغة العربية.. مثلكم غريب!
لأن الاستثناء الذي جاء في آخر حديث المنزلة يفيد العموم، وهو: " إلا أنه لا نبي بعدي ".
ثم هناك أصل مقبول عند أشهر علماء اللغة العربية وهو: إن اسم الجنس إذ ذكر في الكلام وكان مضافا إلى اسم علم فهو يفيد العموم وكلمة " المنزلة " التي أضيفت إلى اسم " هارون " يفهم منها معناها العام.
وجملة " لا نبي بعدي " يؤول على المصدر، أي: " لا نبوة بعدي " وهو أيضا على القاعدة المشهورة بين اللغويين العرب.
الحافظ: إذا ننظر إلى جملة: " لا نبي بعدي " بنظر الدقة، لوجدناها جملة إخبارية، فلا يمكن استثناؤها من منازل هارون ومراتبه، ثم ما الداعي لنصرف ظاهر الكلمة على المصدر؟!
قلت: إنك تعرف الحق وتحرفه جدلا! لأن كلامي غير شاذ، بل هو على القواعد المسلمة عند علماء اللغويين والأصوليين، وهناك كثير من علمائكم قالوا به وصرحوا بما فهمناه من حديث المنزلة.
وعندنا دليل أقوى من كل ذلك، وهو أن النبي (صلى الله عليه وآله) صرح أيضا بهذا المعنى كما في بعض الروايات الصحيحة المعتبرة عند علمائكم، منهم:
1ـ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، في كتابه " كفاية الطالب في مناقب مولانا علي بن أبي طالب " الباب السبعين.
2ـ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي، في كتابه " ينابيع المودة " الصفحة 275
بسنده عن عامر بن سعد، عن أبيه.
ومن طريق آخر بسنده عن مصعب بن سعد، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي عليه السلام: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي؟!
قال القندوزي في الباب السادس من كتابه: هذا حديث متفق على صحته، ورواه الأئمة الحفاظ كأبي عبدالله البخاري ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما.
3ـ ابن كثير، في تاريخه، عن عائشة بنت سعد عن أبيها عن النبي (صلى الله عليه وآله).
4ـ سبط ابن الجوزي، في " تذكرة الخواص ": 12، نقلا عن مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم.
5ـ الإمام أحمد، في المناقب.
6ـ أحمد بن شعيب النسائي، في كتابه " خصائص علي بن أبي طالب " بسنده عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
7ـ الخطيب الخوارزمي، في المناقب، عن جابر بن عبدالله الأنصاري.
هؤلاء وغيرهم رووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة؟!
8ـ المير سيد علي الهمداني، في كتابه " مودة القربى " ـ المودة السادسة، عن أنس بن مالك ـ وقد نقلت لكم الحديث في الليلة الصفحة 276
الماضية ـ يقول في آخره : ولو كان بعدي نبيا لكان علي نبيا ولكن لا نبوة بعدي.
فثبت بحديث المنزلة، أن موسى بن عمران (ع) كما خلف أخاه هارون (ع) مكانه حينما ذهب لميقات ربه سبحانه، وفوض أمر النبوة إليه، لأنه كان أفضل أمته وأحفظهم للدين، فجعله يقوم مقامه، كي لا يضيع شرعه وتذهب أتعابه سدى كذلك خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، وشريعته المقدسة أفضل الشرائع السماوية، ودينه المبين أكمل الأديان الإلهية.
فمن الأولى أن لا يترك أمته من غير خليفة، ولا بد له أن يعين من يقوم مقامه في أمر النبوة، كي لا تختلف أمته في أحكام الدين، ولا يضيع شرعه المقدس بين الجاهلين والمغرضين، فيتحكمون فيه ويفتون بالرأي والقياس، وما استحسنته عقولهم المتحجرة، فيذهبون إلى الدروشة والتصوف.. وما إلى ذلك.
حتى انقسمت الأمة الإسلامية الواحدة التي قال تعالى في وصفها: {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}(1). فتفرقت إلى ثلاث وسبعين فرقة، واحدة ناجية والباقون في النار، لأنهم ضالون ومضلون.
فأعلن النبي (صلى الله عليه وآله) أن عليا منه بمنزلة هارون من موسى، وبقي على المسلمين أن يفهموا من الحديث الشريف، بأن جميع منازل هارون تكون لعلي عليه السلام ، ومنها تفضيله على الآخرين، وخلافته للنبي (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعدها.
____________
1- سورة الأنبياء، الآية 92. الصفحة 277
الحافظ: كل ما بينتموه حول حديث المنزلة نقبله، إلا هذا الموضوع الأخير. فإن كل منازل ومراتب هارون تكون لعلي كرم الله وجهه في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، وأما بعد حياته فلا!
لأنه (صلى الله عليه وآله) عين عليا خليفته في المدينة حينما أراد الخروج لغزوة تبوك ـ وهي قضية في واقعة ـ فلما رجع (صلى الله عليه وآله) من الغزو تسلم الأمر من علي كرم الله وجهه ، وانتهى التعيين لأنه كان خاصا بذلك الزمان.
فلا نفهم من حديث المنزلة خلافة سيدنا علي رضي الله لسيدنا محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) ما بعد وفاته (صلى الله عليه وآله)، وهذا الأمر يحتاج إلى دليل آخر.
قلت: لم ينحصر صدور حديث المنزلة في غزوة تبوك فقط، بل نجد في الأخبار المعتبرة والروايات الصحيحة أن النبي (صلى الله عليه وآله) أعلن حديث المنزلة في مناسبات أخر.
منها: حينما آخى بين أصحابه في مكة وأخرى في المدينة واتخذ عليا عليه السلام أخا لنفسه، فقال (صلى الله عليه وآله) له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.
الحافظ: هذا خبر غريب! لأني كل ما سمعت وقرأت عن حديث المنزلة ، أنه صدر من النبي (صلى الله عليه وآله) حين ذهابه إلى تبوك، وذلك لما خلّف عليا رضي الله عنه في المدينة، فحزن علي لعدم مشاركته في الحرب والجهاد، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى...؟ إلى آخره. الصفحة 278
لذلك فإني أظن أن سماحة السيد قد وهم في كلامه، واشتبه الأمر عليه.
قلت: إني لست متوهما، بل على يقين من كلامي، وهو قول جميع علماء الشيعة وكثير من علمائكم أيضا، منهم:
1ـ المسعودي، في مروج الذهب 2/ 49.
2ـ السيرة الحلبية 2/ 26 و120.
3ـ الإمام النسائي، في خصائص علي بن أبي طالب:19.
4ـ سبط ابن الجوزي، في التذكرة: 13 و14.
5ـ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي، في " ينابيع المودة " الباب التاسع والسابع عشر، نقلا عن مسند أحمد، وعن زوائد المسند لعبدالله بن أحمد، وعن مناقب الخوارزمي.
كل هؤلاء ذكروا حديث المنزلة ضمن خبر المؤاخاة، والمستفاد من الأخبار والروايات، أن النبي (صلى الله عليه وآله) كرر حديث المنزلة في حضور أصحابه وفي مناسبات كثيرة منها: عند المؤاخاة، وعند استخلافه (صلى الله عليه وآله) عليا على المدينة حين خروجه (صلى الله عليه وآله) منها إلى تبوك وغيرها.
فكان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يريد إعلان خلافة أخيه وابن عمه الإمام علي عليه السلام في كل وقت ومكان، لا في زمان ومكان معين.
الحافظ: كيف تفهمون من حديث المنزلة هذا الموضوع المهم، ولم يفهمه الصحابة الكرام ما فهمتموه؟!
أم تقولون إنهم فهموا من حديث المنزلة ما فهمتموه ومع ذلك خالفوا نبيهم وبايعوا غير سيدنا علي رضي الله عنه؟!
قلت: في جواب سؤالك الثاني، الذي هو قولنا، عندي قضايا الصفحة 279
مشابهة كثيرة، ولكن أكتفي بنقل قضية واحدة وهي قضية هارون الذي نحن في ذكره والكلام يدور حوله.
وعلي عليه السلام في الإسلام يشبه هارون في بني إسرائيل، والقضية كما ذكرها المفسرون عند تفسير قوله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين}(1).
قال المفسرون: إن موسى بن عمران لما أراد أن يذهب إلى ميقات ربه تعالى، جمع بني إسرائيل ـ والحاضرون على بعض الروايات سبعون ألف نفر، فأكد عليهم أن يطيعوا أمر هارون ولا يخالفوه في شيء، فإنه خليفته فيهم.
ثم لما ذهب إلى الميقات وطال مكثه، انقلب بنو إسرائيل على هارون فخالفوه وأطاعوا السامري، وسجدوا للعجل الذي صنعه السامري من حليهم وذهبهم!
ولما منعهم هارون ونهاهم من ذلك ودعاهم لعبادة الله سبحانه تألبوا عليه وكادوا يقتلونه، كما حكى الله تعالى عن قول هارون: {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني}(2).
بالله عليكم، أيها الحاضرون، أنصفوا!! هل إن اجتماع أمة موسى حول السامري و عجلهم، وتركهم هارون خليفة موسى بن عمران، المؤيد من عند الله، والمنصوص عليه بالخلافة، دليل على أحقية السامري وبطلان خلافة هارون؟!
____________
1- سورة الأعراف، الآية 142.
2- سورة الأعراف، الآية 150. الصفحة 280
هل إن عمل بني إسرائيل صحيح عند الله سبحانه وتعالى؟!
هل لعاقل أن يقول: إن بني إسرائيل إذا كانوا يسمعون من لسان نبيهم نصا في خلافة هارون ما كانوا يتركوه، ويجتمعون حول السامري وعجله؟!
وهل إن اجتماعهم حول السامري وعجله، دليل على أنهم ما سمعوا نصا من موسى بن عمران في خلافة أخيه هارون؟!
كلنا يعلم أن هذا كلام تافه وواه.، لأن القرآن الكريم يصرح بأن موسى (ع) نصب هارون في مقامه، وعينه خليفته في قومه، ثم ذهب إلى ميقات ربه، ولكن بني إسرائيل مع ذلك ضلوا عن الحق، بإغواء السامري وتدليس إبليس لعنه الله.
فهم مع علمهم بخلافة هارون ووجوب إطاعتهم أمره، خالفوه وكادوا يقتلونه، بل أطاعوا السامري وسجدوا لعجله وعبدوه!!
كذلك بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، إن أولئك الذين سمعوا من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كرارا ومرارا، بالصراحة والكناية، يقول: إن علي بن أبي طالب خليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا، فكما أن أمة موسى تركوا هارون، كذلك أمة محمد (صلى الله عليه وآله) تركوا عليا، وتبعوا أهواءهم.
بعضهم للرئاسة والدنيا كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها (1).
وبعضهم للحقد الذي كان مكنونا في صدورهم، لأن عليا عليه السلام قتل أبطالهم وجندل ذؤبانهم، وضربهم بسيفه حتى استسلموا وقالوا:
____________
1- نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ: 50 الخطبة الشقشقية ، لسان العرب: 6/13 مادة (زبر). الصفحة 281
لا إله إلا الله، محمد رسول الله، بألسنتهم ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، فكانوا يتحينون الفرصة لإظهار بغضهم الدفين، فلما أتيحت لهم الفرصة بوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) انقلبوا على أعقابهم، وفعلوا ما فعلوا ظلما وعناد.
وبعضهم للحسد والكبرياء، لأنهم كانوا أسن من الإمام علي (عليه السلام)، وهو يوم ذاك لم يبلغ الأربعين من العمر، فثقل عليهم أن يخضعوا له ويطيعوا أمره!
لهذه الأسباب ونحوها تركوا خليفة نبيهم وخذلوه وكادوا يقتلوه، كما كاد بنو إسرائيل أن يقتلوا هارون!!
لذلك روى ابن قتيبة وهو من كبار علمائكم، في كتابه الإمامة والسياسة صفحة 13 ـ 14 / ط مطبعة الأمة بمصر تحت عنوان: " كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ".
قال: وإن أبا بكر (رض) تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء وناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقها على من فيها!
فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة!
فقال: وإن!!
فخرجوا وبايعوا إلا عليا... فأخرجوا عليا، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع.
فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟! الصفحة 282
قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك!!
قال: إذا تقتلون عبدالله وأخا رسوله.
قال: عمر أما عبدالله فنعم، وأما أخو رسوله فلا!
وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟!!
فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه.
فلحق علي بقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصيح ويبكي وينادي: {يابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني}(1).
ونقل أكثر المؤرخين الموثقين عندكم أن الإمام عليا (ع) تلا هذه الآية عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تلك الحالة العصيبة، وهي حكاية قول هارون عند أخيه موسى بن عمران حينما رجع من ميقات ربه، فشكى إليه قومه بني إسرائيل، وكيف استضعفوه وصاروا ضده.
وإني أعتقد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعلم بأنه سيجري من قومه على وصيه وخليفته من بعده، ما جرى على هارون من أمة موسى في غيبته، ولذلك شبه عليا (ع) بهارون.
والإمام علي (عليه السلام) لإثبات هذا المعنى خاطب النبي (صلى الله عليه وآله) عند قبره فقال له ما قال هارون لأخيه موسى، قوله تعالى: {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني}(2).
فلما وصل حديثنا إلى هذه النقطة، سكت الحافظ وبهت
____________
1- سورة الأعراف، الآية 150.
2- سورة الأعراف، الآية 150. الصفحة 283
الحاضرون ، و بدا ينظر بعضهم إلى بعض ، في حالة من التفكر و التعجب.
فرفع النواب رأسه وقال: إذا كانت الخلافة حق الإمام علي (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة من غير تأخر وذلك بأمر الله تعالى كما تقولون، فلماذا لم يصرح به رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمام أصحابه والذين آمنوا به؟!
فلو كان النبي (صلى الله عليه وآله) يقول بالصراحة: يا قوم! إن علي بن أبي طالب خليفتي فيكم وهو بعدي أميركم والحاكم عليكم، فلم يكن حينئذ عذر للأمة في تركه ومبايعة غيره ومتابعة الآخرين!
قلت:
أولا: المشهورين بين أهل اللغة والأدب بأن: " الكناية أبلغ من التصريح " فتوجد في الكناية نكات دقيقة ولطائف رقيقة لا توجد في التصريح أبدا.
مثلا... المعاني الجمة التي تستخرج من كلمة " المنزلة " فيما نحن فيه من البحث حول حديث المنزلة، تكون أعم وأشمل من كلمة " الخليفة " لأن الخلافة تكون جزءا وفرعا لمنزلة هارون من موسى.
ثانيا: توجد تصريحات من النبي (صلى الله عليه وآله) في خلافة الإمام علي (عليه السلام).
النواب: هل يمكن أن تبينوا لنا تلك التصريحات وأعتذر أنا من هذا السؤال، لأن علماؤنا يقولون لنا: لا يوجد حديث صريح من الصفحة 284
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خلافة علي كرم الله وجهه، وإنما الشيعة يؤولون بعض الأحاديث النبوية الشريفة في خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه!
قلت: إن الذين قالوا لكم هذا الكلام، إما هم جهال في زي أهل العلم، أو علماء
يتجاهلون ! لأن الأحاديث الصريحة في خلافة الإمام علي (عليه السلام) وتعيينه دون غيره كثيرة، وقد ذكرها علماؤكم الأعلام في الكتب المعتبرة، وأنا الآن أبين لكم بعض ما يحضرني، حسب ما يسمح به الوقت
يوم الإنذار
أول مناسبة صرح فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخلافة الإمام علي في أوان رسالته والإسلام بعد لم ينتشر، بل كان لا يزال في مهده ولم يخرج من مكة المكرمة، لما نزلت الآية الكريمة: {وأنذر عشيرتك الأقربين...} (1).
روى الإمام أحمد، في مسنده 1/111 و 159 و333.
والثعلبي في تفسيره عند آية الإنذار.
والعلامة الكنجي الشافعي، في " كفاية الطالب " أفرد لها الباب الحادي و الخمسين.
والخطيب موفق بن أحمد الخوارزمي، في المناقب.
ومحمد بن جرير الطبري، في تفسيره عند آية الإنذار، وفي
____________
1- سورة الشعراء، الآية: 214. الصفحة 285
تاريخه 2/217 بطرق كثيرة.
وابن أبي الحديد، في شرح " نهج البلاغة ".
وابن الأثير، في تاريخه، الكامل 2/22.
والحافظ أبو نعيم، في " حلية الأولياء ".
والحميدي، في " الجمع بين الصحيحين ".
والبيهقي، في " السنن والدلائل ".
وأبو الفداء، في تاريخه 1/116.
والحلبي، في السيرة 1/381.
والإمام النسائي، في الخصائص، حديث رقم 65.
والحاكم في المستدرك 3/132.
والشيخ سليمان الحنفي، في الينابيع، أفرد لها الباب الحادي والثلاثين.
وغيرهم من كبار علمائكم ومحدثيكم ومفسريكم، رووا ـ مع اختلاف يسير في العبارات ـ:
إنه لما نزلت الآية الشريفة: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب، وكانوا أربعين رجلا، منهم من يأكل الجذعة(1) ويشرب العس(2).، فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتى شبعوا، وبقي كما هو!
ثم دعا بعس، فشربوا حتى رووا، وبقي كأنه لم يُشرب!
____________
1- الجَذَعة: الشاة الصغيرة السن ومن الابل من كان سنها أربع سنين إلى خمس.
وقيل سميت بذلك لأنها تجذع مقدم أسنانها أين تسقطه.
2- العَسّ: القدح الضخم يروي الثلاثة والأربعة. الصفحة 286
ثم خاطبهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلا:
يا بني عبد المطلب! إن الله بعثني للخلق كافة وإليكم خاصة، وقد رأيتم ما رأيتم، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان وثقيلتين في الميزان، تملكون بها العرب والعجم، وتنقاد لكم الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون بهما من النار، وهما شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.
فمن منكم يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي؟
وفي بعض الأخبار: يكون أخي وصاحبي في الجنة. وفي بعض الأخبار : يكون خليفتي في أهلي.
فلم يجبه أحد إلا علي بن أبي طالب، وهو أصغر القوم.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اجلس، وكرر النبي (صلى الله عليه وآله) مقالته ثلاث مرات ولم يجبه أحد، إلا علي بن أبي طالب (ع).
وفي المرة الثالثة، أخذ بيده وقال للقوم: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
هذا الخبر الهام الذي اتفق على صحته علماء الفريقين من الشيعة والسنة.
تصريحات أخرى في خلافة علي (عليه السلام)
وهناك تصريحات أخرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأن خلافة الصفحة 287
الإمام علي (عليه السلام)، ذكرها علماؤكم ومحدثوكم الموثقون لديكم في كتبهم المعتبرة، منهم:
1ـ الإمام أحمد في " المسند " والمير السيد علي الهمداني الشافعي في كتابه " مودة القربى " في آخر المودة الرابعة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي! أنت تبرئ ذمتي، وأنت خليفتي على أمتي.
2ـ الإمام أحمد في " المسند " بطرق شتى، وابن المغازلي الشافعي في المناقب، والثعلبي في تفسيره، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): أنت أخي، ووصيي، وخليفتي، وقاضي ديني.
3ـ العلامة الراغب الأصبهاني، في كتابه محاضرات الأدباء 2/213 ط. المطبعة الشرفية سنة 1326 هجرية، عن أنس بن مالك، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن خليلي ووزيري وخليفتي وخير من أترك بعدي، يقضي ديني، وينجز موعدي، علي بن أبي طالب.
4ـ المير السيد علي الهمداني الشافعي في كتابه " مودة القربى " في أوائل المودة السادسة، روى عن عمر بن الخطاب، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما آخى بين أصحابه قال (صلى الله عليه وآله): هذا علي أخي في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي، ووصيي في أمتي، ووارث علمي، وقاضي ديني، ماله مني مالي منه، نفعه نفعي، وضره ضري، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني. الصفحة 288
وفي رواية أخرى ـ في المودة السادسة ـ قال (صلى الله عليه وآله) مشيرا لعلي (عليه السلام): وهو خليفتي ووزيري.
5ـ العلامة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، في كتابه " كفاية الطالب " في الباب الرابع والأربعين، روى بسنده عن ابن عباس، قال:
ستكون فتنة، فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن أبي طالب (ع).
فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتي منه، وهو خليفتي من بعدي.
قال العلامة الكنجي: هكذا أخرجه محدث الشام في فضائل علي (عليه السلام)، في الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاثمائة من كتابه بطرق شتى.
6ـ أخرج البيهقي والخطيب الخوارزمي وابن المغازلي الشافعي في " المناقب ":
عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال (صل? الله عليه ] وآله [ وسلم) لعلي (عليه السلام): إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وأنت أولى بالمؤمنين من بعدي.
7ـ الإمام النسائي، وهو أحد أئمة الحديث وصاحب أحد الصفحة 289
الصحاح الستة عندكم، أخرج في كتابه (الخصائص) في ضمن الحديث 23:
عن ابن عباس، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: أنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي.
فالنبي (صلى الله عليه وآله) يؤكد في هذا الحديث أن عليا (ع) خليفته من بعده، أي مباشرة وبلا فصل، فلا اعتبار لإدعاء أي مدع خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) من الذين نازعوا عليا (ع) وغصبوا منصبه ومقامه(1) لوجود حرف: " من " في الحديث، فهي إما أن تكون بيانية أو ابتدائية، وعلى التقديرين يتعين علي (عليه السلام) بعد النبي (صل? الله عليه ] وآله [ وسلم) بأنه خليفته بلا فصل.
8ـ المير السيد علي الهمداني: أخرج في كتابه " مودة القربى " في الحديث الثاني من المودة السادسة، بسنده عن أنس، رفعه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله اصطفاني على الأنبياء فاختارني واختار لي وصيا، واخترت ابن عمي وصيي، يشد عضدي كما يشد عضد موسى بأخيه هارون، وهو خليفتي، ووزيري، ولو كان بعدي نبيا لكان علي نبيا، ولكن لا نبوة بعدي.
____________
1- يفيدنا هذا الحديث الشريف: أن النبي (صلى الله عليه وآله) جعل الرضا بخلافة الإمام علي (عليه السلام) من بعده، من علائم الإيمان، والفرق بين الإسلام والإيمان واضح لقوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم...) سورة الحجرات، الآية 14. الصفحة 290
9ـ أخرج الطبري في كتابه " الولاية " خطبة الغدير، عن النبي (صل? الله عليه ] وآله [ وسلم) يقول فيها: قد أمرني جبرئيل عن ربي أن أقوم في هذا المشهد، واعلم كل أبيض وأسود: أن علي بن أبي طالب أخي، ووصيي، و خليفتي، والإمام بعدي.
ثم قال: معاشر الناس! فإن الله قد نصبه لكم وليا وإماما وفرض طاعته على كل أحد، ماض حكمه، جائز قوله، ملعون من خالفه، مرحوم من صدقه.
10ـ أخرج أبو المؤيد بن أحمد الخوارزمي في كتابه " فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) " الفضل 19، بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لما وصلت في المعراج إلى سدرة المنتهى، خاطبني الجليل قائلا: يا محمد! أي خلقي وجدته أطوع لك؟
فقلت: يا رب، علي أطوع خلقك إلي.
قال عز وجل: صدقت يا محمد.
ثم قال: فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون.
قال (صلى الله عليه وآله): قلت: يا رب اختر لي، فإن خيرتك خيرتي.
قال: اخترت لك عليا (ع)، فاتخذه لنفسك خليفة ووصية، ونحلته علمي وحلمي، وهو أمير المؤمنين حقا، لم ينلها أحد قبله، وليست لأحد بعده (1).
____________
1- أقول: وقد وردت أخبار كثيرة في كتب العامة عن النبي (ع) يشير فيها إلى فضائل <= الصفحة 291
____________
=>
الإمام علي (عليه السلام)، ويصرح (صلى الله عليه وآله) بأنه: الإمام الوصي، والولي، وأمير المؤمنين، وهذه الألقاب والصفات ما جاءت إلا بمعنى الخلافة، فغير صحيح أن يؤخر الإمام والمأموم، أو يخلف النبي (صلى الله عليه وآله) غير وصيه...
وإليك بعض تلك الأخبار:
1ـ أخرج الشيخ سليمان الحنفي في كتابه: " ينابيع المودة " 1/156 في الباب الرابع والأربعين: قال:
وفي المناقب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! أنت صاحب حوضي، وصاحب لوائي، وحبيب قلبي، ووصيي ووارث علمي، وأنت مستودع مواريث الأنبياء من قبلي، وأنت أمين الله في أرضه ، وحجة الله على بريته، وأنت ركن الايمان وعمود الاسلام، وأنت مصباح الدجى، ومنار الهدى، والعلم المرفوع لأهل الدنيا.
يا علي! من اتبعك نجا، ومن تخلف عنك هلك، وأنت الطريق الواضح ، والصراط المستقيم، وأنت قائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، وأنت مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، لا يحبك إلا طاهر الولادة، وما عرجني ربي عز وجل إلى السماء وكلمني ربي إلا قال: يا محمد اقرأ عليا مني السلام، وعرفه أنه إمام أوليائي، ونور أهل طاعتي، وهنيئا لك هذه الكرامة.
2ـ وأخرج ابن المغازلي الشافعي في كتابه " المناقب " والديلمي في كتابه " الفردوس " كما نقل عنهما الشيخ سليمان الحنفي في كتابه ينابيع المودة 1/11، الباب الأول، عن سلمان، قال: سمعت حبيبي محمدا (صلى الله عليه وآله) يقول: كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم أودع ذلك النور في صلبه، فلم
<= الصفحة 292
____________
=>
يزل أنا وعلي شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الامامة.
3ـ وأخرجه المير السيد علي الهمداني،ن في المودة الثامنة من كتابه " مودة القربى " قال: عثمان (رض) رفعه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: خلقت أنا وعلي من نور واحد ـ إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): ـ ففي النبوة والرسالة، وفيك الوصية والإمامة.
4ـ وأخرج أيضا عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي! خلقني الله وخلقك من نوره ـ إلى أن قال (صلى الله عليه وآله):ـ ففي النبوة والرسالة، وفيك الوصية والإمامة.
5ـ وأخرج العلامة الكنجي الشافعي في كتابه: " كفاية الطالب " في الباب السادس والخمسين، في تخصيص علي (عليه السلام) بكونه إمام الأولياء، روى بسنده المتصل عن أنس بن مالك، قاال: بعثني النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أبي برزة الأسلمي، فقال (صلى الله عليه وآله) له ـ وأنا أسمع ـ: يا أبا برزة! إن الله عهد إلي عهدا في علي بن أبي طالب.
فقال: إنه راية الهدى، منار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني.
يا أبا برزة! علي بن أبي طالب أميني غدا في القيامة، وصاحب رايتي في القيامة، وأميني على مفاتيح خزائن رحمة ربي عز وجل.
قال العلامة الكنجي: هذا حديث حسن، أخرجه صاحب " حلية الأولياء " كما أخرجناه.
6ـ وأخرج العلامة الكنجي، في الباب الرابع والخمسين، بسنده المتصل عن انس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أنس! اسكب لي وضوء يغنيني.
فتوضأ ثم قام وصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس! أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين.
<= الصفحة 293
اعلموا أن الأخبار في هذا المضمار، كثيرة في كتبكم المعتبرة، وقد نقلت لكم بعض ما أحفظ منها، كي يعلم الحافظ بأننا لا نرو إلا ما رواه علماؤكم الأعلام، ولا نقول إلا الحق، ولا نعتقد إلا بالحقيقة والواقع.
والجدير بالذكر أن بعض علمائكم المنصفين اعترفوا بخلافة علي بن أبي طالب عليه السلام كما نعتقد نحن، منهم: إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، المعروف بالنظّام(1)، فإنه يقول: نص النبي (صل? الله عليه
____________
=>
قال أنس: قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار، وكتمته ,
إذ جاء علي، فقال: من هذا يا أنس؟ قلت: علي بن أبي طالب.
فقام النبي (صلى الله عليه وآله) مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي (عليه السلام) بوجهه.
قال علي (عليه السلام): يا رسول الله! لقد رأيتك صنعت بي شيئا ما صنعت بي قبل!
قال (صلى الله عليه وآله): وما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين فيهم ما اختلفوا فيه بعدي؟!
قال العلامة الكنجي الشافعي هذا حديث حسن عال، أخرجه الحافظ أبو نعيم في " حلية الأولياء " قال: وأنشدت في المعنى:
علي أميرالمؤمنين الذي به هدى الله أهل الأرض من حيرة الكفر
أخو المصطفى الهادي الذي شد أزره فكان له عونا على العسر واليسر
ومن نصر الاسلام حتى توطأت قواعده عزا فتوج بالنصر
علي علي القدر عند مليكه على رغم من عاداه قاصمة الظهر
نكتفي بهذا المقدار، فإن فيه الهدى والاستبصار، لمن أراد أن يعرف الحق من الأحاديث والأخبار. " المترجم "
1- ترجم له الصفدي في كتاب " الوافي بالوفيات " في حرف الألف. الصفحة 294
] وآله [ وسلم) على أن الإمام هو علي وعيّّنه، وعَرَفت الصحابة ذلك، ولكن كتمه عمر لأجل أبي بكر رضي الله عنهما.
ونحن لما لم ندرك عصر النبي (صلى الله عليه وآله) ولم نحظ بصحبته، يجب أن نراجع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة عند الفريقين في تعرف الأفضل والأعلم والأرجح عند الله ورسوله والأحب إليهما فهو أولى من غيره في خلافة النبي (صلى الله عليه وآله).
ولا يخفى على أي عالم منصف غير معاند: أن الأخبار الصريحة في خلافة علي عليه السلام وإمامته، وفي وصايته وولايته، وكذلك في أفضليته وأعلميته وأرجحيته من سائر الصحابة، والمسلمين، كثيرة جدا.
وهي مروية عن طرقكم وبأسانيدكم المعتبرة، ومنقولة في كتبكم وتصانيف علمائكم الأعلام، وهي كثيرة وكثيرة بحيث لم يرد معشارها في حق أي واحد من الصحابة الكرام.
وإن أكثر تلك الفضائل العلوية والمناقب الحيدرية تعد من خصائص الإمام علي عليه السلام، ولم يشاركه فيها أحد، ولم يشابهه فيها أحد من الصحابة الأوفياء، ولكنه شاركهم في جميع فضائلهم ومناقبهم.
وقد ذكرنا لكم بعض الأخبار المروية عن طرقكم والمسجلة في مسانيدكم ومصادركم في حق الإمام علي عليه السلام، ضمن حديثنا وحوارنا في الليالي السالفة والمجالس السابقة.
وإليكم نموذجا من حديث النبي (صلى الله عليه وآله) نقله علماؤكم الأعلام، يصرح نبي الإسلام فيها أن فضائل ومناقب الإمام علي عليه السلام كثيرة جدا الصفحة 295
بحيث لا تعد ولا تحصى.
أخرج الموفق ابن أحمد الخوارزمي في المناقب:18، والعلامة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين، في تخصيص علي عليه السلام بمائة منقبة دون سائر الصحابة، جاء في الباب، ص 123، بسنده عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب.
وأخرج السيد علي الهمداني بسنده عن عمر بن الخطاب، رفعه، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن البحر مداد، والرياض أقلام، والإنس كتاب، والجن حساب، ما أحصوا فضائلك يا أبا الحسن.
وأخرجه ابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " بسنده عن ابن عباس، وأخرجه سبط ابن الجوزي في " التذكرة " (1) .
____________
1- لقد ورد خبر آخر في عظم فضل الإمام علي عليه السلام نذكره إتماما للفائدة:
جاء في الرياض النضرة 2/214، وفي ذخائر العقبى ـ للمحب الطبري ـ ص 61: عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما اكتسب مكتسب مثل فضل علي، يهدي صاحبه إلى الهدى، ويرده عن الردى. أخرجه الطبراني.
أقول: جاء في كتاب " تاريخ الخلفاء " للسيوطي 1/65، قال أحمد بن حنبل: ما روي وما ورد لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضائل، ما روي وما ورد لعلي رضي الله عنه!
وأخرج الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3/ 107، بسنده عن محمد بن منصور
<= الصفحة 296
لذلك نحن نعتقد أن عليا عليه السلام أحق من غيره بالخلافة.
الشيخ عبد السلام: نحن لا ننكر فضائل ومناقب مولانا علي كرم الله وجهه، ولكن انحصار الفضائل فيه غير معقول، لأن الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ أكرم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم في الرتبة والفضل متساوون.
ولكنكم تنحازون إلى جانب سيدنا علي رضي الله عنه، وتنقلون كل الفضائل باسمه دون غيره، ولا تذكرون فضائل الصحابة الآخرين!
وهذا العمل يحرف أفكار الحاضرين عن الواقع فيلتبس الأمر عليهم، وهذا هو التعصب!
فلكي ينكشف الحق للحاضرين، ولا يلتبس الأمر عليهم، أريد أن أذكر شيئا من فضائل ومناقب الخلفاء الراشدين.
قلت: نحن نتبع العقل والعلم، ونقبل الدليل والبرهان، نحن
____________
=>
الطوسي، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب 2/479ط. حيدر آباد 1319هـ قال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن اسحاق القاضي: لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأخرجه الثعلبي في تفسير ىية (انما وليكم الله ورسوله..).
وأخرجه الخطيب الموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي في المناقب، ص 20.
والذهبي في " تلخيص المستدرك " المطبوع بهامش 3/107.
(المترجم). الصفحة 297
لا نحصر الفضائل في الإمام علي عليه السلام، وإنما نمحّضه في الفضائل، ونجله عن الرذائل، وذلك لنزول آية التطهير في شأنه.
وأما الانحياز إلى جانبه فليس منا فحسب، بل الله ورسوله انحازا إليه، كما نجد الآيات القرآنية في حقه والأحاديث النبوية الصريحة في فضله.
وأما نسبة التعصب إلينا فهو بهتان وافتراء، فإن التعصب معناه الالتزام بشيء مع الإصرار من غير دليل.
وأنا أشهد الله سبحانه بأني ما التزمت بشيء من أمور ديني، وما تمسكت بولاية الإمام علي عليه السلام والأئمة الهادين من ولده، إلا بدليل القرآن والسنة والعقل السليم.
لذا أرجو من الحاضرين أن ينبهوني إذا تكلمت بشيء بغير دليل، أو تحدثت على خلاف
المنطق والعقل، فأكون لهم شاكرا.
وأما حديثكم في مناقب الراشدين فيكون مقبولا بشرط أن تروون الأخبار الصحيحة عند الفريقين، فنتبرك بها، لأننا لا ننكر مناقب وفضائل الصحابة الطيبين، ولا شك أن لكل واحد من الأصحاب المؤمنين له فضائل ومناقب، ولكن الغرض من هذا المجلس والحوار، البحث عن أفضلهم وأحسنهم وأكثرهم منقبة عند الفرقين: الشيعة والسنة.
فإن كلامنا يدور حول الأفضل لا الفاضل، لأن الفضلاء كثيرون، والأفضل واحد منهم بحكم العقل والنقل، وهو أحق أن يتبع ويطاع.
الشيخ عبد السلام: إنكم تغالطون في الموضوع، لأن كتبكم لا تحتوي على أي خبر أو حديث في فضل الخلفاء الراشدين غير سيدنا الصفحة 298
علي كرم الله وجهه، فكيف أنقل لهذا الجمع أخبارا مقبولة لديكم؟!
قلت: هذا الإشكال يرد عليكم، لأنه في أول ليلة حينما أردنا أن نبدأ بالبحث، قال الحافظ محمد رشيد سلمه الله: إن الاحتجاج والاستدلال يجب أن يكون بالآيات القرآنية والأخبار المروية المقبولة عند الفريقين، وأنا قبلت الشرط، لأنه مقتضى العقل، وعلمت به في أثناء الحوار والحديث في المجالس السابقة.
والحاضرون يشهدون، وأنتم تعلمون بأني كل ما احتججت به عليكم واستدللت به على صحة كلامي، إنما كان من القرآن الحكيم وأحاديث النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) المعتبرة والمقبولة عندكم.
وأنا إلى آخر حواري معكم، وحتى الوصول إلى النتيجة القطعية لا أنقض الشرط، بل أعمل على وفقه إن شاء الله تعالى.
ومع ذلك كله فإني أتساهل معكم، وأتنازل لكم، وأقبل منكم الروايات المنقولة في كتبكم دون كتبنا، شريطة أن لا تكون موضوعة أو مجعولة، وأن لا يأباها العقل السليم، فنستمع إليها مع الحاضرين، ثم نقضي فيها بالعدل والإنصاف ، لنرى هل الأخبار التي تقرأها وترويها لنا، هل تفضل وترجح أحدا على سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب في العلم والجهاد والرتبة والمنزلة عند الله سبحانه وعند رسوله (صلى الله عليه وآله) ؟!
الشيخ عبد السلام: إنكم نقلتم أحاديث وأخبارا صحيحة وصريحة في خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه، ولكنكم غافلون أن عندنا أخبارا كثيرة في خلافة سيدنا أبي بكر (رض).
قلت: مع أن كبار علمائكم أمثال: الذهبي والسيوطي وابن أبي الصفحة 299
الحديد وغيرهم أعلنوا بأن الأمويين والبكريين وضعوا أحاديث كثيرة مجعولة في فضائل أبي بكر، مع ذلك نحن نستمع إليك رجاء أن لا تكون رواياتك وأخبارك من تلك الموضوعات والمجعولات.
نقل حديث في فضل أبي بكر وردّه
الشيخ عبد السلام: لقد ورد في حديث معتبر عن عمر بن إبراهيم بن خالد، عن عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده العباس، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا عم! إن الله جعل أبي بكر خليفتي على دين الله، فاسمعوا له وأطيعوا تفلحوا.
قلت: هذا حديث مردود، ليس قابلا للبحث والنقاش.
الشيخ عبد السلام: كيف يكون مردودا وهو مروي عن العباس عم النبي؟!
قلت: إنه حديث مردود عند علمائكم أيضا، فإن كبار علمائكم نسبوا بعض رواة هذا الحديث مثل: عمر بن إبراهيم إلى الكذب وجعل الأحاديث، فلذا فإن رواياته ساقطة عن الاعتبار.
قال الذهبي في كتابه " ميزان الاعتدال " في ترجمة إبراهيم بن خالد، وقال الخطيب البغدادي في " تاريخه " في ترجمة عمر بن إبراهيم: إنه كذاب، ساقطة عن الاعتبار.
الشيخ عبد السلام: ما تقول في هذا الحديث الذي رواه الصحابي الثقة أبو هريرة: إن جبرئيل نزل على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: إن الله تعالى يبلغك السلام ويقول: إني راض الصفحة 300
عن أبي بكر، فاسأله هل هو راض عني؟!!
قلت: يجب أن ندقق في نقل الأخبار والأحاديث، حتى لا نواجه مخالفة العقلاء. وليكن الحديث الذي نقله ابن حجر في " الإصابة " وابن عبد البر في " الاستيعاب " نصب أعينكم، وهو:
عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كثرت علي الكذابة، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، وكلما حدثتم بحديث مني فاعرضوه على كتاب الله.
وليكن نصب أعينكم الحديث الذي رواه الفخر الرازي في تفسيره ج3، آخر الصفحة 371، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى، فإن وافقه فاقبلوه، وإلا فردوه.
فإذا كان في حيلة النبي (صلى الله عليه وآله) أناس يكذبون عليه ويجعلون الأحاديث عن لسانه الشريف، فكيف بعد موته؟!
ومن جملة المزورين الجاعلين للحديث عن لسان النبي (صلى الله عليه وآله): أبو هريرة، الذي رويت عنه خلافة أبي بكر!
الشيخ عبد السلام: لا نتوقع منك أن ترد صحابيا جليلا مثل أبي هريرة وتطعن فيه! وأنت عالم فاهم.
قلت: لا ترعبني بكلمة " الصحابي " لأن الصحابي أيا كان إذا راعى حق صحبته للنبي بأن كان سامعا لقوله، مطيعا لأمره فهو محترم مكرم، وصحبته تكون له شرفا وفخرا.
ولكن إذا كان يخالف أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويعمل حسب رأيه وهواه ، ويكذب على النبي (صلى الله عليه وآله) فهو ملعون ملعون، وليست حصيلة الصفحة 301
صحبته إلا الخزي والعار في الدنيا، وهو في الآخرة من أصحاب النار.
أما كان المنافقون حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما يصرح القرآن الكريم؟ وكانوا يعدون في الظاهر من أصحابه، لأن الصحابي هو الذي أدرك النبي (صلى الله عليه وآله) وسمع حديثه ، والمنافقون كذلك، ولكنهم ملعونون ومعذبون في النار.
إذا لا ترعبني يا شيخ بكلمة " الصحابي " لأن أبا هريرة هو من جملة أولئك المنافقين الملعونين، ولذا فإن رواياته مردودة غير معتبرة عند أهل الحديث المحققين.
الشيخ عبد السلام:
أولا: إن كان أبو هريرة مردودا عند جماعة من العلماء، فهو مقبول عند آخرين.
ثانيا: لا دليل على أن المردود عند بعض العلماء يكون ملعونا، ويكون من أهل النار، لأن الملعون هو الذي لعن في القرآن الحكيم أو على لسان النبي الكريم (صلى الله عليه وآله).
دليل لعن أبي هريرة
قلت: أدلة العلماء الذين ردوا روايات أبي هريرة ورفضوها كثيرة وغير قابلة للتأويل.
منها: إنه كان موافقا لمعاوية، وهو رأس المنافقين وزعيمهم، الملعون على لسان النبي المأمون (صلى الله عليه وآله).
وقد كان أبو هريرة، كما نقل العلامة الزمخشري في " ربيع الصفحة 302
الأبرار " وابن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " وغيرهما، أنه كان في أيام صفين يصلي خلف الإمام علي عليه السلام ويجلس على مائدة معاوية فيأكل معه، ولما سئل عن ذلك؟ أجاب: مضيرة معاوية أدسم، والصلاة خلف علي أفضل (أتمّ) ولذا اشتهر بشيخ المضيرة.
ومنها: إنه روي، كما في كتب كبار علمائكم مثل: شيخ الإسلام الحمويني في " فرائد السمطين " باب 37، والخوارزمي في " المناقب " والطبراني في " الأوسط " والكنجي الشافعي في " كفاية الطالب " والإمام أحمد في " المسند " والشيخ سليمان القندوزي في " ينابيع المودة " وأبو يعلى في " المسند " والمتقي الهندي في " كنز العمال " وسعيد ابن منصور في " السنن " والخطيب البغدادي في " تاريخه " والحافظ ابن مردويه في " المناقب " والسمعاني في " فضائل الصحابة " والفخر الرازي في " تفسيره " والراغب الأصفهاني في " محاضرات الأدباء " وغيرهم، رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: علي مع الحق، والحق مع علي، يدور الحق حيثما دار علي عليه السلام.
وقال (صلى الله عليه وآله): علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
وأبو هريرة يترك الحق والقرآن بتركه عليا عليه السلام، ويحارب الحق والقرآن بانضمامه إلى معاوية بن أبي سفيان، ومع ذلك تقولون: هو صحابي جليل وغير مردود وغير ملعون!
ومنها: أنه روي في كتب علمائكم، مثل الحاكم النيسابوري في المستدرك 3/124، والإمام أحمد في " المسند " والطبراني في " الأوسط "، وابن المغازلي في " المناقب " والكنجي الشافعي في " كفاية الصفحة 303
الطالب " الباب العاشر، وشيخ الإسلام الحمويني في " الفرائد "، والمتقي الهندي في " كنز العمال " 6/153، وابن حجر في الصواعق: 74 و75.
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: علي مني، وأنا من علي، من سبه فقد سبني، ومن سبني فقد سبّ الله.
مع ذلك كله يذهب أبو هريرة إلى معاوية ويجالسه، حتى يصبح من ندماء معاوية الذي كان في السر والعلن، وعلى المنابر، وعلى رؤوس الأشهاد، وفي قنوت الصلوات، وخطب الجمعات، يسبّ ويلعن الإمام عليا والحسن والحسين عليهم السلام.
وكان يأمر ولاته الفسقة الفجرة أن يقتدوا به ويفعلوا مثل فعله!
وأبو هريرة يركن إليه ويجامله ويجالسه ويؤاكله، ولا ينهاه عن كفره ومنكراته، بل يجعل الأحاديث عن لسان النبي (صلى الله عليه وآله) في تأييده وتصحيح أفعاله المنكرة، ويغوي الناس العوام، ويبعدهم من الإمام، ويحرفهم عن الإسلام، ومع هذا كله لا يسقط عندكم عن درجة الاعتبار؟!!
الشيخ عبد السلام: هل من المعقول أن نقبل هذه التهم والمفتريات على صحابي طاهر القلب؟! إنما هي من موضوعات الشيعة!!
قلت: نعم، ليس بمعقول أن صحابيا طاهر القلب يقوم بهذه المنكرات، لأن العامل بها كائنا من كان، فإنه آثم قلبه.
وكل من يكذب على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ويسب الله ورسوله فإنه كافر ومخلد في جهنم وإن كان من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله)!
وبنص الأخبار الكثيرة الواردة في كتبنا وفي كتب كبار علمائكم الصفحة 304
الأعلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من سبّ عليا فقد سبّني وسب ّالله سبحانه.
وأما قولكم: إن هذا الكلام من موضوعات الشيعة، فهو اشتباه محض ، لأنكم تقيسون القضايا على أنفسكم، وأن كثيرا منكم لا يتورعون من الكذب وكيل الاتهامات على شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله) من أجل الوصول إلى غاياتهم الدنيوية، فيغوون بكلامهم الباطل العوام الجاهلين، ولا يخشون يوم الدين ومحاسبة رب العالمين.
عبد السلام: إنما أنتم الشيعة كذلك! فأنت أحد علمائهم، وفي مجلسنا هذا لا تتورع عن سبّ الصحابة الكرام، والافتراءات عليهم، فكيف تتورع من الافتراء على علمائنا الأعلام؟!
قلت: ولكن التاريخ يشهد على خلا