شيعي في جنازة سني!
لقد كنت أستبشر ككل مسلم، عندما أرى الشيعة يصلون على موتى المسلمين في الحرمين الشريفين، ويقفون مع صفوفهم خاشعين، وكنت أقول في نفسي: لو كانوا يحملون أي عداء لأهل السنة لما صلّوا على موتاهم! وكنت أعد هذا علامة الأخوة الدينية، والرابطة العقدية.
وفعلا، فإن هذا المنظر يشد إليه كل من كان له معرفة بموقف الشيعة من السنة، بحيث تصيبه الدهشة ويأخذه العجب...
فإن كان الشيعة فعلا يكفرون السنة، فلماذا يصلون عليهم؟!
لكن إليك ما يقوله الشيعة وهم منتصبون للصلاة على هذا الميت الذي قد أفضى إلى ما قدم، والذي هو في أمس الحاجة إلى دعوة صالحة:
يقول شيخهم المفيد في مختصره الفقهي: ((وإن كان ناصبًا (الناصب مرادف للسني عندهم) فصل عليه تقية، وقل بعد التكبيرة الرابعة: عبدك وابن عبدك لا نعلم منه إلا شرًّا، فأخزه في عبادك، وبلادك، وأصله أشد نارك، اللهم إنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك، فاحش قبره نارًا، ومن بين يديه نارًا، وعن يمينه نارًا، وعن شماله نارًا، وسلط عليه في قبره الحيات والعقارب))[1].
وفي رواية ((اللهم إن فلانًا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره نارًا واحش جوفه نارًا، وعجل به إلى النار، فإنه كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره، فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه))[2].
وفي الأصل لا يجوز الصلاة عليه إلا لتقية.
يقول ابن البراج في مختصره الفقهي (المهذب): ((فلا يجوز الصلاة على الناصب للعداوة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله إذا كانت التقية مرتفعة))[3].
ويروون عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أصدقِ الناس لهجة، وأصرحِهم سريرة، أنه صلى على عبد الله بن أبي المنافق تقية، وأنه قال: ((اللهم احش جوفه نارًا واملأ قبره نارًا وأصله نارًا))[4]. وما أدري ما كان يخشى من عبد الله بن أبي حتى يتقيه؟!
وبعد أن أورد الميرزا النوري بعض الروايات في الدعاء على السني، خرج بخلاصة فقال: ((وقد ذكروا في الدعاء عليه وجوهًا كثيرة دلت على أن ليس شيء منها بمؤقت، ولكن يجتهد في الدعاء عليه على مقدار ما يعلم من نصبه وعداوته))[5].
وبعد:
فلقد جعل منظرو الشيعة جُدُرًا كثيرة للفصل بين السنة والشيعة، وغرسوا في نفوس أتباعهم الحقد، وأشعلوا في قلوبهم الكراهية، فلا تكاد تمر مناسبة إلا ويلعن فيها الصحابة رضوان الله عليهم، ويسب فيها الشيخان، ويتهم فيها السنة بدماء أهل البيت، فيشب على هذا الصغير، ويشيخ عليه الكبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وعلى العاقلين من الشيعة أن يعيدوا النظر في أمثال هذه النصوص التي امتلأت منها كتبهم، ويعودوا إلى الله عز وجل، ويرجعوا إلى كتابه وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ويعرفوا أن الأمة محتاجة إليهم في هذه المحن التي تتوارد عليها، فإن لم يفعلوا فليكفوا شرهم، ولا يزيدوها محنًا فوق محنها، وبلاء على بلائها، والله المستعان.
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] المقنعة - الشيخ المفيد - ص 229 – 230.
[2] الكافي - الشيخ الكليني - ج 3 - ص 189ومن لا يحضره الفقيه ج1ص168 والبحار ج44ص202 ووسائل الشيعة ج3ص70 وتهذيب الأحكام ج3ص197.
[3] المهذب - القاضي ابن البراج - ج 1 - ص 129.
[4] نفس المصادر السابقة.
[5] مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 2 - ص 254
منقول