ما قوله في القرآن : أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس أم هل ضاع مما أنزل الله تعالى على نبيه منه شيء أم لا ؟ وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين ع أم ما جمعه عثمان بن عفان على ما يذكره المخالفون ؟
الجواب : لا شك أن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شئ من كلام البشر وهو جمهور المنزل . والباقي مما أنزله الله تعالى عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام لم يضع منه شئ. وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب دعته إلى ذلك
منها : قصوره عن معرفة بعضه .
ومنها : شكه فيه وعدم تيقنه.
ومنها : ما تعمد إخراجه منه .
وقد جمع أمير المؤمنين ع القرآن المنزل من أوله إلى آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكي على المدني والمنسوخ على الناسخ ووضع كل شئ منه في محله. فلذلك قاد جعفر بن محمد الصادق ع : " أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا ". وقال ع : " نزل القرآن أربعة أرباع : ربع فينا وربع في عدونا وربع سنن وأمثال وربع فرائض وأحكام ولنا أهل البيت كرائم القران ".
لزوم التقيد بما بين الدفتين غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا ع أنهم أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا (يتعداه إلا زيادة فيه ولا نقصان منه حتى يقوم القائم ع فيقرأ للناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين ع. وإنما نهونا ع عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر وإنما جاء بها الآحاد وقد يغلط الواحد فيما ينقله . ولأنه متن قرأ الإنسان بما خالف ما بين الدفتين غرر بنفسه وعرض نفسه للهلاك . فنهونا ع عن قراءة القرآن بخلاف ما ثبت بين الدفتين لما ذكرناه .
المسائل السروية للمفيد (413 هـ) صفحة78 المسألة التاسعة : صيانة القرآن من التحريف