لو لم يكن نصٌ في أمير المؤمنين عليه السلام
لكفانا هذا المحور الطاهر في إثبات إمامته
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وعليٍ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذريته.
صلى الله عليك أيتها البتول الطاهرة، أيتها الحوراء الإنسية، والبضعة المحمدية، على مر الزمن، يا سيدتي ومولاتي، كنت شامخة لا يسبقك الأولون ولا يلحقك بك الآخرون، أيتها الحجة الباهرة، جعلت العقول حائرة ، إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ، فكُنْتِ قرآناً يمشي على الأرض، لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ الله..!!
وكنت بعد إستشهادك قرآناً يتلى فنستمع وننصت لأنك صراط مستقيم، يَهْدِي بِهِ الله مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم، فالسَّلاَمُ عَلَيْكِ يَوْمَ وُلِدْتِ وَيَوْمَ أَسْتُشْهِدْتِِ وَيَوْمَ تُبْعَثِينَ، يوم ينادي المنادي، أن غضوا أبصاركم..!!
لو لم يكن نصٌ في أمير المؤمنين ع، لكفانا هذا المحور الطاهر في إثبات إمامته أعني بهذا المحور الزاهر الطاهر فاطمة الزهراء صلى الله عليها، وذلك من نواحٍ عدة، ولكن تختصر المقام بذكر محورين أساسين:
المحور الأول: من هـو زوج فاطمة عليها السلام.
كل رجل شريفٍ مؤمنٍ يريد أن يزوج إبنته، لا يختار لها إلا أفضل وأشرف رجل وطأ الحصى، فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعرض عن تزويجها لأبي بكر وعمر، أخرج النسائي (المجتبى) في سننه ج: 6 ص: 62/ح3221 أخبرنا الحسين بن حريث قال حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال ثم خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إنها صغيرة فخطبها علي (عليه السلام) فزوجها منه.
صحيح على شرط مسلم، والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (3020).
والحديث لا يخلو من الإساءة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، فلنذكر ما نقله بن حبان في هذا الشأن، صحيح ابن حبان ج: 15 ص: 393/6944 أخبرنا أبو شيبة داود بن إبراهيم بن داود بن يزيد البغدادي بالفسطاط حدثنا الحسن بن حماد حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال ثم جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فقعد بين يديه فقال يا رسول الله قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام وإني وإني قال وما ذاك قال تزوجني فاطمة قال فسكت عنه فرجع أبو بكر إلى عمر فقال له قد هلكت وأهلكت قال وما ذاك قال خطبت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فأعرض عني قال مكانك حتى آتي النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فأطلب مثل الذي طلبت فأتى عمر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فقعد بين يديه فقال يا رسول الله قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام وإني وإني قال وما ذاك قال تزوجني فاطمة فسكت عنه فرجع إلى أبي بكر فقال له إنه ينتطر أمر الله فيها قم بنا إلى علي حتى نأمره يطلب مثل الذي طلبنا قال علي فأتياني وأنا أعالج فسيلا لي فقالا إنا جئناك من ثم بن عمك بخطبة قال علي فنبهاني لأمر فقمت أجر ردائي حتى أتيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فقعدت بين يديه فقلت يا رسول الله قد علمت قدمي في الإسلام ومناصحتي وإني وإني قال وما ذاك قلت تزوجني فاطمة قال وعندك شيء قلت فرسي وبدني قال أما فرسك فلا بد لك منه وأما بدنك فبعها قال فبعتها بأربع مائة وثمانين فجئت بها حتى وضعتها في حجره فقبض منها قبضة فقال أي بلال ابتغنا بها طيبا وأمرهم أن يجهزوها...... وقال –أي الرسول صلى الله عليه وآله- اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم ثم قال لعلي (عليه السلام) ادخل بأهلك بسم الله والبركة..إنتهى..!!
ومن ناحية أخرى نعرف من خلال هذا الحديث، أن الرسول صلى الله عليه وآله، أعرض بوجهه عنهم، وإلا لو كانوا أهلاً ومقاماً ومنزلة عند الله كالزهراء عليه السلام، لزوجها أولهم فضلاً عن تاليه،ففي المستدرك على الصحيحين ج: 2 ص: 179/2695 أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا يزيد بن هارون أنبأ عبد الحميد بن سليمان حدثنا محمد بن عجلان عن وثيمة البصري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فأنكحوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. إنتهى. أي لا تردوا من كان خلق ودين، وهذا يعني:
أولاً: إما أنهما ناقصا دين،
ثانياً: وإما ناقصا خلق،
ثالثاً: وإما كلا الأمرين معاً.
فعندما خطبها عليٌ عليه السلام، زوجها له، وهذا دليلٌ ناصعٌ واضحٌ على أن أمير المؤمنين عليه السلام كفؤٌ للزهراء عليها السلام، وغيره لا يكون، وكيف لا يكونون كذلك وهم عصمة الله وحبل الله المتين «إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»..الأحزاب/33.
فاستمع للشيخ عبدالحميد كشك وهو يقول:
يا معشر السادة،
ألستم معي، أن علياً كان حرياً بزواج من فاطمة..؟؟
فلقد خطبها أبو بكر من أبيها، فقال له الرسول (صلوات الله عليه وآله) حتى يأذن الله..!!
وخطبها عمر من أبيها، فقال له الرسول (صلوات الله عليه وآله) حتى يأذن الله..!!
وخطبها عليٌ من أبيها، فأذن له الله.. إنتهى..!!
هذا إعترافٌ بأن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام أفضل من الجميع، كيف لا وهو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله..!!
المحور الثاني: مصداق الحق والعدل في رضاها وغضبها صلى الله عليها
قد مر فيه الكلام وإشبع إلى حد كبير ولكن أذكر شيء منه وبالمختصر.
يقول الرسول صلى الله عليه وآله « صحيح البخاري ج: 3 ص: 1361/3510 حدثنا أبو الوليد حدثنا بن عيينة عن عمرو بن دينار عن بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال ثم فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني .
وإغضاب الزهراء عليه السلام كفر كما جاء في فيض القدير ج: 4 ص: 421: ( فاطمة ابنته بضعة بفتح أوله وحكي ضمه وكسره وسكون المعجمة والأشهر الفتح أي جزء مني كقطعة لحم مني فمن أغضبها بفعل ما لا يرضيها فقد أغضبني استدل به السهيلي على أن من سبها كفر لأنه يغضبه وأنها أفضل من الشيخين"
وغضب الرسول صلى الله عليه وآله، هو مصداق غضب الله العلي الأعلى الجبار ذو الإنتقام
والسؤال المطروح:
على من كان غضب الزهراء عليها السلام؟
أخرج البخاري في صحيحه ج: 4 ص: 1549/3998 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عروة عن عائشة ثم أن فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي (عليه السلام) ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي (عليه السلام) من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي (عليه السلام) وجوه الناس..إنتهى..!!
بعد العلم بأن الزهراء عليها السلام قد أستشهدت وهي واجدة على أبي بكر وعمر ، هذا يعني أن غضب الله جل وعلى قد حل عليهما، وقد قال الله العلي العظيم في كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم: «وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى»...طه/81.
ما معني غضب الله على عبدٍ من عبيده؟
يقول القرطبي في تفسيره ج: 11 ص: 231: قد أجمعوا على قوله ويحل عليه عذاب مقيم وغضب الله عقابه ونقمته وعذابه فقد هوى قال الزجاج فقد هلك أي صار إلى الهاوية وهي قعر النار من هوى يهوي هويا أي سقط من علو إلى سفل وهوى فلان أي مات.
والسؤال الذي يطرح نفسه:
من ذا الذي يقبل بخلافة قومٍ غضب الله عليهم وحل عذابه ونقمته عليهم؟
فقد أثبت ما صدر من الزهراء عليها السلام الحجة على هؤلاء القوم وعليكم بأنهم خارجون عن الصراط المستقيم، يقول الله جل وعلى، بسم الله الرحمن الرحيم «اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ 6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ 7... سورة الفاتحة. ربنا وَلاَ تَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا فقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلاَ تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً، ربنا وَلاَ تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ