[center]
الائمه واوصافهم في المعتقد الرافضي الشيعي الامامي - الجعفري وأدله بطلانها
الحمدُ لِـلَّهِ ربِّ العالمين، المتفرِّدُ في ألوهيته الذي لا شريك له ولا نظير في الخلق والرزق، هو وحده المحيي المميت،
وهو وحده المعبود بحق، لا مُعين له في تدبير أمور خلقه ولا مشير، ولا نائب له ولا وزير.
ليس لأحد من مخلوقاته من ملائكته المقربين أو أنبيائه المرسلين أو أوليائه الصالحين طريق إلى أسرار علم غيبه المكنون. لا يُظْهِرُ على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يطلعه بالوحي على شيء من أخبار المستقبل أو شذرات من علم ما كان وما يكون ليكون ذلك حجة لرسالته وتصديقاً لنبوته، لطفاً منه بعباده، وتأييداً منه لنبوة من أرسله برسالاته،
أما ما سوى ذلك فإنه لا يُسمح لأحد من الخلق بالدخول إلى حرم الغيب الإلهي أو الورود إلى حمى كبريائه اللامتناهية، وخفيات مكنوناته المحجوبة،
ومن تطلع من الشياطين إلى هتك حجب الغيب تلقته حرس السماء بشهب النار، فعاد ذليلاً حسيراً وسقط مذموماً مدحوراً.
والصلاة والسلام بلا حدٍّ على النبيِّ المحمود الذي سدّ برسالته الأبدية كل طُرق خداع العوام وإضلال البسطاء واستغلالهم.
ولم يحطم الأصنام ويهدم معابد الأوثان فحسب بل أرسى قواعد التوحيد وأحكم بنيانه غاية الإحكام بحيث أن كل من دخل في شرعه ونهل من معين شريعته صار موحّداً كاملاً لا يمكن أن تتطرَّق الوثنيةُ إلى ذهنه ولا أن يأتي إلى مخيِّلته خيال اصطناع أي معبودات زائفة غير الله.
ورغم أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كان زبدة الخليقة وكانت ماهيته وصورته مبعث دهشة أهل العلم والحقيقة، إلا أنه كان متواضعاً ومنكسـراً أمام الله إلى درجة أنه كان يهتم بعبوديته لربه تعالى أكثر من اعتزازه برسالته، وبمجرَّد أن سمع بعض المتملّقين يمدحونه بما كانوا معتادين على مدح صناديدهم وكبرائهم به قال:
«لا تَرْفَعُونِي فَوْقَ حَقِّي فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي عَبْداً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي نَبِيّاً»
( محمد بن محمد بن الأشعث (قرن 4 هـ)، «الأشعثيات» [ويُسَمَّى أيضاً «الجعفريات»]، ص 181. وَالقطب الراوندي (573هـ)، «النوادر»، ص 16.).
وقرَّر بأمر من ربه أن يعلن المسلمون هذا المنصب -منصب العبودية- في كل تشهّد في صلواتهم التي يؤدُّونها صباح مساء حيث يشهدوا أمام ساحة القدس الربوبية الأحدية بعبودية النبيِّ لِـلَّهِ تعالى قائلين: «وأشهد أن محمداً عبده ورسوله»
مقدمين وصفه صلى الله عليه وآله وسلم بالعبودية على وصفه بالرسالة كي يُعلَمَ أن شرف العبودية مُقَدَّمٌ على مقام الرسالة.
كما روى خادمه «أنس بن مالك» أن بعض الناس لما خاطبوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقولهم:
«يَا رسول الله!
يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا»
قال لهم صلى الله عليه وآله وسلم:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ!
عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ! أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ»( ).
ولما تشرّف وفد «عامر بن صعصعة» بزيارة نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشرَّفَ وتنوّر بمحضـره المبارك، وقام رجل من الوفد يُدعى «أبو مطرف عبد الله بن الشخّير»
فقال: «يا رسول الله! أنت سيدنا وذو الطول علينا»،
فاستاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مثل هذا الإطراء وقال: «السيدُ الله، لا يستهوينَّكم الشيطان»
وأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ( ) فَقَالَ لَهُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ القَدِيدَ!»
وقال «أنس بن مالك»: «لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ: وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا إليه لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ»
طبته «القاصعة» في نهج البلاغة، الناسَ من تقليد ساداتهم وكبرائهم الذين تكبَّروا وترفَّعوا فقال
: «وَاعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ وَإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وَخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَاتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً... [إلى قوله].. أَلَا فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَكُبَرَائِكُمُ الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِم...»( ).
وكما جاء في «نهج البلاغة» وفي الروضة من «الكافي» وفي المجلد الثامن من «بحار الأنوار»أن علياً كان يقول:
«وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالَاتِ الوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الفَخْرِ ويُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الكِبْرِ وقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الإِطْرَاءَ واسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ ولَسْتُ بِحَمْدِ اللهِ كَذَلِكَ ولَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ ورُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ البَلَاءِ فَلَا تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وإِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وفَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الجَبَابِرَةُ ولَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ البَادِرَةِ ولَا تُخَالِطُونِي بِالمُصَانَعَةِ ولَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي ولَا التِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوِ العَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ كَانَ العَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ ولَا آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ اللهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي فَإِنَّمَا أَنَا وأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُهُ يَمْلِكُ مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالهُدَى وأَعْطَانَا البَصِيرَةَ بَعْدَ العَمَى»( ).
وكان يقول عن أسرار الخليقة وسرّ الموت والحياة في آخر لحظات عمره:
«وَكَمْ أَطْرَدْتُ الأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الأَمْرِ فَأَبَى اللهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ. هَيْهَاتَ! عِلْمٌ مَخْزُون
وكان يُظْهر عدم معرفته بشـيء يجهله الآخرون ويقول للخليفة الثالث:
«وَ وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ ولَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ...» نهج البلاغة، الخطبة 164، ص 234.
ولم يكن للغلاة في دين الإسلام المقدَّس منذ بداية أمرهم من هدف وغاية سوى استباحة المحرَّمات وارتكاب المنكرات، كما نرى ذلك واضحاً في قصة أولئك الذين ألَّهوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،
فقد رُوِيَ «أن مولى المتَّقين عليا (ع) مرَّ بقوم وهم يأكلون في شهر رمضان نهاراً! فقال: أسفرٌ أم مرضى؟؟ قالوا: لا، ولا واحدة منهما!
قال: فمن أهل الكتاب أنتم فتعصمكم الذمة والجزية؟
قالوا: لا.
قال: فما بال الأكل في نهار رمضان؟
فقاموا إليه فقالوا: أنت أنت! يومئون إلى ربوبيته!
فنزل (ع) عن فرسه فألصق خده بالأرض
وقال: ويلكم إنما أنا عبد من عبيد الله،
فاتقوا الله وارجعوا إلى الإسلام. فأبوا، فدعاهم مراراً، فأقاموا على كفرهم فنهض إليهم
وقال: شدوهم وثاقاً وعَلَيَّ بالفعلة والنار والحطب، ثم أمر بحفر بئرين، فحفرتا إحداهما سربا والأخرى مكشوفة وألقى الحطب في المكشوفة وفتح بينهما فتحا وألقى النار في الحطب فدخن عليهم وجعل يهتف بهم ويناشدهم ليرجعوا إلى الإسلام فأبوا فأمر بالحطب والنار فألقى عليهم فأحرقوا»( ).
ومنذ ذلك الحين نشأت فرق الغلاة ضمن الإسلام كالمنصورية والخطابية والشلمغانية والنصيرية والاماميه الجعفريه ، فهؤلاء لما كانوا لا يستطيعون أن يصـرفوا النظر عن شهواتهم ويكبحوا نفوسهم الأمارة بالسوء ويمتنعوا عن اللذات المحرمة،
أو لما لم يكونوا يعتقدون من الأساس بالمبدأ والمعاد (أي بالله واليوم الآخر) وكانوا يرومون الحصول على لذاتهم وإشباع شهواتهم من أموال الآخرين ونسائهم وولدانهم،
وكانوا يَرَوْن أن عقائد الناس الدينية تحول بينهم وبين الوصول إلى تلك الرغبات، لذا اخترعوا أساطير باسم الدين وافتروا أكاذيب وألقوا بين العوام عقائد مغالية ليجعلوهم مستعدين للتجاوب مع رغباتهم ومآربم.
واليوم أيضاً لو لاحظنا الأمور بدقة لرأينا أن الأشخاص الذين ينسبون إلى الأئمة امتلاكهم للولاية التكوينية والقدرة على التصـرفات المطلقة في عالم الوجود والذين يعتبرون الأئمة «أمراء الكون»
، هم أشخاص أدركوا أن لا سبيل لهم إلى إرضاء إلـهٍ عليم وبصير ولطيف وخبير ومنزه عن العواطف البشـرية وعن الأب والولد، ولا سبيل إلى الوصول رغباتهم عن طريقه لأنه إلهٌ
[غنيٌّ عن العالمين] لا يؤثر فيه التملُّق والإطراء، بل قد وضع لكل عمل أجراً ولكل تصـرف جزاءً أو ثواباً
وقال:﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة/7، 8]،
وقال أيضاً: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ [فصلت/46] و[الجاثية/15].،
وقال كذلك: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾ [آل عمران/30].
وقال: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾ [النحل/111].
وقال أيضاً: ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾ [الزمر/70]. وقال: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام/132].
وقال كذلك: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا﴾ [الكهف/49]، وقال أيضاً: ﴿فَاليَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يس/54].
فهذه الآيات تؤكِّد بكل وضوح أن الإنسان لا ينال سوى نتائج أعماله ولا يحصد إلا ما زرعته يداه، وآيات القرآن تحث الإنسان دائماً على النظر فيما يدخره لغده من أعمال صالحة وسيئة وأن لا يغفل عن نفسه،
فيقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر/18].
ويقول كذلك: ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ [النبأ/40].
لما رأى غلاة زماننا أنهم لا يستطيعون التأقلم مع مثل هذا الإله وأن يراقبوا كل صغيرة وكبيرة من أعمالهم، عمدوا إلى الغلو في الأئمة فراراً من عذاب الضمير واخترعوا أحاديث عجيبة بل أكاذيب فاضحة بعيدة عن المنطق والعقل والشرع،
ورفعوا بعضاً من أولياء الله إلى مقام الإلهية! ثم فتحوا باب شفاعتهم للمؤمنين وجعلوه واسعاً بوسع السماء والأرض!
كي تشملهم هذه الشفاعة وتجعلهم في مأمن من التعرض لجزاء أعمالهم القبيحة وتجعلهم مستحقين لجنات الخلد وأعلى درجات العليين بل في درجة يصبحون فيها دائنين لِـلَّهِ!
وما أحسن ما فهمه سلمان الفارسي الذي قال عنه الإمام محمد الباقر - عليه السلام - سلمانُ المحمدي، إن سلمان منَّا أهلَ البيت، وقال:
انه كان يقول للناس: «هربتم من القرآن إلى الأحاديث، وجدتم كتاباً رقيقاً حوسبتم فيه على النقير والقطمير والفتيل وحبة خردل فضاق ذلك عليكم وهربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم.»
أجل لقد روّجوا سوق الأحاديث الموضوعة التي تقول إن المسلم يمكنه أن يصل إلى أعلى درجات الجنان وأن يُعفى من المجازاة على جميع السيئات بقراءة دعاء أو زيارة قبر أو ذرف دمعة حتى لو كان ذلك رياءً! وهو ما سنشـرحه لاحقاً إن شاء الله ونبيِّن أن القرآن بعيد كل البعد عن هذه الادعاءات الباطلة.
كان ذلك الدافع للغلوّ دافعاً شيطانياً في الواقع بل كان في الحقيقة هو ذلك الغرور الذي يلقيه إبليس في النفوس ليجرّها عن طريق الدين [المحرَّف] نحو جهنم.
إنه الغرور ذاته الذي حذَّر الله الإنسانَ من أن يوقعه الشيطان فيه فقال: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء/120].
وإذا كان الدافع للغلوّ في أولياء الله الصالحين وإشاعة مثل تلك الأقوال القبيحة والمنكرة والعقائد السخيفة والشـركية بحقهم، في الأزمنة السالفة،
هو الغرور الشيطاني وتسويلات النفس الأمارة بالسوء، أو كان الدافع لذلك هو سعي أعداء الأئمة -عليهم السلام- لإيجاد ذرائع ومبررات للإضرار بالأئمة وشيعتهم وإيذائهم وتعريضهم للقتل والنهب؛
قلنا إن الغلاة والأعداء يهدفون من خلال هذه المساعي إلى تحقيق هدفين:
الأول هو سعي الغلاة لاستعطاف قلب أولياء الله الذين يعتقدون أنهم «شفعاؤهم عند الله»، أو مالكو مُلْكِ اللهِ وملكوته، وتصورهم أنهم بتلفيقهم ونشرهم لمثل هذه الأوهام والترهات فإنهم سيبدلون قانون الله تعالى وسنته التي لا تتبدل حول الجزاء على الأعمال وتبديل السيئات بالحسنات!
ويعتقدون أنهم بتملقهم ومدائحهم لأولئك الأولياء سيوصلون أنفسهم لدرجة الرضوان وللحور والقصور في أعالي الجنان!
أما هدف الأعداء من نشر هذه الأوهام فهو تشويه صورة الدين المشـرقة وعرضه بصورة كريهة كي ينفر منه العقلاء من الخاصة ويتجرأ الجاهلون من العامة على الانغماس في المعاصي والفسق والفجور،
كما أن الشيطان والنفس الأمارة الموجودين في باطن كل شخص يشكّلان - كما ذكرنا - دافعاً قويّاً للغرور والسـرور بنشر مثل هذه الأكاذيب.
وإننا لنسأل: كيف عرف هؤلاء الله؟! وبأي فهم يدركون دينه وشرعه؟!
ومن أقوال هؤلاء في اوصاف الائمه رضوان الله عليهم وهم بريئون من هذا الضلال بأن الله تعالى هو الذي نصب وعيَّن الأئمَّة وفرض طاعتهم على العالمين وحرم الجنة على من لم يعرفهم أو لم يتبعهم،
مع نسبة صفات الأنبياء لهم مثل أن الوحي يأتيهم وأن عند كل منهم صحيفة خاصة من الله تعالى يؤمر بالعمل بها،
وأنهم شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة، يأتيهم الملاك ويسمعون صوته وإن كانوا لا يرونه، وأن روح القدس الذي يكون للنبي ينتقل بعده للإمام.. الخ
كما نجد ذلك في عدد من الروايات في كتبهم الحديثه الأساسية خاصة أحاديث كتاب الحجة من كتاب أصول الكافي
كحديث أن الأئمة عليهم السلام:
« ..شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة» (أصول الكافي: كتاب الحجة: ج1 / ص 221 فما بعد)،
وأنهم: «مُحدَّثون يسمعون صوت الملاك ولكنهم لا يرون ولا يعاينون الملاك» (المصدر السابق: ج1 / 176 - 177)،
وأنهم: «خزان علم الله وتراجمة أمر الله، نحن قوم معصومون أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا، نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض..» (المصدر السابق: ج1 / ص 269 - 270)،
وأن: «روح القدس به حمل النبوة فإذا قبض النبي (صلى الله عليه وآله) انتقل روح القدس فصار إلى الإمام..» (المصدر السابق: ج1 /ص 270 فما بعد)،
و«إن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة…فبروح القدس عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى…» (المصدر السابق: ج1 / ص 271 فما بعد).
وأن: «الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلوا إلا بعهد من الله عز وجل لا يتجاوزونه،
وأن الله عز وجل أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)
كتابا قبل وفاته فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النخبة من أهلك… علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب كل إمام يفك خاتما ويعمل بما فيه ثم يدفعه لمن بعده فيفك خاتما ويعمل بما فيه … الحديث» (المصدر السابق: ج1 / ص 279 فما بعد، الحديث 1 و4)
. بل في حديث صريح منسوب للإمام الصادق عليه السلام: «الأئمة بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي، فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله).» (المصدر السابق: ج1 / ص 270). (
وكذلك نُسِبَتْ إليهم في بعض الروايات صفات تفوق حتى صفات الأنبياء، أي لا يوجد في القرآن مثلها حتى للأنبياء أولي العزم من الرسل أصحاب التشريع،
فضلاً عن الأنبياء ذوي النبوّة التبليغيّة فقط
كالأحاديث التي تصف علم الأئمة عليهم السلام بأنهم:
«يعلمون ما كان وما يكون وأنهم لا يخفى عليهم شيء» (أصول الكافي: كتاب الحجة: ج1 / ص 260)،
وأنهم: «يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل» (المصدر السابق: ج1 / ص 255 فما بعد)،
وأن: «الإمام لا يخفى عليه كلام (لغة) أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه الروح..» (المصدر السابق: ج1 / ص 285)،
وأن: «عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها» (المصدر السابق: ج1 / ص 227)،
وأن: «أعمال العباد تعرض عليهم في الصباح والمساء..» المصدر السابق: ج1 / ص 219 فما بعد)،
وأن: «عندهم ألواح موسى وعصاه وقميص آدم (الذي ألقي على وجه يعقوب فارتد بصيراً) وخاتم سليمان (الذي كان يسخّر به الجن والشياطين)..» (المصدر السابق: ج1 / ص 231 - 232).
أو الأحاديث التي تصف خلقتهم بأوصاف خارجة عن أوصاف سائر البشر
مثل أن: «للإمام عشر علامات:
يولد مطهرا مختوناً
وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين، ولا يجنب،
تنام عينيه ولا ينام قلبه،
ولا يتثاءب ولا يتمطى،
ويرى من خلفه كما يرى من أمامه،
ونجوه كرائحة المسك
والأرض موكلة بستره وابتلاعه …
الحديث» (أصول الكافي: كتاب الحجة /باب مواليد الأئمة عليهم السلام، حديث رقم 8، ج1/ص 385 فما بعد)،
ورواية أخرى أن الإمام:
«إذا وقع من بطن أمه وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء،
فأما وضعه يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم للهِ أنزله من السماء إلى الأرض،
وأما رفع رأسه إلى السماء فإن منادياً ينادي من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الأعلى باسمه واسم أبيه
يقول:
يا فلان بن فلان، اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي...
فيجيبه (الإمام المولود) واضعاً يديه رافعاً رأسه إلى السماء: {شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} آل عمران/ 18»
(المصدر السابق نفس الكتاب والباب: حديث رقم 1)،
وأن الإمام يمكن أن يقوم بالحجة وهو ابن ثلاث سنين!
(المصدر السابق: ج1 /ص321، الأحاديث 10 و13)،
وأن:
«الله خلقهم من نور عظمته وخلقت أبدانهم من طينة مخزونة لم يخلق منه أحد إلا الأنبياء .. الحديث»
(المصدر السابق: ج1 / ص 389). (م)
بل ان الأئمة عليهم السلام: « ..شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة» (أصول الكافي: كتاب الحجة: ج1 / ص 221 فما بعد)،
وأنهم: «مُحدَّثون يسمعون صوت الملاك ولكنهم لا يرون ولا يعاينون الملاك» (المصدر السابق: ج1 / 176 - 177)،
وأنهم:
«خزان علم الله وتراجمة أمر الله، نحن قوم معصومون أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا، نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض..»
(المصدر السابق: ج1 / ص 269 - 270)،
وأن:
«روح القدس به حمل النبوة فإذا قبض النبي (صلى الله عليه وآله) انتقل روح القدس فصار إلى الإمام..» (المصدر السابق: ج1 /ص 270 فما بعد)
، و«إن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح:
روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة
…فبروح القدس عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى…»
(المصدر السابق: ج1 / ص 271 فما بعد).
وأن:
«الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلوا إلا بعهد من الله عز وجل لا يتجاوزونه،
وأن الله عز وجل أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابا قبل وفاته
فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النخبة من أهلك… علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب كل إمام يفك خاتما ويعمل بما فيه ثم يدفعه لمن بعده فيفك خاتما ويعمل بما فيه … الحديث» (المصدر السابق: ج1 / ص 279 فما بعد، الحديث 1 و4)
. بل في حديث صريح منسوب للإمام الصادق عليه السلام: «الأئمة بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي، فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله).» (المصدر السابق: ج1 / ص 270). (م)
وان علم الأئمة عليهم السلام بأنهم:
«يعلمون ما كان وما يكون وأنهم لا يخفى عليهم شيء»
(أصول الكافي: كتاب الحجة: ج1 / ص 260)،
وأنهم:
«يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل»
(المصدر السابق: ج1 / ص 255 فما بعد)،
وأن: «الإمام لا يخفى عليه كلام (لغة) أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه الروح..» (المصدر السابق: ج1 / ص 285)،
وأن: «عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها» (المصدر السابق: ج1 / ص 227)،
وأن: «أعمال العباد تعرض عليهم في الصباح والمساء..» المصدر السابق: ج1 / ص 219 فما بعد)،
وأن: «عندهم ألواح موسى وعصاه وقميص آدم (الذي ألقي على وجه يعقوب فارتد بصيراً) وخاتم سليمان (الذي كان يسخّر به الجن والشياطين)..» (المصدر السابق: ج1 / ص 231 - 232).
اننا لنحتار حقاً من جرأة هؤلاء المدَّعين للإسلام
في نسبتهم تلك الأمور إلى مخلوقات الله؟
واقوال وأحوال سيدنا علي والائمه تكذب هذا الباطل ومما قالوه
1- في رجال الكشي (طبع كربلاء، ص252) وَأمالي الشيخ الطوسي (ص 14):
«عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ المُغِيرَةِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ (أي الإمام موسى الكاظم)
أَنَا وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحُسَيْنِ، فَقَالَ يَحْيَى: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَعْلَمُ الغَيْبَ؟!
فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِي فَوَاللهِ مَا بَقِيَتْ فِي جَسَدِي شَعْرَةٌ وَلا فِي رَأْسِي إِلا قَامَتْ.
قَالَ ثُمَّ قَالَ: لا وَاللهِ مَا هِيَ إِلا رِوَايَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم.»».
أي أن ما أُوحي إلى الرسول من أخبار الغيب ننقله لكم من خلال الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
2- وجاء أيضاً في (ص 248) من كتاب «رجال الكشي» الذي يُعَدُّ من كتب الشيعة المشهورة، والذي لخَّصه الشيخ الطوسي، ما نصُّه:
«عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع): أَيَّ شَيْءٍ سَمِعْتَ مِنْ أَبِي الخَطَّابِ؟
قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّكَ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى صَدْرِهِ وَقُلْتَ لَهُ عِهْ وَلَا تَنْسَ! وَإِنَّكَ تَعْلَمُ الغَيْبَ وَإِنَّكَ قُلْتَ لَهُ عَيْبَةُ عِلْمِنَا وَمَوْضِعُ سِرِّنَا أَمِينٌ عَلَى أَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتِنَا!
قَالَ: لَا وَاللهِ مَا مَسَّ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِي جَسَدَهُ إِلَّا يَدَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي قُلْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ! فَوَ اللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أَعْلَمُ. فَلَا آجَرَنِيَ اللهُ فِي أَمْوَاتِي وَلَا بَارَكَ لِي فِي أَحْيَائِي إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُ.
قَالَ: وَقُدَّامَهُ جُوَيْرِيَةٌ سَوْدَاءُ تَدْرُجُ، قَالَ: لَقَدْ كَانَ مِنِّي إِلَى أُمِّ هَذِهِ أَوْ إِلَى هَذِهِ كَخَطَّةِ القَلَمِ فَأَتَتْنِي هَذِهِ فَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ مَا كَانَتْ تَأْتِينِي. وَلَقَدْ قَاسَمْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَسَنِ حَائِطاً بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَصَابَهُ السَّهْلُ وَالشِّرْبُ وَأَصَابَنِي الجَبَلُ
.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي قُلْتُ هُوَ عَيْبَةُ عِلْمِنَا وَمَوْضِعُ سِرِّنَا أَمِينٌ عَلَى أَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتِنَا، فَلَا آجَرَنِيَ اللهُ فِي أَمْوَاتِي وَلَا بَارَكَ لِي فِي أَحْيَائِي إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُ شَيْئاً مِنْ هَذَا قَطُّ!».
3- وكتب المرحوم الشيخ عباس القمي يقول: روى المسعودي عن «يحيى بن هرثمة» أنه لما انطلق بالإمام الهادي من المدينة وكان يقوم بخدمته ويحسن السلوك معه، وكانوا في الطريق فرأوا يوماً أن الإمام الذي كان راكباً كان يرتدي قماشاً واقياً من المطر وقد عقد ذنب فرسه،
يقول: فتعجَّبْتُ من صنيعه لأن السماء كانت صافية ولم يكن فيها غيوم بل كانت الشمس ساطعة، ولكن لم تمض برهة من الزمن إلا وظهرت الغيوم في السماء وهطل المطر بغزارة وأصابنا من المطر أمر عظيم فنظر إليَّ الإمامُ
وقال لي: إني أعلم أنك أنكرتَ صنيعي وتعجبتَ منه وظننتَ أنني أعلم من أمر المطر ما لا تعلمه أنت، ولكن الأمر ليس كما ظننتَ، لكنني كنتُ أعيش في البادية وعرفت الريح التي عقبها المطر فلما أصبحتُ اليومَ وهبَّت الريحُ عرفت من رائحتها قرب هطول المطر فصنعت ما صنعت... الخ
الشيخ عباس القمي، «منتهى الآمال»، كتابفروشي اسلاميه، ج2/ص378..
4 جاء في كتاب «أصول الكافي» (باب الإشارة والنص على الحسن بن علي -عليهما السلام-) وفي كتاب «نهج البلاغة» وفي كتاب «إثبات الوصية» للمسعودي (ص153) باختلاف يسير في اللفظ أنه
لما ضرب ابن ملجم -لعنه الله- أمير المؤمنين (ع) وحُمل إلى منزله «فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال: كُلُّ امْرِئٍ مُلَاقٍ مَا يَفِرُّ مِنْهُ فِي فِرَارِهِ. الأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ وَالهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ. كَمْ أَطْرَدْتُ الأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الأَمْرِ فَأَبَى اللهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ هَيْهَاتَ عِلْمٌ مكنونٌ مَخْزُون» انظر نهج البلاغة، الخطبة رقم 149.
إن هذه الجمل التي نطق بها حضـرة الإمام في آخر ساعات عمره الشريف أفضل دليل على أنه لم يكن مطلعاً على أمر وكيفية
مقتله،رغم أنه كان مشتاقاً إلى الشهادة كل الشوق. كما أن هذه الجمل حجر قوي في فم الغلاة الذين يدعون علم الإمام بالغيب، حتى أنهم ادعوا أن الإمام قام بإيقاظ قاتله في المسجد كي يقوم بجريمته!!.
5- روى «محمد بن إدريس العجلي الحلي» في كتابه القيم «السـرائر» (ص486)، في قسم المستطرفات منه، نقلاً عن كتاب «محمد بن علي بن محبوب» أنه روى عن عباس عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل قال:
«ذكرتُ لأبي عبد الله - عليه السلام - السهوَ فقال: وَينفلتُ من ذلك أحدٌ؟! ربما أقعدتُ الخادمَ خَلفي يحفظ علىَّ صلاتي. إياكم وَالغلو فينا!...» المجلسي، بحار الأنوار ج 10/ ص 92، من الطبعة الجديدة
من البديهي أن الإمام الذي لا يحفظ أحياناً أفعال صلاته إلا بمعونة شخص آخر لا يمكن أن يكون مطلعاً على الغيب الذي وصفه الله بقوله: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ﴾ [سبأ/3]!
وكل من يعتقد بمثل ذلك إما مجنون يجب أن يعالج في مستشفى المجانين أو مشرك سيلقى جزاء المشركين.
6- وروى الكشي أيضاً بسند صحيح عَنِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: «قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ! قَالَ: وَمَا يَقُولُونَ؟؟ قُلْتُ: يَقُولُونَ يَعْلَمُ قَطْرَ المَطَرِ وَعَدَدَ النُّجُومِ وَوَرَقَ الشَّجَرِ وَوَزْنَ مَا فِي البَحْرِ وَعَدَدَ التُّرَابِ؟
فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ!
فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ! سُبْحَانَ اللهِ! لا وَاللهِ مَا يَعْلَمُ هَذَا إِلا اللهُ رجال الكشي، ص 299. والمجلسي، بحار الأنوار، ج 25/ ص 294
وأقول: رغم أن معرفة تلك الأمور لا تجعل الشخص عالماً بالغيب علماً مساوياً لعلم الله ﴿عَالِمِ الغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ [سبأ/3]، ولا مدبراً للكون والمكان، فإن الإمام - عَلَيْهِ السَّلامُ - نفى ذلك عن نفسه بوضوح وحصر هذا العلم بالله.
7- روى الشيخ الطوسي في كتابه «تهذيب الأحكام» (طبع النجف، ج3/ص40) الحديث رقم 140، والمجلسي في المجلد 18 من «بحار الأنوار» (طبع كمباني ص625)
فقال: «عَلِيُّ بْنُ الحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع)
قَالَ: صَلَّى عَلِيٌّ (ع) بِالنَّاسِ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ وَكَانَتِ الظُّهْرَ فَخَرَجَ مُنَادِيهِ أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (ع) صَلَّى عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ فَأَعِيدُوا وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ».
وأقول: هل هناك أحمق يصدق أن الإمام علياً - عَلَيْهِ السَّلامُ - الذي كانت صلاة الظهر في نظره أعز الأعمال والعبادات ورغم ذلك لم يدْر أنه صلاها دون طهارة،
والسؤال
أين العصمه ياكذابيين
وأين علم الغيب وأسرار السموات والأرضين على نحوٍ: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ﴾ [سبأ/3]؟!
فلعن الله الغلاة الذين افتروا تلك الأوهام وأضلوا الناس.
8- جاء في كثير من الأحاديث أن الراسخين في العلم هم الأئمة الأطهار، من ذلك ما جاء في «أصول الكافي» في باب عنوانه: «بَابُ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ هُمُ الأَئِمَّةُ -عَليهِمُ السَّلام-». وقد جاءت هذه الأحاديث أيضاً في تفسير علي بن إبراهيم القمي، وتفسير البرهان.
هذا رغم أن هذه الصفة (الرسوخ في العلم) تشمل كل شخص عالم راسخ في علمه، كما وصف الله تعالى علماء اليهود والنصارى بهذه الصفة حين قال عنهم:
﴿لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقيمينَ الصَّلاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتيهِمْ أَجْراً عَظيماً ﴾ [النساء/162].
ولكن لما روت كتب حديث الشيعة خاصة كتاب «أصول الكافي» عن حضرة الصادق - عَلَيْهِ السَّلامُ - أنه قال: «الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ -عَليهِمُ السَّلام-»( الكُلَيْنِيّ، «الكافي»، ج 1/ ص 214.).
فنحن أيضاً نستفيد مما تفضل به أمير المؤمنين - عَلَيْهِ السَّلامُ - في صفة الراسخين بالعلم وبيانه أنهم لا يعلمون الغيب حيث
قال:
«وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ المَضْرُوبَةِ دُونَ الغُيُوبِ الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الغَيْبِ المَحْجُوبِ فَمَدَحَ اللهُ تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً وَسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ البَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً...» [نهج البلاغة، الخطبة 91].
ومراد الإمام هنا من عدم العلم بالغيب نفي العلم بتأويل متشابهات القرآن الذي بيَّنه اللهُ تعالى بقوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ﴾ [آل عمران/7].
إذن الأئمة -عَليهِمُ السَّلام- الذين هم الراسخون في العلم لم يكونوا، حسب بيان أمير المؤمنين - عَلَيْهِ السَّلامُ -، يعلمون تأويل متشابهات القرآن، وقد مدحهم الله تعالى بإقرارهم بجهلهم بهذا الأمر
فما بالك بادعاء علمهم بجمع حوادث عالم الإمكان!
ولا أدري ماذا يقول هؤلاء المجانين بشأن هذا البيان الواضح؟
.
ونكتفي بما ذكرناه حتي لا نطيل
ايها الشيعي لقد وضح المقال ان استفادوا ولكن ان ترك العناد
طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوي ليس لدينا اليه سبيل
نسالك اللهم العفو والعافيه
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات [/center]القربات