كانت لعائشة مواقف متباينة تجاه معاوية، وربما كان هذا الأمر يخضع للظروف السياسية التي كانت سائدة بحيث يتغير موقفها في الأشخاص تبعاً لتغير الظرف السياسي، كما هو الشأن في عثمان عندما اشتهر عنها مناهضته والقول بتكفيره، وانه أبلى سنة رسول الله(ص)، ثم قامت بعد ذلك تدعو للمطالبة بدمه والثأر من قاتليه، وذلك بعد أن علمت ان الذي اختاره المسلمون خليفة بعده هو الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام)..
وهذا الأمر حصل مع معاويه أيضاً ، فهي كانت في بادئ أمرها أو في أوائل عهد معاوية كانت تتعاون معه للمصلحة المشتركة بينها وبينه في مناهضة علي (ع)، ولقرب عهدها بمعركة الجمل وآثارها، أما بعد مقتل حجر بن عدي فقد بدأت سياستها تتغير شيئاً فشيئاً، فقد جاء عنها أنها قالت لمعاوية بعد قتلها حجراً: ((قتلت حجراً وأصحابه، أن والله لقد بلغني أنه سيقتل بعذراء سبعة رجال يغضب الله لهم وأهل السماء)) (انظر الجامع الصغير 2: 61. البداية والنهاية 6: 253). وهي كانت تقول في حجر: ((أما والله إن كان ما علمت لمسلماً حجّاجاً معتمراً)) (تاريخ الطبري 4: 208).
ولعل هذا الذي حصل منها متأخراً اتجاه معاوية هو لاطلاعها على الحقائق التي أدركت منها اساءة الامويين واستهتارهم بالدين، الأمر الذي جعلها تغير موقفها بعد انتفاء المصلحة المشتركة بينهما، وانتهاءها بمقتل أمير المؤمنين(ع) وذهاب الحكم عنه وعن ابناءه.