قال العاصمي الشافعي : قال في ( الإشاعة لأشراط الساعة ) , في الباب الأوّل ، وهو في الأمارات البعيدة التي ظهرت وانقضت ، وهي كثيرة , إلى أن قال : ومنها ملك بني اُميّة يزيد ومَن بعده ، المشتمل على الفتن العظام كقطع الليل المظلم(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (آفة هذا الدين بنو اُميّة (
روى نعيم بن حماد المروزي قال : حدّثنا محمّد بن فضيل ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة الأنماري قال : سمعت عبد الله بن مسعود (رض) يقول : إنّ لكل شيء آفة تفسده ، وآفة هذا الدين بنو اُمية(2) .
أقول : ورجاله ثقات(3) .
(1) سمط النجوم العوالي 3 / 209 .
(*) إنّ سياق الحديث يدلّ على أنّ القول هو لعبد الله بن مسعود وليس لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) , اللّهمَّ إلاّ أن يقال : إنّ هناك عبارةً ما قد سقطت من أصل السند المتّصل برسول الله (صلّى الله عليه وآله) . (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
(2) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 72 ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 41 / 87 ، فيض القدير شرح الجامع الصغير ـ المناوي 5 / 362 ، العلل ـ أحمد بن حنبل 3 / 455 , لكنه كنّى فقال : (بنو فلان) بدل (بنو اُمية)
(3) الأوَّل : عبد الله بن مسعود , وهو من الصحابة , وحاله أشهر من أن يُعرف .
الثاني : علي بن علقمة , وذكره ابن حبان في الثقات 5 / 163 ، وفي الكامل ـ لعبد الله بن عدي 5 / 204 قال الشيخ (ابن عدي) : ولا أرى بحديث علي بن علقمة بأساً في مقدار ما يرويه ، وليس له عن علي غير ما ذكرت إلاّ الشيء اليسير .
الثالث : سالم أبي الجعد , وثّقه العجلي , قال في معرفة الثقات 1 / 382 : سالم بن أبي الجعد الغطفاني , كوفي تابعي ثقة . قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 5 / 108 : سالم بن أبي الجعد الأشجعي الغطفاني , مولاهم الكوفي الفقيه , أحد الثقات . وقال فيه الذهبي أيضاً في الكاشف في مَن له رواية في كتب الستة 1 / 422 قال : سالم بن أبي الجعد الاشجعي , مولاهم الكوفي , عن عمر وعائشة , وهو مرسل , وعن ابن عمر وابن عباس , وعنه منصور والأعمش , توفي سنة مئة . ثقة .
الرابع : سليمان بن مهران الأعمش , وهو من الثقات , وهو أشهر من أن يُعرف . قال فيه الذهبي في تذكرة الحفاظ 1 / 154 : الأعمش الحافظ الثقة , شيخ الإسلام أبو محمّد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي , مولاهم الكوفي , أصله من بلاد الري . . . .إلخ .
الخامس : محمّد بن الفضيل , قال فيه العجلي في معرفة الثقات 2 / 250 : محمّد بن فضيل بن غزوان الضبي , كوفي ثقة , وكان يتشيع . وذكر أبو حاتم في الجرح والتعديل ـ الرازي 8 / 57 : حدّثنا عبد الرحمن , أنا حرب بن إسماعيل فيما كتب إليَّ , قال : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : محمّد بن فضيل ؟ قال كان يتشيع , وكان حسن الحديث .
وقال أبو حاتم أيضاً : نا عبد الرحمن , أنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إلي , نا عثمان بن سعيد [ الدارمي1 ] قال : سألت يحيى بن معين عن محمّد بن فضيل فقال : ثقة . . . نا عبد الرحمن قال : سألت أبي عن محمّد بن فضيل فقال : شيخ . نا عبد الرحمن قال : سمعت أبا زرعة يقول : محمّد بن فضيل صدوق من أهل العلم .
السادس : نعيم بن حماد من الثقات والحفّاظ , ذمّه البعض ؛ لروايته في ذمِّ القياس وذمِّ أبي حنيفة . قال فيه أبو حاتم في الجرح والتعديل ـ الرازي 8 / 463: . . . نا عبد الرحمن قال : سمعت أبي يقول ذلك , وسألته عنه فقال : محله الصدق . قلت له : نعيم بن حماد وعبدة (156 م6) ابن سليمان , أيُّهما أحب إليك ؟ قال : ما أقربهما .
وذكره العجلي في معرفة الثقات 1 / 49 ، وقال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 31 / 314 : أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر الدقاق ، حدّثنا الوليد بن بكر الأندلسي ، حدّثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي ، حدّثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، حدّثني أبي قال : نعيم بن حماد المروزي ثقة . =
قوله (عليه السّلام) : (( آفة هذه الاُمّة بنو اُميّة)
روى نعيم بن حماد المروزي قال : هشام ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : قال لي النزال بن سبرة : ألا اُحدّثك حديثاً سمعته من أبي حسن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ؟ قال : قلت : بلى . قال : سمعته يقول : (( لكلِّ اُمّةٍ آفةٌ ، وآفةُ هذه الاُمّةِ بنو اُميّة (1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( إذا بلغت بنو اُميّة أربعين ... وروى نعيم بن حماد المروزي قال : حدّثنا بقية بن الوليد وعبد القدوس ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن راشد
= وقال ابن عدي في الكامل 7 / 16 : سمعت زكريا بن يحيى البستي يقول : ثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي قال : سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن حماد , فقال : لقد كان من الثقات .
وقال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 31 / 314 : أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر الدقاق ، حدّثنا الوليد بن بكر الأندلسي ، حدّثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي ، حدّثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، حدّثني أبي قال : نعيم بن حماد المروزي ثقة .
وقال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 31 / 314 : أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أنبانا محمّد بن حميد المخرمي ، حدّثنا علي بن الحسين بن حبان قال : وجدت في كتاب أبي بخطِّ يده قال أبو زكريا : حدّثنا نعيم بن حماد , ثقة صدوق رجل صدق , أنا أعرف الناس به ، كان رفيقي بالبصرة , كتب عن روح بن عبادة خمسين ألف حديث .
وقال فيه الذهبي في الكاشف في من له رواية في كتب الستة 2 / 324 : نعيم بن حماد الخزاعي الحافظ , أبو عبد الله المروزي الأعور , عن أبي حمزة السكري , وإبراهيم بن سعد , وعنه البخاري مقروناً , والدارمي وحمزة الكاتب مختلف فيه , امتحن فمات محبوساً بسامراء 229 خ د ت ق .
(1) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 72 .
ابن سعد ، عن أبي ذر (رض) قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : ( إذا بلغت بنو اُميّة أربعين , اتخذوا عباد الله خولاً ، ومال الله نحلاً ، وكتاب الله دغلاً)(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( مِن أشدِّ الناس لنا بغضاً بنو اُميّة (
روى نعيم بن حماد المروزي , والمتقى الهندي ـ واللفظ للأوّل ـ قال : حدّثنا الوليد بن مسلم ، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع قال : قال أبو سعيد الخدري (رض) : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ أهل بيتي سيلقون من اُمّتي بعدي قتلاً شديداً ، وإنّ أشدَّ قومنا لنا بغضاً بنو اُميّة , وبنو المغيرة من بني مخزوم ))(2) .
ورواه الحاكم قال : أخبرني محمّد بن المؤمل بن الحسن ، حدّثنا الفضل بن محمّد ، ثنا نعيم بن حماد ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع ، عن أبي نضرة قال : قال أبو سعيد الخدري (رض) : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من اُمّتي قتلاً وتشريداً ، وإنّ أشدَّ قومنا لنا بغضاً بنو اُميّة ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم )) . هذا حديث صحيح الإسناد , ولم يخرجاه(3) .
(1) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 72 ، تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر 57 / 253 ( نحلاً ) بدل ( دخلاً ) ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 165 ( نحلاً ) بدل ( دخلاً .
(2) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 73 ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 169 وفيه : ( بنو مخزوم ) بدل ( من بني مخزوم ) .
(3) المستدرك ـ الحاكم النيسابوري 4 / 487 ، سبل الهدى والرشاد ـ الصالحي الشامي 10 / 152 ، ينابيع المودّة لذوي القربى ـ القندوزي 2 / 469 .
... من أبغض الناس لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنو اُميّة
روى نعيم بن حماد المروزي , والطبراني , والمتّقي الهندي ـ واللفظ للأوّل ـ قال : حدّثنا محمّد بن جعفر ، عن شعبة ، عن محمّد بن أبي يعقوب الضبي قال : سمعت أبا نصر الهلالي يحدّث عن بجالة بن عبد أو عبد بن بجالة , قال : قلت لعمر : إنّ ابن حصين حدّثني عن أبغض الناس إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) , فقال : تكتم عليَّ حتّى أموت ؟ قال : قلتُ : نعم . قال : بنو اُميّة , وثقيف , وبنو حنيفة(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( ويل لبني اُميّة ! )
روى الضحاك , وابن حجر , والمتّقي الهندي ـ واللفظ للأوّل ـ قال : حدّثنا محمّد بن مسكين ، نا عبد الله بن محمّد بن جابر ، حدّثني أبي ، عن عبد الله بن بدر ، عن أُمِّ سالم , قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمّد ـ وهي جدّة عبد الله بن بدر , أُمّ اُمّه ـ عن أبي سالم ـ وهو جدّ عبد الله بن بدر : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( ويل لبني اُميّة ! )) ثلاث مرات . قال أبو عبد الرحمن وأبو سالم حمران بن جابر : وهو أحد الوفد(2) .
(*) رفعنا من العنوان عبارة ( قوله (صلّى الله عليه وآله) ) ؛ وذلك لأنّها لا تنسجم وأصل العنوان , وكذلك أنّ القول الذي ذُكر هو قول عمر وليس قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . (موقع معهد الإمامين الحسَنَين)
(1) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 74 ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 274 ، المعجم الكبير ـ الطبراني 81 / 229 : حدّثنا معاذ بن المثنى ، ثنا يحيى بن معين ، ثنا محمّد بن جعفر ، ثنا شعبة عن محمّد بن عبد الله بن أبي يعقوب قال : سمعت أبا نصر الهلالي يحدّث عن بجالة بن عبدة أو عبدة بن بجالة , قال : قلت لعمران بن حصين : أخبرني بأبغض الناس إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . قال : اكتم عليَّ حتّى أموت . قلت : نعم . قال : كان أبغض الناس إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بني حنيفة , وبني اُميّة , وثقيف .
(2) الآحاد والمثاني ـ الضحاك 3 / 300 ، الإصابة ـ ابن حجر 2 / 104 ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 165 : ويل لبني اُميّة ثلاث مرات . ( ابن منده وأبو نعيم , عن حمران بن جابر اليمامي ، ابن قانع , عن سالم الحضرمي ) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( ويل لاُمّتي من الشيعتين (
روى نعيم بن حماد المروزي قال : حدّثنا عبد الله بن مروان ، حدّثنا محمّد بن سوار ، عن عبيد الله بن الوليد ، عن محمّد بن علي قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (ويل لاُمّتي من الشيعتين ؛ شيعة بني اُميّة ، وشيعة بني العباس ، وراية الضلالة ))(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( ليفتقنَّ رجلٌ من ولد أبي سفيان فتقاً ...
روى نعيم بن حماد المروزي قال : حدّثنا بقية بن الوليد ، عن الوليد بن محمّد بن يزيد ، سمع محمّد بن زيد ، سمع محمّد بن علي يقول : بلغني أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : (( ليفتقنَّ رجلٌ من ولد أبي سفيان في الإسلام فتقاً لا يسدُّه شيء ) (2) .
وقوله (عليه السّلام) : فتنة بني اُميّة فتنة عمياء مظلمة
روى نعيم بن حماد المروزي , والمتّقي الهندي ـ واللفظ للأوّل ـ قال : حدّثنا أبو هارون ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش , سمع عليّاً (عليه السّلام) يقول : ( ألا إنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني اُميّة , ألا إنّها فتنة عمياء مظلمة(3) .
(1) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 118 .
(2) المصدر نفسه / 167 .
(3) المصدر نفسه / 111 ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 364 .
قوله (عليه السّلام) : ( لا يزال بلاء بني اُميّة شديد (
روى نعيم بن حماد المروزي قال : حدّثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن النزال بن سبرة , سمع عليّاً (عليه السّلام) يقول : ) لا يزال بلاء بني اُميّة شديد حتّى يبعث الله العصب مثل قزع الخريف , يأتون من كلِّ , ولا يستأمرون أميراً ولا مأموراً ، فإذا كان ذلك أذهب الله ملك بني اُميّة . )
قوله (عليه السّلام) : (( ... الأفجرين من قريش : بنو اُميّة )
روى المتّقي الهندي قال : (مسند علي) , عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) على منبر الكوفة يقول : (( ألا لعن الله الأفجرين من قريش : بني اُميّة ، وبني مغيرة ؛ أمّا بنو مغيرة فقد أهلكهم الله بالسيف يوم بدر ، وأمّا بنو اُميّة فهيهات هيهات ! أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة , لو كان الملك من وراء الجبال ليثبوا عليه حتّى يصلوا ))(2) .
قوله (عليه السّلام) : (( آية فينا وآية في بني اُميّة ))
روى الحاكم الحسكاني قال : حدّثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ (إملاءً وقراءةً) , حدّثنا أبو الحسين علي بن الحسين الرصافي ببغداد , قال : أخبرني أبو عبد الله العباس بن عبد الله بن
(1) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي / 113 .
(2) كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 363 .
الحسن بن سعيد بن عثمان الخراز ، عن جدّه الحسن بن سعيد , حدّثنا حصين بن مخارق ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق , عن ربيعة بن ناجذ ، عن علي (عليه السّلام) قال : (( سورة محمّد آية فينا ، وآية في بني اُميّة ))(1) .
روى الحاكم الحسكاني قال : حدثونا عن أبي العباس بن عقدة (قال
حدّثنا جعفر بن محمّد بن سعيد ، حدّثنا مخول ، حدّثنا أبو مريم . وحدثني كثير قال : حدّثني عبد الله بن حزن قال : سمعت الحسين بن علي بمكّة , (و) ذكر : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن ربِّهِمْ )(2) , (ثمّ) قال ): نزلت فينا وفي بني اُميّة (3) . (
روى الحاكم الحسكاني قال : أخبرنا أبو سعد المعاذي ، أخبرنا أبو الحسين الكهيلي ، حدّثنا أبو جعفر الحضرمي ، حدّثنا محمّد بن مرزوق ، حدّثنا حسين الأشقر ، عن عمرو بن عبد الغفار وعلي بن هاشم ، عن فطر ، عن جعفر بن الحسين الهاشمي قال : في هذه السورة ( يعني سورة محمّد ) آية فينا وآية في بني اُميّة . و (ورد) عن أبي جعفر الباقر (عليه السّلام) مثله ، أخرجه السبيعي . وقال الحسن بن الحسن : إذا أردت أن تعرفنا وبني اُميّة فأقرأ (الذين كفروا) آية فينا وآية فيهم إلى
(1) شواهد التنزيل ـ الحاكم الحسكاني 2 / 240 ، الدر المنثور ـ جلال الدين السيوطي 6 / 46 قال : وأخرج ابن مردويه عن علي (عليه السّلام) قال : (( سورة محمّد آية فينا وآية في بني اُميّة )) .
(2) سورة محمّد / 1 ـ 2 .
(3) شواهد التنزيل ـ الحاكم الحسكاني 2 / 241 .
آخر السورة(1) .
بنو اُمية الشجرة الملعونة
قال أبن أبي الحديد المعتزلي : وقد جاء في الأخبار الشائعة المستفيضة في كتب المحدّثين أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخبر أنّ بني اُميّة تملك الخلافة بعده ، مع ذمّ منه عليه والسّلام لهم ، نحو ما روى عنه في تفسير قوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ )(2) ؛ فإنّ المفسّرين قالوا : إنه رأى بني اُميّة ينزون على منبره نزو القردة ـ هذا لفظ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي فسر لهم الآية به ـ فساءه ذلك , ثمَّ قال : (( الشجرة الملعونة بنو اُميّة , وبنو المغيرة . ونحو قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً , اتخذوا مال الله دولاً , وعباده خولاً )) . ونحو قوله (صلّى الله عليه وآله) في تفسير قوله تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ )(3) قال : (( ألف شهر يملك فيها بنو اُميّة)4) . ) . قال ابن أبي الحديد المعتزلي : وقال (عمر) : أتسمع يابن عباس ؟ أما والله لقد سمعت من رسول الله ما يشابه هذا ؛ سمعته يقول : (( ليصعدنَّ بنو اُميّة على منبري ، ولقد أريتهم في منامي ينزون عليه نزو القردة )) , وفيهم اُنزل ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ
(1) شواهد التنزيل ـ الحاكم الحسكاني 2 / 241 .
(2) سورة الإسراء / 60 .
(3) سورة القدر / 3 .
(4) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 9 / 219 .
وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ )(1) .
روى الطبري عن المعتضد العباسي أنّه قال فيما قال في بني اُميّة : وأنزل به كتاباً قوله : ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً )(2) , ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني اُميّة(3) .
وقال الفخر الرازي : قال سعيد بن المسيب : رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بني اُميّة ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك . وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء(4) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ الله يبغض بني اُميّة ويحب بني عبد المطلب)
قال ابن أبي الحديد المعتزلي : ونحو قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ ربَّكم يحبُّ ويبغض كما يحبُّ أحدكم ويبغض , وأنّه يبغض بني اُميّة ويحبُّ بني عبد المطلب ))(5) .
قول عمر : ليعورنّ بنو اُميّة الإسلام ...
قال ابن أبي الحديد المعتزلي :
(1) سورة الإسراء / 60 , شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 12 / 81 .
(2) سورة الإسراء / 60
(3) تاريخ الطبري 5 / 619 ، وقد ذكر فضائح بني اُميّة بالتفصيل ، وقد نقلته في الهامش على عنوان فضائح بني اُميّة على لسان المعتضد العباسي .
(4) التفسير الكبير ـ الرازي 20 / 236 نقلاً عن تهذيب المقال ـ السيد محمّد علي الأبطحي 3 / 157 .
(5) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 9 / 220 .
وقد روى الزّبير بن بكار عن المغيرة بن شعبة قال : قال لي عمر يوماً : يا مغيرة , هل أبصرت بهذه عينك العوراء منذ اُصيبت ؟ قلت : لا . قال : أما والله ليعورنَّ بنو اُميّة الإسلام كما أعورت عينك هذه ، ثم ليعمينَّه حتّى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء …(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( هلاك اُمّتي على يدي غلمة ... )) . وفي شرحه ما يبيّن خبث بني اُميّة
روى البخاري وغيره ـ واللفظ للأوّل ـ قال : قال محمود : حدّثنا أبو داود ، أخبرنا شعبة عن أبي التياح , سمعت أبا زرعة ، حدّثنا أحمد بن محمّد المكي ، حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الاُموي ، عن جده قال : كنت مع مروان وأبي هريرة , فسمعت أبا هريرة يقول : سمعت الصادق المصدوق يقول : (( هلاك اُمّتي على يدي غلمة من قريش )) . فقال مروان : غلمة ؟ قال أبو هريرة : إن شئت أن أُسمّيهم بني فلان وبني فلان(2) .
قال المناوي في شرحه : (هلاك اُمّتي) : الموجودون إذ ذاك أو من قاربهم , لا كلّ الاُمّة إلى يوم القيامة . (على يدَي) : بالتثنية ، وروي بلفظ الجمع . (غِلمة) : كفتية , جمع غلام ، وهو الطار
(1) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 21 / 82 .
(2) صحيح البخاري ـ رقم الحديث 3410 ج 4 / 178 , وفي ط 5 / 1319 : باب علامات النبوة في الإسلام , وفي 8 / 88 من كتاب الفرائض ، فتح الباري ـ ابن حجر 11 / 417 و 13 / 7 , وذكره بأكثر من طريق وأعتمد أحدها ، مسند ابن راهويه ـ إسحاق بن راهويه 1 / 358 ، صحيح ابن حبان ـ ابن حبان 15 / 107 ، المعجم الصغير ـ الطبراني 1 / 200 ، الجامع الصغير ـ جلال الدين السيوطي 2 / 712 ، كنز العمال ـ المتّقي الهندي 11 / 128 ، الكامل ـ عبد الله بن عدي 2 / 209 ، تهذيب الكمال ـ المزي 51 / 137 ، كتاب الفتن ـ نعيم بن حمّاد المروزي / 250 ، سبل الهدى والرشاد ـ الصالحي الشامي 10 / 155 .
الشارب , أي صبيان ، وفي رواية : اُغيلمة تصغير أغلمة قياساً ، ولم يجز ولم يستعمل , كذا ذكره الزمخشري قال : والغلام هو الصغير إلى حدِّ الالتحاء , فإن قيل له بعد الالتحاء : غلام , فهو مجاز اهـ . وهذا محتمل لتحقير شأن الحاصل منه هذا الهلاك ؛ من حيث إنّه حدث ناقص العقل , ويحتمل التعظيم باعتبار الحاصل منهم من الهلاك . وكيفما كان ليس المراد هنا الحقيقة اللغوية ؛ فإن الغلام فيها ذكر غير بالغ ، ووروده للبالغ على لسان الشارع غير عزيز كما في خبر الإسراء وغيره . (من قريش) : قال جمع منهم القرطبي : منهم يزيد بن معاوية وأضرابه من أحداث ملوك بني اُميّة ؛ فقد كان منهم ما كان من قتل أهل البيت (عليهم السّلام) وخيار المهاجرين والأنصار بمكّة والمدينة , وسبي أهل البيت (عليهم السلام.
قال القرطبي : وغير خاف ما صدر عن بني اُميّة وحجاجهم من سفك الدماء , وإتلاف الأموال , وإهلاك الناس بالحجاز والعراق وغيرهما . قال : وبالجملة , فبنو اُمية قابلوا وصية المصطفى (صلّى الله عليه وآله) في أهل بيته واُمّته بالمخالفة والعقوق ؛ فسفكوا دماءهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا صغارهم ، وخربوا ديارهم ، وجحدوا شرفهم وفضلهم ، واستباحوا نسلهم وسبيهم وسبهم ؛ فخالفوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في وصيته ، وقابلوه بنقيض قصده واُمنيته , فيا خجلهم إذا التقوا بين يديه ! ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه ! وهذا الخبر من المعجزات .
وقال ابن حجر , وتبعه القسطلاني : وفي كلام ابن بطال إشارة إلى أنّ أوَّل الاُغيلمة يزيد , كان في سنة ستين , قال : وهو كذلك ؛ فإنّ يزيد بن معاوية استخلف فيها وبقي إلى سنة أربع وستين فمات ، ثمَّ ولي ولده معاوية ومات بعد أشهر . قال الطيبي : رآهم المصطفى (صلّى الله عليه وآله) في منامه يلعبون على منبره , والمراد بالاُمّة هنا مَن كان في زمن ولايتهم .
(تتمة) : من أمثالهم : الباروخ على اليافوخ أهون من ولاية بعض الفروخ (حم خ) في الفتن
وغيرها . (عن أبي هريرة) قال : سمعت الصادق المصدوق يقول , فذكره كان ذلك بحضرة مروان بن الحكم , فقال : لعنة الله عليهم غلمة ، فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول : بني فلان وفلان لفعلت . وقد ورد في عدة أخبار لعن الحكم والد مروان وما ولد(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( أوَّل مَن يبدّل سنّتي رجلٌ من بني اُميّة ))
روى عبد الله بن عدي قال : أنا أبو العلاء الكوفي ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا هوذة بن خليفة ، عن أبي خلدة ، عن أبي العالية ، عن أبي ذر , سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( إنّ أوَّل مَن يُبدّل سنّتي رجل من بني اُميّة )) . وفي بعض الأخبار مفسراً , زاد : (( يُقال له : يزيد ))(2) .
وقال ابن كثير : قال البيهقي : ويشبه أن يكون هذا الرجل هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، والله أعلم(3) .
أقول : ورجال ما رواه ابن عدي ثقات(4) .
(1) فيض القدير شرح الجامع الصغير ـ المناوي 6 / 459 .
(2) الكامل ـ عبد الله بن عدي 3 / 164 .
(3) البداية والنهاية ـ ابن كثير ـ 6 / 256 .
(4) الأوَّل ابن عدي , وفيه قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 16 / 153 : ابن عدي هو الإمام الحافظ الناقد الجوال ، أبو أحمد ، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمّد بن مبارك بن القطان الجرجاني ، صاحب كتاب ( الكامل ) في الجرح والتعديل ، وهو خمسة أسفار كبار . مولده في سنة سبع وسبعين ومئتين ، وأول سماعه كان في سنة تسعين ، وارتحاله في سنة سبع وتسعين .
وقال أيضاً : قال حمزة السهمي : كان ابن عدي حافظاً متقناً لم يكن في زمانه أحد مثله . وقال أيضاً : وقال أبو يعلى الخليلي : كان أبو أحمد عديم النظير حفظاً وجلالة ، سألت عبد الله بن محمّد الحافظ ، فقال : زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي بن قانع .
وقال أيضاً : قال الخليلي : وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول : لم أر أحداً مثل أبي أحمد بن عدي , فكيف فوقه في الحفظ ؟
وكان أحمد هذا لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم ، وقال لي : كان حفظ هؤلاء تكلّفاً ، وحفظ ابن عدي طبعاً , زاد ( معجمه ) على ألف شيخ . وقال أبو الوليد الباجي : ابن عدي حافظ لا بأس به .
وفي مقدمة كتابه الكامل 1 / 15 : وقال ابن ناصر الدين : هو إمام حافظ كبير ثقة مأمون ، له كتاب في الجرح والتعديل سمّاه : الكامل ، وهو كتاب جليل حافل .
الثاني أبو العلاء , قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 14 / 138 : (الوكيعي) الإمام المعمر الثقة ، أبو العلاء ، محمّد بن أحمد بن جعفر بن أبي جميلة الذهلي الوكيعي الكوفي ، نزيل مصر . ولد سنة أربع ومئتين ، وسمع عاصم بن علي ، ومحمد بن الصباح الدولابي ، وأحمد بن حنبل ، وعلي بن الجعد ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن صالح ، وعدّة .
وكان من أئمة الحديث , روى عنه ابن عدي ، وحمزة الكناني ، والطبراني ، والحسن الأسيوطي ، وابن حيويه النيسابوري ، وابن يونس ، والحسن بن رشيق ، وأبو إسحاق بن شعبان المالكي ، وعدّة .
قال ابن يونس : كان ثقة ثبتاً , توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاثمئة .
الثالث : أبو بكر , قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 11 / 122 : ابن أبي شيبة عبد الله بن محمّد بن القاضي , أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواستى , الإمام العلم ، سيد الحفّاظ ، وصاحب الكتب الكبار ( المسند ) و ( المصنف ) و ( التفسير ) , أبو بكر العبسي مولاهم الكوفي . أخو الحافظ عثمان بن أبي شيبة ، والقاسم بن أبي شيبة الضعيف ؛ فالحافظ إبراهيم بن أبي بكر هو ولده ، والحافظ أبو جعفر محمّد بن عثمان هو ابن أخيه ، فهم بيت علم , وأبو بكر أجلّهم . وهو من أقران أحمد بن حنبل . . . إلى أن قال : . قال يحيى بن عبد الحميد الحماني : أولاد ابن أبي شيبة من أهل العلم ، كانوا يزاحموننا عند كلّ محدث . وقال أحمد بن حنبل : أبو بكر صدوق ، هو أحب إليّ من أخيه عثمان .
وقال أحمد بن عبد الله العجلي : كان أبو بكر ثقة ، حافظاً للحديث .
وقال عمرو بن علي الفلاس : ما رأيت أحداً أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة ؛ قدم علينا مع عليِّ بن المديني ، فسرد للشيباني أربعمئة حديث حفظاً , وقام .
وقال الإمام أبو عبيد : انتهى الحديث إلى أربعة : فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه ، ويحيى بن معين أجمعهم له ، وعلي بن المديني أعلمهم به . . . إلخ .
الرابع : هودة بن خليفة , قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 10 / 121 : هوذة بن خليفة , الإمام المحدّث ، مسند بغداد ، أبو الأشهب هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع الثقفي البكراوي البصري الأصم ، نزيل بغداد .
ولد سنة نيف وعشرين ومئة , وحدّث عن سليمان التيمي ، وأشعث بن عبد الملك الحمراني ، وعوف الأعرابي ، وابن عون ، ويونس بن عبيد ، وهشام بن حسان ، وأبي حنيفة ، وابن جريج ، والحسن بن عمارة ، وطائفة . وكان صاحب حديث ومعرفة ، إلاّ أنّ أكثر كتبه عُدمت ، فحدّث بما بقي له .
حدّث عنه أحمد بن حنبل ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعباس الدوري ، ومحمد بن سعد ، ومحمد بن عبد الله المخرمي ، ويعقوب الدورقي ، وأبو زرعة الدمشقي لا الرازي ، وأبو حاتم ، وإبراهيم الخزّاز المقرئ ، وبشر بن موسى ، والحارث ابن أبي اُسامة ، وولده عبد الملك بن هوذة ، ومحمد بن شاذان الجوهري ، ومحمد بن العباس المؤدب ، وخلق سواهم . . . ( وذكر الأقوال فيه , ثم قال : ) قلت : الصحيح موته سنة ست عشرة ، قاله جماعة . يقع حديثه عاليا في ( القطيعيات ) وغير ذلك . . . إلخ .
الخامس : أبو خلدة , وهو خالد بن دينار , قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 3 / 400 : أبو خلدة ثقة . وقال فيه أبن حجر في تهذيب التهذيب 3 / 77 : قال إسحاق بن منصور , عن يحيى بن معين : صالح . وقال عثمان بن سعيد ، عن يحيى : ثقة . وقال عمرو بن علي ، عن يزيد بن زريع ، ثنا أبو خلدة , وكان ثقة . وقال أيضاً : حدّثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال : حدّثنا أبو خلدة , فقال له رجل : كان ثقة ؟ فقال : كان مأموناًَ , خيارا الثقة شعبة وسفيان .
وقال النسائي : ثقة . وقال أبو زرعة : أبو خلدة أحب إليَّ من الربيع بن أنس .
قلت : وقال ابن سعد : كان ثقة , وله سنٌّ وقد لقي . وقال العجلي والدار قطني : ثقة . وقال الترمذي : ثقة عند أهل الحديث .
وفي تاريخ البخاري , قال ابن مهدي : كان خياراً مسلماً صدوقاً . وقال ابن حبان في الثقات : كان ابن مهدي يحسن الثناء عليه . وقال ابن عبد البر في الكنى : هو ثقة عند جميعهم ، وكلام ابن مهدي لا معنى له في اختيار الألفاظ . وقال ابن قانع : مات في سنة (152) .
السادس : أبو العالية , قال فيه الذهبي في ميزان الاعتدال 4 / 543 : أبو العالية الرياحي رفيع , من جلّة التابعين وثقاتهم . قال ابن عدي : تُكلّم فيه من أجل حديث الضحك في الصلاة .
وقال أيضا في ميزان الاعتدال 2 / 54 : [ صح ] رفيع أبو العالية [ ع ] الرياحي , له ترجمة في كامل ابن عدي ، وهو ثقة ؛ فأمّا قول الشافعي (رحمه الله) : حديث أبي العالية الرياحي رياح , فإنّما أراد به حديثه الذي أرسله في القهقهة فقط . ومذهب الشافعي أنّ المراسيل ليست بحجة ، فأمّا إذا أسند أبو العالية فحجة .
أقول : وأمّا قول ابن كثير في البداية والنهاية 6 / 256 ، وابن معين في تاريخ ابن معين ـ الدوري 2 / 96 بأنّ حديث أبي العالية عن أبي ذر منقطع , يدفعه ما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 4 / 209 من ذكره هذه الرواية التي ذكراها ولم يتعرّض لسندها .
وذكر الذهبي أيضاً أنّ أبا العالية روى عن أبي بكر وعمر , وأبو ذر توفّي في حكومة عثمان أو بعدها , أي في سنة 32 هجري , وعمر أبي العالية على أقل تقدير أربع سنين عند وفاة الرسول الأعظم محمّد (صلّى الله عليه وآله) التي كانت في السنة الحادية عشر بعد الهجرة , فعمره عند وفاة أبي ذر ما يقارب 25 سنة .
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 4 / 207 : أبو العالية (عليه السّلام) رفيع بن مهران ، الإمام المقرئ الحافظ المفسّر ، أبو العالية الرياحي البصري ، أحد الأعلام . كان مولى لامرأة من بني رياح بن يربوع ، ثمَّ من بني تميم . أدرك زمان النبيِّ (صلّى الله عليه وآله) وهو شاب ، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق ، ودخل عليه . وسمع من عمر ، وعلي ، واُبي ، وأبي ذر ، وابن مسعود ، وعائشة ، وأبي موسى ، وأبي أيوب ، وابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وعدّة . وحفظ القرآن وقرأه على اُبي بن كعب ، وتصدّر لإفادة العلم ، وبعُد صيته . قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء فيما قيل ، وما ذاك ببعيد ؛ فإنه تميمي وكان معه ببلده , وأدرك من حياة أبي العالية نيفاً وعشرين سنة . قال أبو عمرو الداني : أخذ أبو العالية القراءة عرضاً عن اُبي ، وزيد ، وابن عباس , ويُقال : قرأ على عمر . روى عنه القراءة عرضاً شعيب بن الحبحاب وآخرون . قال قتادة : قال أبو العالية : قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم (صلّى الله عليه وآله) بعشر سنين . وذكر الحافظ الإصبهاني في ذكر أخبار إصبهان 1 / 314 , وفي ط / 369 : باب الراء ـ رفيع بن مهران أبو العالية الرياحي , توفّي سنة تسعين , وقُبض النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وهو ابن أربع سنين , وقرأ القرآن بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) بعشر سنين .
أقول : لم يهدأ لهم بال حتّى أضافوا قصة مصطنعة لهذه الرواية التي ذكرها البيهقي ، حيث زادوا فيها أنّ يزيد بن معاوية يسأل أبا ذر : هل أنا هو ؟ فقال له أبو ذر : لا .
فقد روى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 56 / 250 , والذهبي في سير أعلام النبلاء 1 / 329 , وابن كثير في البداية والنهاية 8 / 253 ـ واللفظ للأوّل ـ قال محمّد بن هارون ، نا محمّد بن بشار ، نا عبد الوهاب ، نا عوف ، ثنا مهاجر أبو مخلد , حدّثني أبو العالية , حدّثني أبو مسلم قال : غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس فغنموا , فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل ، فاغتصبها يزيد ، فأتى الرجل أبا ذر فاستعان به عليه ، فقال له : رد على الرجل جاريته ، فتلكأ عليه ثلاثاً ، فقال : إني فعلت ذاك , لقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( أوَّل مَن يُبدل سنتي رجل من بني اُميّة يقال له: يزيد )
فقال له يزيد بن أبي سفيان : نشدتك بالله أنا منهم ؟ قال : لا . قال : فردّ على الرجل جاريته .
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن منصور بن بكر بن محمّد ، أنا جدي ، أنبأ أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبدوس الحيري (إملاء) , أنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مكرم البزاز ببغداد ، نا أحمد بن محمّد بن نصر ، ثنا سري بن يحيى ، نا سعيد بن عبد الكريم بن سليط أنه سمع عوف بن أبي جميلة يحدّث عن المهاجر , أنه حدّث أبو العالية قال : لمَّا كان زمن يزيد بن أبي سفيان بالشام غزا الناس فغنموا , وكانت في غنائمهم جارية نفيسة ، فصارت لرجل في قسمه ، فأرسل إليه يزيد فانتزعها ، وأبو ذر يومئذ بالشام ، فاستعان الرجل بأبي ذر ، فانطلق معه فقال : ردّ على الرجل جاريته .
فتلكأ يزيد , فقال : أما والله لئن فعلت لقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( إنّ أوَّل مَن يُبدّل سنتي رجل من بني اُميّة )) . ثم ولّى , فلحقه فقال : اُذكّرك الله , أهو أنا ؟ قال : اللّهمَّ لا . فردّ على الرجل جاريته .
أقول : كاد المريب أن يقول خذوني ! حتّى جُعلت هذه الرواية تُبرئ يزيد بن معاوية من بين بني اُميّة خاصة من هذه الروايات التي صرّحت باسمه بالخصوص ، ولكن الصدفة ! أَوَلم يطلع البيهقي على هذه الرواية حتّى حمل أنّ مَن يغيّر سنة الرسول (صلّى الله عليه وآله) هو يزيد بن معاوية ؟!
وعلى كلّ حال , لو صحت الرواية [فإنّها] تُحمل على غير وجهها ؛ وذلك لأنّ الدراية والعلم ينفي ذلك ، فإنّ يزيد بن معاوية هو أوَّل من أطاح علناً وجهاراً بالمعالم الإسلاميّة , واستهزئ بالمقدّسات الدينية , وانتهك المحرّمات التي نهت عنها الشريعة المقدّسة , وهو مع ذلك ـ والعياذ بالله ـ خليفة سول الله (صلّى الله عليه وآله) عند أهل الخلاف من المسلمين , هذا مع علمهم بأنه يشرب الخمور , ويلعب بالحيوانات , ويزني بالاُمّهات والأخوات , وقتَل سبط النبي محمّد صلوات الله عليه وآله , وهتك حرمة نسائه , وطاف بهم البلدان مكشّفات الوجوه بغير غطاء ، وأدخلهم مجالس الفجور والخمور ، وغدر بالمدينة المنورة وأباحها , وقتل الصحابة والتابعين والقرّاء , وانتهك الأعراض حتّى ولدت ألف بكر لا يُعرف لأولادهن أباء ، وأحرق بيت الله الحرام , وضربه بالمنجنيق , وغيرها . . .
ولو سلمت هذه الرواية فتُحمل على غير وجهها , كأن تُحمل على التقية مثلاً ؛ لخوف أبي ذر على نفسه من الهلاك , إذ لا ثمرة تترتب على تصريحه بأنّ المقصود من هذه الرواية هو يزيد إلاّ ما يحتمل فيه هلاكه . ورأيت بعد ذلك ما نقله صاحب الغدير (أعلى الله مقامه الشريف) عن كتاب تطهير الجنان ـ الذي في هامش الصواعق المحرقة ـ تعليقة على هذه الرواية , قال : وأخرج ابن أبي شيبة , وأبو يعلى أنّ يزيد لما كان أبوه أميرَ الشام غزا المسلمون , فحصل لرجل جارية نفيسة , فأخذها منه يزيد , فاستعان الرجل بأبي ذر , فمشى معه إليه وأمره بردّها ثلاث مرات , وهو يتلكّأ , فقال : أما والله لئن فعلتَ فقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( أوَّل مَن يُبدّل سُنّتي لَرجل من بني اُميّة )) . ثم ولى ، فتبعه يزيد فقال : أذكرك بالله , أنا هو ؟ فقال : لا أدري . وردّها يزيد .
قال ابن حجر في تطهير الجنان ـ هامش الصواعق / 145 : لا ينافي هذا الحديث , وقال : مسند , رجاله رجال الصحيح إلاّ أنّ فيه انقطاعاً .
المذكور المصرّح بيزيد ؛ إمّا لأنّه بفرض كلام أبي ذر على حقيقته لكون أبي ذر لم يعلم بذلك المبهم ، فقوله : لا أدري . أي في علمي , وقد بيّن إبهامه في الرواية الاُولى ، والمفسّر يقضي على المبهم ؛ وإمّا لأنّ أبا ذر علم أنه يزيد , ولكنه لم يصرّح له بذلك خشية الفتنة ، لا سيما وأبو ذر كان بينه وبين بني اُميّة اُمور تحملهم على أنّهم ينسبونه إلى التحامل عليهم . الغدير ـ الشيخ الأميني 3 / 257 .
أقول : والمناسب للرواية التي ذكرتها هو الشق الثاني ؛ لأنّ في جواب أبي ذر رضوان الله عليه هنا (لا) بدون (أدري) , ويُحتمل أن يكون النفي عاماً , أي أعم من نفي يزيد أو نفي العلم ؛ فيصحّ أن يقصد به عدم العلم .
قال المناوي في شرحه : ( أوَّلُ من يبدل سنتي ) : أي طريقتي وسيرتي القويمة التي أنا عليها بما أوصلته لكم من الأحكام الاعتقادية والعملية . ( رجل من بني اُميّة ) : بضم الهمزة , زاد الروياني في مسنده وابن عساكر , يقال : يزيد اهـ .
قال البيهقي في كلامه على الحديث : هو يزيد بن معاوية ؛ لخبر أبي يعلى والبيهقي , وأبي نعيم وابن منيع : (( لا يزال أمر اُمّتي قائماً بالقسط حتّى يكون أوَّل مَن يثلمه رجل من بني اُميّة يقال له : يزيد )) . (ع عن أبي ذر) الغفاري(1) .
قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( لا يزال هذا الأمر قائماً حتّى يثلمه ... ))
روى مُحدّث الشام ابن عساكر قال : أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، وأبو بكر وجيه بن طاهر ، وأبو الفتوح عبد الوهاب بن الشاه بن أحمد قالوا : أخبرنا أبو حامد الأزهري ، أخبرنا الحسن بن محمّد المخلدي ، أخبرنا أبو بكر الإسفرايني عبد الله بن محمّد بن مسلم ، حدّثنا محمّد بن غالب الأنطاكي ، حدّثنا محمّد بن سليمان بن أبي داود ، حدّثنا صدقة ، عن هشام بن الغاز ، عن مكحول ، عن أبي ثعلبة الخشني ، عن أبي عبيدة بن الجراح ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : (( لا يزال هذا الأمر قائماً بالقسط حتّى يثلمه رجل من بني اُميّة ))(2) .
(1) فيض القدير شرح الجامع الصغير ـ المناوي 3 / 122 .
(2) تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر 63 / 336 .