تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: ماذا صنع معاوية بالصحابة الكرام؟ الخميس أغسطس 16, 2012 9:06 am | |
| من كلام السيد الحكيم في كتابه(في رحاب العقيدة)ج2:
تعرُّض الصحابة لانتقام معاوية وقد تَعَرَّض كثيرٌ منهم للقتل والتشريد والنقمة والتنكيل مِن معاوية، انتقاماً منهم لِمَوْقفِهم مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ومع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن قبْله، ولمجافاتهم لمعاوية بعده، حتى شرِّد الصحابي الجليل عمرو بن الحمق الخزاعي، ولما قتل أو مات قطعوا رأسه وحملوه إلى معاوية، ووضع رأسه في حجر زوجته التي كانت في سجن معاوية، ففزعت، وقالت: غيبتموه عني طويلاً، ثم أهديتموه إلي قتيلاً... (2).
مقتل حجر بن عدي وأصحابه واستياء المسلمين من ذلك كما قتل الصحابي العظيم حجر بن عدي الكندي وجماعته في مرج عذراء، في حادثة مشهورة، لأنهم أنكروا على زياد عامل معاوية على الكوفة، وامتنعوا بعد ذلك من البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام). وقد كان لمقتلهم ضجة استنكار من المسلمين. فهذه عائشة قد ـــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة 2: 109. (2) أسد الغابة 4: 101 في ترجمة عمرو بن الحمق. البداية والنهاية 8: 48 في أحداث سنة خمسين. تاريخ دمشق 69: 40 في ترجمة آمنة بنت الشريد. -[ 236 ]- أكثرت في ذلك، فقالت مرة لمعاوية لما دخل عليها: "يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه..." (1). وفي رواية أخرى: "أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجراً وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس. أما والله إن كانوا..." (2). وفي كلام آخر لها مع معاوية: "ما حملك على ما صنعت من قتل أهل عذراء حجر وأصحابه..." (3). ولها كلام أيضاً غير هذا (4). ولما بلغ عبد الله بن عمر قتل حجر وهو في السوق أطلق حبوته، وقام وقد غلب عليه النحيب (5). ولما بلغ الربيع بن زياد - عامل معاوية - مقتله قال: "اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك" (6). وقال الحسن البصري: "أربع خصال كنّ في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة، انتزاؤه على هذه الأمة... وقتله حجر. ويلاً له مِن حجر مرتين" (7). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 3: 232 أحداث سنة إحدى وخمسين: في مقتل حجر بن عدي. (2) الاستيعاب 4: 126 في ترجمة حجر بن عدي. (3) البيان والتعريف 2: 72. فيض القدير 4: 126. (4) راجع تاريخ الطبري 3: 232 أحداث سنة إحدى وخمسين: في مقتل حجر بن عدي، وتاريخ دمشق 12: 226، 229، 230 في ترجمة حجر بن عدي. (5) الاستيعاب 1: 330 في ترجمة حجر بن عدي، واللفظ له. تاريخ دمشق 12: 227، 228، 229 في ترجمة حجر بن عدي. البداية والنهاية 8: 55 في أحداث إحدى وخمسين:مقتل حجر بن عدي. (6) الاستيعاب 1: 330 في ترجمة حجر بن عدي، واللفظ له. تهذيب التهذيب ج: 3: 211 في ترجمة الربيع بين زياد. تهذيب الكمال 9: 79 في ترجمة الربيع بن زياد. (7) تاريخ الطبري 3: 232 أحداث سنة إحدى وخمسين: في مقتل حجر بن عدي. الاستيعاب 1: 331 في ترجمة حجر بن عدي. الكامل في التاريخ 3: 337 في أحداث سنة إحدى وخمسين: ذكر مقتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق وأصحابهم. ينابيع المودة 2: 27. شرح نهج البلاغة 2: 262. -[ 237 ]- وهناك كلمات استنكار أخرى صدرت من المسلمين عند مقتله (رضوان الله عليه) (1). ونكتفي بالذي ذكرناه. وفيهم ورد قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "يقتل بعذراء سبعة نفر يغضب الله وأهل السماء من قتلهم..." (2). وقد نكَّل بالكثير مِن الصحابة مِن أجل أنّ هواهم مع أهل البيت (صلوات الله عليهم)، كما لا يخفى على مَن نظر في تاريخ تلك الفترة السوداء. ولما قدم معاوية المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري، وورد في الحديث عن ذلك: "فقال له معاوية: يا أبا قتادة تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار. ما منعكم؟ قال: لم يكن معنا دواب. قال معاوية: فأين النواضح؟ قال أبو قتادة: عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. قال: نعم يا أبا قتادة. قال أبو قتادة: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لنا: إنا نرى بعده أثرة. قال معاوية: فما أمركم عند ذلك؟ قال: أمرنا بالصبر. قال: فاصبروا حتى تلقوه" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 3: 232، 233 أحداث سنة إحدى وخمسين: في مقتل حجر بن عدي. تاريخ دمشق 12: 219،232، 233 في ترجمة حجر بن عدي. البداية والنهاية 8: 54، 55 في أحداث سنة إحدى وخمسين: مقتل حجر بن عدي. (2) أنساب الأشراف 5: 274 في أمر حجر بن عدي الكندي ومقتله، واللفظ له. تاريخ دمشق 12: 226 في ترجمة حجر بن عدي الأدبر. الجامع الصغير 2: 61 حديث:4765. البداية والنهاية 6: 226 ما روي في إخباره عن مقتل حجر بن عدي وأصحابه، 8: 55 في أحداث سنة إحدى وخمسين: مقتل حجر بن عدي. كنز العمال 11: 126 حديث:30887، 13: 587 حديث:37509،: 588 حديث:37510. تاريخ اليعقوبي 2: 231 في أيام معاوية بن أبي سفيان بعد وفاة الحسن (عليه السلام). النصائح الكافية: 83. فيض القدير 4: 126. ومثله في الإصابة 2: 38 في ترجمة حجر بن عدي. (3) الاستيعاب 3: 1421 في ترجمة معاوية بن أبي سفيان، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 2: 453ـ454 في ترجمة أبي قتادة الأنصاري السلمي. شعب الإيمان 6: 56 ـ57 التاسع والأربعون من شعب الإيمان وهو باب في طاعة أولي الأمر بفصولها: فصل في ذكر ما ورد من التشديد في الظلم. الجامع لمعمر بن راشد 11: 60ـ61 باب في فضائل الأنصار. تاريخ دمشق 34: 295 ـ 296 في ترجمة عبد الرحمن بن حسان، 67: 151 في ترجمة أبي قتادة الأنصاري. تاريخ الخلفاء 1: 201 معاوية بن أبي سفيان: فصل في نبذ من أخباره. -[ 238 ]- وقال ابن أبي الحديد: "قدم عبد الله بن الزبير على معاوية وافدًا، فرحب به وأدناه، حتى أجلسه على سريره، ثم قال: حاجتك أبا خبيب. فسأله أشياء. ثم قال له: سل غير ما سألت. قال: نعم المهاجرون والأنصار، ترد عليهم فيئهم، وتحفظ وصية نبي الله فيهم، تقبل مِن محسنهم، وتتجاوز عن مسيئهم. فقال معاوية: هيهات هيهات، لا والله ما تأمن النعجة الذئب وقد أكل أليتها" (1).
إغفال الأمويين ماضي الصحابة في خدمة الإسلام بل تعدى الأمر ذلك إلى إغفال الأمويين ماضي الصحابة في خدمة الإسلام وعدم التذكير به.فحين حضرت وفود الأنصار باب معاوية، وخرج إليهم حاجبه سعد أبو درة، قالوا له: استأذن لنا، فدخل وقال لمعاوية: الأنصار بالباب، وكان عنده عمرو بن العاص - وهو الذي نال مِن الأنصار في أعقاب حادثة السقيفة، وانتصر لهم منه أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى اضطره للخروج من المدينة، كما سبق - فالتَفَتَ لمعاوية حين سمع حاجبه يذكرهم باسم الأنصار - وهو اللقب الذي شاع لهم بين المسلمين، تبعاً للكتاب المجيد والسنة الشريفة - وقال له: ما هذا اللقب الذي قد جعلوه نسبًا؟! ارددهم إلى نسبهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 20: 141. -[ 239 ]- فقال له معاوية: إنّ علينا في ذلك شناعة، قال: وما في ذلك؟ إنما هي كلمة مكان كلمة، ولا مردّ لها. فقال معاوية لحاجبه: اخرج فناد: مَن بالباب مِن ولد عمرو بن عامر فليدخل. فخرج الحاجب، فنادى بذلك، فدخل ولد عمرو بن عامر كلهم إلا الأنصار. فقال معاوية: اخرج فناد: مَن كان هاهنا مِن الأوس والخزرج فليدخل. فخرج فنادى ذلك. فوثب النعمان بن بشير فأنشأ يقول: يا سعد لا تعد الدعاء فما لنا *** نسب نجيب به سوى الأنصار نسب تـخيره الإله لقومنا *** أثقل به نسـباً علـى الكفـار إن الذين ثووا ببدر منكـم *** يوم القليب هـم وقود النـار وقام مغضباً فانصرف. فرده معاوية وترضاه، وقضى حوائجه وحوائج مَن كان معه مِن الأنصار (1). بل ضاق مروان بن الحكم بحَجَرٍ وضعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على قبر عثمان بن مظعون، وهو أول مَن مات من المهاجرين بالمدينة المنورة، فدفنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبقيع وجعل على قبره حجرًا، ليعرف به، ويدفن عنده مَن يموت مِن أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فلما ولي مروان بن الحكم المدينة مِن قبل معاوية مر على ذلك الحجر، فأمر به فرمي به، وقال: "لا يكون على قبر عثمان بن مظعون حجرٌ يُعرَف به". فأتته بنو أمية، فقالوا: بئس ما صنعت، عدت إلى حجر وضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورميت به. بئس ما عملت به، فأْمُرْ به فليرد. قال: "أما والله إذ رميتُ به فلا يرد" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) الأغاني 16: 56، واللفظ له،: 50 ـ 51 باكورة شعر النعمان. (2) تاريخ المدينة 1: 101 ـ 102 فيما ذكر في مقبرة البقيع وبني سلمة والدعاء هناك. -[ 240 ]- وذكر الزبير بن بكار أن سليمان بن عبد الملك مرّ بالمدينة - وهو ولي عهد - فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومغازيه، فقال أبان: "هي عندي قد أخذتها مصححة ممّن أثق به، فأمر بنسخها وألقى فيها إلى عشرة من الكتاب، فكتبوها في رق، فلما صارت إليه نظر، فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين، وذكر الأنصار في بدر، فقال: ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل. فإما أنْ يكون أهل بيتي غمصوا عليهم، وإما أنْ يكونوا ليس هكذا... ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين، لعله يخالفه. فأمر بذلك الكتاب فخُرِّق... فرجع سليمان بن عبد الملك فأخبر أباه... فقال عبد الملك: وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل؟! تعرف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها. قال سليمان: فلذلك يا أمير المؤمنين أمرت بتخريق ما كنت نسخته... فصوَّب رأيه" (1). وما موقف أهل المدينة مِن يزيد في خلعهم له، وموقفه منهم في واقعة الحرة بفجائعها وبشاعتها، إلا امتداد لموقف الآباء، وما بينهم مِن بغض مستحكم وعداء.
تشويه الإعلام الأموي للحقائق ومِن الطريف بعد ذلك أنْ يستطيع الإعلام الأموي تشويهَ الحقائق، حتى جَعَلَ الجمهورَ مِن السنة يُوَالُون معاويةَ وعمرو بن العاص وأضرابَهما، ويدافعون عنهما، بِمِلاك موالاة الصحابة، والدفاع عنهم، ويَرَوْن في موقْف الشيعة منهم وطعنهم فيهم نيلاً مِن الصحابة، وتجاوزاً عليهم، مُتَجَاهلين موقفَ الصحابة مِن هؤلاء، وتقييمهم لهم، وموقف هؤلاء مِن الصحابة وعداءهم لهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) الموفقيات: 331 ـ 334 خبر أبان بن عثمان يكتب سير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومغازيه. | |
|