بسم الله الرحمن الرحيم
ان واقعة كربلاء تعتبر انعطافة في تاريخ الاسلام وحياة التشيع اعقبها تحول عظيم في دنيا الاسلام حيث استيقضت ضمائر المسلمين من سباتها بعد ان فتحوا عيونهم على المشهد الدامي الذي تجسدت فيه همجية بني امية ومناهظتهم للدين من جهة وعظمة الامام الحسين (عليه السلام) واصحابه وطلبهم للحق من جهة اخرى.
فقد ذكر مؤرخوا الفريقين ان واقعة كربلاء ساهمت بشكل فاعل في تأجيج البغض والعداء في قلوب المسلمين تجاه يزيد والجهاز الاموي ؛كما ساهمت من جانب اخر في جذب القلوب نحو اهل بيت النبي صلى الله عليه واله وغرس محبتهم فيها.
قال ابن الاثير:
ان ابن زياد قال لعمر بن سعد بعد عودنه من قتل الحسين :ياعمر ائتني بالكتاب الذي كتبته اليك في قتل الحسين قال مضيت لامرك وضاع الكتاب قال:لتجئني به قال ضاع قال لتجئني به قال ترك والله يُقرأ على عجائز قريش بالمدينة اعتذارا اليهن اما والله لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو نصحتها ابي سعد بن ابي وقاص لكنت قد اديت حقه فقال عثمان بن زياد اخو عبيد الله :صدق والله انه ليس من بني زياد رجل الا وفي انفه خزامه الى يوم القيامة وان الحسين لم يقتل فما انكر ذلك عبيد الله بن زياد.(1).
وقال الطبري:
لما قتل عبيد الله بن زياد الحسين بن علي (عليه السلام) وبني ابيه بعث برؤسهم الى يزيد بن معاوية فسُربقتلهم اولا؛وحسنت بذلك منزلة عبيد الله عنده ثم لم يلبث الا قليلا حتى ندم على قتل الحسين فكان يقول....لعن الله ابن مرجانة فانه اخرجه واضطره وقد كان ساله ان يخلي سبيله ويرجع فلم يفعل او يضع يده في يدي او يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله عز وجل فلم يفعل فأبى ذلك ورده عليه وقتله فبغضني بقتله الى المسلمين وزرع لي في قلوبهم العداوة فبغضني البر والفاجر بما استعظم الناس من قتلي حسينا مالي ولابن مرجانه لعنه الله وغضب عليه.(2).
وسواء كان هذا الندم حقيقيا ام ظاهريا فانه يشير الى حقيقة ساطعة وهي ان نهضة الامام الحسين (عليه السلام) تركت تأثيرا بالغا على مجرى الاحداث وكشفت الحقائق للرأي العام حتى بلغ الوضع درجة ان الشام نفسها (مركز سلطة معاوية ويزيد) والتي تحكمت بها سياسة الاعلام المضاد لعلي واهل بيته لسنوات طويلة قد انقلبت فيها الاجواء لصالح اهل بيت الرسالة.
تاريخ ابن الاثير ج4ص94دار صادر بيروت.
تاريخ الطبري ج3ص365دار الكتب العلمية بيروت