الشاعر "عبد الباقي": قبة الاخلاق
قبة الأخلاق
كيفَ الولوجُ لقُبةِ الأخلاقِ = وأنا المكبّلُ في ندى آماقيِ
وعليكَ من قِيمِ السماءِ ملاؤةُ ُ = نَسَجَتْ سماحتَها يدُ الخّلاقِ
نجلاكَ كالنهرينِ كانَا مَنْهلاً = والوالدُ المعطاءُ طهرُ عِراقِ
رفعا لموضعكَ القلوبَ وأنجزَا = ماكنتَ تَعْهَدُه على الأَعناقِ
أسفي عليكَ فقْد أخذتَ قلوبَنا = وكذا الهموُم نزيلةُ العُشّاقِ
ما كانَ مِن خُلقٍ بَسَطْتَ ومَنهجٍ = إلا تناولُه الرعيلُ الباقيِ
أأبا أَديبَ وكنتَ مقصدَ لائذٍ = ومحطَ محتاجٍ وقلباً راقيِ
وملاذَ أعضاءِ اللجانِ جميعِهِا = في شحذِ همتهِا، وفي إِنفاقِ
كنتَ الذي دفعتُه حُسنُ سريرةٍ = أنْ يلتقي المحتاجَ بالأشواقِ
حتى المنونُ أتتكَ وهي خجولةُ ُ = ومضتْ لبُغْيَتهِا بغيرِ وِثاقِ
تركتكَ في مهجِ القلوبِ متوجاً = وحضورَ ذاتٍ في جوى الأَحداقِ
أأبا أديبَ وتلكَ قامةُ فارسٍ = أَخذتْ مروءَتها من المِيثاقِ
وتَدرَبتْ بالدينِ طالبةً به = غاياتِه وأصالةَ الأَعراقِ
كانَ النجاحُ رهينَها ونتاجَها = وطباعُها معنىً مِن الإشراقِ
كيفَ الولوجُ أبا أَديبَ وقومُنا = ولجُوا السباقَ بصحبةِ الإخفاقِ
الطيبونَ تنافسُوا في سبقِه = فَأَحسّ أسبقُهم بشدّ نِطاقِ
والمحُسنونَ تدافعُوا، وجمعيهُم = بانتْ عليهِ علامةُ الإِرهاقِ
والباذلونَ المالَ هبّوا هبةً = تركتهمُ في ساحةِ الإِشفاقِ
ومكثتَ أنتَ على السباقِ تهزُّه = حتى اهتديتَ لأطهرِ الأَعماقِ
يَتْمَتَّ عُشاقَ السمَّو وكنتَ في = درجاتهِ تنسابُ في إِيلاقِ
حتى إذا دَرَجتْ يداكَ بساحِه = ألفيتَ في الجناتِ خيَر تلاقي
ووجدتَ أصحابَ الكساءِ حفيةً = وحُسينهُم في حالةِ المشتاقِ
شفعواُ إليكَ وتلكَ غايةُ مُنْيةٍ = يحظَى بها مَنْ جَادَ بالأَخلاقِ