يمكن أن يكون المراد بالإرادة في الآية هي الإرادة التشريعية, لأنّها تنص على قوله: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ))، وإنّما تفيد الحصر والقصر.
والمعنى: إنّ الله طلب من أهل البيت(عليهم السلام) فقط أن يكونوا كذلك, وإذا كانت الإرادة تشريعية، فلا معنى لأن يكون طلب الطهارة والتنزه عن الرجس مختصاً بأهل البيت(عليهم السلام) ومحصوراً بهم دون غيرهم, فالله سبحانه وتعالى أنزل الشريعة الإسلامية لا لكي يتطهّر أهل البيت(عليهم السلام) وحدهم, ويتنزهوا عن الرجس دون سواهم, وإنّما لكي يتطهّر المسلمون جميعاً دون غيرهم، ويتنزه كلّ من بلغه هذا الدين.
ولو حملنا الإرادة على التشريع فسيكون الحصر في غير محله, ولا يلائم الآية المباركة أساساً, وبذلك لايمكن أن تكون الإرادة في الآية تشريعية، وإنّما هي إرادة تكوينية.
وبعبارة أخرى: إنّ الإرادة لو كانت تشريعية، وأنّ الله يريد بيان أنّ الهدف من إرادته ــ أي من التكاليف ــ هو تطهير أهل البيت(عليهم السلام)، فهو غير مختص بهم, حيث أنّ إرادته تعالى متعلقة بصدور الفعل الواجب تشريعاً من غيره بإرادته وإختياره، وحملها هنا عليهم فقط لا خصوصية فيه، فلابد من أن تكون الإرادة هنا تكوينية.
وقد أُورد على كون الإرادة في الآية تكوينية: إنّ ذلك يؤدي بنا إلى شبهة الجبر والإضطرار, أي أنّ ذلك ينافي إرادية وإختيار المعصوم في أفعاله.
ونجيب على ذلك: بأنّ الله سبحانه وتعالى عالم بكلّ شيء لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء, فهو يعلم بأفعال عبيده قبل أن يخلقهم، فمن علم منهم أنّهم لا يريدون لأنفسهم إلاّ الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى، أعانهم على ذلك، وأخبر عن مشيئته التي منشؤها العمل بما يريدون الوصول إليه.
فالمسألة لا ترجع إلى إختيار جزافي، بل تتحرك في إطار هادف, فحيث علم الله من هؤلاء أنّهم لا يريدون لأنفسهم إلاّ الطاعة والعبودية، تعلقت إرادته التكوينية بهم فطهّرهم من كلّ رجس، فعِلمه بهم منشأ لهذه الإرادة التكوينية, وبذلك تنتهي شبهة الجبر وتسقط بإرادة الفاعل على الفعل مسألة الإضطرار.
أمّا الدليل القرآني على أنّ المراد بأهل البيت(عليهم السلام) هم العترة دون غيرهم, فإنّ نفس الآية القرآنية تدلّ على ذلك, لأنّ قوله تعالى: (( وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) دال على العصمة، وقد عرفنا أنّ قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ )) هو إخبار وليس إنشاء, فالآية لا يمكن أن تشمل أقرباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا نساءه ولا أعمامه ولا أي مصداق آخر غير العترة خاصّة، لأنّ جميع فرق المسلمين تتفق على عدم عصمة أولئك.
ولو كانت الآية تنطوي على الإطلاق بحيث تشمل أعمام النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقرابته ونساءه, لكان منهم من أدعى هذا الفخر وهو وسام عظيم لا يمكن لإنسان أن يزهد فيه, ولكن من خلال العودة إلى التأريخ لم نجد أحداً يدّعي ذلك. ومن ناحية ثانية تشير الوقائع التاريخية إلى أنّ هؤلاء كانوا مشركين ثم صاروا مسلمين, وحتى بعد أن أسلموا صدرت منهم أخطاء واشتباهات وبدرت من بعضهم معاص وإنحرافات, وهذا ما يخالف العصمة التي من المفروض أنّ الآية نصت عليها بهم.
وياتي احفاد الاعراب اليوم الذين لم يدخل اجدادهم ايام الرسول الايمان قط الى قلوبهم ويقولون ان منزلة ال البيت دون منزلة بني امية وغيرهم . الا ساء ما تحكم تلك الفئة الباغية على الله والرسول .