في الختام نورد ما ذكره محمد كرد علي في كتابه " خطط الشام " قال : عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مثل سلمان الفارسي القائل : بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له .
ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول : أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة ، ولما سئل عن الأربع ، قال : الصلاة ، والزكاة ، وصوم شهر رمضان ، والحج . قيل : فما الواحدة التي تركوها ؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب . قيل له : وإنها لمفروضة معهن ؟ قال : نعم هي مفروضة معهن . ومثل أبي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وذي الشهادتين
خزيمة بن ثابت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وخالد بن سعيد ، وقيس بن سعد بن عبادة ( 1 ) .
الكتب المؤلفة حول رواد التشيع :
إن لفيفا من علماء الإمامية ومفكريها قاموا بإفراد العديد من المؤلفات القيمة والتي تناولت في متونها بالشرح والتفصيل ما يتعلق برواد التشيع الأوائل ودورهم في تثبيت الأركان العقائدية للفكر الإسلامي الناصع ، نذكر في هذا المقام ما وقفنا عليه :
1 - صدر الدين السيد علي المدني الحسيني الشيرازي ، صاحب كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ، وأنوار الربيع في علم البديع ، وطراز اللغة ، توفي عام ( 1120 ه ) أفرد تأليفا في ذلك المجال أسماه ب " الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة الإمامية " خص الطبقة الأولى بالصحابة الشيعة ، وخصص الباب الأول لبني هاشم من الصحابة ، والباب الثاني في غيرهم منهم . وقام في الباب الأول بترجمة ( 23 ) صحابيا من بني هاشم لم يفارقوا عليا قط ، كما قام في الباب الثاني بترجمة ( 46 ) صحابيا ( 2 ) .
2 - ذكر الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه " أصل الشيعة وأصولها " أسماء جماعة من الصحابة الذين كانوا يشايعون عليا في حله وترحاله وقال - معلقا على قول أحمد أمين الكاتب المصري : " والحق أن التشيع كان مأوى يرجع إليه كل من أراد هدم الإسلام " - : ونحن لولا محافظتنا على مياه الصفاء أن لا تتعكر ، ونيران البغضاء أن لا
( 1 ) خطط الشام 5 : 251 .
( 2 ) الدرجات الرفيعة : 79 - 452 ط النجف . ( * )
تتسعر ، وأن تنطبق علينا حكمة القائل : " لا تنه عن خلق وتأتي مثله " لعرفناه من الذي يريد هدم قواعد الإسلام بمعاول الإلحاد والزندقة ، ومن الذي يسعى لتمزيق وحدة المسلمين بعوامل التقطيع والتفرقة ، ولكنا نريد أن نسأل ذلك الكاتب : أي طبقة من طبقات الشيعة أرادت هدم الإسلام ؟ هل الطبقة الأولى وهم أعيان صحابة النبي وأبرارهم كسلمان المحمدي أو الفارسي ، وأبي ذر ، والمقداد ، وعمار ، وخزيمة ذي الشهادتين ، وابن التيهان ، وحذيفة ابن اليمان ، والزبير ، والفضل بن العباس ، وأخيه الحبر عبد الله ، وهاشم بن عتبة المرقال ، وأبي أيوب الأنصاري ، وأبان وأخيه خالد بن سعيد بن العاص ، وأبي بن كعب سيد القراء ، وأنس بن الحرث بن نبيه ، الذي سمع النبي يقول : " إن ابني الحسين يقتل في أرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره " فخرج أنس وقتل مع الحسين راجع الإصابة والاستيعاب وهما من أوثق ما ألف علماء السنة في تراجم الصحابة ، ولو أردت أن أعد عليك الشيعة من الصحابة وإثبات تشيعهم من نفس كتب السنة لأحوجني ذلك إلى إفراد كتاب ضخم ( 1 ) .
3 - كما أن الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين ( 1290 - 1377 ه ) قام بجمع أسماء الشيعة في الصحابة حسب حروف الهجاء ، وقال : وإليك - إكمالا للبحث - بعض ما يحضرني من أسماء الشيعة من أصحاب رسول الله لتعلم أن بهم اقتدينا ، وبهديهم اهتدينا ، وسأفرد لهم - إن وفق الله - كتابا يوضح للناس تشيعهم ، ويحتوي على تفاصيل شؤونهم ، ولعل بعض أهل النشاط من حملة العلم وسدنة الحقيقة يسبقني إلى تأليف ذلك الكتاب ، فيكون لي الشرف إذ خدمته بذكر أسماء بعضهم في هذا الباب وهي على ترتيب حروف الهجاء . ثم ابتدأ بأبي رافع القبطي مولى رسول الله ، وختمهم بيزيد بن حوثرة
( 1 ) أصل الشيعة وأصولها : 53 - 54 مطبعة العرفان . ( * )
الأنصاري ، ولم يشر إلى شئ من حياتهم ، وإنما ألقى ذلك على الأمل أو على من يسبقه من بعض أهل النشاط . إلا أنه رحمه الله ذكر ما يربو على المائتين من أسمائهم ( 1 ) .
4 - قام الخطيب المصقع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي " حفظه الله " بذكر أسماء رواد التشيع في عصر الرسول في كتابه " هوية التشيع " فجاء بأسماء مائة وثلاثين من خلص أصحاب الإمام من الصحابة الكرام ، وقال بعد ذكره لتنويه النبي باستخلاف علي في غير واحد من المواقف : ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها من دون أن تشد الناس لعلي ، ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي ، ثم لا بد للمسلمين من إطاعة الأوامر التي وردت في النصوص ، والالتفاف حول من وردت فيه . ذلك معنى التشيع الذي نقول إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي بذر بذرته ، وقد أينعت في حياته ، وعرف جماعة بالتشيع لعلي والالتفاف حوله ، وللتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم للإمام علي ( 2 ) .
5 - آخرهم وليس أخيرهم كاتب هذه السطور حيث قام مجيبا دعوة السيد شرف الدين فألف كتابا باسم " الشخصيات الإسلامية " في ذلك المجال في عدة أجزاء ، طبع منه جزءان ، وانتهينا في الجزء الثاني إلى ترجمة أبي ذر ( جندب بن جنادة ) ذلك الصحابي العظيم ، والكتاب باللغة الفارسية ، ونقله إلى العربية الشيخ المحقق البارع جعفر الهادي وطبع ونشر .
وأخيرا فإن من أراد أن يقف بشكل جلي على رواد التشيع في كتب الرجال لأهل السنة فإن هذا الأمر ليس بمتعسر ولا بممتنع ، والتي يمكننا الإشارة إلى البعض
( 1 ) الفصول المهمة في تأليف الأمة : 179 - 190 .
( 2 ) هوية التشيع : 34 . ( * )
منها أمثال : 1 - الإستيعاب لابن عبد البر ( ت 456 ه ) .
2 - أسد الغابة للجزري ( ت 606 ه ) .
3 - الإصابة لابن حجر ( ت 852 ه ) .