الحزن والبكاء في الشرع
ان البكاء والحزن على الميت وعند المصائب سيرة عقلائية ومتشرعية عمل بها الأنبياء والأئمة والصالحون (صلوات الله عليهم أجمعين) وقد ثبت في الخارج الثمار الصحية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية المترتبة على البكاء وتشير الروايات إلى استحباب الحزن والبكاء والتباكي وان فيه اجر شهيد بل مئة شهيد كما في بكاء يعقوب على يوسف (عليهما السلام) , ولا يخفى ان المراد في المقام ليس الجزع على المصائب بل البكاء والحزن لله وفي الله وبالله تعالى , واليك بعض ما يشهد لهذا المعنى :
آدم(عليه السلام)
يبكي ويحزن على هابيل(عليه السلام)
عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) : (انه لما سولت لقابيل نفسه قتل أخيه .... فلما قتله .... فحفر له حفيرة ودفنه فيها , فرجع قابيل لأبيه(عليه السلام) .... فانصرف آدم (عليه السلام) وبكى على هابيل أربعين يوماً وليلة ...)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) : (.... وان آدم أتى الموضع الذي قتل فيه قابيل أخاه فبكى هناك أربعين صباحاً)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) : (.... إلى ان قتل هابيل فجزع آدم عليه جزعاً قطعه عن إتيان النساء خمسمائة عام)
يعقوب النبي(عليه السلام)
يحزن ويبكي
بالرغم من ان الروايات تشير إلى ان يعقوب (عليه السلام) يعلم بوجود يوسف على قيد الحياة لكنه(عليه السلام) لم يتحمل فراقه وحزنه عليه وبكى لمدة عشرين أو أربعين أو ثمانين عاماً حتى التقى به . وقد أشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان بكاء يعقوب(عليه السلام) على ابنه له فيه اجر مئة شهيد واليك ما يشير إلى هذا المعنى :
أ- عن الإمام الباقر (عليه السلام) عندما سئل عن يعقوب (عليه السلام) هل كان يعلم بحياة يوسف وذهب عينيه عليه من البكاء , أجاب(عليه السلام) : ( نعم علم يعقوب (عليه السلام) انه حي .... فكتب إلى (عزيز مصر) يعقوب (عليه السلام) : بسم الله الرحمن الرحيم , من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ابن إبراهيم خليل الله
أما بعد : .... ثم رجعوا إليه وزعموا ان الذئب أكله, فاحدودب لهذا ظهري وذهب من كثرة البكاء عليه بصري ..... )
ب- ورد في تفسير الكشاف عند قوله تعالى (وأسفاه على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) ... قيل : ما جفت عيناه من وقت فراق يوسف إلى حين لقاءه , ثمانين عاماً وما على وجه الأرض أكرم على الله تعالى منه .
ج- نفس المصدر السابق (الكشاف) , عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) : انه (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل جبرائيل(عليه السلام) ,
ما بلغ وجد يعقوب على يوسف ؟
قال جبرائيل : وجد سبعين ثكلى .
قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : فما كان له من الأجر ؟
قال جبرائيل : اجر مئة شهيد .
مقتبس من كتاب الثورة الحسينيه والدولة المهدوية للسيد الحسني (دام ظله)