الحسد فى الإسلامبسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :هذا كتاب يتحدث عن الحسد وما يتصل به من أمور حسبما ورد فى الإسلام .ماهية الحسد :الحسد عند الناس تمنى الحاسد زوال النفع والخير من عند المحسود أى كراهيةالحاسد نعمة الله على أخيه وحبه لزوالها عنه والحق هو أن الحسد كراهيةللمحسود سببها هو فضل الله الذى أعطاه للمحسود أى كراهية لمن عنده النعمةوليست كراهية للنعمة وقد ورد ذكر الحسد فى القرآن فى مواضع قليلة هى :-قوله بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكمكفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد أن تبين لهم الحق "وهذا القول يعنى أنعدد كبير من أهل الكتاب اليهود والنصارى أحبوا أن يعيدوا المسلمين بعدإسلامهم إلى الكفر والسبب هو الحسد عند أنفسهم وهو الكراهية فىأنفسهم ،إذا فسبب تمنى ارتداد المسلمين بعد أن نالوا نعمة الإسلام هوالكراهية والبغض المتمكن فى قلوب أهل الكتاب وهذا التمنى كان بعد معرفتهمالحق وفى تلك الكراهية قال تعالى بسورة آل عمران "قد بدت البغضاء منأفواههم وما تخفى صدورهم أكبر ".2-قوله بسورة النساء "أم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله "يبين اللهلنا أن أهل الكتاب يحسدون أى يكرهون الناس وهم المسلمين والسبب ما أتاهمالله من فضله وهو رحمته .3-قوله بسورة الفلق "ومن شر حاسد إذا حسد "أى ومن أذى كاره إذا كره أىومن ضرر باغض إذا بغض ومن هنا نعرف أن الحاسد هو الكاره له شر أى أذى وهوموجه للمحسود وسبب توجيهه هو إزالة النعمة التى عند المحسود ومن ثمفالحسد هو كراهية صاحب النعمة سواء تحولت الكراهية لأذى قولى أو فعلى .على ماذا يحسد الحاسد ؟إن الحاسد يحسد المحسود على النعمة وهى فضل الله مصداق لقوله بسورةالنساء "أم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله "إذا فالحاسد يكره أن تكونعند من يكرهه نعمة أى فضل من الله أى خير أى رحمة وقد أخبرنا الله أنالكفار من كتابيين ومشركين لا يودون أى يكرهون نزول الخير على المسلمينوفى هذا قال بسورة البقرة "ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولاالمشركين أن ينزل عليكم خير من ربكم ".لماذا يحسد الحاسد ؟معنى السؤال لماذا يكره الكاره ؟والجواب الذى يدفع الحاسد وهو الكراهيةهو ظنه أن المكروه أحسن أى أفضل منه ويترتب على هذا الظن ظن أخر هو أنهيجب أن يكون أحسن من المكروه أو على الأقل فى حالة تساوى معه ومثال هذاهو أن الكفار يحبون أن يرتد المسلمون عن الإسلام فيكفرون وفى هذا قالتعالى بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكمكفارا حسدا من عند أنفسهم "ودافعهم لهذا هو أن يكونوا مع المسلمين سواءأى متساوين فى الحال وهو الكفر وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ودوا لوتكفرون كما كفروا فتكونون سواء "إذا فالدافع للحسد هو الإحساس بالنقصتجاه الأخرين .هل حسد إبليس آدم (ص)؟قال بعضهم "والحسد داء سيىء قديم موجود منذ وجدت الإنسانية بمشكلاتهاومعضلاتها ومنذ افتتح الله ذلك الوجود العجيب فهو أول معصية سجلت فىالسماء بين إبليس وآدم (ص)يوم أن علمه الله أسماءه كلها ويوم أن قالللملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس "ومن ثم فالسؤال هل حسد إبليس أدم(ص)؟والجواب :البادى من كلام إبليس أمران :الأول أن إبليس اعتبر نفسهأحسن من أدم(ص)أو بلفظه خيرا منه والسبب أنه من نار وأدم (ص)من طين وفىهذا قال إبليس ردا على سؤال الله له عن سبب عدم سجوده لأدم (ص) فى سورةالأعراف "أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين "،الثانى أن إبليساعترض على تكريم أدم (ص)وفى هذا قال بسورة الإسراء "أرأيتك هذا الذى كرمتعلى "وهذا يعنى أن إبليس أحس بالنقص تجاه أدم (ص)فحاول أن يجعل لنفسهمكانة أكبر وأحسن بالكلام وقد سمى الله هذا العمل التكبر وفى هذا قالبسورة الأعراف "قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها "إذا فجريمةإبليس هى التكبر الناتج عن الحسد أى من إحساسه بالنقص تجاه أدم (ص).شر الحاسد :إن الحسد يدفع الحاسد لإرتكاب الشر وهو إيذاء المحسود وقد أمرنا الله أننتعوذ به من شر الحاسد وهو أذاه إذا حسد أى كره وفى هذا قال بسورة الفلق"ومن شر حاسد إذا حسد "وهذا يعنى أن الحاسد يقوم بالسعى لإلحاق الأذىبالمحسود سواء لحق بالمحسود أو بماله أو بمن يحب وهذا السعى يتخذ صورة منصورتين :1-الإيذاء الظاهر وهو الحرب المعتدية .2- الإيذاء الباطن وهو إخفاء المعاداة مع إلحاق الأذى فى السر بالمحسودوهذا يكون فى حالة ضعف المحسود ومثال الحاسد هنا المنافق .حسد الإبن القاتل للإبن الطيب .إن الحسد وهو الكراهية كان السبب فى وقوع أول جريمة قتل بشرية حيث اعترضابن أدم (ص) على حكم الله وهو عند الناس زواجه من أخت الإبن الطيب ويقالأن السبب هو أن هذه الأخت لم تكن على نفس درجة جمال أخته المولودة معهوالتى أراد أن يتزوجها لعلو درجة جمالها فى نفسه والحق أن السبب هو أنالإبن القاتل أحس أن الإبن الطيب أفضل منه عند الله والدليل تقبل اللهلقربانه ورفض الله لقربانه ،لقد شعر أنه ينقص فى المكانة عند الله ومن ثمأراد أن يعوض هذا النقص فكان أن قرر قتل أخيه لأن القتل فى ظنه الخاطىءلن يجعل أحد فى مكانته لانتفاء وجود هذا الأحد -والله أعلم - وفى هذاقال تعالى بسورة المائدة "واتل عليهم نبأ ابنى أدم بالحق إذ قربا قربانافتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله منالمتقين " وكانت نتيجة هذا الإحساس هى أن إرادة الابن القاتل تحولت لفعلهو القتل حيث قتل أخيه الطيب وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فطوعت لهنفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ".أنواع الحسد :يقال أن الحسد على نوعين :1- حسد مذموم وهو عندهم أن تكره أن تكون النعمة للأخر فتتمنى زوالها .2- حسد محمود وهو عندهم أن لا تكره وجود النعمة عند الأخر ولا تحب زوالهاولكن تشتهى لنفسك أن يكون لك مثلها وهو تقسيم خاطىء لأنه يخالف معنىالحسد وهو الكراهية وتعريف الحسد المحمود هو ألا تكره وهو ما ينافى معنىالحسد والحسد ينقسم عدة تقسيمات هى :حسب الأساس الأول :1-حسد النفس لنفسها والمراد مقت أى كراهية النفسلنفسها وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "إن الذين كفروا ينادون لمقت اللهأكبر من مقتكم أنفسكم إذا تدعون إلى الإيمان فتكفرون "فانظر لقوله "منمقتكم أنفسكم "ترى كراهية النفس لنفسها فى رفضها الإسلام وتمسكهابالكفر .2-حسد النفس للأخرين وهو كراهية النفس للأخرين ككراهية الكتابيينللمسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لويردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ".حسب الأساس الثانى:1- حسد قولى وهو الكراهية التى تظهر فى الكلام الخارجمن الأفواه أو فى الكلام الدائر داخل النفس وفيه قال تعالى بسورة آلعمران "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر " .2-حسد قولى عملى وهو الكراهية التى تظهر فى كلام النفس داخلها أو فىكلامها الخارج من الفم ويتبع هذا القول فعل هو شر أى أذى يعمل الحاسد علىإلحاقه بالمحسود وفى هذا قال تعالى بسورة الفلق "ومن شر حاسد إذا حسد ".حسب الأساس الثالث :1- الحسد المباح وهو الكراهية المحللة وتنقسملقسمين :أ-كراهية يباح فيها القول والفعل وقاعدة هذه الكراهية قوله بسورة البقرة"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ".ب-كراهية يباح فيها القول فى داخل النفس ويحرم فيها الاعتداء بالقولالخارج من الفم أو الاعتداء بالفعل على الأخر ومن أمثلة هذا كراهية الرجللزوجته وفيها قال تعالى بسورة النساء "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهنفعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ".2-الحسد المحرم وهو كراهية المسلم بالاعتداء عليه قولا أو فعلا .حسد الاخوة لأخيهم يوسف (ص):الملاحظ فى بداية العلاقة بين الاخوة أن الاخوة اعتقدوا اعتقادا خاطئا هوأن يعقوب (ص)يحب يوسف وأخيه أكثر مما يحبهم ومن ثم شعروا بالنقص فىمقدار الحب عند الأب ومن ثم أجروا مقارنة ظالمة حيث جعلوا أنفسهم وهىالعصبة فى كفة ويوسف (ص)وأخيه من الزوجة الأخرى فى كفة أخرى وطبقا لميزانالعدد فإن العدل هو أن يحبهم الأب أكثر من يوسف (ص)وأخيه ولذا انتهوا إلىأن الأب فى ضلال ظاهر وهذا يعنى أن الأب هو الظالم وفى هذا قال تعالىبسورة يوسف "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانالفى ضلال مبين "ورغم أن النتيجة هى أن الأب هو الظالم إلا أنهم اختاروااختيار غريب هو ألا يعاقبوا الظالم فى رأيهم وأن يعاقبوا أخر هو يوسف(ص)وقد تشاوروا فى العقاب فاقترح بعضهم أن يقتلوه أو يطردوه بعيدا عنأرضهم وقد قرروا فى النهاية طرده بعيدا عن الأرض برميه فى البئر حتىيأسره بعض المارة فيأخذه معه للبلد المسافر لها وفى هذا قال تعالى بسورةيوسف "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعدهقوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه فى غيابت الجب يلتقطهبعض السيارة إن كنتم فاعلين "ولكن فى النهاية عاد الاخوة للحق فاعترفوابأنهم كانوا على خطأ واعترفوا أن الله فضل يوسف (ص)عليهم وفى هذا قالتعالى بسورة يوسف "قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ".يعقوب والحسد :قال بعضهم "نلمح حذر يعقوب (ص)وخوفه أن يحسد بنوه فيقول لهم ما حكاهالمولى عز وجل "وقال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبوابمتفرقة وما أغنى عنكم من الله من شىء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليهفليتوكل المتوكلون "والخطأ هنا هو أن يعقوب (ص)نسب له الكاتب خوفه من أنيحسد الناس أولاده والحق هو أن الكاتب أخطأ فى تقديره وأما حقيقة الأمرفهى أن يعقوب (ص)خاف على أولاده من أن يلحق بهم أذى وضرر مرة واحدةفيفقدهم جميعا ولذا أوصاهم بالدخول من أبواب متفرقة حتى إذا كان هناك منيتربص بهم لم يقدر إلا على إيذاء من دخل من الباب الذى هو فيه ومن ثمينجو الأولاد الباقين وليس من المعقول أن يخاف يعقوب (ص) على أولاده منالحسد وهو الكراهية وهو يعلم أن الإنسان لا يحسد أى لا يكره إلا من يعرفحقيقة أمره أى لا يكره إلا من يظن أنه أحسن منه مكانة وقدرا ،زد على هذاكيف سيعلم الناس أن كل هؤلاء اخوة وهم لم يتحدثوا مع أحد بعد ؟.يوسف (ص)والحسد :ورد فى التوراة المحرفة "يوسف غصن شجرة مثمرة غصن شجرة مثمرة على عين"سفر التكوين 49-22 وقد فسر بعضهم كلمة عين هنا بأنها عين الحسود ومن ثماستنتجوا "أن عين الحسود لا تصيب أحدا من نسل يوسف (ص)لأنه كان غصن شجرةمتسلط على العيون الشريرة فهى لا تصيب أحدا من نسله "وقد حكى المفسرونحكاية وردت فى التلمود تدل على صحة زعمهم تقول "أن رابى حذر رجلا من ضررعين الحسود فنصحه بأن يبتعد عنه كى لا تقع عينه عليه فيصيبه ضرر فردعليه الرجل قائلا أنا من نسل يوسف لا تستطيع العين الشريرة أن تصيبنىبضرر "وقد قال البعض أن كلمة عين فى نص سفر التكوين السابق ذكره تعنى عينالماء وفى رأيى معناها الوحى فهى تعنى ما تعنيه فى قوله بسورة طه "ولتصنععلى عينى "أى ولتنمو بأمرى أى ولتكبر بوحيى فيوسف(ص)غصن شجرة مثمرة بأمرالله والنص لا علاقة له بعين الحسود التى لا وجود لها أساسا للتالى :-أن لو كانت هناك علاقة للعين بالحسد لوجدنا البشرية بكاملها قد وقعتفريسة للأمراض والفقر وغيره من المتاعب بسبب أن كل واحد يصيب الأخرينبعينه الحاسدة .-أن الحسد أصاب يوسف (ص)فتسبب فى إبعاده عن أبويه وتسبب فى أنه أصبح عبدالسنوات عدة وتسبب فى سجنه عدة سنين فإذا كان هذا الحسد قد أصاب يوسف(ص)بالأضرار من أقرب الناس له فكيف لا يصيب نسله ؟وأقصد هنا الحسدالحقيقى وقد يحلو للبعض أن يقول أن النساء قد حسدن يوسف (ص)بأعينهن عندمارأينه فقلن أنه ملك وليس بشرا وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "فلما رأينهأكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم "ومنثم أصابه الضرر الممثل فى دخول السجن وهو استدلال باطل لأنه دخل السجنبأيدى القوم ومنهم امرأة العزيز ولم يدخل عن الطريق الطبيعى عندالمتحدثين بالباطل وهو العين التى يصبح معناها هنا ارتكابه لجريمة حقاومن ثم دخوله السجن وقد ورد فى الإنجيل المحرف أن الاخوة حسدوا يوسف(ص)وقد ورد هذا فى كتاب أعمال الرسل للوقا حيث قال استفانوس فى خطبته"وحسد الآباء الأولون يوسف وباعوه فأصبح عبدا فى مصر ولكن الله كان معهوأنقذه من جميع المحن التى مر بها ووهبه نعمة وحكمة عند فرعون ملك مصرفولاه على مصر وشئون بيته "(9:7-10)ورغم وجود أخطاء عدة فى الكلام إلاأنه أقرأن الحسد قد أثمر ثمرته مع يوسف (ص)فأصابه .سبب شيوع خرافة عين الحسود :هو وجود طائفة من الناس لا تريد أن تعمل عملا مفيدا وإنما تريد كسب المالبأقل جهد ممكن وهى أهل الشعوذة والدجل الذين يزعمون أنهم يقدرون علىإبطال مفعول عين الحسود ولكى ترسخ هذه الخرافة فى نفوس البشر قام القومبنسبة أحاديث للرسول (ص)تثبت وجود الخرافة وأن علاجها بالرقى وغيرها منالخرافات ونشر حكايات لم تقع فى الحياة عن أناس لهم أعين شريرة وأناس لهمالقدرة على إبطال مفعول هذه الأعين وتنسب لرجال معروف عنهم الصلاح والتقىحتى تروج وتدخل على الناس .بداية خرافة عين الحسود :هى إنسان كان يكره إنسان أخر وقد حصل مصادفة أن نظر الكاره للمكروه نظرةعادية وبعدها بقليل حدث ضرر للمكروه ثم تكررت النظرة وتكرر حدوث مكروهللمكروه ومن ثم وقر فى نفس المكروه أن السبب فى حدوث الضرر له هو عينالكاره ،إذا فالحكاية ليست سوى ربط بين أحداث عشوائية وهذا الربط حدثلمعرفة المكروه أن الكاره يكرهه وقد ربط بين الضرر ونظرة الكاره رغم أنهيقع له أضرار كثيرة فى حالات كثيرة لا يكون الكاره فيها موجودا وقد تكونالبداية إنسان اتفق مع إنسان أخر أو أناس أخرين أن يبتزوا مال إنسانفاتفقوا على أن يقابل واحد منهم هذا الإنسان وينظر له ثم يفعلون أذى بمالهذا الإنسان بعد النظرة وكرروا ذلك عدة مرات ثم ذهب الأخرون له ونصحوه أنيطلب إيقاف مفعول عين فلان من فلان لأنه عارف وعالم وواصل ومن ثم يطلبمنه فلان العارف مالا ويقتسمه مع إخوانه وهكذا .هل عين الحاسد ضارة بالفعل ؟إن العين لا علاقة لها بالحسد والأدلة هى :-أن النعمة لو كانت تزول بالحسد ما بقيت نعمة على إنسان لأن كل واحدسيحسد الأخرين ومن ثم تزول النعم نهائيا وعليه تنعدم الحياة لعدم وجودنعمة الطعام أو الشراب وغير هذا من النعم .-أن النعمة لو كانت تزول بالحسد لزالت نعمة الإيمان عن المسلمين بمجرد أنحسدهم أهل الكتاب ولكن هذا لم يحدث بدليل قوله بسورة البقرة "ود كثير منأهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم " .-قال تعالى بسورة الفلق "ومن شر حاسد إذا حسد "وهذا يعنى أن للحاسد شرولكن الله لم يقل أنه العين والسبب هو أن الأذى يصدر من الجوارح ومنهاالعين التى تصدر شرا هو النظر لما حرم الله من النساء أو الرجال ولكن لميقل الوحى أنها تصدر زوالا للنعمة-أن أهل الكتاب لما حسدوا الناس على فضل الله لم يزل فضل الله منهم بدليلقوله بسورة النساء "أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد أتيناآل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكا عظيما ".-أنه طبقا لخرافة عين الحسود فإن كل العميان لا يحسدون لعدم وجود عينعندهم وهو مخالف للحق وهو حسد العميان كما يحسد المبصرون .-أن العين طبقا للخرافة تنفع وتضر أى ترحم وتمسك الرحمة وبهذا فهى شريكةلله فى ملكه وهو تخريف لأن الله وحده هو النافع الضار لقوله بسورة فاطر"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده".وأما الأحاديث المنسوبة للرسول (ص) فكلها زور وحتى قولهم العين حق قديعنى أن الوحى حق لأن كلمة العين وردت بمعنى الوحى فى قوله بسورة هود"واصنع الفلك بأعيينا ووحينا "واعمل بوحينا أى قولنا ،وقول القائل العينتدخل الرجل القبر والجمل القدر "يخالف أن محدث الموت هو الله عن طريقملائكة الموت بدليل قوله بسورة الأنعام "ولو ترى إذ الظالمون فى غمراتالموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم "و"حتى إذا جاء أحدكم الموتتوفته رسلنا وهم لا يفرطون "إذا فالمميت للرجل هو رسول الموت وليس العينوأما قولهم "كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر "فكذب علىالله ورسوله (ص)لأن الفقر بلاء وليس كفرا بدليل قوله بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالخير والشر فتنة "فالفقر إذا اعتبرناه شرا أى أذى فهو بلاءوليس كفرا وزيادة على هذا أن القدر غلب الحسد وهذا يعنى أن القدر هو الذىيسير فى الكون ومن ثم فالحسد ليس له أثر وإلا لما غلبه القدر .علاج الحسد :إن علاج الحسد وهو الكراهية ليس بالرقى والتمائم والتعاويذ الخرافيةوإنما علاجاته هى :1-الاستعاذة برب الفلق من شر الحاسد عند حسده مصداق لقوله بسورة الفلق"قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات فىالعقد ومن شر حاسد إذا حسد "والاستعاذة هى الاستجابة لأحكام الله الممثلةفى التالى :-الاستعداد للحاسد وهو إعداد السلاح اللازم لملاقاة الحاسد إذا أراد بناشرا مما يجعله يرهبنا ولا يقدم على الاعتداء علينا وفى هذا قال تعالىبسورة الأنفال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون بهعدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم "وهو الحذرالمذكور بقوله بسورة النساء "خذوا حذركم ".-رد الاعتداء على من اعتدى علينا تطبيقا لقوله بسورة البقرة "ومن اعتدىعليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "وهذا الدواء وهو الحذر والقتالهو دواء القادرين الأقوياء .2-العفو والصفح والمراد ألا يعاقب المسلم الحاسد إذا كان حسده كلاميا لميخرج للإعتداء وقد طلب الله تنفيذه بقوله بسورة البقرة "ود كثير من أهلالكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره "والملاحظ هنا هو أنالحسد أى الكراهية لم تخرج عن تمنى نفس أى كراهية نفسية لم تخرج إلىالاعتداء على المسلمين بالفعل والدواء الثانى هو الصبر أى احتمال أذىالحاسد وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين "وهذا التحمل للأذى يكون فىحالتين :أ-ألا يكون شر الحاسد اعتداء بالفعل وقد سبق أن تحدثنا فى الدواءالثانى .ب-أن يكون المسلم ضعيفا إذا رد العدوان تسبب فى قتل الكفار له أو لهولأهله أو تسبب فى إيذاءهم له وللمسلمين .أشعار فى الحسد :قال أحدهم :داريت كل الناس لكن حاسدى مداراته عزت وعزنوالهاوكيف يدارى المرء حاسد نعمة إذا كان لا يرضيهإلا زوالهاوقال منصور الفقيه :ألا قل لمن ظل لى حاسد أتدرى على منأسأت الأدبأسأت على الله فى حكمه إذا أنت لم ترضلى ما وهبوقال بعضهم :اصبر على حسد الحسو د فإنصبرك قاتلهفالنار تأكل بعضها إنلم تجد ما تأكلهوقال أخر :دع الحسود وما يلقاه من كمده يكفيك منه لهيبالنار فى كبدهإن لمست ذا حسد فرجت كربته وإن تركته فقدقتلته بيدهوقال مالك بن الريب :ولا تحسدانى بارك الله فيكما من الأرض ذات العرض أنتوسعا ليا .