بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثواب التزويج وعقاب التفريق بين الزوجين…
/بقلم: السيد محمد أمين شُبّر
جاء في الحديث المروي عن الإمام موسى بن جعفر(ع)، أنّه قال: (( ثلاثةٌ يستظلّون بظلّ عرش الله يوم القيامة يوم لا ظلَّ إلاّ ظِلُّه: رَجُلٌ زوّجَ أخاه المسلم أو أخدمه، أو كتمَ له سرّاً..)).
…مِنْ أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، السعيُ في تزويج المسلم وتذليل العقبات أمام بِناء بيتِ الزوجيّة، والّذي يُعتبر ستراً بين الطرفين(هُنَّ لِباسٌ لكم وأنتم لِباسٌ لهُنَّ).
إنَّ سعينا في هذا الطريق، فيه رضا الله ورسوله وآل محمّد(ص)، لأنّنا سوف نسدّ حاجة المسلم والمسلمة ونفرّجُ عنهما، وقد ورد في الحديث النبويّ الشريف: (( مَنْ فرّجَ عن أخيه كُربةً من كُرَبِ الدُّنيا، نظرَ اللهُ إليه برحمته، فنال بها الجَنّة)).
خصوصاً، مَنْ كان له جاهٌ وتأثيرٌ في المجتمع، ومَنْ كانت له كلمةٌ مسموعةٌ عند النّاس، فعليه أنْ لا يبخل بجاهه من أجل الجمع بين الرأسين، كما يُقال.
فعن الإمام جعفر الصّادق(ع) : (( يُسئلُ المرءُ عن جاهه كما يُسئلُ عن ماله، يقولُ: جعلتُ لك جاهاً، فهل نصرتَ به مظلوماً، أو قمعتَ به ظالماً، أو أغثتَ به مكروباً..!؟)).
فالمسؤوليةُ تقعُ على الجميع..((كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسؤولٌ عن رعيته)).
...عندما نصطدمُ بوالدِ فتاةٍ متعصب، يطلبُ مهوراً ضخمةً..! علينا أنْ نُفهمّهُ بأنَّ الأموال الطائلة لا تجلب السعادة لابنتك..! وأنّ الموروثات السلبية لا تؤدي إلاّ إلى تحطيم مستقبل أبنائك..!
وعندما نجد إصرار بعض الفتيات على التشبث بـ( الكماليات)..! علينا أنْ ننصحهنّ بتقديم الأهم على المُهم، فمَنْ انشغل بالمهم وترك الأهمّ انشغل بما لا يهمّ..! وأرهقه الروتين المُملّ..!
إنَّ الزواج، ليس كما يتصوره بعض الشباب بأنه" حادث غرامٍ عابر"..!! وإنّما هو عملية بناء تحتاج إلى إدراكٍ واعٍ وفهمٍ صحيحٍ وإحساسٍ صادقٍ بالمسؤولية المشتركة.
ومن الأخطاء التي يقعُ فيها الكثير من الرّجال، أنَّ مَنْ يبحثُ منهم عن زوجةٍ بلا عيوب، يبقى بلا زوجة..وهو الأفضل لهؤلاء..!!
إنَّ النّاس ـ من خلال تقسيمهم في سورة الواقعة ـ هُم على ثلاثة أقسامٍ
وكُنتُم أزواجاً ثلاثة)..
1/ (فأصحابُ المَيمنةِ مآ أصحابُ المَيمنةِ).
2/ (وأصحابُ المشئمةِ مآ أصحابُ المشئمة).
3/ (والسّابقون السّابقون* أولئك المقرّبون* في جنّات النّعيم).
وفي آخر هذه السورة المباركة، نرى نفس التقسيم ولكنْ بألفاظٍ إلهية رائعة أُخرى:
1/ [(فأمّآ إنْ كان من المُقرّبينَ* فَرَوْحٌ و ريحانٌ وجنّةُ نعيمٍ).
2/ (وأمّا إنْ كان من أصحابِ اليمينِ* فسلامٌ لكَ من أصحابِ اليمينِ).
3/ (وأمّا إنْ كان من المُكذّبينَ الضّآلينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَميمٍ* وتَصليةُ جَحيمٍ..).
نسألُ اللهَ تعالى أنْ يجعلنا من(المُقرّبين..) ومِن القسم الأعلى من هذه التقسيمات ومِن أهل جنّةِ النعيم، بمُحمّدٍ وآله الطاهرين.
ونعوذُ بالله من القسم الخطير..(وأصحابُ المشئمة ما أصَحابُ المَشئمة)..!!..(مِنَ المُكذّبينَ الضّالّين..)..!!
هؤلاء الّذينَ يُفرّقون بين صفوف المؤمنين..يُفرّقون بين المرء وزَوْجِه..!!
وقد تكونُ أمّ الزوج، أو أمّ الزوجة، أو الأخت أو الأب أو أحد الأقارب أو ما شابه ذلك..!
وهذا ما نشاهده ونسمع به يومياً، فقد رأيتُ صديقاً لي يكاد أنْ يَموتَ مِنْ هَمّه وغَمّه..! ولمّا سألتُه عن حاله، قال لي : أنا متزوجٌ وعندي ثلاثة أطفال صغار، وقد أخَذَتْهُم زوجتي وهربتْ بهم إلى أهلها، ولمّا لحقتُها، طردوني أهلُها، وكُلّما حاولتُ إقناعها بالرجوع، قالتْ: إنَّ الأمر ليس بيدي، بل بيد أُمّي..! ولمّا قُلتُ لعمتي ـ والدتها ـ : لماذا تدّمرينَ حياتنا..!؟
قالتْ : اذهبْ عنّا..واخرُجْ مِنْ محيطنا..وسأزوجها من ابن خالتها، وهو خيرٌ منكَ بألف مرّةٍ..!!
عن النبيّ الأكرم(ص) : (( ..ومَنْ عملَ في فُرقةٍ بين امرأةٍ و زوجها كان عليه غَضبُ اللهِ ولَعْنتُهُ في الدُّنيا و الآخرة..وكان حقّاً على الله أنْ يَرْضَخَهُ بألفِ صَخرةٍ من نار..!!)).
علينا أنْ ننتبه جيداً لسلوكنا وأنْ نفكر بدقةٍ قبل أنْ نطلق الكلمات..!
كيف..؟
أنظرْ إلى هذا المشهد..!
مجموعةٌ من الأصدقاء يجلسون في مجلس أو "ديوانيةٍ" كما يُسمّيها أهل الخليج..
يدخلُ أحدُ روّاد هذه "الديوانية" وهو منزعجٌ..( غضبان أسِف..)..!! فيسألهُ الجالسون: ما خَطْبُكَ يا فلان..؟
فيجيب ـ وثورة الغضب باديةٌ منه ـ : ..زوجتي.. زوجتي..اللعينة قالتْ لي كلمةً مزعجةً..وأريدُ أنْ أطلقها..!!
فيبتدرُ الجميع، ومن دون تأملٍ أو تفكير ليقولوا له : ساعدكَ اللهُ عليها..! طَلِّقها ماذا تنتظرْ..! لماذا لمْ تؤدبها..؟ أضربها..أطردها..!!
ولمْ نجدْ عاقلاً يقولُ له: ما الأسباب..؟ لعلّكَ أنْتَ المُذنب بحقّها..! وعلى فرض أنها أخطأتْ بحقك، فأين السماحة والعفو..!؟ أين أنتَ من قولِ أئمتك% : ((تخلّقوا بأخلاق الله..))..!؟ أليسَ من أسماء الله الحسنى.." العفوّ.."..؟
ثُمَّ إنّكَ إنْ لمْ تغفرْ لزوجتك زلّتها، فمَنْ ذا يغفرْ..؟
وهل تتصور أنّكَ تزوجتَ بـ(معصومةٍ) عن الخطأ..!؟
ألمْ يصبر رسولُ الله(ص) على أذى بعض زوجاته..؟
فلماذا لَمْ تَتخذْ مِنْ نبيّكَ قدوةً و أسوةً..وقد قال الله تعالى في قرآننا المجيد (لقد كان لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنة)..!!
وكذلك أخاطبُ الزوجات ـ الله يحفظهنَّ ـ بتوفير الجو الدافئ لأزواجهنّ والابتعاد عن كلّ ما يُعكر الحياة الزوجية..(وجَعَلَ بينكُم مَودةً و رَحمةً)..
و قد جاء في الروايات الصحيحة، أنّ الزوجة التي تحرص على مداراة زوجها وتُطيعه وتَبتسم في وَجهه وتُعينه على مكاره الدّهر وتُذّكره بالآخرة، هي ـ كما يقول عنها رسول الله(ص) ـ (( ..مِنْ عُمّال اللهِ في الأرض)) و من ((أهل الجَنّة..))..
أسألُ الله تعالى أنْ يؤلف بين القلوب، وأنْ يُبعدَ الشياطينَ عنّا، وأسأله أنْ يُسعدَ كُلَّ الأُسر الإسلامية، وأنْ يصون مجتمعنا من كُلّ شرٍّ وبغضاء ومُنكر..
(إنَّ وَلِيّيَ اللهُ الّذي نزَّلَ الكِتابَ وهُوَ يتولّى الصّالِحِينَ)..