يا طير لديار الولي مني وصيه
عرج على دار الرضا وابعث تحيه
يا طير ود رسالتي لطوس الحبيبه
وابعثها لديار الرضا ابن النجيبه
قله يا بو محمد ترى الفرقه صعيبه
من دونك الدنيا ترى ضيقه عليه
اسمه المبارك ونسبه الزاكي
الإمام عليّ بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد بن عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين
كنيته الشريفة
أبو الحسن الثاني؛ إذ اشتهر أبوه الإمام الكاظم عليه السّلام بأبي الحسن
ألقابه الجليلة
أشهرها «الرضا»، سمّاه الله تبارك وتعالى بذلك؛ لأنّه كان رضيَّ الله عزّوجلّ في سمائه، ورضيّ رسوله والأئمّة عليهم السّلام بعده في أرضه. وقيل: لأنّه رضيَ به المخالف والمؤالف
ومن ألقابه الحقّة:
الصابر، والزكيّ، والرضيّ، والوفيّ، والوليّ، والفاضل، والصدّيق، والصادق
منصبه الإلهيّ
الإمام الثامن من أئمّة الهدى أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله. قضى خمساً وثلاثين سنة في ظلّ حياة أبيه، وكانت مدّة إمامته عشرين سنة
تاريخ ولادته
في روايةٍ يومَ الخميس، وفي اُخرى يومَ الجُمعة، في الحادي عشر من ذي القعدة الحرام، عام مئة وثمانية وأربعين من الهجرة النبويّة المباركة، أي بعد أيّام من شهادة جدّه الإمام جعفر الصادق عليه السّلام.. على رواية الشيخ المفيد، وهو المشهور. أمّا على رواية الشيخ الصدوق ـ وتابَعَه عليها الشيخ الطبرسيّ ـ فولادته سنة مئة وثلاث وخمسين هجريّة، أي بعد خمسة أعوام من شهادة الإمام الصادق سلام الله عليه الذي قال لولده الكاظم موسى عليه السّلام: إنّ عالم آل محمّد عليه السّلام: لَفي صُلبك، وليتني أدركته؛ فإنّه سَميّ أمير المؤمنين عليه السّلام
وهناك تاريخ غير مشهور، يقول بولادة الإمام الرضا عليه السّلام عام مئة وواحد وخمسين
محلّ ولادته الغرّاء :
المدينة المنوّرة
اُمّه
قيل: اسمها «نجمة»، ويقال: «سَكَن النُّوبيّة»، وسُمّيت «أروى» و «سُمان»، واشتهرت بـ «تُكتَم»
يقول الشاعر:
ألا إنّ خيرَ الناس نَفْساً ووالداً ورَهْطاً وأجداداً عليُّ المكرَّمُ
أتَتْنا به لِلعلم والحلم ثامناً إماماً يؤدّي حجّةَ الله «تُكتَمُ»
وتُلقّب بـ «شقراء النُّوبيّة» و «الطاهرة»، وتكنّى بـ «اُمّ البنين». وكانت جارية من أشراف العجم، ومن أفضل النساء في عقلها ودينها
إخوته وأخواته
إبراهيم، العباس، القاسم، إسماعيل، جعفر، الحسن، أحمد، محمّد، حمزة، عبدالله، إسحاق، عبيدالله، زيد، الحسين، الفضل، سليمان، هارون.. وقد قَتل المأمون منهم جماعة وهم في طريقهم إلى خراسان برفقة اُختهم السيّدة فاطمة المعصومة عليها السّلام. ومن الأخوات: فاطمة الكبرى، فاطمة الصغرى، زينب، رُقيّة، رقيّة الصغرى، حكيمة، آمنة، اُمّ أبيها، بُرَيهة، عائشة، حسنة، اُمّ سلمة، اُمّ كلثوم، كلثوم، عليّة، لُبابة، خديجة، اُمّ جعفر، ميمونة
نساؤه
1 ـ «سَبيكة» أو الخَيزُران، أمّ الإمام محمّد الجواد عليه السّلام، وهي من أهل بيت ماريّة القبطيّة زوجة النبيّ صلّى الله عليه وآله واُمّ ولده إبراهيم
2 ـ اُمّ حبيبة بنت المأمون العبّاسيّ.
أولاده
يذهب الكثير من المؤرّخين إلى أنّه لم يكن للإمام الرضا عليه السّلام إلاّ ولده الوحيد محمّد الجواد عليه السّلام. إلاّ أنّ بعض المصادر ذكرت له عدداً من الأبناء، هم: أبو محمّد الحسن، وجعفر، وإبراهيم، والحسين، وفاطمة، وعائشة على خبر غير مشهور
أصحابه ورواته :
وهم مئات، أشهرهم: أبو الصَّلت الهَرَوي، دِعبِل بن عليّ الخزاعيّ، الحسن بن عليّ بن فَضّال، الحسن بن عليّ الوَشّاء، زكريّا بن آدم القمّي، محمّد بن إسماعيل بن بُزَيغ، الريّان بن الصلت، محمّد بن سنان، الحسن بن محبوب، الحسن بن سعيد الأهوازيّ، صفوان بن يحيى البجليّ، عبدالله بن مبارك النهاونديّ...
شعراؤه :
دعبل الخزاعيّ، إبراهيم بن العبّاس الصوليّ
بوّابه
محمّد بن الفرات
كتبه
سبعة، ذكرها السيّد محسن الأمين العامليّ في أعيان الشيعة بتفصيل
الحكّام المعاصرون
وهم ستّة، على هذا الترتيب:
1 ـ أبو جعفر المنصور الدوانيقيّ (136 ـ 158هـ)
2 ـ المهدي العبّاسيّ (158 ـ 169هـ)
3 ـ الهادي العبّاسيّ (169 ـ 170هـ)
4 ـ هارون الرشيد (170 ـ 193هـ)
5 ـ محمّد الأمين (193 ـ 198هـ)
6 ـ عبدالله المأمون (196 ـ 218هـ)
أخلاقه :
الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) هم النخبة الذين اصطفاهم الله لهداية الناس بالحقّ ، فكانوا المثَل الأعلى في الإنسانية والخلق الكريم
يقول " إبراهيم بن العباس " : ما رأيت أبا الحسن الرضا جفا أحداً بكلامه قط ، وما رأيته قطَع على أحد كلامه حتى يفرغ منه ، وما ردّ أحداً من حاجة يقدر عليها ، وما مدّ رجليه بين جليس له قط ، ولا اتّكأ بين يدي جليس له قط ، ولا شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته تفل قط ، ولا تقهقه في ضحكه ، بل ضحكه التبسم ، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه عليها مماليكه حتى البواب والسائس ، ومن زعم انه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه
ورافق أحدهم الإمام الرضا في رحلته إلى خراسان ، فدعا الإمام بالمائدة وجمع عليها مواليه ومماليكه لتناول الطعام ، فقال الرجل : يابن رسول الله لو جعلت لهؤلاء مائدة لوحدهم ؟
فقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : إن الرب تبارك وتعالى واحد ، والأب واحد والأم واحدة ، والجزاء بالأعمال
وخاطب أحدهم الإمام قائلاً : والله ما على وجه الأرض أشرف منك أباً . فقال الإمام : التقوى شرّفتهم
وأقسم آخر أيضاً قائلاً : أنت والله خيرُ الناس
فأجاب الإمام : لا تحلف يا هذا ، خيرٌ مني من كان أتقى لله عزّ وجل . . والله ما نُسخت هذه الآية " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم "
كان الإمام الرضا ( عليه السلام ) جالساً يحدّث الناس وهم يسألون عن الحلال والحرام ، فدخل رجل من أهل خراسان ، وقال :
السلام عليك يا بن رسول الله ، أنا رجل من محبّيك و محبّي آبائك وأجدادك (عليهم السلام ) ، عُدتُ من الحج ، وقد أضعت نفقتي وليس عندي شيء ، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله علي نعمة ، فإذا وصلت تصدّقت عنك بنفس المبلغ الذي تعطيني إيّاه ، فأنا رجل لا أستحقّ الصدقة
فقال الإمام بلطف : اجلس رحمك الله
ثم استأنف حديثه مع الناس حتى انصرفوا ، فنهض الإمام ودخل الحجرة وأخرج يده من وراء الباب ونادى : أين الخراساني ؟ فأجابه
فقال الإمام : هذه مائتا دينار فاستعن بها على سفرك ولا تتصدّق عني
فأخذها الخراساني و ودع الإمام شاكراً
بعدها خرج الإمام ، فقال أحد أصحابه : لماذا سترت وجهك عنه يا بن رسول الله ؟
فقال الإمام : حتى لا أرى ذلّ السؤال في وجهه . أما سمعت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : " المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة ، والمذيع بالسيئة مخذول ، والمستتر بها مغفور له "
لا تغترّ :
كان " أحمد البزنطي " واحداً من العلماء الكبار ، تبادل مع الإمام كثيراً من الرسائل ، آمن بعدها بإمامة الرضا ( عليه السلام ) ، وقد روى هذه الحكاية :
طلب الإمام الرضا ( عليه السلام ) حضوري وأرسل لي حماراً له ، فجلسنا نتحدّث ، ثم قدّم العشاء فتعشيت ، ثم عرض عليّ المبيت فقلت : بلى جعلت فداك ، فطرح بنفسه علي ملحفة وكساء وقال لي : بيّتك الله في عافية ، وكنّا على السطح
ونزل الإمام ، فقلت في نفسي : لقد نلت كرامة من الإمام ما نالها أحد ، وداخلني الغرور
وفي الصباح ودّعني الإمام وشدّ على كفي قائلاً : إنّ أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) أتى صعصعة بن صوحان يعوده في مرضه ، فلما أراد أن ينهض قال له : يا صعصعة لا تفتخر على إخوانك بعيادتي إياك
كأنما قرأ الإمام ما يجول في خاطره ، فوعظه وذكّره بعيادة جدّه الإمام علي ( عليه السلام ) لأحد أصحابه
شهادته
أجمعت المصادر من الخاصّة والعامّة ـ أو كادت ـ على أمرين:
الأوّل ـ أنّ الإمام الرضا سلام الله عليه قضى شهيداً
الثاني ـ أنّ قاتله هو المأمون العبّاسيّ، حيث أمر غلاماً له أن يفتّ حبّ الرمّان بأظفار مسمومة بسمّ خاص، وأن يزرق السمّ في عنقود من عنب.. فقدّم ذلك للإمام عليه السّلام، فقضى شهيداً في طوس، في قرية يُقال لها سَناباد في نُوقان
مدفنه
خشي المأمون الفضيحة، ففرّق الناس، وغُسّل أبو الحسن الرضا عليه السّلام مِن قِبل ابنه الجواد عليه السّلام ليلاً، ثمّ صلّى عليه ودفنه في البقعة التي استُشهد فيها، وكان الإمام الرضا عليه السّلام قد وصفها لأبي الصلت الهرويّ ـ أحد أصحابه المقرّبين ـ ذاكراً له غدرة المأمون به، وما سيجري من بعد شهادته
عمره وتاريخ شهادته
استُشهد الإمام الرضا عليه السّلام يوم الثلاثاء في آخر صفر، أو السابع عشر منه، سنة 203 من الهجرة الشريفة، وذلك عن عمرٍ مبارك يُقدّر بخمسةٍ وخمسين عاماً
قبره الطاهر
وُضع عليه ضريح يزهو بهاءً وجلالاً، تعلوه على الضريح قبّة ذهبيّة تشعّ نوراً وعزّاً وسموّاً. ويتوافد على روضته الشريفة ملايين المسلمين كلّ عام، يقصدونه من مشارق الأرض ومغاربها، ساكبين عند عتبته المقدّسة دموع الولاء، ومجدّدين معه العهد، وعاقدين عنده ميثاق الولاية
أمّا الكرامات التي ظهرت عند القبر المطهرّ فهي كثيرة مستمرة يمكن أن تكون مجلّدات كبيرة
من وصية له عليه السلام :
صل رحمك و لو بشربة من ماء
و أفضل ما توصل به الرحم كف الاذى عنها
( و لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الاذى )
حكمه
1- قال عليه السلام :
من شبه الله تعالى بخلقه فهو مشرك ، و من نسب اليه ما نهى عنه فهو كافر
2- قال عليه السلام
صديق كل امرئ عقله ، و عدوه جهله
3- و قال عليه السلام
الصلاة قربان كل تقي
4- و قال عليه السلام
ما بعث الله نبياً إلا بتحريم الخمر
5- و قال عليه السلام
من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز و جل
استجابة دعائه
1- دعا عليه السلام على ابي سعيد المكاري فقال
أطفأ الله نورك ، و أدخل افقر بيتك
فافتقر حتى مات ، و لم يكن عنده مبيت ليلة
2- كان بكار - الزبيري - قد ظلم علي بن موسى الرضا
في شئ فدعا عليه ، فسقط في وقت دعائه عليه
حجر من قصر فاندقت عنقه
3- قال عليه السلام
إني كنت ادعو الله تعالى على البرامكة بما فعلوا بأبي ن فاستجاب الله لي اليوم فيهم
قصيدة بمناسبة مولد غريب طوس
أيا ذكرى بسعدك فأسعدينا
أزيلي الهم عنا و أفرحينا
لمولدِ مَنْ إليه الروحُ هامتْ
ترفرفُ حولَه حينًا فحينا
عليه ملائكُ الرحمنِ صلًّتْ
بمحرابِ الخشوعِ مكبِّرينا
فحورُ العينِ في الجناتِ خرَّتْ
إلى الرحمنِ شكرًا ساجدينا
كأنِّي بالرسولِ و مرتضاهُ
مَعَ ابنتهِ البتولِ مهلهلينا
جميعُ الأنبياءِ أتَوْا حشودًا
بباقاتِ الزهورِ مهنئينا
بمولدِ مَنْ رضتْ عنهُ الأعادي
فكيفَ رضاهُ عند الأقربينا
عليٌ يا بنَ موسى يا إمامي
شفيعُ ذنوبِ كلِّ المذنبينا
أتيتُ الشعرَ كي أمدحْكَ لكنْ
هجاني الشعرُ هجوَ الغاضبينا !
نأى عنِّي و قالَ: أنا صغيرٌ
بحوري لا تمسُ الأكبرينا
فذاك إمامُكَ الجبارُ بحرٌ
و لَمْ أرَ في البحورِ لهُ قرينا
فإنْ يطمى أصيرُ به غريقًا
و إنْ جَزَرَتْ مِياهُ أصيرُ طينا !
و يَكْفي أنًّهُ إنْ قيسَ فردًا
بكلِّ الناسِ مثله لن يكونا
و مِنْ إحسانِه روّى قفارًا
فأضحتْ أجملُ الأرضينَ زينا
ففي بركِ السباعِ و إنْ رموهُ
تقبلُه الأسودُ مبصبصينا
عليٌ يا بنَ موسى يا إمامي
شفيعُ ذنوبِ كلِّ المذنبينا
ألا فأدرْ رحاكَ على ذنوبي
و كسِّرها و صيِّرها طحينا
أتيتك و البياضُ بلبِّ قلبي
تحمَّر من نواه لكم حنينا
سمعتُ بما سمعتُ لكم كلامًا
و ترويهِ الثقاتُ محدثينا
ألا مَنْ زارني عن بعدِ ميلٍ
أكونُ لهُ إلى الخلدِ الضمينا
فكيفَ لنا الوصولُ إلى ثراكمْ ؟
و عنكمْ سيدي أسفًا نأينا
و لا ندري إذا كنَّا بيومٍ
لمشهدكمْ إمامي زائرينا
فليتَ ضريحَك النوَّارَ سجنٌ
و ليتي كنتُ داخلهُ سجينا
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضا الْمُرْتَضَى الاِْمامِ التَّقِيِّ النَّقِيِّ وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوْقَ الاَْرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، الصِّدّيقِ الشَّهيدِ، صَلاةً كَثيرَةً تامَّةً زاكِيَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً مُتَرادِفَةً، كَاَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ اَوْلِيائِكَ
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اِمامَ الْهُدى وَاَلْعُرْوَةُ الْوُثْقى وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ آباؤُكَ الطّاهِرُونَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمىً عَلى هُدىً وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ اِلى باطِل، وَاَنَّكَ نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَاَدَّيْتَ الاَْمانَةَ، فَجَزاكَ اللهُ عَنِ الاِْسْلامِ وَاَهْلِهِ خَيْرَ الْجَزاءِ، اَتَيْتُكَ بِاَبي وَاُمّي زائراً عارِفاً، بِحَقِّكَ مُوالِياً لاَِوْلِيائِكَ مُعادِياً لاَِعْدائِكَ فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ
فوائد زيارة الامام الرضا عليه السلام
لا شك انه ليس الهدف من الزيارة هو الحصول على تلك الفوائد لأن الإمام عليه السلام أهل للزيارة واهل للحب والقرب ، ولكن مع ذلك فان الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه واله والإمام نفسه لا يبخل على زواره ويتفضل على كل واحد أتى اليه بألوان من الرحمة والخيرات والبركات والمنافع والفوائد ما لا حصر لها لأنه عليه السلام أهل الجود والكرم ومن تلك الفوائد ما هو دنيوي ومنها ما هو أخروي اول تلك الفوائد
قضاء الحوائج
تشير الروايات الى ان جميع الحوائج تقضى عند الامام الرضا عليه السلام مطلقا بلا استثناء صغيرة كانت ام كبيرة ، عظيمة ام حقيرة ، صعبة او سهلة ، ماعدا الظلم والمعصية وقطع الرحم ، وفي ذلك قال سيدي علي الهادي عليه السلام " من كانت له إلى حاجة فليزر قبر جدي الرضا عليه السلام بطوس وهو على غسل وليصل عند رأسه ركعتين وليسأل الله حاجته فانه يستجيب له ما لم يسأل في مآثم او قطيعة رحم وأن موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة لا يزورها مؤمن إلا اعتقه الله من النار وأحله الى دار القرار" صدق امامنا عليه السلام
استجابة الدعاء
قال إمامنا الرضا عليه السلام " لا تشد الرحال إلى شيء من القبور إلا إلى قبورنا ألا وأني مقتول بالسم ظلما ومدفون في موضع غربة فمن شد رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه وغفر له ذنوبه" صدق امامنا
الرزق
الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى ، ولكن جعل لذلك سببا ، فلا يكفي في طلب الرزق الجلوس في البيت وانتظاره ، بل ينبغي السعي لتحصيله وطرق أسبابه ومن جملة أسبابه زيارة أهل البيت عليهم السلام ، وبالخصوص زيارة الرضا عليه السلام وفي هذا النطاق اذكر لكم هذه المعجزة ( الامام يدل فقيرا على ياقوتة ) وهذه هي القصة نقل ان رجلا مسكينا اسمه عنايت كان يسكن مشهد المقدسة ، وكان فقيرا جدا حتى انه كان يقضي يومين او ثلاثة بلا طعام ، وكان يأنف أن يسأل الناس شيئا ، وفي يوم من الأيام اشتد به الجوع ولم يصل إليه شيئا فذهب الى الإمام الرضا عليه السلام فشكى حاله ، وتضرع إليه فعرض عليه النعاس ، فرأى الإمام عليه السلام في منامه يقول له : يا عنايت اذهب الى محل البقال " مير" وخذ منه اربعة عشر غاز ( وهي عمله في ذلك الزمان) فقد أوصيت لك بذلك ، ثم إذهب الى محل " البست " من الشارع السفلي حيث تجد رجلا قد بسط بساطا فيه أشياء متفرقة فاشتر منه الحجر الذي على بساطه ، ثم أذهب الى بيتك واكسره فستجد في وسطه قطعة ياقوتة ، ثم إذهب بها إلى الهند فانه يحصل لك منها ذهبا كثيرا ، فقال عنايت : يا سيدي ليس لدي معرفة في صقل الحجر ؟ فقال له عليه السلام : قد علمناكها فانتبه من نومه وعمل بما أمر مولاه فكان كما قال الإمام عليه السلام فذهب الى الهند وباع تلك الجوهرة بمبلغ كبير ثم عاد إلى بلده ، وقد تحسنت حالته وصار غنيا
شفاء الأمراض
وفي هذا المجال اذكر لكم هذه المعجزة وهي شفاء رجل أعمى بعد فقده بصره لمدة 17 عاما يذكر صاحب ، الثاقب أن محمد بن علي النيسابوري قد كف بصره منذ 17 عاما ، لا يبصر عينا ولا أثرا ، فورد حضرته صلوات الله عليه من نيسابور زائرا إذ دخلها متضرعا ، وزار ، فوضع وجهه على القبر باكيا ، ورفع رأسه بصيرا ، وسمي بالمعجزي ، وبقي بعد ذلك مدة مديدة ،واقام بالمشهد الشريف بقية عمره ، وقد تزوج به ورزق اولاد ولم توجعه عينه بعد ذلك ، ولم يعرف الا بالمعجزي ، وقد عرفه بذلك السلطان والرعية ، فيها لها من فضيلة قد فاق فضلها وراق خبرها
تفريج الهم والغم
قال الرسول الاكرم عليه افضل الصلاة والسلام : ستدفن بضعة مني بخراسان مازارها مكروب إلا ونفس الله عز وجل كربه ، ولا مذنب إلا وغفر الله له ذنوبه
التوفيق
ان من يواظب على زيارة الرضا عليه السلام يحصل على كثير من التوفيقات في حياته وبعد مماته تماما مثل الحج فان من واظب عليه رزق من التوفيقات مالا حصر له ومن جملة تلك التوفيقات التوفيق لتاليف الكتب والتوفيق للدفن بجواره والتوفيق للزواج والتوفيق لشراء البيت
الهداية
زيادة العلم
الامان من عذاب القبر
منكر ونكير لا يقربا زوار الرضا ومن أكل من مضيفه
نقل في حكاية تشرف علي البغدادي بلقاء امام العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف وسؤاله منه : زرنا الامام الرضا عليه السلام والتقينا باحد الاعراب الشروقيين من سكان البداية التي بالجانب الشرقي من النجف الأشرف ، فأضفناه ، وسألناه : كيف هي ولاية الرضا عليه السلام : فقال : هي الجنة ،،،فأنا الان لي خمسة عشر يوما آكل من مال مولاي الرضا عليه السلام ، فكيف يجرؤ منكر ونكير أن يدنيا مني في القبر ، فان دمي ولحمي قد نبت من طعامه عليه السلام في مضيفه ، فهل هذا صحيح ؟ إن علي بن موسى الرضا عليه السلام ] اتي ويخلصني من منكر ونكير ؟ فقال مولانا الحجة عليه السلام : نعم والله إن جدي هو الضامن
غفران الذنوب
بإسناد عن إمامنا ابي جعفر الثاني عليه السلام انه قال : من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، " وفي رواية اخرى ،، اضاف فيها : وانه اذا كان يوم القيامة نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله صلى الله عليه واله حتى يفرغ الناس من الحساب
وعن امير المؤمنين عليه السلام انه قال :
سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما اسمه اسمي واسم بيه اسم بن عمران موسى عليه السلام ، ألا فمن زاره فر غربته غفر الله عز وجل له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر ، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الامطار وورق الاشجار
الثواب والاجر العظيم
عن ابي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ، وقد مر به الرضا عليه السلام ، فقال ، ان ابني هذا يموت في ارض غربة ، فمن زاره مسلما لأمره عارفا بحقه كان عند الله عز وجل كشهداء بدر
عن الرضا عليه السلام انه قال :
ان بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة ، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ بالصور ، فقيل له يا ابن رسول الله وأيه بقعة هذه ؟ فقال : هي بأرض طوس فهي والله روضة من رياض الجنة من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكتب الله تعالى له ثواب الف حجة مبرورة ، والف عمرة مقبولة ، وكنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة
الأمان يوم الحساب
ضمن الرضا عليه السلام ،الأمان لجميع زواره من اهوال يوم القيامة ، وانه يقوم بنفسه عليه السلام من تخليصهم
وعن إمامنا الجواد عليه السلام ،إن بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة ، من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النار
وعن الرضا عليه السلام قال :
من زارني على بعد داري وشطون ( بعيدة) مزاري اتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى اخلصه من أهوالها :
إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا ، وعند الصراط ، وعند الميزان
النجاة من النار
دخول الجنة
علو الدرجات
التبرك بزيارة الإمام الرضا مرة اخرى
رزقنا الله وإياكم زيارة أبي محمد علي بن موسى الرضا (ع)
واجعله شفيعاً لنا يوم الورود
تاج الولاية
هـنا طير الهوى غــردْ وبـاسم الثــامن أنشـدْ
وعــاود بالأهازيـج أقيـموا للرضـا المولدْ
ألا زفـوا إلـى طـه الـتهاني بمولد أمجـدْ
بإعجاب وتـرحاب لأرض مـشهـد يـمتـدْ
فذي تكتم قـد ولـدت شبـيه المصــطـفـى أحـمدْ
ألا وهنئوا موسى بنور الضامـن السـيـدْ
أراه ساجداً خــر وغـير الله لا يـحـمدْ
عـلى نجـل له زف كـيوم فـجره جـددْ
قـد اسـتـقـبــل بــضعـته وأهدى قـبـلة في الخـدْ
ملائكة الـســماء غـدت إلى بيـتـه مـثـل الـوفـدْ
سلام يا علي مـن محـب شوقه عـــربــدْ
غـلى شـوقا سطـا عـشقا لســـانه باســمـك رددْ
غدا والشـوق يأخـذه لـنار أصبحــت تـوقدْ
مع زمرة عـشاق بـأفـئـدة لك تـقـصــدْ
لقـد أحرمت للوصل وميـقـاتي من مـشـهـدْ
رأيت مقامك رمـزاً لكـل الـبـشـر فرقدْ
إمامتكم لإيـماني غـدت هي مطلبي الأوحدْ
لقـد ولوك بالعـهد وكنت أحـق أن تـعـهدْ
إماماً قـائما فـيهم وذخر زمـن أســودْ
أيا نفحاً سماويـا وشمـساً لم تكن تخــمدْ
ويا ســيـفا حسيــنيا لرفع الحق لم يغمدْ
ويا نفحا رساليا ليوم المهدي قد مهـدْ
لقد أصبحت في قـلبي برغم أخذهم واـردْ
ورغم قـولهم فيـنا ورغـم جزرهـم والـمـدْ
ستبقى مشعـلا حـيا وفـيـنا ذكره سـرمــدْ
ستبـقى مـنهـل عـلم وبـدراً نـوره ينـشــدْ
بذي القعدة قـد ولد وخيـر مهجة تولـدْ
فنعم السـادة الآل ونـعـم التاج والسـؤددْ
فذي عصمتك طهر لها رب العلا أكدْ
ويابن الكاظم هـذي قلوبنا نحوك تسجـدْ
مـروراً بـمواقفك فوالله الذي يعبدْ
وجدتك بضعة طه بـطوس قبرك يوجدْ
لعـمري إنه وعد به مـن زارك يوعدْ
له الجنة مـن زار إماما من بني أحمدْ
عـطشت للعـلوم فـما سوى أنهارك موردْ
أنا إن لم يحركـني اشـــتياق حولك يحشدْ
فلا خيــر بإحساسي كأنه حجر جـلمدْ
ولـكـن أحاسـيسي بفضل هواك لن تـنفدْ
فــولا يومك كنت وأدت فـكرتي في الـمهـدْ
فـذا تاجـي ولايــتـكم وحبكـمُ هو المقصـدْ
وهذه شيـعـة جـاءت لمولـدك الذي أسعـدْ
قــلوباً هـامت الحق وطـوس بفـضلك تشهدْ
لك مـسك عـبــيري يفوق الحـجر الأســـــــودْ
ترى شـيعتك عـانـت وقـيــد حصـارهم مؤصدْ
ألستم ســر محيانا وأنتم كفـنا الأجودْ
سلام للرضـا مـنا كـبحـر عددا إن عدْ
غدا دولـتـكم تـأتي وتغدو للمـدى الأبـعـدْ
مـع المهـدي موعـدنا ومجـداً أصله عــسجدْ
جانك تريد الكرامة هذا أبو محمد
أرتل المدح بلحن منجلي
في ثامن الأئمة ، الطهر علي
قد اصطفاه الله من بين الورى
وخصه الباري بلطف أمثل
وسمي الرضا لأنه رضي
بما قضى عليه في المستقبل
في زهده وعلمه وفضله
خير مثال للنبي المرسل
وكفه كالسحب اذ تهمي وما
جاء فقير كان فقراً يصطلى
إلا غنياً عاد من عطائه
قد ارتوى من ماء عذب المنهل
يطوي الليالي ساجداً وقائماً
يتلو من الذكر بآي منزل
هدى الورى إلى الجنان في غد
وأرشد الناس لدنيا أفضل
أوتي فصل القول فيما قاله
فقوله مثل النمير السلسل
أتاه مأمون بعهد زائف
فلم يكن يغرّه ما قد ولي
أوتي علم الأولين وكفى
ما بان من علومه في المحفل
وفضله شع على كل الورى
في ساطع النور كنور المشعل
لاجعله الله بآخر العهد
وسلام على ال ياسين
مبارك عليكم ميلاد باب الحوائج
ومطلب الراغب ثامن الأئمة والحجج الإلهية
نور الكون والسلطان سيدي الإمام علي بن موسى الرضا
عليه وعلى آبائه و ذريتهم أفضل الصلاة والسلام
المولد الشريف
أشرقت الأرض بمولد الإمام الرضا عليه السلام ، فقد وُلد خَيرُ أهل الأرض ، وأكثرهم عائدة على الإسلام
وَسَرَتْ موجاتٌ من السرور والفرح عند آل النبي صلى الله عليه وآله ، وقد استقبل الإمام الكاظم عليه السلام النبأ بهذا المولود المبارك بمزيد من الابتهاج ، وسارع إلى السيدة زوجته يهنيها بوليدها قائلاً
( هَنِيئاً لكِ يا نَجمَة ، كَرامَةٌ لَكِ مِن رَبِّكِ )
وأخذ عليه السلام وليده المبارك ، وقد لُفَّ في خرقة بيضاء ، وأجرى عليه المراسم الشرعية ، فأذَّن في أُذنِه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ودعا بماء الفُرَات فَحنَّكه به ، ثم رَدَّهُ إلى أمه ، وقال عليه السلام لها
( خُذِيه ، فَإِنَّهُ بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرضِهِ )
لقد استقبل سليل النبوة أول صورة في دنيا الوجود ، صورة أبيه إمام المتقين ، وزعيم الموحدين عليه السلام ، وأول صوت قرع سمعه هو : اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ الله
وهذه الكلمات المُشرِقَة هي سرُّ الوجود ، وأُنشُودَةِ المُتَّقِين
وسمَّى الإمام الكاظم عليه السلام وليده المبارك باسم جده الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام تَبَرُّكاً وَتَيَمُّناً بهذا الاسم المبارك ، والذي يرمز لأَعظَم شَخصيةٍ خُلِقَت فِي دنيا الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وآله ، والتي تَحلَّت بِجميع الفضائل
وكانت ولادته عليه السلام في ( 11 ) ذي القعدة سنة ( 148 هـ ) ، وهذا هو المشهور بين الرُواة ، وهناك أقوال أخرى في ولادته عليه السلام
قصيدة السيّد عبدالله المشعشعي في مدح الإمام الرضا عليه السّلام
أتيناك نقطعُ شُـمَّ الجـبـالْ
ومـا ذاك إلاّ لـنيل الرُّتَـبْ
وخلّـفتُ في موطنـي جيرةً
بقـلبـي عليهم لهيبُ العطَبْ
وقالوا: إلى أين تبغي المسير
وتتركنا فـي عـظيم اللغبْ؟!
فقلت: إلى نور عين الرسول
وأزكى قريشٍ وخيرِ العربْ
عليِّ بن موسى وصيِّ الرسول
سليلِ المعالي رفيـع الحسبْ
إمام الورى أشـرف العالمين
حميد السجايا شـريف النسبْ
فأنت الإمام ونـجل الإمـام
وأنت المُرجّى لـدفع الكُربْ
أجِرنيَ من نـائبـات الزمان
ومثلُك مَن يُرتجـى لـلنُّوَبْ
وأرجوك يا أكـرم العالمين
تخلّصني مـن عظيم النصَبْ
وأرجـعُ من بعدها لـلديـار
وأقضي الذي لي بها من إربْ
ومَن لي سوا ك بيوم النشور
وأنت الشفيع وخير السببْ؟!
وصلّى الإله على مَـن بـه
ورثنا السيادةَ دون العـربْ
من أقوال الإمام الرضا عليه السلام
1. لايكون المؤمن مؤمناً حتّى تكون فيه ثلاث خصال: سُنّة من ربّه، وسنّة من نبيّه صلّى الله عليه وآله، وسنّة من وليّه عليه السّلام. فأمّا السنّة من ربّه فكتمان السرّ، وأمّا السنّة من نبيّه صلّى الله عليه وآله فمُداراة الناس، وأمّا السنّة من وليّه عليه السّلام فالصبر في البأساء والضرّاء
2. الأخ الأكبر بمنزلة الأب
3. التودّد إلى الناس نصف العقل
4. مَن حاسب نفسه ربح ، ومَن غفل عنها خسر
5. إذا ذكرتَ الرجل وهو حاضر فكَنِّه، وإذا كان غائباً فسَمِّه
6. وسُئل عليه السّلام عن السِّفْلة فقال: مَن كان له شيء يلهيه عن الله
7. العُجْبُ درجات، منها: أن يُزيَّن للعبد سوءُ عمله فيراه حسَناً فيعجبه ويحسَب أنّه يُحسن صُنعاً. ومنها: أن يُؤمن العبد بربّه فيمُنّ على الله، ولله المنّة عليه فيه
إن حياة المعصومين الأربعة عشر كانت زاهرة بالحب والمعرفة والعبر والبصائر ، إلاّ أن ما بلغنا من ضياء بعضهم كان أكثر من البعض الآخر ، والإمام الرضا (ع) من أولئك الذين تسنَّت لنا فرصة الاهتداء إلى المزيد من فضائلهم ، ولأنهم عند الله نور واحد ، فليس علينا إلاّ الاستضاءة بسيرته (ع) لمعرفة سيرة سائر المعصومين من آبائه ( عليهم جميعا سلام الله )
في سنة مائة وثمان وأربعين من الهجرة في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام ولد الإمام (ع) ، وعمَّ بيت الرسالة سرور وبهجة
لقد أكثر الإمام موسى بن جعفر (ع) من بيان فضائل ابنه الرضا (ع) وأنه خليفته والإمام من بعده مما يثير السؤال عن حكمة ذلك ،وهو ان الظروف السياسية كانت قياسية جداً . حيث التقيّة في أشدها ، وأهل البيت مطاردون ، وهارون الرشيد كان يلاحق أصحاب وأنصار أهل البيت من بلد إلى بلد ،. والإمام موسى بن جعفر يتنقل بأمر الرشيد من سجن لآخر ، فكانت إمكانية تفرق كلمة الشيعة بعد وفاته تجعل من الحكمة التأكيد على ولاية الإمام الرضا (ع )
كان الإمام الرضا (ع) بمثابة قرآن ناطق ، فخلقه من القرآن ، وعلمه ومكرماته من القرآن
لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها ، ورفض مغرياتها ، فرفع الله الحجاب بينه وبين الحقائق لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وهو حجاب سميك بين الإنسان وبين حقائق الخلق
وذلك عندما أقبلت الدنيا عليه فلم يقبلها ، وتزينت له فلم يغترّ بها . بل عندما كانت الخلافة العباسية في أوج عظمتها وبذخها وترفها وكان الإمام ولي عهد الخليفة في الظاهر يومئذ عاف الدنيا وشهواتها
أربعة من أئمة الهدى تسنى لهم نشر معارف الإسلام في الآفاق . أولهم الإمام أمير المؤمنين وآخرهم الإمام الرضا والصادقان محمد بن علي وجعفر بن محمد ( عليهم جميعاً صلوات الله )
وبالرغم من أن جميع أئمة الهدى نشروا العلم ، إلاّ أن الظروف ساعدت هؤلاء الأربعة على ذلك أكثر من الآخرين
أن حياة الإمام الرضا (ع) كانت فاتحة مرحلة جديدة من حياة الشيعة حيث خرجت بصائرهم وأفكارهم من مرحلة الكتمان إلى الظهور والإعلان ، ولم يعد الشيعة من بعد ذلك العهد طائفة معارضة في مناطق خاصة ، بل أصبحوا ظاهرين في كل البلاد ، ولقب الرضا الذي أطلق على الإمام علي بن موسى (ع) يدل على أنه كان إماماً رضي به الموافق والمخالف
ومن العوامل التي ساعدة الإمام في نشر المعارف الإسلامية انتقاله إلى حاضرة البلاد الإسلامية ، وقبوله لولاية العهد مما جعله في قلب الصراعات الفكرية
وهكذا كثرت حواراته مع سائر الملل والمذاهب ،وكانت كلماته تلقى قبولاً في كافة الأوساط الإسلامية
مما حدى بعلمائنا الكرام إفراد كتب حول ما روي عنه (ع) ، مثل ما فعل الصدوق ( رحمه الله ) في كتابه عيون أخبار الرضا
وهذا الشيء جعل المأمون يتقرب للإمام الرضا خصوصا في ظل الأوضاع السياسية في تلك الفترة التي جعلته يقدم على الخطوة الجريئة في عرض الخلافة على الإمام الرضا أو ولاية العهد وذلك لتقوية موقفه .وعندما استقرت الأوضاع السياسية اظهر المأمون ماكان يخفيه من بطانة تجاه الإمام الرضا فدسّ إليه السم فمضى شهيداً شأن سائر أئمة الهدى الذين جاء عنهم الحديث الشريف : " ما منا إلاّ مسموم أو مقتول "
نسأل الله أن ينفعنا به يوم القيامة ويجعل ذلك وسيلةً لإتباعنا له في الدنيا وشفاعته عند الله في الآخرة
التعريف
هو أبو الحسن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر الصادق بن محمَّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ثامن أئمة أهل البيت (عليهم السّلام)، ولد في 11ذي القعدة سنة 148هـ وتوفي في 29صفر سنة 203هـ
الموقع
يقع المرقد المطهر في وسط مدينة مشهد والتي تبعد مسافة 924كم عن العاصمة طهران، يحيط بالمشهد دوار تتفرّع منه شوارع تؤدي إلى كافة أرجاء مدينة مشهد، ويحدّ المشهد من الشمال محلة نوغان، ومن الجنوب شارع الإمام الرضا (ع) ودوار بيت المقدس، ومن الجنوب الغربي شارع نواب صفوي، ومن الشمال الشرقي شارع آية اللّه الشيرازي
التأسيس
إنَّ المكان الذي فيه الضريح الطاهر للإمام الرضا (ع) كان سابقاً داراً لحميد بن قحطبة الطائي أحد قواد أبي مسلم الخراساني، وعندما توفي هارون الرشيد عام 193هـ دفن في هذا المكان وأقام ولده المأمون على قبره قبة سميّت فيما بعد (القبة الهارونية). ولما توفي الإمام مسموماً جيء بجثمانه الشريف ودفن بالقرب من قبر هارون الرشيد، غير أنَّ هذه القبة دمّرت عام 380هـ على يد الأمير (سبكتكين) تدميراً كاملاً، فأصبح مرقد الإمام الرضا (عليه السّلام) المزار الوحيد في خراسان الذي حظي بالتقديس والإكبار حيث وضع السلطان مسعود بن سبكتكين على القبر الشريف ضريحاً مذهباً لتمييز قبر الإمام المقدس وليصبح ملاذاً للمنكوبين وملجأ لذوي الحاجات وأصبحت المدينة لا تعرف إلاَّ باسم مشهد الرضا (ع) بعد أن كانت تعرف بطوس وسناباد
التوسعة والإعمار
قام الملوك الديالمة بتعمير قبر الإمام الرضا (ع) بعد تأسيس المأمون له، وبعد أن خربه الأمير سبكتكين بقي خراباً لا يجرؤ الشيعة الإمامية على عمارته خوفاً من أعدائهم
وفي سنة 512هـ جدّد أبو طاهر شرف الدين القمي الوزير الشيعي للسلطان سنجر السلجوقي قبة المرقد الطاهر ولـم تزل عمارته قائمة إلى أن خربها التتر، ولكن السلطان محمَّد خدا بنده حفيد هولاكو قام بتجديد عمارة المرقد فيما بعد
وفي عهد السلطان ميرزا شاه رخ الكوركاني تـمّ في سنة 809هـ تعمير المشهد، وقامت زوجته الأميرة كوهر شاد بالعناية بالمشهد وبناء المسجد المتصل بالمشهد والمسمى باسمها
وفي سنة 932هـ أمر الشاه طهماسب الصفوي بتذهيب قبة المرقد، كما أقام منارة مذهبة ونصب حول المرقد ضريحاً من الذهب
وفي سنة 1010هـ قام الشاه عباس الكبير بإعمار المشهد وتوسيع الصحن وتذهيب قبة المرقد وفي سنة 1020هـ بنى الإيوان الشمال والشرقي والغربي
وفي سنة 1086هـ أمر الشاه سليمان الصفوي بتعمير قبة المشهد وتذهيبها على إثر سقوطها بسبب الزلزلة التي حدثت سنة 1084هـ.
وفي سنة 1153هـ اعتنى نادر شاه بالمشهد وقدم للروضة المطهرة قنديلاً من الذهب المرصع مع القفل الذهبي المرصع
وفي عهد فتح علي شاه القاجاري بوشر في سنة 1223هـ بتشييد صحن المشهد الجديد
وفي عهد محمَّد شاه تـمّ في سنة 1260هـ تزيينه بالقاشاني وأكمل ناصر الدين شاه تذهيب إيوان الصحن الذي بناه فتح علي شاه
وفي سنة 1401هـ وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بدأت عمليات الإعمار والتوسعة الكبيرة للمشهد الشريف إذ بوشر بإنشاء عمارات ومعالـم جديدة ألحقت بالمشهد، وأحداث وترميم المحاريب والزوايا، وأحداث صحون وأروقة جديدة كذلك ألحقت بالمشهد المكتبات والمؤسسات والمراكز الثقافية وتـمّ تطوير مرافق الراحة والخدمات للزوار الذين يتوافدون يومياً على المرقد الشريف
المعالـم
يقع ممر الضريح الطاهر في وسط الأبنية التابعة له، والأبنية التي تحيط به عبارة عن صحن الدار القديمة والجديدة، ومسجد كوهر شاد والأروقة. يوجد في داخل مقر الضريح الكثير من نفائس القاشاني القيمة والمخطوطات الرائعة وعلى المرقد الطاهر قبة ارتفاعها 31م قشرها الخارجي مطلي بالذهب وفي دائرها كتابة عربية واضحة، وفوق إيوان الذهب تشاهد منارة متلألئة مذهبة تقابلها منارة أخرى فوق إيوان شاه عباس
ويضمّ الحرم مئذنتين مذهبتين تقعان في الصحن القديـم قاعدة إحداهما في الضلع الجنوبي، وقاعدة الأخرى في الضلع الشمالي من الصحن، يضمّ المشهد عدّة صحون تـمّ توسعتها مؤخراً وهي صحن القدس مقابل مسجد كوهر شاد، وتبلغ مساحته 4672م2، وصحن الجمهورية الإسلامية الذي يقع بين محراب الشيخ البهائي ومحراب الشيخ الطوسي وتبلغ مساحته 40 ألف متر مربع ويرتبط هذا الصحن عن طريق رواق دار الولاية بالحرم المطهر، وهنالك صحن الإمام الخميني (قدس) وصحن الحرية وصحن الثورة ويشتمل المرقد على عدّة أروقة وعددها 20 رواقاً مجموع مساحتها 7520م2 وأهمها رواق دار الولاية الذي يعتبر أكبر الأروقة إذ تبلغ مساحته 2700م2 ويرتبط بالحرم وبعض الصحون والمقامات بطرق عديدة. ويحيط بالمشهد مكتبة عامرة تقع بين محراب الشيخ الطوسي، ومحراب الطبرسي مشيّدة على مساحة قدرها 29456م2 ومتكونة من ثلاثة طوابق. وهنالك قبة محلاة بالقاشاني الفاخر ترتفع فوق مسجد كوهر شاد الذي يمتد جنوبي المشهد الشريف، وفي وسط صحن المسجد مصلّى يُسمّى مصلّى المرأة العجوز (بيرزن)، في المشهد أربعة أبراج كبيرة شيّدت على البرج الغربي ساعة كبيرة وتستعمل منارة البرج الشرقي كـ (طبل خانة)، وفي الجهة الجنوبية من المشهد شيّدت دار كانت تعرف بدار السيادة بنتها الأميرة كوهر شاد، علّق في أحد جدرانها صحن مدور يُقال إنَّه الصحن المشؤوم الذي قُدّم فيه العنب المسموم للإمام الرضا (ع) وأمام البوابة الجنوبية للصحن التي بناها نادر شاد بنى بئر مثمنة الأضلاع مغطاة تسمّى (سقاخانة نادري). وفي وسط الصحن من جهة الغرب يوجد حوض الماء
المصادر
1. جولة في الأماكن المقدسة، السيِّد إبراهيم الموسوي، الزنجاني، ص 142، ط 1، سنة 1985م
2. مزارات أهل البيت وتاريخها، محمَّد حسين الجلالي، ص 194، ط 3، سنة 1995م، بيروت
3. موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي، ج 11، ط 2، سنة 1987م، بيروت
الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام
الميلاد
في 11 ذي القعدة سنة 148 هجرية وُلد عليّ بن الرضا ( عليه السلام ) في المدينة المنورة
أبوه
الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، وأمّه : إمرأة صالحة اسمها "نجمة"
أمضى طفولته مع أبيه الإمام ، وكان أبوه يوصي أصحابه ويشير إلى إمامة ابنه
قال علي بن يقطين : كنت عند " العبد الصالح " ، فدخل عليه ابنه علي الرضا ، فقال الإمام : يا علي بن يقطين هذا سيّد ولدي ، فقال هشام بن الحكم : لقد أخبرك أنّ الأمر له من بعده
كما سأله أحد أصحابه عن الإمام من بعده ، فأشار إلى ابنه الرضا وقال : هذا صاحبكم من بعدي
وكانت الظروف في عهده في غاية الخطورة ، فكان الإمام الكاظم يوصي أصحابه بالكتمان
الإمام ينصح أخاه
كان زيد أخو الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، ثار في مدينة البصرة وأحرق بيوت العباسيين ، فلُقِّب بزيد النار
أرسل إليه المأمون جيشاً كبيراً ، وبعد معارك طاحنة ، طلب زيدٌ الأمان فسلّم نفسه وأُخذ أسيراً
وعندما أصبح الإمام ولياً للعهد ، ارتأى المأمون أن يرسله إلى الإمام
كان الإمام غاضباً من عمل أخيه زيد لكثرة ما أحرق من البيوت وما صادره من أموال
قال الإمام لأخيه : ويحك يا زيد ما الذي غرّك حتى أرقت الدماء وقطعت السبيل ، أغرّك قول أهل الكوفة ، أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذرّيتها على النار ! ويحك يا زيد إنّ ذلك ليس لي ولا لك ، لقد عنى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذلك حسناً وحسيناً ، والله ما نالا ذلك إلا بطاعة الله ، فإن كنت ترى أنك تعصي الله وتدخل الجنة فأنت إذن أكرم على الله منهما ومن أبيك موسى بن جعفر
قال زيد : أنا أخوك
فقال الإمام : أنت أخي ما أطعت الله عز وجل ، وإنّ نوحاً قال : ربّ إنّ أبني من أهلي وإنّ وعدك الحق وأنت أرحم الراحمين . فقال له الله عز وجل : " يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح "