بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
كلما تذكرت تلك المواقف العظيمة لمولاي سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في أرض الخلود والتي أبدا فيها استعداده لأن يرحل عن هذه الدنيا حرا أبيا ويسطر بدمائه الزاكية ملحمة بقي صداها يدوي في سماء المجد إلى يومنا هذا بل سيبقى يدوي إلى أن يظهر المخلص ليأخذ بثأره من كل ظالم أباح دماء الأبرياء واستحل أعراض المسلمين وبارك لأولئك الأوغاد الذين هانت عليهم دماء ذرية سيد الرسل وخاتمهم وأبدى الشماته والفرح في ذكرى عاشوراء الأليمة بحجج واهية وروايات زائفة وضعتها الأيادي الخبيثة لوعاظ حكام السلاطين
نعم كلما تذكرت مواقف سيد شباب أهل الجنة واللحظات التي أبدا فيها حزنه على ما يرى من وحشية لأولئك المبغضين الذين أشربوا حب الشيطان وتحسره عليهم وعلى مصيرهم البائس في نار الجحيم بسبب قتله وانتهاك حرمته
وكلما تذكرت تلك اللحظات التي ينفرد بها سيد الشهداء مع أخته الحوراء ليوصيها بالتعزي بعزاء الله وحفظ العيال من بعده
وكلما تذكرت تلك المواعظ العظيمة التي ألقاها على معاديه من خلال خطبه علهم يعودون إلى رشدهم ويحيدون عن الإقدام على سفك دمه ودماء أهل بيته وصحابته ويأتيه الجواب من زعيمهم الضال برميه بسهم ليففتح بها تلك المعركة التي انتهت بحز رأسه
وكلما تذكرت وقوفه على ابنه شبيه المصطفى وهو مبضع بالسيوف وحاله الذي يبكي الحجر الأصم
وكلما تذكرت تلك اللحظة التي يودع فيها ابنته سكينة ويرى دموعها الجارية على خديها حزنا لفراقه
وكلما تذكرت موقفه حينما رأى أخاه أبا الفضل وهو مفضوخ الهام وانكساره لفقده
وكلما تذكرت ذلك السهم الذي طوق رقبة رضيعه وهو في حضنه
وكلما تذكرت ذلك السهم الذي قطع نياط قلبه واستخراجه له من خرز ظهره
وكلما تذكرت تلك اللحظة الرهيبة التي تربع فيها الشمر بنعليه على صدره فاتحا باعه هاويا بسيفه على رقبته مقطعا أوداجه سافكا على الأرض دمه
وكلما تذكرت نحيب الحجر والمدر والسماء والشجر في لحظة قتله
وكلما نظرت إلى خيمه وهي تحترق من بعدعينه وفرار نساؤه وأطفاله في البيداء مذهولين خائفين مشردين ضائعين
وكلما رأيت خليفة الله من بعد أبيه يقاد كما تقاد العبيد هو وعمته وأخوته من بلد إلى بلد ودخولهم في مجالس الطغاة ليتشفوا بهم ويبدوا الأعياد لقد ولي الله وسيد شباب أهل الجنة
وكلما تخيلت تلك الطفلة البريئة التي تبكي لفقد أبيها فيؤتى إليها بطبق لتفتحه وتتفاجأ بذلك الرأس الخضيب فتشهق وتموت حسرة على فراقه
كلما تذكرت ذلك عزلت نفسي في غرفة وصرخت صراخ الثكلى وناديت بأعلى صوت لبيك أيها الشهيد لبيك أيها المظلوم لبيك أيها السعيد إن كان لم يجبك لساني وجوارحي في تلك اللحظات التي ناديت فيها الا من ناصر ينصرنا الا من معين يعيننا آلا من طالبحا جة يذب عن حرم رسول الله
فها انا ذا أجيب بروحي وبقلبي وبكل جوارحي لبيك يا حسين لبيك يا أبا عبد الله روحي لروحك الوقا ونفسي لنفسك الفدا
نعم بهذه الكلمات التي أرتفع بها إلى عالم الملكوت لأرى ذلك الشهيد وهو قائم على باب الجنان يستقبل محبيه ويعطيهم صك النجاة والدماء تسيل من نحره أصل إليه وأقبل نحره فيجيبني بقوله هلا بمن ضحى بمهجته أجيبه سيدي لم يحصل لي الشرف بأن أفديك بروحي فيجيبني لقد فعلت
قلت له سيدي وكيف
قال بصدق مشاعرك وحسن ولائك وصرختك التي دوت مناديا فيها بإخلاص هيهات منا الذلة ورافعا صوتك بقول لبيك يا حسين كبت لك أنك من الشهداء الذين ضحوا بمهجهم من أجلي
لذا تستحق الجنة فهاك صك النجاة وأعانيه من خلال زنديه حيث كانت كفيه مقطوعتين
فدخلت الجنة ومتباهيا بنصرتي لهذا الإمام العظيم