[center]بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
اللهم صل على محمد وال محمد
ومن حديث كربلاء والكعبة
لكربلاء بان علو الرتبة
وقف الامام الحسين عليه السلام أمام الكعبة الشريفة في اخر وداع له مع بيت الله الحرام ., هاهنا اجتمعت القداسة وتجلت بمعناها الحقيقي ., ( الحسين والكعبة ) ., نور الله جل جلاله تجلى في الامام الحسين عليه السلام وقداسة الوجود تجلت في بيت الله الحرام .,
وكما خرج نبي الله موسى بن عمران على نبينا واله وعليه السلام من المدينة ( خائفا يترقب ) فقد خرج الامام الحسين عليه السلام مودعا الكعبة المشرفة ( خائفا يترقب ) ولكن خوف الامام الحسين عليه السلام ليس كخوف موسى بن عمران على نبينا واله وعليه السلام ., فقد كان خوف الامام الحسين عليه السلام على امة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وليس على نفسه ., لأن الحسين عليه السلام نفس ابيه بين جنبيه وهيهات ان يخاف ابن علي عليه السلام الذي كان يأنس بالموت كما يأنس الطفل بمحالب امه .,
وصل الامام الحسين عليه السلام عند قبر جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وبدا يشكوا الامه واحزانه وهو مقبل على الخروج من بلد جده رسول الله صلى الله عليه واله .,
ضمني عندك ياجداه في هذا الضريح
علني ياجد من بلوى زماني استريح
ضاق بي ياجد من فرط الأسى كل فسيح
فعسى طودالأسى يندك بين الدكتين
جد صفو العيش من بعدك بالأقدار حين
وأشاب الهم راسي قبل اقبال المشيب
فعلى من داخل القبر بكاء ونحيب
ونداء بارتجاع ياحبيبي ياحسين
انت ياريحانة القلب حفيف بالبلاء
انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء
لكن الماضي قليل بالذي قد اقبلا
فاتخذ درعين من صبر وحزم سابغين
ستذوق الموت ظلما ظاميا في كربلا
وستبقى في ثراها عافرا منجتلا
وكأني بلئيم الأصل شمرا قد على
صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين
وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث
سغبا نحو القوم وقد عز المغيث
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحديث
بينها السجاد في الأصفاد مغلول اليدين
وسراب الأهل والصحب بملحوب الطريق
يقطع البيداء جهدا قاصدا البيت العتيق
فأتته كتب الكوفة بالعهد الوثيق
نحن أنصارك فاقبل سترى قرة عين
هاهناتنتزع الأرواح عن اجسادها
بضبا تحتاظ بالأجساد عن اخمادها
وبها تحمل الأمجاد في اصفادها
بوساط الطلقاء الأدعياء الوالدين
فأظلتهم جنود كالجراد المنكشر
مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر
فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر
واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين
نعم خرج الامام الحسين عليه السلام يوم الثامن من ذي الحجة من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو يقول ( شاء الله ان يراني قتيلا وان يراهن سبايا ) ., وهو يعلم علم اليقين بأن له مرتبه لاينالها الا بالشهادة كما أخبره جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بذلك .,
وعندما وصل الامام الحسين عليه السلام أرض كربلاء جاءه الموت على استحياء ., وشتان بين وصول نبي الله موسى عليه السلام غريبا الى ارض الغربة ( وجائته احداهما تمشي على استحياء ) ., بينما ( جاء الموت يمشي على استحياء ) يقترب من الامام الحسين عليه السلام .,
ومادار الموت حولك بل انت درت
حول الموت في زرد محمكم
فمسك الموت من دون قصد فمات
وابقاك نجما من الانجم
عن الأمام جعفر الصادق عليه السلام قال : ( يتجلى الله سبحانه وتعالى لزوار قبر الحسين عليه السلام قبل أهل عرفات ويقضي حوائجهم ويغفر ذنوبهم ويشفعهم في مسائلهم. ومن ثم يأتي أهل عرفات فيفعل بهم ذلك ).
ان الحسين عليه السلام أعطى كل مايملك لله سبحانه وتعالى فحق على الله ان يعطي كل مايملك للحسين عليه السلام .,
الهي تركت الخلق طرا في هواكا
وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطعتني بالحب اربا
لما مال الفؤاد الى سواكا
نعم انها ارض الطفوف التي تحوي جسد الامام الحسين عليه السلام
هي الطفوفُ فَطُفْ سبعًا بمغناها
فما لمكةَ معنًى مثل معناها
أرضٌ ولكنها السبعُ الشدادُ لها
دانتْ وطأطأَ أعلاها لأَدْناها
وننظر اليوم الى الكعبة المشرفة والى أرض كربلاء الحسين عليه السلام ., فنرى جبل عرفات وهو الجبل الذي تعرف عليه ابونا ادم على أمنا حواء عليها السلام ., بينما ننظر الى جبل الصبر زينب عليه السلام وقد تعرفت في يوم عاشوراء على مصرع أخيها الحسين عليه السلام وأخوتها وابنائها .,
وننظر الى بئر زمزم وقد زمزم الماء لنبي الله اسماعيل على نبينا واله وعليه السلام العطشان ., ونرمق بطرف العين الى نهر الفرات الذي تشرب منه الكلاب والخنازير وقد منع عن الامام الحسين عليه السلام وولده وبناته واصحابه ان يذوق طعم الماء حتى يرد الله وهو ظامي الحشى ., وقد ودع ولده علي الاكبر عليه السلام بقوله ( سترد على جدك رسول الله صلى الله عليه واله ويسقيك من يده شربة لاتظمأ بعدها ابدا ) .,
ايقتل ابا عبد الله عطشانا
وفي كل انمل من انامله بحر
ووالده الساقي على الحوض في غد
ونهر الفرات لأمه الزهراء مهر
واذا تجسدت الاخوة عند بيت الله الحرام بمعانيها فقد رسخ العباس عليه السلام معنى الاخوة كمايريدها الله تعالى مع أخيه الحسين عليه السلام وهو يقول ( قبح الله العيش بعدك ابا عبد الله ) ., واذا كان ركض الحجيج بين الصفا والمروة عبادة فما بوسعنا ان نعتبر تلكم الركضة بعد أن أحرقوا خيم بنات رسول الله صلى الله عليه واله وهم يلوذون بجسد الحسين عليه السلام تارة ويركضون الى جسد العباس عليه السلام تارة أخرى ., وشتان الركض بين الصفا والمروة وبين جسد الحسين والعباس عليهما السلام .,
واذا كان الحجيج يحلقون رؤوسهم وهم مستبشرين فرحا وسرورا ., فقد ضحى الحسين عليه السلام برأسه فداء ان يبقى دين جده رسول الله صلى الله عليه واله وهو ينظر من أعلى شاهقة القنا الى الدين الاسلامي وقد بقيت راية ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله ., وهو عند ذاك تهلل وجهه فرحا وسرورا .,
ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي ...فياسيوف خذيني
سيدي ومولاي وربي ., يارب العالمين ., نعم ., نحن نتوجه في عبادتنا الى الكعبة المشرفة ., وبقلوبنا نتوجه الى ابن وليد الكعبة ., فلولاه لما بقيت الكعبة ., ولولاه لتهدمت الكعبة ., ولكن ., وبدمه الذي سكن أظلة العرش ., فقد أعاد للكعبة هيبته ., وأستقرللأسلام قبلته ., انه الحسين وكفى