أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى عليه السلام : " يا موسى..!! لا تفرح بكثرة المال، ولا تَدَع ذكري على كل حال، فإنّ كثرة المال تنسئ الذنوب، وإنّ ترك ذكري يقسي القلوب ".
روي عن سيدنا ومولانا أبي جعفر الإمام محمد الباقر عليه السلام : " إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعاء، فعليكم بالدعاء في السّحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعةٌ تُفتح فيها أبواب السماء، وتهبّ الرياح، وتُقسم فيها الأرزاق، وتُقضى فيها الحوائج العظام ".
كم من الجميل أن يمضي الإنسان حياته من دون معصية الرب، والطريق إلى ذلك سهل ممتنع..!! نعتقد أن من الحلول العملية هو أن تعزم - أول النهار - على أن لا تعصي الله تعالى المعصية الأولى، فإنها كالوحل تجر الإنسان إلى المستنقع السحيق، فإذا لم تتحقق المعصية الأولى فهل تليها الثانية ؟!!.. هل نويت الآن على أن تعزم عزمة من عزمات الملوك لئلا تتورط في المعصية الأولى في أول النهار ؟!!..
تنقية الروح من الشوائب
إن الروح باعتبار غيبها، وباعتبار أنها من الموجودات المجردة، لا تدرك ولا تلمس ولا ترى.. لذا، فإن العمل عليها من أصعب الأمور، رغم أنها من أشد الأمور إستراتيجية في الحياة.. لأنه إذا صلح الأمير، صلحت المملكة.. وإذا صلح القلب أيضاً صلحت الجوارح.. فالعمل على تنقية الروح من الشوائب وتهذيبها من أجلّ الحركات، وأدقها وأصعبها..!! ومن هنا، فإن الذين لا يعيشون حالة التجرد، وحالة الغور فيما وراء الطبيعة، يهملون هذا الجانب..
فعامة الناس المتدينين، يشغلون أنفسهم بالأعمال الجوارحية؛ إراحة لوجدانهم.. فإذا أحبوا أن يتقربوا إلى الله عز وجل، فإنهم يشغلون أنفسهم : بالصيام، وبالحج، والعمرة، والصلوات اليومية، والنوافل، وغير ذلك.. أي ينظرون إلى عبودية الله عز وجل، المتمثلة بالحركات الخارجية..
وبالتالي، فإنهم لا يعيشون حالة القرب من المولى، بل يعيشون حالة إرضاء المولى، ويحوزون على الثواب.. ولكن القرب القلبي غير متحقق، والشاهد على ذلك : أن بعض المكثرين من الحج والعمرة والنوافل، لا يُرى فيهم أي معنى من معاني القرب، والأنس، واطمئنان القلب؛ هذه المعاني الروحية التي ذكرت في القرآن الكريم : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ O الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾.. فحتى هذا الخشوع الصلاتي، الذي هو علامة الفلاح، لا يُرى في أعمال هؤلاء.. لذا؛ فإنه لابد من مضاعفة الجهد على هذه اللطيفة الربانية.
سبل تسلط الشيطان
إن من موجبات تسلط الشيطان على العبد أمور منها :
- عدم الرؤية له ولقبيله كما يصرح القرآن الكريم.
- استغلال الضعف البشري إذ ﴿ خلق الإنسان ضعيفا ﴾.
- الجهل بمداخله في النفس إذ هو أدرى من بني آدم بذلك.
- الغفلة عن التهيؤ للمواجهة في ساعات المجابهة.
والاعتصام بالمولى الحق رافع لتلك الموجبات ومبطل لها، فهو ( الذي يرى ) الشيطان ولا يراه الشيطان فيبطل الأول.. وهو ( القوى العزيز ) الذي يرفع الضعف فيبطل الثاني.. وهو ( العليم الخبير ) الذي يرفع الجهل فيبطل الثالث.. وهو ( الحي القيوم ) الذي يرفع الغفلة فيبطل الرابع