الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :
لقد يسر الله تعالى التوصل إلى بعض النتائج من خلال عملي هذا ، ومنها :
(1) أن الأئمة الأربعة أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد – رحمهم الله - ، كلهم من أئمة أهل السنة .
(2) أن التشيع غير الرفض ، بل بينهما عموم وخصوص ، فكل رافضي شيعي وليس العكس .
(3) أن التشيع ذاته له درجات ،كما أن للرفض أيضاً دركات . فأعلى درجات التشيع تقديم علي بن أبي طالب رضي الله عنه على عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وهذا وإن كان خلاف الصواب ، إلا أن التأثيم للمجتهد فيه غير محفوظ عن السلف . أما الرفض فأدنى دركاته تقديم علي على الشيخين – رضي الله عنهم جميعا – ولا خير في الرفض أدناه .
(4) غالبية من يسمون أنفسهم بالشيعة اليوم هم روافض ، فتسميتهم شيعة كتسمية النصارى مسيحيين . وقد نبه إلى هذا منذ القرن العاشر العلامة ابن حجر الهيتمي الذي قال : "إن الفرقة المسماة الشيعة الآن إنما هم شيعة إبليس" .
(5) أن أهم ما يعرف به اختلاف دين الرافضة عن دين بقية المسلمين موقفهم السلبي من أهم مصادر هذا الدين ؛ فالقول بتحريف القرآن الكريم هو مذهب جميع علماء الرافضة ، والقلة منهم الذين روي عنهم نقيض ذلك ، قد تبين عند التحقيق أنهم إنما نفوا التحريف من باب التقية . أما موقفهم من السنة فهو الرد والتناكر لأصح ما فيها ، بحجة أنها قد رويت بأسانيد غير رافضية .
(6) وبناء على ذلك ، فإن أي محاولة للتقريب بينهم وبين أهل السنة عديم الفائدة والأثر .
(7) قد نجد من أتباع الأئمة الأربعة من هو معتزلي ، أو صوفي ، أو مرجئ ، أو نحو ذلك . إلا أننا لم نسمع قط برافضي حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي ؛ مما يؤكد بعد الرفض عن طريقة أهل العلم ، وكونه نقيضاً للإسلام .
(
أن الرافضة يحاولون تلبيس الحق بالباطل في أمر التقية ، فالتقية الشرعية والتقية الرافضية تختلفان في حقيقتهما ، وشروطهما ، وظروف استخدامهما .
(9) أن معتقدات الرافضة في بعض المسائل ، خضعت لتغيرات وتقلبات عدة ، ومن أمثلة ذلك أن قدماءهم – في باب الصفات- مغالون في التجسيم ، وأما متأخروهم فمفرطون في التعطيل . وكذلك كان أوائلهم يثبتون القدر . ثم تحول المذهب عندهم في أواخر القرن الثالث ، ليصبحوا من نفاة القدر على مذهب أهل الاعتزال .
(10) من الملاحظ أن بعض عقائد الرافضة ، إنما تبنوها لحل الإشكالات العقلية الناجمة عن بعض ما سبق أن أصلوه من أصول فاسدة . فعقيدة المهدية والغيبة مثلا جاءت على إثر إشكال لزمهم على قولهم بوجوب نصب الإمام على الله تعالى ، وأنه لا يجوز خلو زمان من الإمام ، ثم رأوا أن الاثني عشر الذين عينوهم للإمامة قد انقرضوا قبل ثلاثمائة سنة ، والدنيا لم تنقرض ،فالتجئوا إلى القول بأن الإمام الثاني عشر يطول عمره إلى آخر الدهر . والقول بالبداء ، أحدثوه لتغطية ما قد يظهر من كذب علمائهم إذا تنبئوا بوقوع شيء فوقع الأمر على خلافه ، فحينئذ يقال قد بدا لله في الأمر ، وتعالى الله عن قول الظالمين . وأحدثوا عقيدة التقية للخروج من تناقض فتاوى علمائهم ، فحملوا كل ما وافق عليه أهل السنة منها على التقية .
(11) أن تاريخ الرافضة مليء بأخبار تحالفهم مع الكفار والمنافقين ضد أهل السنة.
(12) أن نظرة الرافضة إلى السنة كنظرة المؤمن إلى الكافر ، وعليه ، فهم لا يرون الصلاة خلف السني ، ولا الصلاة على جنازته ، وإن فعلوا تقية فيدعون عليه بالعذاب سراً .
(13) أن كثيرا من الأحكام ذات الصلة بمعاملة الرافضة ، كحكم مناكحتهم ، وأكل ذبائحهم ، واتباع جنائزهم ، وموارثتهم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحكم على القوم . لذا أصبح من الضروري قبل الحديث عن حكم من تلكم الأحكام بالنسبة لمعين منهم التوصل إلى معرفة حاله من حيث الكفر وعدمه أولاً .
(14) أن الرافضة لم يطعنوا في أحد بعد الصحابة رضي الله عنهم أكثر من طعنهم في الأئمة الأربعة ومذاهبهم . وأن جميع طعونهم في هؤلاء الأئمة وتجريحهم إياهم ومآخذهم عليهم لا تستند إلى أي حجة نقلية أو عقلية ثابتة . بل هم في ذلك كله إما كاذبون أو مخطئون .
(15) تأكد لي من خلال هذا العمل : عدم الثقة بما يذكره الروافض في معارض الدفاع عن عقائدهم أو آرائهم الفقهية من إحالات إلى بعض كتب أهل السنة بزعم أن فيه ما يوافق مذهبهم هذا أو ذاك ، ويذكرون الجزء والصفحة ، بل وحتى الطبعة أحيانا !! فقد تبين لي عدم أمانتهم في النقل ،وخيانتهم المتمثلة في التصرف في المنقول بتحريف أو زيادة أو نقصان ، وغير ذلك .
(16) أن أفضل منهج في مناقشة آراء الرافضة ، سواء في الأصول أو في الفروع ، التعامل المباشر مع مصادرهم المعتمدة ، فبمجرد القراءة المتأنية في تلكم المصادر تفتح آفاقا واسعة للطعن في محتواها ، وتكشف عن مآخذ عدة عليه .
(17) ثم إن في ذلك دحض شبهة الرافضة المعاصرين ، المتمثلة في دعواهم أن أهل السنة إنما يأخذون معلوماتهم عن الرافضة من مصادر وسيطة .كما يقول أحدهم :"نعم ، القوم لا علم لهم من الشيعة بشيء ،وهم يكتبون عنهم كل شيء" .
وقال أيضا : "ومنبع البلية أن القوم الذين يكتبون عن الشيعة يأخذون في الغالب مذهب الشيعة وأحوالهم عن ابن خلدون البربري ، الذي يكتب وهو في أفريقيا وأقصى المغرب ، عن الشيعة في العراق وأقصى المشرق" .
(18) يجب على المسلمين التنبيه إلى مكيدة رافضية جديدة وهي المتمثلة في الدعوة إلى الاعتراف بمذهبهم على أنه خامس المذاهب الإسلامية الأربعة . فالمذاهب الأربعة مذاهب فقه واجتهاد ، لا مذاهب عقدية، فالإسلام عقيدة واحدة .
(19) ليس للرافضة قول فارقوا به جميع أهل السنة إلا وتجده إما فاسدا أو مرجوحا .
(20) أن الطعن في الرافضة وبيان بطلان مذهبهم في الأصول أو الفروع قديم ، على عكس ما يتوهمه بعض الجهلة من كون شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه من بعده ، هم من فتحوا هذا الباب .
(21) ظهر لي بعد بحث طويل أن مذهب الرافضة في مسألة الجمع بين أكثر من أربع نسوة بنكاح ،هو المنع والتحريم .فلعل ما يوجد في بعض الكتب من أنهم يقولون بالجواز يعد قولا شاذا في مذهب القوم ، ولا يوجد في شيء من المعتمد في كتبهم .
(22) أن تهمة تشيع الإمام الشافعي لا صحة لها ، وكذلك ما قيل عن الإمام الطبري المفسر بسبب ما نسب إليه أنه يقول بمسح الرجلين في الوضوء . وحققت في الرسالة كون ذلك غير صحيح النسبة إليه .
(23) في مسألة الجريدة والميت تبين عند التحقيق أن للرافضة فيها مذهبا خاصا لم يقل به غيرهم ، ألا وهو دفن الميت مع جريدتين ؛ إحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره. وهذا غير وضع جريدة فوق القبر ، الذي قال به بعض أهل السنة ، وهو أيضا قول ضعيف .
(24) أن أهل السنة أكثر اتباعا لأئمة أهل البيت وموالاة لهم من الرافضة الذين يغالون في شخصهم ويخالفون أمرهم ، ويضعون روايات فينسبونها إليهم ، زورا وبهتانا . وهؤلاء الأئمة منهم خليفة راشد رضي الله عنه ،ومنهم أئمة العلم والدين ، ومنهم من دون ذلك ، فهم بريئون عن أكاذيب الرافضة .
(25) أن للإمام أحمد رحمه الله كتابا خاصا في مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه .وهذا الكتاب متداول الآن بين الرافضة وبتحقيق عالم من علمائهم .
الأمر الذي يفرض على طلبة لعلم والباحثين التنقيب عن هذا الكتاب في مراكز المخطوطات داخليا وخارجيا ، ومن ثم إخراجه إخراجا يليق بالمؤلف والمؤلف فيه، فنحن – معشر أهل السنة – ِأولى بعلي رضي الله عنه وبأحمد منهم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .