الغريب في الأمر أن الشيعة أنفسهم يحرمون المتعة ولكن لا أدري لماذا علماؤهم المتأخرين خرجوا لنا بهذا الرأي الشاذ.
فهل نعلم من ذلك أن قصدهم جذب الشباب إلى المذهب الشيعي عن طريق الجنس؟
فلو كان عندهم من الحق شيئا لاستغلوه ولكن لما لم يجدوا من الحق شيئا لجأوا إلى الشهوات ليجذبوا بها الناس . كيف لا وقد حفت النار بالشهوات؟؟؟
قد رأينا ذلك التحريم بقول الله تعالى: ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) [النور:23]، فمن لم يتمكن من الزواج الشرعي بسبب قلة ذات اليد فعليه بالاستعفاف ريثما يرزقه الله من فضله كي يستطيع الزواج.
فلو كانت المتعة حلالاً لما أمره بالاستعفاف والانتظار ريثما تتيسر أمور الزواج بل لأرشده إلى المتعة كي يقضي وطره بدلاً من المكوث والتحرق بنار الشهوة.
وقال الله تعالى: ( وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ) -إلى قوله- ( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [النساء:25].
فأرشد الذين لا يستطيعون الزواج لقلة ذات اليد أن يتزوجوا مما ملكت أيمانـهم، ومن عجز حتى عن ملك اليمين؛ أمره بالصبر، ولو كانت المتعة حلالاً لأرشده إليها.
ولا بد لنا أن ننقل نصوصاً أخرى عن الأئمة عليهم السلام في إثبات تحريم المتعة:
1 ـ عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عن المتعة فقال: ( لا تدنس نفسك بـها ) (بحار الأنوار 100/318).
وهذا صريح في قول أبي عبد الله ( إن المتعة تدنس النفس ) ولو كانت حلالاً لما صارت في هذا الحكم، ولم يكتف الصادق بذلك بل صرح بتحريمها:
2 ـ عن عمار قال: قال أبو عبد الله لي ولسليمان بن خالد: ( قد حرمت عليكما المتعة ) (فروع الكافي 2/48)، (وسائل الشيعة 14/450).
3 ـ وكان يوبخ أصحابه ويحذرهم من المتعة فقال: ( أما يستحي أحدكم أن يرى موضع فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه؟ ) (الفروع 2/44)، (وسائل الشيعة 1/450).
4 ـ ولما سأل علي بن يقطين أبا الحسن ( عن المتعة أجابه: (ما أنت وذاك؟ قد أغناك الله عنها ) (الفروع 2/43)، الوسائل (14/449).
نعم إن الله تعالى أغنى الناس عن المتعة بالزواج الشرعي الدائم.
5 ـ ولهذا لم ينقل أن أحداً تمتع بامرأة من أهل البيت عليهم السلام، فلو كان حلالاً لفعلن، ويؤيد ذلك أن عبد الله بن عمير قال لأبي جعفر : ( يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن؟ -أي يتمتعن- فأعرض عنه أبو جعفر حين ذكر نساءه وبنات عمه ) (الفروع 2/42)، (التهذيب 2/186)، وبـهذا يتأكد لكل مسلم عاقل أن المتعة حرام، لمخالفتها لنصوص القرآن الكريم وللسنة ولأقوال الأئمة عليهم السلام.
والصواب في المسألة أنـها حرمت يوم خيبر.
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
6 ـ ( حرم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة ) انظر (التهذيب 2/186)، (الاستبصار 2/142)، (وسائل الشيعة 14/441).
7 ـ وسئل أبو عبد الله
( كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة؟ قال: لا ) (انظر التهذيب 2/189).
وعلق الطوسي على ذلك بقوله: إنه لم يرد من ذلك النكاح الدائم بل أراد منه المتعة ولهذا أورد هذا النص من باب المتعة.
لا شك أن هذين النصين حجة قاطعة في نسخ حكم المتعة وإبطاله.
لما سئل أبو عبد الله: ( كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة؟ قال: لا ) فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال: لا، خصوصاً وإن الخبر صحيح في أن السؤال كان عن المتعة وأن أبا جعفر الطوسي راوي الخبر أورده في باب المتعة كما أسلفنا.
وما كان لأبي عبد الله والأئمة من قبله ومن بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه أو أن يحلوا أمراً حرمه أو أن يتبدعوا شيئاً ما كان معروفاً في عهده .
وبذلك يتبين أن الأخبار التي تحث على التمتع ما قال الأئمة منها حرفاً واحداً، بل افتراها وتقولها عليهم أناس زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة إليهم، وإلا بم تفسر إباحتهم التمتع بالهاشمية وتكفيرهم لمن لا يتمتع؟
مع أن الأئمة عليهم السلام لم ينقل عن واحد منهم نقلاً ثابتاً أنه تمتع مرة أو قال بحلية المتعة، أيكونون قد دانوا بغير دين الإسلام؟
فإذا توضح لنا هذا ندرك أن الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت والأئمة عليهم السلام، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير للأئمة .. فتنبه.
وأنظر إلى هذة القصة الغريبة والتي تدل على غباء من أباح المتعة
روى الكليني عن أبي عبد الله أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت: ( إني زنيت، فأمر أن ترجم، فأخبر أمير المؤمنين فقال: كيف زنيت؟
فقالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابياً فأبى إلا إن مكنته من نفسي، فلما أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي، فقال أمير المؤمنين : تزويج ورب الكعبة ) (الفروع 2/198).
إن المتعة كما هو معروف تكون عن تراض بين الطرفين وعن رغبة منهما.
أما في هذه الرواية فإن المرأة المذكورة مضطرة ومجبورة فساومها على نفسها مقابل شربة ماء، وليست هي في حكم الزانية حتى تطلب من عمر أن يطهرها وفوق ذلك -وهذا مهم- إن أمير المؤمنين هو الذي روى تحريم المتعة في نقله عن النبي صلى الله عليه وآله يوم خيبر فكيف يفتي هنا بأن هذا نكاح متعة؟! وفتواه على سبيل الحل والإقرار والرضا منه بفعل الرجل والمرأة!!؟
إن هذه الفتوى لو قالها أحد طلاب العلم لعدت سقطة بل غلطة يعاب عليه بسببها، فكيف تنسب إلى أمير المؤمنين وهو من هو في العلم والفتيا؟
إن الذي نسب هذه الفتوى لأمير المؤمنين إما حاقد أراد الطعن به، وإما ذو غرض وهو اخترع هذه القصة فنسبها لأمير المؤمنين ليضفي الشرعية على المتعة كي يسوغ لنفسه ولأمثاله استباحة الفروج باسم الدين حتى وإن أدى ذلك إلى الكذب على الأئمة عليهم السلام بل على النبي صلى الله عليه وآله.
إن المتعة التي أباحها فقهاؤهم تعطي الحق للرجل في أن يتمتع بعدد لا حصر له من النسوة، ولو بألف امرأة وفي وقت واحد.
فهل بعد ذلك كله نقول إن المتعة حلال ؟