عقائد السنة وعقائد الشيعة - صالح الورداني ص 28 :
ويبدو أن هذه الاتجاهات التي استثمرت المنطق والفلسفة في إجراء عملية تحرر في طريقة التفكير الإسلامي قد استفزت الحكام الذين خشوا من أن تأخذ هذه الاتجاهات امتدادها في الوسط الجماهيري . . ( 1 ) .
وهنا برزت الحاجة إلى ظهور اتجاه حديد يواجه هذه الاتجاهات ويحد من انتشارها ويعزل الجماهير عنها . فكان أن ظهر اتجاه أهل السنة في البداية على يد أحمد بن حنبل والحنابلة من بعده ثم تطور بعد ذلك على يد الأشعري الذي انشق عن المعتزلة بعد أن قضى أربعين عاما يدعو لاتجاههم . . . ( 2 ) .
ثم ظهر في نقس الفترة اتجاه الماتريدي ليشكل مع الأشعري جناحا أهل السنة في العصر العباسي الملئ بالصراعات الفكرية والعقائدية وليصبح هذا الاتجاه هو الاتجاه السائد ، اتجاه الأغلبية من المسلمين . بينما أصبحت الاتجاهات الأخرى محصورة في زاوية مظلمة من زوايا المجتمع يتبعها الأقلية من الناس . .
ولعل مثل هذه الطفرة أو القفزة الفكرية لأهل السنة فوق الاتجاهات الأخرى تفرض سؤالا هاما هو كيف لاتجاه ناشئ جديد أن يسود وينتشر على حساب اتجاهات ذات وجود وعمق تاريخي مثل الشيعة والمعتزلة وفي فترة قياسية . .