هل الإكثار من صلاة النافلة بدعة؟
وهناك مسألة قد ترتبط بموضوعنا وهو زيادة عمر للتراويح عن الإحدى عشرة ركعة التي كان يصليها الصحابة ، فهل في هذا ابتداع في الدين أم لا؟
لا شك أنّ عمر بن الخطاب والصحابة بصورة عامة قد علموا من خلال معايشتهم لرسول الله ومعاينتهم للوقائع بخلافنا ، أنّ صلاة التراويح من النوافل وأنّ الاستزادة منها استزادة في الخير ، وليس من البدعة في شيء ما دامت الصلاة نافلة ، وما دام فعل عمر له أصل شرعي ثابت وواضح.
وقد روى البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها: (كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر قال: يا عائشة ، إنّ عيني تنامان ولا ينام قلبي
فيُلاحظ في هذا الحديث أنّ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يزيد على إحدى عشرة ركعة في قيامه في رمضان ولا في غيره.
ولا يتصور عاقل أنّ إكثار المسلم من الصلاة في الليل بما هو فوق الإحدى عشرة ركعة بدعة ، وكذلك الحال في رمضان ، وهذا ما فهمه أصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ولذلك لم يجد عمر بن الخطاب حرجاً في الزيادة، ولم يجد أصحاب رسول الله ومنهم علي بن أبي طالب حرجاً من ذلك.
ولما أشير إليه شواهد في سير الصالحين الورعين المعروفين باتباع سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
فلربما قرأت في سيرة الإمام زين العابدين (علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ) وهو الإمام الرابع عند الشيعة الإثني عشرية ولفت نظرك في سيرته كثرة تعبده ، إلى درجة أن يُقال فيه ( كان يُصلي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات
ومنهم عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
فعن نافع أنّ ابن عمر كان يُحيي الليل صلاة ثم يقول: يا نافع ، أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة ، ثم يقول: يا نافع ، أسحرنا؟ فيقول: نعم ، فيقعد ويستغفر الله ويدعو إلى الصبح.
ومنهم شداد بن أوس الأنصاري رضي الله عنه.
فعن أسد بن وداعة عن شداد الأنصاري أنه كان إذا دخل الفراش يتقلّب على الفراش لا يأتيه النوم ، فيقول: اللهم إنّ النار أذهبت عني النوم ، فيقوم فيصلي حتى يصبح. والمتتبع لسيرة عمير بن هانئ وأويس القرني وعامر بن عبد الله بن قيس ومسروق بن عبد الرحمن والأسود بن يزيد النخعي وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وصلة بن أشيم وثابت بن أسلم البناني وقتادة بن دعامة وسعيد بن جبير وغيرهم من التابعين والمجاهدين والصالحين سيجد الشيء الكثير ، ولكن حسبنا ما أشرنا إليه