الدولة الفاطمية الشيعية وآليات سقوطها(1)
المقدمة
إن المسلمين المعاصرين يقرؤن تاريخ الدولة الفاطمية لا يعلمون إلا ماكتب لهم عن التاريخ السياسي لهذه الدولة ، ذهب فلان وخلفه فلان ولكن القليل منهم يذكر بطش هؤلاء الباطنية بالعلماء من أهل السنة بل إن طلبة المدارس الشرعية السنية بدؤا يدرسون التاريخ الإسلامي فيذكرون المعز الدين الفاطمي وكأنه بطل من أبطال التاريخ وهذا كله نتيجة لغياب التفسير العقدي الإسلامي لتاريخنا.
والتاريخ اليوم يعيد نفسه ولاتزال أفكار الفاطميين موجودة اليوم، فالأفكار لاتموت وإنما تتغير أشكال الوجوه والمسوح.
وإن من يقرأ تاريخ الدولة الفاطمية الشيعية التي استمرت أكثر من قرنين من الزمن غيرت السُنن وأدخلت البدع كبدعة (حي على خير العمل) في الأذان، وقتلت كل من خالف المنهج الرافضي الشيعي وحكمت البلاد وأدخلت الخيول إلى المساجد للتبول والتروث . واحتلت مساجد من أهل السنة وعلى الرغم من ذلك كله سقطت الدولة على يد المخلصين.
فالتاريخ اليوم يعيد نفسه وما أشبه اليوم بالبارحة ونحن إذ نعرض هذه المادة نأمل ان نستقي منها أهم الوسائل التي أدت إلى سقوط التشييع الفاطمي لأخذ العبرة منه ووقد شعلة الأمل في نفوسنا اليوم
الدولة الفاطمية الشيعية وآليات سقوطها
أولا/ جذور الشيعة الإسماعيلية والدولة الفاطمية
بعد موت جعفر الصادق افترقت الشيعة إلى فرقتين ممن نسبوا أنفسهم إلى جعفر الصادق:
فرقة ساقت الإمامية إلى ابنه موسى الكاظم وهؤلاء هم الشيعة ألاثني عشرية.
وفرقة نفت عنه الإمامة وقالت أن الإمام بعد جعفر هو ابنه إسماعيل وهذه عرفت بالشيعة الإسماعيلية.
وقد قامت الدولة الفاطمية الرافضية عام (296هـ -904م) في الشمال الإفريقي على يد أبو عبد الله الشيعي بعد سقوط القيروان إمام قواته.
ارتكبت الدولة الفاطمية جرائم نكرة منها:-
1- غلو بعض دعاتهم في عبيد الله المهدي حتى انه أنزل منزلة الإله و انه يعلم الغيب وانه نبي مرسل.
2- التسلط والجور وإعدام كل من يخالف المذهب الرافضي.
3- تحريم الإفتاء على مذاهب الإمام مالك رضي الله عنه واعتبروا ذلك جريمة يحاسب عليها القانون.
4- إبطال بعض السنن المتواترة والمشهورة والزيادة في بعضها كما فعلوا في زيادة ( حي على خير العمل في الآذان وإسقاط التراويح) حتى وصل الأمر بهم أن قطعوا لسان عروس المؤذن السني( لأنه لم يقل حي على خير العمل) ووضع لسانه بين عينيه وطيف به في القيروان ثم قتل ليكون عبرة لكل المؤذنين السنة ودفعا لهذه المفسدة أفتى العلماء السنة في ذلك الوقت بجواز قول حي على خير العمل.
5- منع التجمعات خوفاً من الثورة والخروج عليهم.
6- إتلاف مصنفات أهل السنة ومنع الناس من تداولها.
7- منع أهل السنة من التدريس في المساجد ونشر العلم والاجتماع بالطلاب.
8- تعطيل الشرائع.
9- إجبار الناس على الفطر قبل رؤية الهلال حتى إنهم قتلوا كل من أفتى بان لا فطر إلا مع رؤية الهلال كما فعلوا بالفقيه ابن الحبلى قاضي مدينة برقة.
10- إزالة آثار الخلفاء السنة.
11- دخول خيولهم إلى المساجد وجعلها تتروث وتتبول داخل المساجد.
ثانياً/ أساليب المغاربة (أهل المغرب) في مواجهة الدولة الفاطمية العبيدية
1. المقاومة السلبية/ أولى الوسائل التي استخدمها علماء المغرب السنة هو المقاطعة الجماعية لكل ماله صلة بالتشيع أو بالحكم القائم.
2. المقاومة الجدلية/ حيث قام علماء المغرب السنة بحملة سجالات ومناقشات ضد الشيعة وكانوا وقتها لسان أهل السنة الذب عن بيضة الدين.
3. المقاومة المسلحة/ لم يكتف علماء المغرب السنة بالمقاومة السلبية والمقاومة الجدلية، بل منهم من حمل السلاح وخرج ليقاتلهم ثم إن العلماء خطو خطوة اكبر من ذلك تتمثل بإصدار فتوى بوجوب قتال الدولة الفاطمية العبيدية.
4. المقاومة عبر التأليف/ وكانت من الوسائل المجدية في مقاومة التشييع وكان لها الأثر البالغ في تبصير العامة بالحق وإرساء دعائم السنة .
5. المقاومة عبر الشعر/ فقد هاجم شعراء أهل السنة العقائد الرافضية في كل الميادين والمجالس.
ثالثا/ زوال الدول الفاطمية من شمال أفريقيا
استطاع بعض فقهاء المالكية أن يصل إلى ديوان الحكم في دولة صنهاجة التابعة للدولة الفاطمية بمصر وأثروا في بعض الوزراء والأمراء واستطاع العلامة أبو الحسن الزجال أن يؤثر في الأمير المعز بن باديس في تربيته على منهج أهل السنة وتم القضاء على المذهب الشيعي في الشمال الافريقي على يد الأمير المعز بن باديس فجعل هذا الأمير المذهب المالكي هو المذهب الرسمي للدولة وانفصل من الدولة الفاطمية واسبك الدراهم والدنانير التي كانت عليها أسماء العبيدين والتي استمر الناس يتعاملون بها 145 سنة وأمر بضرب سكة اخرى كتب على احد وجهيها (لااله الاالله محمد رسول الله ) وعلى الوجه الآخر كتب (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) وقضى رحمه الله على كل المذاهب المخالفة لأهل السنة .
رابعا/ جهود السلاجقة في حماية العراق من التشيع الطائفي
أرسلت الدولة الفاطمية دعاة لتشيع العراق وكان من اشهر دعاة المذهب الشيعي هو(هبة الله الشيرازي) وقد نجح هذا الداعية في التأثير (البساسيري) احد القادة العسكريين في الدولة العباسية واستطاع البساسيري ان يستولي على بغداد ويزيح الخليفة القائم بامر الله واجبر الخليفة على كتابة اعتراف خطي (بعدم احقية بني العباس في الخلافة الاسلامية مع وجود بني فاطمة الزهراء ) ليحافظ على حياته .
وعندما نهب أهل الكرخ الشيعية بيوت أهل السنة ومساجدهم ونهبت بيوت القضاة . وتم إعادة القول (بحي على خير العمل ) بمساجد أهل السنة . وعندها علم السلطان السلجوقي (طغرل بك) بما مرت به بغداد وعلماءها ومساجدها فكًَرَ بجيوشه على بغداد فأعاد الخليفة العباسي للخلافة واستطاع ملاحقة البساسيري وقتله وعاد العراق الى الخلافة العباسية السنية من جديد .
خامسا / المدارس النظامية ودورها في الإحياء السني والتصدي للفكر الشيعي
بعد تلك الحوادث التي مرت بها الأمة الإسلامية في وقتها بدأ التفكير جديا في إنشاء مدارس نظامية للوقوف أمام المد الشيعي ألإمامي والاسماعيلي الرافضي عقب اعتلاء السطان (ألب أرسلان عرش السلاجقة عام 455 هـ )
وبدأت بالفعل انشاء المدارس السنية وتربية الأمة على كتاب الله وسنة نبيه وقد وفق الله نظام الملك توفيقا قل نظريه في التاريخ السياسي والعلمي والديني فقد عاشت المدارس التي واجهت المد الشيعي أمدا طويلا وعلى الخصوص نظامية بغداد التي طاولت الزمن زهاء اربعة قرون فخرج كثير من العلماء على مذهب الإمام الشافعي . وزودت الجهاز الحكومي بالموظفين السنة . وانتشر هولاء الموظفين والدعاة في العالم الإسلامي حتى اخترقوا حدود الباطنية في مصر وبلغو الشمال الأفريقي وعموا الوجود السني بها ، ونشرو عقيدة أهل السنة بالأمصار .
وقد ساهمت هذه المدارس بإعادة دور منهج أهل السنة في حياة الأمة بقوة وكان من ابرز آثرها : تقلص نفوذ الفكر الشيعي وكان الإمام الغزالي على قمة المفكرين الذين شنوا حربا شعواء على الشيعة الروافض .
وقدت مهدت هذه المدارس الطريق أمام نور الدين زنكي والايوبين كي يستمروا بالمسيرة التي من اجلها أنشئت هذه المدارس النظامية والتي تتمثل بالعمل على سيادة الإسلام في المناطق التي كانت تمثل موطنا لنفوذ الشيعة في تلك المرحلة كالشام ومصر وغيرها .
سادسا/ إلغاء الخلافة الفاطمية العبيدية
جاءت هذه الخطوة بعد الحملات العسكرية التي قادها نور الدين على مصر حتى فتحها رحمه الله فتولى أسد الدين (شيركوه) 364 هـ عم صلاح الدين الأيوبي وزارة مصر وتولى صلاح الدين الأيوبي بعد وفاة عمه (أسد الله ) خلافة مصر وهو ابن الحادية والثلاثون من عمره وبعد مجموعة من الحملات التي قام بها الناصر الدين الله (صلاح الدين الأيوبي ) أعلن إنهاء الخلافة الفاطمية العبيدية الشيعية وقد تدرج صلاح الدين في إلغاء الخلافة الفاطمية شياً فشياً ولعل أهم الوسائل التي اتخذها صلاح الدين الأيوبي للقضاء على المذهب والتراث الفاطمي هي
1. إذلال الخليفة الفاطمي العاضد وذلك بالقضاء على فكرة الولاية.
2. وضعه في مكان قصر الخلافة الفاطمي .
3. قطع الخطبة الجامعة الفاطمية من الجامع الأزهر وإبطال تدريس الفكر الفاطمي به.
4. إزالة الشعائر الشيعية التي ادخلها الفاطميون لمصر فأبطل قول (حي على خير العمل ) واستمر الأذان بمصر على المذهب السني يومنا هذا .
5. أتلاف وحرق الكتب الشيعية الاسماعلية .
6. الغى جميع الاعياد المذهبية للفاطميين.
7. محو الرسوم الفاطمية وعملاتهم .
8. الاستمرار في ملاحقتة بقايا التشيع في الشام واليمن
وهكذا فان التدابير التي اتخذها زعماء أهل السنة كنور الدين وصلاح الدين آتت اٌكلها وقضى أهل السنة على الدولة الفاطمية وأبادو تراثها وتتبعوا افرادها في مصر وانكمش التشيع ودخل في طور والتستر وبدأ المذهب الشيعي يختفي من مصر واستمر الأيوبيون بقيادة صلاح الدين بالقضاء على الدعوة الاسماعلية في مصر واليمن والشام واستكمل ما بدأ به والسلاجقة والزنكيون في محاربة الدعوة الشيعية ونشر الدعوة السنية في إيران والشام
الخاتمة
إن من الأخطار العظيمة التي تواجه الأمة اليوم المشروع الجديد النشط في أنحاء العالم ومحاولة تفريس الدولة العربية الإسلامية ، واستهداف عقيدة أهل السنة والجماعة .
فهلم نستلهم الدروس والعبر مما سبق ونعمل بالسنن والقوانين الإلهية في الدعوة الى الاسلام الصحيح فيكون من حكامنا مثل ألب ارسلان في شجاعته ومن علمائها كالغزالي والكيلاني وعلماء المغاربة في الدفاع عن اهل السنة وقضايا الفكر الاسلامي الصحيح