| كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
علي العاملي المدير العام
عدد الرسائل : 297 تاريخ التسجيل : 12/04/2011
| موضوع: كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول السبت مايو 28, 2011 3:06 pm | |
| | |
|
| |
ابو الحسن المالكي المدير العام
عدد الرسائل : 1168 تاريخ التسجيل : 27/11/2010
| موضوع: رد: كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول السبت مايو 28, 2011 7:20 pm | |
| عاملي لو كنت مكانك لما نقلت هذا الموضوع لانو بكلمتين في قوقل تتضح حقبقه هذا الكاب للشيرازي سلطان الواعظين الكذاب قال الله تعالى :
{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ }النحل105
والشيرازي هذا كذب على أبي داود و النسائي و البخاري ومسلم و سنن الترمذي وأبن ماجة رحمهم الله
وان شئت ان انقل لك بعض من كذبه انا جاهز | |
|
| |
ابو الحسن المالكي المدير العام
عدد الرسائل : 1168 تاريخ التسجيل : 27/11/2010
| موضوع: رد: كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول السبت مايو 28, 2011 7:26 pm | |
| | |
|
| |
علي العاملي المدير العام
عدد الرسائل : 297 تاريخ التسجيل : 12/04/2011
| موضوع: اين العقل من هذا الكلام الأحد مايو 29, 2011 2:58 am | |
| اين العقل من هذا الكلام
الرد على كتاب ليالي بيشاور
الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام علی من لا نبی بعده. تبدأ حكايتنا في هذا الکتاب مع إطلالة عام 1345 حیث تقول هذه الروایة : کان هناك رجلاً یدعی « سلطان الواعظین الشیرازي » وقد زعم هذا الأخيرأنه سافر في العام المذكور أعلاه الى بيشاور إحدى مدن باكستان ، وهذا يعني أنه قد مرَ على رحلته المزعومة أكثر من 83 عاماً تقريباَ، حيث مكث هناك عشرة ليالي وتم في خلال هذه المدة مناقشة أهل السنة ، واستطاع الشيرازي بما أوتي من ذكاء وعبقرية أن يبطل مذهب أهل السنة ويثبت ما عليه الشيعة من حق وصواب ...!!؟ كما تقول هذه القصة وعلى لسان الحكواتي المخضرم المدعو سلطان الواعظين الشيرازي بطل قصتنا أنه قام بكتابه خلاصة هذه المناقشة ومادار بينه وبين أهل السنة في تلك المجالس من مكافحة ومنافحة لنصرة الحق الذي هو عليه ، وما توصل اليه بعد جهد جهيد من نتائج باهرة ، استطاع أن يجمع كل ذلك في كتابه المسمى ( ليالي بيشاور ) .......!!. وهكذا تم له ما أراد وطبع الكتاب لأول مرة بعد ثلاثين عاماً من تاريخ تدوين هذه الخلاصة التي بذل فيها صاحبها دم قلبه وماء عينيه وساعات عمره الغالي ، تم توالت طبعات هذاالكتاب حتي أصبح أشهر من نارٍعلى علم ، بل وأصبح هذا الكتاب زينة المجالس بالنسبة للشيعة، وأحد مفاخرهم التي يفتخرون بها على أهل السنة وكل من ناوأهم.......! توفي مؤلف الكتاب بعد مرور ( 15 عاماً ) على تاريخ الطبعة الاولى لكتابه، فلم تنقطع طبعات الكتاب عن الاصدار بين الحين والحين وكيف لايكون الحال كذلك وهم لا يكفوا عن القول لكل من ناقشهم أوجادلهم وكأنهم لقنوا هذه العبارة تلقينا : إقرأ ليالي بيشاور ...؟! اصبح لي أكثرمن 23 عاماً وأنا أعيش في هذه المدينة ..... مدينة بيشاور وأنا لا تكاد تخفى عليَ خافية بفضل من الله تعالى عن أحوال أهلها وقد أبدت إلىَ الايام ما جهله غيري وزودتني بالأخبار مالم يزودوا ....! فالأمورعندي أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولذا فإني أرى من المحال أن يكون هذا الرجل صادقا فيما يدعيه أوأنه يكون قد عقد مثل هذا المجلس لمناظرة علماء أهل السنة والجماعة كما يحلو له أن يزعم ذلك ويدعيه ...؟!!!. وليس من دليل أدل على بطلان ما يزعمه ويدعيه من قوله : إن الذي ناظره كان رجلاً شافعي المذهب .....! في حين إننا لم نجد والله أعلم مقلداً شافعياً واحداً في هذه المدينة الصغيرة التي تسمى بيشاور .....؟! . نعم قد يكون هناك حقيقية لما يدعيه لو أنه قال : كان ذلك في الهند مثلا ....! فلعلنا نجد له مبرراً و دليل صدق لما يقول ، وإن أردنا أن نحسن الظن في هذا الرجل ولنجد له بالتالي مسوغاً لما يدعيه فنقول : لعله قام بمناقشة عابرة بينه وبين ثلة قليلة من أبناء أهل السنة ، فجعل منها خياله الخصب مناقشات ومجالس ومناظرات ذات طابع مميز وخطير بينه وبين علماء أهل السنة والجماعة..؟! ثم لا ينقضي عجبك وأنت تراه في هذا الكتاب وقد نصب نفسه خصماً ومدعيا و قاضيا وحكما في الوقت نفسه..؟!! هذا الكتاب الذي بين يدي كتاب مظلم وقد مليء كذباً وزوراً وبهتاناً ، فعندما بدأت بكتابة مقدمة الرد على كتاب ( ليالي بيشاور ) فإني قبل ذلك قرأت الكتاب من صفحه 501 – 520 وتأملت تلك الصفحات جيداً فلم أجد خلال تلك الصفحات العشرين الا صفحةً واحدةً نقل فيها كلام أهل السنة، وأما باقي الصفحات فهي عبارة عن كلام لهذا الرجل الثرثار المهذار.......! وأود أن أتساءل فأقول : لماذا سمى هذا الرجل تلك المقالة أوالمحاضرة التي أملاها عليه ضميره ووجدانه مناقشة ومجادلة ورداً...... ؟! فسبحان ربي فقد أبى تعالى الا أن يفضحه ويكشف كيده وزوره وبهتانه ، وصدق سبحانه إذ يقول : ( و لو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم ) محمد 30 . فإنك ترى في تلك الصفحة التي خصصها لأقوال أهل السنة في كتابه، أقول : إما إنك ترى أن أهل السنة مرة يطلبون منه توضيحاً اكثر للموضوع ، وإما تجدهم يؤيدون كلامه في موضع آخر، وإن اعترضوا عليه فتكون اعتراضاتهم تافهة ومقتضبه وإما أن تراهم يسألونه أسئلة تتلائم مع ما يشتهيه من أقوال وما يبديه من تخريصات و تصريحات، أو أنك تجدهم يستدلون بأدلة تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة، فهل بعد هذا كله تطلب دليلاً أوضح وقولاً أصدق وحكما أعدل من تزوير هذه المناقشات والمناظرات التي يدعيها ( سلطان الوعظين الشيرازي ) 83 سنة قد مرت وولت علی تلك المناقشة والمناظرة ولکن مع ذلك کله فلم یمض وقت طویل علیها ، وها أنا ذا أجیب علی تلك الاعترافات والردود الواهیة ضاربا بعرض الحائط ردود اولئك العلماء المزعومین...!!
اطيب يا اخ ابو حسن المالكي هل قرأت كتاب ليالي بيشاور وتمعنت بصفحاته | |
|
| |
ابو الحسن المالكي المدير العام
عدد الرسائل : 1168 تاريخ التسجيل : 27/11/2010
| موضوع: رد: كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول الأحد مايو 29, 2011 7:46 pm | |
| الرابط ليس لك انت انا قلت لاهل السنه
واعطيك بعض كذبات مؤلفه الشيرازي ونرجو منك الرد ونصر عالمك وكتابه
1- قال الشيرازي مؤلف ليالي بيشاور صفحة ( 339 ) مانصه ( من أهم الأخبار في الموضوع ، خبر الطير المشوي المروي في كتبنا وكتبكم المعتبرة كالصحاح والمسانيد ، منها :صحيح البخاري ، وصحيح مسلم )
س / هل هذا الحديث موجود في البخاري ومسلم ؟؟؟
2- قال الشيرازي صفحة ( 987 ) مانصه ( وروى الحاكم في المستدرك : ج3/138 ، والشيخان مسلم والبخاري في صحيحيهما عن النبي (ص) قال : أوحي إلي في علي أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين )
س / هل هذا الحديث موجود في البخاري ومسلم ؟؟؟
أتمنى ان تكون الإجابة على قدر السؤال وبدون مظلوميات .
هذه فاتحة الأسئلة وستأتي عشرات الأسئلة في بيان الكذب والجرأة إن شاء الله تعالى .
أرجو الرد ( قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُون ) | |
|
| |
علي العاملي المدير العام
عدد الرسائل : 297 تاريخ التسجيل : 12/04/2011
| موضوع: تكرم عينك الإثنين مايو 30, 2011 8:31 am | |
| تكرم عينك يا ابو الحسن المالكي وانا اجاوبك واتعامل معك على اساس العقلانية لانني وجدت فيك الروح المرحة والصدر الرحب طبعا سيتم تنزيل كتاب ليالي بيشاور على هذا المنتدى ولكن اثناء البحث عن الجواب لك وجدت موضوع مشابه له في منتديات السرداب السلفية نفس الكلام ونفس الجواب وهذا الرابط
http://www.alsrdaab.com/vb/showthread.php?t=26683
السؤال هو هل نعيد الحوار والكر والفر انا سابحث عن الحديث في صحيح مسلم وصحيح البخاري اذا وجدته ساقول وجدته واذا لم اجده ساقول لم اجده جيد حتى الان | |
|
| |
علي العاملي المدير العام
عدد الرسائل : 297 تاريخ التسجيل : 12/04/2011
| موضوع: الاخطاء الإثنين مايو 30, 2011 8:44 am | |
| نعم ليالي بيشاور فيه بعض الاخطاء ، ولا نعلم هل هي من السيد رضوان الله تعالى عليه أو من المترجم أو ماذا . حتى الذي حقق الكتاب علق على بعض المصادر وقال : لم أجده في هذا المصدر .
وبطبيعة الحال ، السيد رضوان الله تعالى عليه كان مسافرا ولم تكن عنده كل تلك المصادر ، فكان يتكلم من حفظه ، وأصاب في بعض المصادر وأخطأ ولا نقول بعصمته .ولكن لا يمكن ان ننكر المصادر الاخرى اليس كذلك وقال محمد بن طلحة في كتابه مطالب السؤول / آخر الفصل الرابع / أما حصول صفة التقوى له فقد أثبتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأبلغ الطرق وأعلاها فإنه قال له يوما: مرحبا بسيد المسلمين وإمام المتقين. ثم قال: إذا وصفه بكونه إمام أهل التقوى كان مقدما عليهم بزيادة تقواه.
وروى الحاكم في المستدرك: ج3/138، والشيخان مسلم والبخاري في صحيحيهما عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أوحي إلي في علي أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين (1).
وروى العلامة الكنجي في كفاية الطالب / باب 45 بسنده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ فراشه من ذهب يتلألأ، فأوحى الله إلي و أمرني في علي بثلاث خصال: بأنه سيد المسلمين و إمام المتقين و قائد الغر المحجلين(2).
وروى أحمد في المسند أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما خاطب عليا،
____________
1- و 2- ورد في كثير من الكتب عن كبار علمائهم، منهم: الخطيب البغدادي في تاريخه: ج4/41 بطرق شتى عن أبي الأزهر ثم قال: ورواه محمد بن حمدون النيسابوري، وأخرجه الذهبي أيضا في ميزان الاعتدال: ج2/613 و128 في ط وابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب: ج1/12، والجزري في أسد الغابة: ج1/69 وج3 /116 ، والموفق الخوارزمي في المناقب /229، والهيثمي في المجمع: ج9/121، وقال: رواه الطبراني في الكبير، وأخرجه أيضا المحب الطبري في ذخائر العقبى /70، والمتقي في منتخب الكنز: ج5/34 وقال: أخرجه بن النجار، ورواهما جمع آخر. ((المترجم)) | |
|
| |
علي العاملي المدير العام
عدد الرسائل : 297 تاريخ التسجيل : 12/04/2011
| موضوع: في ما خص حديث الطير الإثنين مايو 30, 2011 9:20 am | |
| الجهة الأولى : رواة حديث الطير وأسانيده
نبدأ بأسماء الصحابة الذين وصلتنا رواياتهم لهذا الحديث الشريف وهم :
أولا : علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ويوجد حديثه عند ابن عساكر ( 1 ) ، وغيره من كبار المحدثين ، وأشار إليه الحاكم النيسابوري في المستدرك ( 2 ) .
ثانيا : سعد بن أبي وقاص ، وحديثه يوجد في حلية الأولياء ( 3 ) لأبي نعيم الإصفهاني . * هامش * ( 1 ) ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2 / 106 رقم 613 - مؤسسة المحمودي دار التعارف - بيروت . ( 2 ) المستدرك 3 / 130 - 131 . ( 3 ) حلية الأولياء 4 / 356 . ( * )
الجهة الثانية : دلالة حديث الطير على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام )
إن حديث الطير يدل على إمامة أمير المؤمنين بالقطع واليقين ، وذلك ، لأن القضية التي تتعلق بحديث الطير ، هذه القضية قد أسفرت عن كون علي ( عليه السلام ) أحب الناس إلى الله وإلى الرسول ، فكأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد
انتهز فرصة إهداء طير إليه ليأكله ، انتهز هذه الفرصة للإعلان عن مقام أمير المؤمنين وعن شأنه عند الله والرسول ، هذا الشأن الذي سنرى أن عائشة تمنت أن يكون لأبيها ، وحفصة تمنت لأن يكون لأبيها ، وأنس بن مالك - صاحب القصة - حال
دون أن تكون هذه المرتبة وأن يكون هذا الشأن والمقام لأمير المؤمنين ، زاعما أنه أراد أن يكون لأحد من الأنصار ، وربما سعد ابن عبادة بالخصوص ، بل سنقرأ في بعض ألفاظ هذا الحديث أن الشيخين ، وفي سند أن عثمان أيضا ، جاؤوا إلى الباب ولم يتشرفوا - ص 20 -
بالدخول على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في تلك اللحظة التي كان يدعو الله أن يأتي إليه بأحب الخلق إلى الله وإلى الرسول .
فلنذكر - إذن - طائفة من ألفاظ القصة ، لنقف على واقع الأمر أولا ، ولنطلع على تصرفات القوم في نقل هذا الحديث ، وكيفية تصرفهم في الحديث ، إما اختصارا له وإما نقلا له بنحو يقلل من أهمية القضية فيما يتعلق بأمير المؤمنين ( ع ) .
يقول الترمذي في صحيحه ( 1 ) عن أنس بن مالك : كان عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) طير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه . هذا لفظ الحديث بهذا المقدار في صحيح الترمذي ، فلا يذكر فيه دور أنس في القضية هذه كما سنقرأ ، ولا يذكر مجئ غير علي ورجوعه من باب رسول الله .
وجاء في كتاب مناقب علي لأحمد بن حنبل ( 2 ) ما نصه : عن سفينة خادم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذي هو أحد رواة هذا الحديث يقول : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله طيرين بين رغيفين ، فقدمت * هامش * ( 1 ) صحيح الترمذي 5 / 595 باب مناقب علي بن أبي طالب . ( 2 ) فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) لابن حنبل : 42 رقم 68 ، تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي . ( * )
- ص 21 -
إليه الطيرين ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ، ورفع صوته ، فقال رسول الله : من هذا ؟ فقال : علي .
لاحظوا نص الحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل ، وقارنوا بينه وبين رواية الآخرين . ولكم أن تقولوا : لعل الآخرين تصرفوا في لفظ الحديث بإسقاط كلمة ورفع صوته فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك
ورفع صوته ، إن معنى رفع صوته أنه عندما كان يدعو كان يدعو بصوت عال ، لنفرض أن هذا معنى الحديث إلى هنا اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ورفع صوته لكن الحقيقة إن لفظ أحمد محرف ، لأنا سنقرأ في بعض الألفاظ : إن عليا
عندما جاء في المرة الأولى فأرجعه أنس ولم يأذن له بالدخول ، وفي المرة الثانية كذلك ، في المرة الثالثة لما جاء علي رفع صوته فقال رسول الله : من هذا ؟ فمن هنا يظهر معنى ورفع صوته ويتبين التحريف ، وإلا فأي علاقة بين قوله : اللهم ائتني
بأحب الخلق إليك وإلى رسولك ورفع صوته ، وقوله : فقال رسول الله من هذا ؟ فقال : علي ، أي : قال سفينة : الذي خلف الباب هو علي ، قال : افتح له ، ففتحت ، فأكل مع رسول الله من الطيرين حتى فنيا . - ص 22 -
فالتصرف في لفظ الحديث عند أحمد أيضا واضح تماما ، والتلاعب في هذا اللفظ باد بكل وضوح .
أما الهيثمي صاحب مجمع الزوائد ، فيروي هذا الحديث باللفظ التالي ( 1 ) : عن أنس بن مالك قال : كنت أخدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقدم فرخا مشويا أو فقدم فرخا مشويا [ يقتضي أن يكون : فقدم فرخ مشوي ، أو فقدم رسول الله
فرخا مشويا ] فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الفرخ فجاء علي ودق الباب ، فقال أنس : من هذا ؟ قال : علي ، فقلت - أي أنس - يقول : النبي على حاجة ، وفي بعض الألفاظ : النبي
مشغول ، أي لا مجال للدخول عليه ، والحال أن النبي كان ما زال يدعو : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك ، قال : النبي على حاجة ، فانصرف علي . عاد رسول الله مرة أخرى يقول : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الفرخ ،
فجاء علي فدق الباب دقا شديدا ، فسمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : يا أنس من هذا ؟ قال : علي ، قال : أدخله ، فدخل فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لقد سألت الله ثلاثا أن * هامش * ( 1 ) مجمع الزوائد 9 / 125 - دار الكتب العربي - بيروت - 1402 ه . ( * )
- ص 23 -
يأتيني بأحب الخلق إليه وإلي يأكل معي هذا الفرخ ، فقال علي : وأنا يا رسول الله ، لقد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس ، فقال رسول الله : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت ؟ قال : أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي ، فقال رسول الله : لا يلام الرجل على حب قومه .
في هذا الحديث جاء علي مرتين فرده أنس قائلا : رسول الله على حاجة ، في المرة الثالثة دق علي الباب دقا شديدا . وفي بعض الألفاظ : رفع صوته فسمع رسول الله صوت علي وقال لأنس : إفتح الباب ليدخل علي ، ثم اعترض عليه رسول الله ، أي على أنس ، واعتذر أنس كما في الخبر : أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي .
لكن الحديث في مسند أبي يعلى كما يلي : حدثنا قطن بن نسير ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، حدثنا عبد الله بن مثنى ، حدثنا عبد الله بن أنس عن أنس قال : أهدي لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حجل مشوي ، فقال رسول الله ( صلى الله
عليه وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام ، فقالت عائشة : اللهم اجعله أبي ، وقالت حفصة : اللهم اجعله أبي ، قال أنس : فقلت أنا : اللهم اجعله سعد بن عبادة ، قال أنس : سمعت حركة الباب ، فإذا علي ، فسلم ، فقلت : إن - ص 24 -
رسول الله على حاجة ، فانصرف ، ثم سمعت حركة الباب فسلم علي ، فسمع رسول الله صوته ، أي رفع علي صوته [ أريد أن أؤكد أن لفظ أحمد محرف ] فسمع رسول الله صوته فقال : أنظر من هذا ؟ فخرجت ، فإذا علي ، فجئت إلى
رسول الله فأخبرته ، فقال : ائذن له ، فأذنت له ، فدخل ، فقال رسول الله : اللهم وإلي اللهم وإلي . هذا لفظ أبي يعلى . ولاحظوا الفوارق بين هذا اللفظ ولفظ الهيثمي ، ثم لفظ الترمذي ، ولفظ أحمد بن حنبل .
أما في الخصائص للنسائي ( 1 ) [ الذي نص الحافظ الذهبي على أن كتاب الخصائص داخل في السنن ، راجعوا سير أعلام النبلاء ( 2 ) وكذا راجعوا مقدمة تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ] فيروي النسائي هذا الحديث بسند صحيح ، مضافا
إلى أن كتابه داخل في السنن الكبرى للنسائي الذي يقولون بأن له شرطا في هذا الكتاب أشد من شرط الشيخين : عن أنس بن مالك : إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان عنده طائر ، فقال : اللهم * هامش * ( 1 ) الخصائص للنسائي : 29 رقم 10 - مكتبة المعلا - الكويت - 1406 ه ( 2 ) سير أعلام النبلاء 14 / 133 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1404 ه . ( * )
- ص 25 -
ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء أبو بكر فرده ، ثم جاء عمر فرده ، ثم جاء علي فأذن له .
وفي مسند أبي يعلى بنفس السند ، ترون مجئ الشيخين ومجئ عثمان أيضا ، قال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء أبو بكر فرده ، ثم جاء عمر فرده ، ثم جاء عثمان فرده ، ثم جاء علي فأذن له ( 1 ) .
لاحظوا الفوارق بين الألفاظ ، وقد تعمدت التدرج في النقل حتى تلتفتوا إلى أنهم إذا أرادوا أن ينقلوا القضية الواحدة وهي ليست في صالحهم ، كيف يتلاعبون باللفظ ، وكيف ينقصون من القصة ، وكيف يسقطون تلك النقاط الحساسة التي يحتاج
إليها الباحث الحر المنصف في تحقيقه عن سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وفي فحصه عن القول الحق من بين الأقوال .
أقول : سند النسائي كما أكدت سند صحيح ، وهو نفس السند في مسند أبي يعلى ، لكن بعضهم يحاول أن يناقش في سند هذا الحديث الأخير الذي نقلته عن النسائي وأبي يعلى ، يحاول أن يناقش في هذا السند ، ونحن نرحب بالمناقشة ، وأي مانع لو كانت * هامش * ( 1 ) مسند أبي يعلى 7 / 105 رقم 4052 - دار المأمون للتراث - دمشق - 1406 ه . ( * )
- ص 26 -
المناقشة مناقشة علمية ، على كل منصف أن يسلم ، وأي مانع لو كانت المناقشة واردة ، وحينئذ لرفعنا اليد عن هذا الحديث وتمسكنا بغيره من الألفاظ ، أو تمسكنا بغير هذا الحديث من الأحاديث ، وأي مانع ؟ لكن كيف لو كانت المناقشة ظاهرة
البطلان ، واضحة التعصب ! ! يحاول بعضهم أن يناقش في وثاقة أحد رجال هذا السند ، وهو السدي ، والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن ، ربما يناقش فيه بعض ، لكنه من رجال مسلم ، من رجال الترمذي ، من رجال النسائي ، من رجال أبي داود ، ومن رجال ابن ماجة .
ويقول أحمد بترجمته : ثقة . ويقول غيره من كبار الرجاليين : ثقة . حتى أن ابن عدي المتشدد في الرجال يقول : هو مستقيم الحديث صدوق ، بل إنه من مشايخ شعبة .
وقد ذكرنا أن شعبة أمير المؤمنين عندهم ، وهو لا يروي إلا عن ثقة هكذا يقولون ، يقولون شعبة بن الحجاج لا يروي إلا عن ثقة ، وممن يعترف بهذا المعنى أو يدعي هذا المعنى هو ابن تيمية ، - ص 27 -
وينقل السبكي كلامه في كتابه شفاء الأسقام ( 1 ) .
فإذا كان الرجل من رجال خمسة من الصحاح الستة ، ويوثقه أحمد ، ويوثقه العجلي ، ويوثقه ابن عدي ، ويوثقه الآخرون من كبار الرجاليين ( 2 ) ، فأي مناقشة تبقى في السدي ليطعن الطاعن عن هذا الطريق في هذا الحديث الذي هو في نفس
الوقت الذي يدل على فضيلة لأمير المؤمنين ، يدل على ما يقابل الفضيلة لمن يقابل أمير المؤمنين ؟ وهناك قرائن داخل الحديث وقرائن في خارج الحديث لا نحتاج إلى ذكرها كلها ، بل نكتفي بالإشارة إلى بعض القرائن الداخلية وبعض القرائن الخارجية فقط .
في بعض ألفاظ هذا الحديث يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وأوجههم عندك ، وهذه الإضافة موجودة في بعض الألفاظ .
وفي بعض الألفاظ : اللهم أدخل علي أحب خلقك إلي من الأولين والآخرين .
وربما يدل هذا الحديث بهذا اللفظ على أفضلية أمير المؤمنين * هامش * ( 1 ) شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام : 10 . ( 2 ) تهذيب التهذيب 1 / 313 . ( * )
- ص 28 -
من الأولين والآخرين ، أما الآخرون فالأمر فيهم سهل . أما الأولون فإنه يشمل الأنبياء أيضا ، يشمل حتى أولي العزم منهم ، ويكون هذا الحديث بهذا اللفظ من أدلتنا على أفضلية أمير المؤمنين من جميع الأنبياء إلا النبي والرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وفي بعض ألفاظ الحديث يقول أنس : فإذا علي - أي فتحت الباب فإذا علي - فلما رأيته حسدته . وفي بعض ألفاظ الحديث : فلما نظر إليه رسول الله ( ص ) قام قائما فضمه إليه وقال : يا رب وإلي يا رب وإلي ، ما أبطأ بك يا علي ؟ .
وفي لفظ آخر بعد تلك العبارات : ما أبطأ بك يا علي ؟ قال : يا رسول الله قد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس ، قال أنس : فرأيت الغضب في وجه رسول الله ، وقال : يا أنس ما حملك على رده ؟ قلت : يا رسول الله سمعتك تدعو ، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار .
وكأن بهذا العذر زال غضب رسول الله ! ! ذلك الغضب الشديد الذي رآه أنس في وجهه ، زال بمجرد اعتذاره بهذا العذر ، حتى أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما اعتذر هذا العذر قال : لست بأول رجل أحب قومه ! ! وإني أعتقد أن هذا الكلام من رسول الله مفتعل عليه في - ص 29 -
حديث الطير : لا يلام الرجل على حب قومه أو لست بأول رجل أحب قومه ، أعتقد أن هذه إضافة من المحدثين .
لكن لو سألتم بأي دليل تعتقد ؟ ليس عندي الآن دليل ، وإنما أقول : كيف غضب رسول الله ذلك الغضب ثم زال غضبه بمجرد اعتذار أنس بهذا العذر الواهي ؟ بل يعتذر له رسول الله مرة أخرى ، ويبدي له عذرا ! ! ألم يكن يعلم رسول الله بهذا : لا
يلام الرجل على حب قومه ؟ فلماذا غضب عليه إذن ؟ بل قاله له رسول الله وكأنه يلاطفه بعد ذاك الغضب الشديد ، كما في هذا الحديث : لست بأول رجل أحب قومه ، أبى الله يا أنس إلا أن يكون ابن أبي طالب . وهذه قرائن داخلية في الألفاظ ،
ولو أردت أن أعيد عليكم الألفاظ بكاملها من أولها إلى آخرها لطال بنا المجلس ، لكن تلك المقاطع التي نحتاج إليها - كقرائن داخلية تؤيد ما نريد أن نستدل به من هذا الحديث - هذه القرائن انتخبتها واستخرجتها بهذا الشكل .
مضافا : إلى أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) احتج بحديث الطير في يوم الشورى . ولماذا احتج ؟ وعلى من احتج ؟ احتج على كبار الصحابة الذين انتخبهم عمر ، لأن يستشيروا - ص 30 -
فيما بينهم ، فيتعين الخليفة في ذلك المجلس ، هؤلاء أعلام القوم وأهل الحل والعقد . إذن ، احتج علي على هؤلاء ، ومن المحتج ؟ علي أمير المؤمنين ، وهل يحتج علي بما ليس له أصل ؟ وهل يحتج علي بما هو ضعيف سندا أو كذب
أو موضوع ؟ فالمحتج علي ، والمحتج عليه أولئك الأصحاب المنتخبون من قبل عمر لأن يعين من بينهم خليفة عمر ، واحتج علي في ذلك المجلس بحديث الطير .
وأيضا : سعد بن أبي وقاص الذي أمره معاوية بن أبي سفيان بسب علي ، فأبى سعد من أن يسب ، وسأله معاوية عن السبب ، فاعتذر بأنه سمع من رسول الله خلالا أو خصالا لعلي ، وما دام يذكر تلك الخصال فلن يسب عليا ، هذا الحديث الذي قرأناه من قبل ، وفيه تحريفات كثيرة كما ذكرت لكم في ذلك المجلس .
في بعض ألفاظ هذا الحديث : إن سعدا اعتذر من أن يسب عليا بخصال ، فذكر الخصال ومنها حديث الطير ، الخصال التي اعتذر بها سعد في هذه الرواية هي : حديث الراية ، وحديث الطير ، وحديث الغدير ، وهذه الرواية موجودة في حلية الأولياء لأبي نعيم ، ومن - ص 31 -
شاء فليراجع ( 1 ) . هذا ، والشواهد والقرائن الخارجية الدالة على أن عليا أحب الخلق إلى الله وإلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دون غيره ، تلك القرائن كثيرة لا تحصى ، والله يشهد على ما أقول ، وأنتم أيضا تعلمون ، فلا نطيل
المجلس بذكر تلك الشواهد . بل في الأحاديث التي بحثنا عنها ، والآيات التي درسناها فيما سبق ، والتي سنذكرها فيما سيأتي ، كفاية لأن تكون شواهد لهذا الحديث .
وما معنى الأحبية إلى الله وإلى الرسول ؟ وأي علاقة بين الأحبية وبين الإمامة والولاية ؟ أي ارتباط بين الأمرين ؟ أتتصورون أن تكون الأحبية إلى الله وإلى الرسول ، أن يكون الشئ أحب الأشياء إلى الله والرسول ، أو يكون شخص
الأحب إلى الله وإلى الرسول ، أن تكون الأحبية اعتباطية ليس لها معيار ، ليس لها ملاك ، ليس لها ضابط ، أيمكن هذا ؟ أتتصورون هذا ؟ أتحتملون هذا ؟ وأنتم بأنفسكم ، كل واحد منكم إذا أحب شيئا ، وجعله أحب الأشياء إلى نفسه ، أو أحب شخصا واتخذه أحب * هامش * ( 1 ) حلية الأولياء 4 / 356 . ( * )
- ص 32 -
الناس إلى نفسه ، يسأل لماذا ؟ ولا بد وأن يكون له ضابط ، قطعا يكون له سبب ، فالأحبية ليست أمرا اعتباطيا ، الإنسان لا يحب كل صوت ، لا يحب كل صورة ، لا يحب كل شئ ، لا بد وأن يكون هناك ضوابط للحب فكيف الأحبية ؟ أن يكون
شئ أحب الأشياء إلى الإنسان من كل الأشياء في العالم ، أن يكون شخص أحب الأشخاص إلى الإنسان من كل أفراد الإنسان وبني آدم ، ويكون هذا بلا حساب وبلا سبب من الأسباب ؟ أيمكن هذا ويعقل ؟
نحن لكوننا أفرادا من البشر وذي عقول ، ونحاول أن تكون أعمالنا وتروكنا عن حكمة ، عن سبب ، عن علة ، لا نذر شيئا ولا نختار شيئا إلا لعلة ، إلا لحساب ، إلا لسبب ، أيعقل أن تقول بأني أحب الكتاب الفلاني وهو أحب إلي من بين جميع كتب العالم ، فإذا سئلت عن السبب لا يكون عندك سبب ، لا يكون عندك جواب معقول .
الله سبحانه وتعالى يجعل فردا من أفراد البشر ، وواحدا من خلائقه أحب الخلائق إلى نفسه ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتخذ أحدا ويجعله أحب الخلق إليه ، أترى يكون هذا بلا حساب وهل يعقل ؟
وجميع التصرفات التي صدرت من المحدثين والمؤلفين في هذا الحديث ، وما سنقرأ أيضا مما يحاولونه أمام الإمامية في - ص 33 -
استدلالهم بهذا الحديث ، كل تلك القضايا أدلة أخرى وشواهد على أن هذا الحديث يدل على مقام عظيم لأمير المؤمنين ، يدل على شأن كبير ، وإلا لما فعلوا ، ولما تصرفوا ، ولما ضربوا وكسروا المنبر ، ولما أهانوا المحدث الحافظ الشهير الكبير عندهم ، كما سنقرأ .
ثم إن الأحبية إلى الله والرسول لما لا تكون اعتباطا ، ولا بد من سبب ، والمفروض أن تلك الأحبية إلى رسول الله لم تكن لميول نفسانية ولم تكن لأغراض شخصية ، لأن رسول الله أعلى وأجل وأسمى من أن يحب شخصا ويجعله أحب الخلق إليه لمجرد ميل نفساني ، فما هي تلك الضوابط التي أشرنا إليها ؟
نحن لا علم لنا بتلك الضوابط على نحو الدقة ، لا نعلم بها ، الأمر أدق من هذا ، أدق من أن تتوصل إليه عقولنا وأفهامنا ، الأمر أدق من أن نفهم أن النبي أي معيار كان عنده لأن يتخذ أحدا أحب الخلق إليه ، نحن لسنا في ذلك المستوى لأن نعرف
ذلك المعيار ، لأن نعرف ملكات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى نتمكن من تعيين من هو أحب ، اللهم إلا عن طريق تلك الأحاديث الواردة عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، عن طريق الأحاديث المتواترة القطعية ، عن طريق الأحاديث المتفق عليها بين الطرفين . - ص 34 -
فأحبية شخص إلى رسول الله لا يمكن أن تكون لميل نفساني ولشهوة خاصة ، ولغرض شخصي عند رسول الله ، فيجعل أحدا أحب الخلق إليه ولا يجعل الآخر والآخرين ، بل هناك ضوابط ، وهي التي تقرب إليه أبعد الناس وتبعد عنه أقرب
الناس ، تلك الضوابط لا بد وأن تكون هكذا ، وإلا فليس بنبي مرسل من قبل الله سبحانه وتعالى ، يفعل ويترك وما يفعل وما يترك إلا عن وحي من الله سبحانه وتعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ( 1 ) .
فإذا كانت الأحبية بملاك ، بسبب ، وبحساب ، تلك الأحبية تنتهي إلى الأقربية المعنوية ، تنتهي إلى الأفضلية ، تنتهي إلى وجود ما يقتضي أن يكون ذلك الشخص الأحب إلى رسول الله ، أن يكون مقدما على غيره في جميع شؤون الحياة .
وإليكم عبارة الحافظ النووي في شرح صحيح مسلم ، وهذا حافظ كبير من حفاظهم ، وكتابه في شرح صحيح مسلم ومن أشهر كتبهم وأكثرها اعتبارا وشهرة ، يقول في معنى محبة الله تعالى لعبده - والمراد من هذه الكلمة في النصوص الإسلامية كتابا وسنة - * هامش * ( 1 ) سورة النجم : 3 - 4 . ( * )
- ص 35 -
فيشرح قائلا : محبة الله سبحانه وتعالى لعبده تمكينه من طاعته ، وعصمته ، وتوفيقه ، وتيسير ألطافه وهدايته ، وإفاضة رحمته عليه ، هذه مباديها ، وأما غايتها فكشف الحجب عن قلبه ، حتى يراه [ أي يرى لله تعالى ] ببصيرته فيكون [ هذا
الشخص المحبوب لله سبحانه وتعالى ] كما قال في الحديث الصحيح : فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره ( 1 ) . هذه عبارته ، وما ألطفها من عبارة .
فهل من شك حينئذ في استلزام الأحبية للإمامة ؟ إن من كان محبوبا لله تعالى يكون له هذه المنزلة ، فكيف من كان أحب الخلق إليه ، عبارة النووي كانت في محبة الله لأحد ، أما كون هذا الشخص وحده هو الأحب من كل الخلائق إلى الله سبحانه وتعالى فحدث ولا حرج ، هذا الذي قلت بأن أفهامنا تقصر عن درك مثل هذه القضايا ، إلا أننا نتكلم بقدر ما نفهم .
إذن ، لا شك ولا ريب في استلزام الأحبية للإمامة والخلافة والولاية . * هامش * ( 1 ) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 15 / 151 . ( * )
- ص 36 -
هذا على ضوء الحديث الذي قرأناه برواته وأسانيده وألفاظه ، وبعض العبارات المتعلقة بالمطلب ذكرتها لكم .
فتم البحث إلى الآن عن دلالة حديث الطير على الإمامة واستلزام الأحبية للأفضلية .
- ص 10 -
ثالثا : أبو سعيد الخدري ، وحديثه يوجد في تاريخ ابن كثير ( 1 ) ، وغيره ، وأشار إليه الحاكم في المستدرك ( 2 ) .
رابعا : أبو رافع ، وحديثه يوجد عند ابن كثير ( 3 ) .
خامسا : أبو الطفيل ، وأخرج حديثه ابن عقدة ، والحاكم النيسابوري ( 4 ) ، وغيرهما .
سادسا : جابر بن عبد الله الأنصاري ، ويوجد حديثه عند ابن عساكر ، وابن كثير ( 5 ) .
سابعا : حبشي بن جنادة ، ويوجد حديثه عند ابن كثير ( 6 ) .
ثامنا : يعلى بن مرة ، ويوجد حديثه عند الخطيب البغدادي ، وابن كثير ( 7 ) .
تاسعا : عبد الله بن عباس ، وحديثه عند الطبراني ( 8 ) . * هامش * ( 1 ) البداية والنهاية 7 / 354 . ( 2 ) المستدرك 3 / 131 . ( 3 ) البداية والنهاية 7 / 354 . ( 4 ) أنظر : كفاية الطالب للحافظ الكنجي : 368 . ( 5 ) ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) لابن عساكر 2 / 105 رقم 612 . ( 6 ) البداية والنهاية 7 / 354 . ( 7 ) تاريخ بغداد 11 / 376 - دار الكتب العربي - بيروت . ( 8 ) المعجم الكبير 10 / 343 رقم 10667 . ( * )
- ص 11 -
عاشرا : سفينة مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويوجد حديثه عند أبي يعلى الموصلي ( 1 ) ، وأشار إليه الحاكم النيسابوري ( 2 ) .
الحادي عشر : عمرو بن العاص ، ويوجد حديثه في كتاب له إلى معاوية بن أبي سفيان ، روى ذلك الكتاب الخطيب الخوارزمي في كتاب المناقب ( 3 ) .
الثاني عشر : أنس بن مالك ، وهو المشهور برواية هذا الحديث ، لأنه صاحب القصة .
وهذا الحديث الشريف وارد من طرق أصحابنا ، عن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ، وعن بعض الأصحاب ، حتى أن أبا الشيخ الحافظ الإصفهاني روى هذا الحديث عن الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) في كتابه ، وهو من كبار حفاظ أهل السنة . فهؤلاء رواة هذا الحديث من الصحابة .
وأما رواته من التابعين ، فإن التابعين الرواة لهذا الحديث عن أنس بن مالك فقط يبلغون حدود التسعين رجلا .
ورواه من أئمة المذاهب :
1 - أبو حنيفة . * هامش * ( 1 و 2 ) وفي ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) لابن عساكر 2 / 133 رقم 643 . ( 3 ) المناقب : 200 - مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين - قم - 1411 ه . ( * )
- ص 12 -
2 - أحمد بن حنبل . 3 - مالك بن أنس . 4 - الإمام الأوزاعي ، ذلك الفقيه الكبير الذي كان يعد مذهبه مذهبا مستقلا من بين المذاهب ، إلى أن حصروا المذاهب في الأربعة المشهورة .
ومن رواته جماعة كبيرة من مشايخ البخاري ومسلم . وكثير من رواته من رجال الصحاح الستة عند أهل السنة .
ولنذكر أسماء أشهر مشاهير رواة هذا الحديث من أئمة الحديث وكبار الحفاظ في القرون المختلفة : 1 - شعبة بن الحجاج ، أمير المؤمنين في الحديث ، كما يلقبونه . 2 - الأوزاعي ، الإمام المعروف . 3 - مالك بن أنس ، إمام المذهب . 4 - أبو حنيفة ، صاحب المذهب . 5 - أحمد بن حنبل ، صاحب المذهب . 6 - أبو عاصم النبيل ، شيخ البخاري . 7 - أحمد بن حنبل . 8 - عبد الرزاق الصنعاني ، شيخ البخاري . - ص 13 -
9 - البخاري نفسه ، يروي هذا الحديث ، لكن لا في صحيحه ، بل في تاريخه الكبير ، وسنذكر نص حديثه فيما بعد . 10 - البلاذري ، صاحب أنساب الأشراف . 11 - أبو حاتم الرازي ، الذي هو من أقران البخاري ومسلم . 12 - الترمذي ، صاحب الصحيح . 13 - أبو بكر البزار ، صاحب المسند . 14 - النسائي ، صاحب الصحيح . 15 - أبو يعلى الموصلي ، صاحب المسند . 16 - محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير المعروفين . 17 - ابن أبي حاتم ، صاحب التفسير ، والمحدث الكبير الذي يعدونه من الأبدال . 18 - ابن عبد ربه ، في العقد الفريد . 19 - أبو الحسين المحاملي ، صاحب الأمالي . 20 - أبو العباس ابن عقدة ، له كتاب في حديث الطير . 21 - المسعودي المؤرخ ، صاحب مروج الذهب . 22 - أبو القاسم الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة . 23 - أبو الشيخ الأصفهاني ، صاحب كتاب طبقات المحدثين بإصفهان . - ص 14 -
24 - ابن السقا الواسطي ، هذا الحافظ الكبير من علماء القرن الرابع ، سنذكر قصته في حديث الطير . 25 - أبو حفص ابن شاهين ، له كتاب في حديث الطير . 26 - أبو الحسن الدارقطني ، صاحب كتاب العلل . 27 - أبو عبد الله الحاكم النيشابوري ، صاحب المستدرك ، وله كتاب بطرق حديث الطير . 28 - أبو بكر ابن مردويه ، له كتاب في طرق حديث الطير . 29 - أبو نعيم الأصفهاني ، صاحب حلية الأولياء وغيره من الكتب ، له كتاب في طرق حديث الطير . 30 - أبو طاهر ابن حمدان الخراساني ، المحدث الكبير ، له كتاب في طرق حديث الطير . 31 - أبو بكر البيهقي ، صاحب السنن الكبرى . 32 - ابن عبد البر ، صاحب الإستيعاب . 33 - الخطيب البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد . 34 - محي السنة البغوي ، صاحب مصابيح السنة . 35 - رزين العبدري ، صاحب الجمع بين الصحاح الستة 36 - أبو القاسم ابن عساكر ، صاحب تاريخ دمشق . - ص 15 -
37 - ابن الأثير الجزري ، صاحب جامع الأصول . 38 - وأيضا أخوه ابن الأثير الآخر ، صاحب أسد الغابة . 39 - الخطيب التبريزي ، صاحب مشكاة المصابيح . 40 - أبو الحجاج المزي ، صاحب تهذيب الكمال وكتاب تحفة الأشراف . 41 - شمس الدين الذهبي ، صاحب المؤلفات المعروفة المشهورة . 42 - ابن كثير الدمشقي ، صاحب التفسير والتاريخ . 43 - أبو بكر الهيثمي ، صاحب مجمع الزوائد . 44 - شمس الدين ابن الجزري ، صاحب المؤلفات . 45 - ابن حجر العسقلاني ، صاحب المؤلفات ، شيخ الإسلام ، والفقيه المحدث الرجالي المعروف . 46 - جلال الدين السيوطي ، أيضا صاحب المؤلفات المشهورة . 47 - ابن حجر المكي ، صاحب الصواعق . 48 - شاه ولي الله الدهلوي ، محدث الهند .
وكما عرفتم في خلال ذكر أسماء الرواة هؤلاء : إن جماعة من الأعلام ومن كبار المحدثين ألفوا كتبا خاصة تتعلق بطرق حديث الطير ، - ص 16 -
وهؤلاء هم : 1 - الطبري ، صاحب التفسير والتاريخ . 2 - ابن عقدة . 3 - الحاكم النيسابوري . 4 - ابن مردويه . 5 - أبو نعيم . 6 - أبو طاهر ابن حمدان . 7 - الذهبي نفسه يذكر في كتابه تذكرة الحفاظ بترجمة الحاكم النيسابوري : أن له كتابا - أي الذهبي نفسه - في طرق حديث الطير ( 1 ) .
فهؤلاء رواة هذا الحديث بنحو الإجمال من الصحابة ، وأشرنا إلى أن عدد التابعين الرواة لهذا الحديث من أنس بن مالك وحده يبلغون حدود التسعين رجلا ، وذكرنا أشهر مشاهير علماء الحديث في القرون المختلفة الرواة لحديث الطير ، وذكرنا من ألف في خصوص حديث الطير كتابا .
وحديث الطير موجود في عدة من الصحاح ، كصحيح الترمذي ، * هامش * ( 1 ) تذكرة الحفاظ 3 / 1042 - 1043 - دار إحياء التراث العربي - بيروت . ( * )
- ص 17 -
وصحيح النسائي ، وصحيح ابن حبان ، وأيضا موجود في المختارة للضياء المقدسي ، وفي المستدرك للحاكم ، وفي الجمع بين الصحيحين ، وفي الجمع بين الصحاح .
كما أن لهذا الحديث أسانيد صحيحة هي أكثر من عشرين سند موجودة في خارج الصحاح .
ولا أظن أن من يقف على هذه الأسامي ، وهذه الأسانيد ، يشك في صدور هذا الحديث عن رسول الله ( ص ) ، هذا الحديث المتفق عليه بين المسلمين ، وحينئذ ننتقل إلى الجهة الثانية .
الجهة الثالثة : محاولات القوم في رد حديث الطير
فننتقل الآن إلى محاولات القوم في رد هذا الحديث وإبطاله ، وفي المنع عن نقله وانتشاره وما صنعوا . تتلخص محاولاتهم في وجوه :
الأول : المناقشة في سند الحديث فإذا راجعتم كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لأبي الفرج ابن الجوزي ، تجدونه يذكر هذا الحديث بسند أو ببعض أسانيده ويضعفه ويسكت عن بعض الأسانيد الأخرى ( 1 ) .
لكن ابن الجوزي أبا الفرج الحنبلي المتوفى سنة 597 ه * هامش * ( 1 ) العلل المتناهية 1 / 228 من رقم 360 - 377 . ( * )
- ص 42 -
معروف بالتسرع بالحكم ، لا بالتضعيف فقط بل حتى الحكم بالوضع ، ولربما ضعف أو كذب في كتبه أحاديث موجودة في الصحاح ، وهذا ما دعا كبار المحدثين من المحققين من أهل السنة إلى التحذير من الاعتماد على حكم ابن الجوزي ، في أي حديث من الأحاديث ، وأنه لا بد من التثبت .
والعجيب أنهم ربما ينسبون إلى ابن الجوزي أنه أدرج حديث الطير في كتاب الموضوعات ، راجعوا كتاب المرقاة في شرح المشكاة للقاري ( 1 ) وبعض الكتب الأخرى ، ينسب إلى ابن الجوزي أنه حكم على هذا الحديث بالوضع وأدرجه في كتاب الموضوعات .
والحال أنه غير موجود في كتاب الموضوعات ، نعم ، موجود في كتاب العلل المتناهية ، لكنه ببعض أسناده ، وإنما يتكلم على بعض رجال هذا الحديث في بعض الأسانيد - ونحن لا ندعي أن كل أسانيده صحيحة - ويسكت عن البعض الآخر .
ويأتي من بعده ابن كثير ، فيذكر في تاريخه ( 2 ) حديث الطير ، ويرويه عن عدة من الأئمة الأعلام ، يرويه عن الترمذي ، وعن أبي يعلى ، * هامش * ( 1 ) مرقاة المفاتيح 10 / 465 رقم 6094 - دار الفكر - بيروت - 1414 ه . ( 2 ) البداية والنهاية المجلد الرابع الجزء السابع : 350 - دار الفكر - بيروت . ( * )
- ص 43 -
وعن الحاكم ، وعن الخطيب البغدادي ، وعن ابن عساكر ، وعن الذهبي ، وعن غيرهم ، إلى أن قال : وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة منهم : أبو بكر ابن مردويه ، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا
أبو عبد الله الذهبي يقول : ورأيت مجلدا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر ابن جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ ، ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سندا ومتنا للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم .
ثم يذكر ابن كثير رأيه في هذا الحديث قائلا : وبالجملة ، ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه .
أقول : فدليل ابن كثير على ضعف هذا الحديث أن قلبه لا يساعد ، قلب ابن كثير لا يساعد على قبول هذا الحديث ، كما أن قلب أبي جهل لم يساعد على قبول القرآن والإسلام ، فليكن ، وأي مانع ؟ قلبه لا يساعد ، لا يقول : إنه موضوع ، لا يقول :
إنه حديث مكذوب ، لا يقول : في سنده كذا وكذا ، لا يقول : الراوي ضعيف لقول فلان ، لنص فلان على ضعفه ، وأمثال ذلك ، فإنها مناقشات علمية تسمع ، إنها مناقشات علمية قابلة للبحث ، قابلة للنظر ، وأي مانع ! يقول : وبالجملة ، ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه . - ص 44 -
الرجوع إلى القلب من جملة أساليبهم في رد بعض الأحاديث ، أذكر لكم شاهدا واحدا فقط ، وإلا لطال بنا المجلس . عندما يريدون أن يردوا حديثا وقد أعيتهم السبل ، فلم يمكنهم المناقشة في سنده بشكل من الأشكال ، يلجأون إلى القسم أحيانا ،
كقولهم : والله إنه موضوع ، وأي دليل أقوى من هذا ؟ ! أو يلتجئون إلى قلوبهم : والقلب يشهد بأن هذا الحديث موضوع ، أذكر لكم شاهدا واحدا فقط .
في مستدرك الحاكم حديث عن علي ( عليه السلام ) : أخبرني رسول الله : إن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين ، قلت : يا رسول الله فمحبونا ؟ قال : من ورائكم . يقول الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ( 1 ) .
هذا حديث الحاكم ، وما ذنبنا إن كان الحاكم كاذبا بنقل هذا الحديث وفي حكمه بصحته ، نحن المحبون لأهل البيت ندخل الجنة وراء أهل البيت ، هم يدخلون ونحن وراءهم ، لأننا نحب أهل البيت ، وهذا لا يمكن لأحد إنكاره . * هامش * ( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 151 وذيل الصفحة . ( * )
- ص 45 -
فيقول الذهبي في تلخيصه للمستدرك في ذيل هذا الحديث : الحديث منكر من القول يشهد القلب بوضعه ( 1 ) .
ليته ناقش في سند الحديث ، بضعف راو من رواته ، يشهد القلب بوضعه ! ! ولماذا يشهد قلب الذهبي بوضع هذا الحديث ؟ الحديث يقول : إن أول من يدخل الجنة رسول الله وعلي وفاطمة والحسن ومحبوهم من وراءهم ، أي مانع من هذا ؟
وأي ضير على الذهبي حتى يشهد قلبه بأن هذا الحديث موضوع ؟ ولماذا ؟ هل حب أهل البيت مانع من دخول الجنة فيكون قلبه يشهد بوضع هذا الحديث ؟ أو يشك في أن رسول الله وعليا وفاطمة والحسنين أول من يدخل الجنة ؟ أيشك في هذا ؟ لماذا قلبه يشهد بوضعه ؟ فتأملوا في هذا .
إذن ، كانت المحاولة الأولى ، المناقشة في سند الحديث والحكم بضعف الحديث ، لكن الحديث في الصحاح كما ذكرنا ، وله أسانيد صحيحة ، وقسم كبير من أسانيده أنا بنفسي صححتها على ضوء كلمات كبار علماء الحديث وأئمة الجرح والتعديل وهي في خارج الصحاح . * هامش * ( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 151 وذيل الصفحة . ( * ) | |
|
| |
ابو الحسن المالكي المدير العام
عدد الرسائل : 1168 تاريخ التسجيل : 27/11/2010
| موضوع: رد: كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول الإثنين مايو 30, 2011 12:48 pm | |
| - علي العاملي كتب:
- الجهة الأولى : رواة حديث الطير وأسانيده
نبدأ بأسماء الصحابة الذين وصلتنا رواياتهم لهذا الحديث الشريف وهم :
أولا : علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ويوجد حديثه عند ابن عساكر ( 1 ) ، وغيره من كبار المحدثين ، وأشار إليه الحاكم النيسابوري في المستدرك ( 2 ) .
ثانيا : سعد بن أبي وقاص ، وحديثه يوجد في حلية الأولياء ( 3 ) لأبي نعيم الإصفهاني . * هامش * ( 1 ) ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2 / 106 رقم 613 - مؤسسة المحمودي دار التعارف - بيروت . ( 2 ) المستدرك 3 / 130 - 131 . ( 3 ) حلية الأولياء 4 / 356 . ( * )
الجهة الثانية : دلالة حديث الطير على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام )
إن حديث الطير يدل على إمامة أمير المؤمنين بالقطع واليقين ، وذلك ، لأن القضية التي تتعلق بحديث الطير ، هذه القضية قد أسفرت عن كون علي ( عليه السلام ) أحب الناس إلى الله وإلى الرسول ، فكأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد
انتهز فرصة إهداء طير إليه ليأكله ، انتهز هذه الفرصة للإعلان عن مقام أمير المؤمنين وعن شأنه عند الله والرسول ، هذا الشأن الذي سنرى أن عائشة تمنت أن يكون لأبيها ، وحفصة تمنت لأن يكون لأبيها ، وأنس بن مالك - صاحب القصة - حال
دون أن تكون هذه المرتبة وأن يكون هذا الشأن والمقام لأمير المؤمنين ، زاعما أنه أراد أن يكون لأحد من الأنصار ، وربما سعد ابن عبادة بالخصوص ، بل سنقرأ في بعض ألفاظ هذا الحديث أن الشيخين ، وفي سند أن عثمان أيضا ، جاؤوا إلى الباب ولم يتشرفوا - ص 20 -
بالدخول على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في تلك اللحظة التي كان يدعو الله أن يأتي إليه بأحب الخلق إلى الله وإلى الرسول .
فلنذكر - إذن - طائفة من ألفاظ القصة ، لنقف على واقع الأمر أولا ، ولنطلع على تصرفات القوم في نقل هذا الحديث ، وكيفية تصرفهم في الحديث ، إما اختصارا له وإما نقلا له بنحو يقلل من أهمية القضية فيما يتعلق بأمير المؤمنين ( ع ) .
يقول الترمذي في صحيحه ( 1 ) عن أنس بن مالك : كان عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) طير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه . هذا لفظ الحديث بهذا المقدار في صحيح الترمذي ، فلا يذكر فيه دور أنس في القضية هذه كما سنقرأ ، ولا يذكر مجئ غير علي ورجوعه من باب رسول الله .
وجاء في كتاب مناقب علي لأحمد بن حنبل ( 2 ) ما نصه : عن سفينة خادم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذي هو أحد رواة هذا الحديث يقول : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله طيرين بين رغيفين ، فقدمت * هامش * ( 1 ) صحيح الترمذي 5 / 595 باب مناقب علي بن أبي طالب . ( 2 ) فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) لابن حنبل : 42 رقم 68 ، تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي . ( * )
- ص 21 -
إليه الطيرين ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ، ورفع صوته ، فقال رسول الله : من هذا ؟ فقال : علي .
لاحظوا نص الحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل ، وقارنوا بينه وبين رواية الآخرين . ولكم أن تقولوا : لعل الآخرين تصرفوا في لفظ الحديث بإسقاط كلمة ورفع صوته فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك
ورفع صوته ، إن معنى رفع صوته أنه عندما كان يدعو كان يدعو بصوت عال ، لنفرض أن هذا معنى الحديث إلى هنا اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ورفع صوته لكن الحقيقة إن لفظ أحمد محرف ، لأنا سنقرأ في بعض الألفاظ : إن عليا
عندما جاء في المرة الأولى فأرجعه أنس ولم يأذن له بالدخول ، وفي المرة الثانية كذلك ، في المرة الثالثة لما جاء علي رفع صوته فقال رسول الله : من هذا ؟ فمن هنا يظهر معنى ورفع صوته ويتبين التحريف ، وإلا فأي علاقة بين قوله : اللهم ائتني
بأحب الخلق إليك وإلى رسولك ورفع صوته ، وقوله : فقال رسول الله من هذا ؟ فقال : علي ، أي : قال سفينة : الذي خلف الباب هو علي ، قال : افتح له ، ففتحت ، فأكل مع رسول الله من الطيرين حتى فنيا . - ص 22 -
فالتصرف في لفظ الحديث عند أحمد أيضا واضح تماما ، والتلاعب في هذا اللفظ باد بكل وضوح .
أما الهيثمي صاحب مجمع الزوائد ، فيروي هذا الحديث باللفظ التالي ( 1 ) : عن أنس بن مالك قال : كنت أخدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقدم فرخا مشويا أو فقدم فرخا مشويا [ يقتضي أن يكون : فقدم فرخ مشوي ، أو فقدم رسول الله
فرخا مشويا ] فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الفرخ فجاء علي ودق الباب ، فقال أنس : من هذا ؟ قال : علي ، فقلت - أي أنس - يقول : النبي على حاجة ، وفي بعض الألفاظ : النبي
مشغول ، أي لا مجال للدخول عليه ، والحال أن النبي كان ما زال يدعو : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك ، قال : النبي على حاجة ، فانصرف علي . عاد رسول الله مرة أخرى يقول : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الفرخ ،
فجاء علي فدق الباب دقا شديدا ، فسمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : يا أنس من هذا ؟ قال : علي ، قال : أدخله ، فدخل فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لقد سألت الله ثلاثا أن * هامش * ( 1 ) مجمع الزوائد 9 / 125 - دار الكتب العربي - بيروت - 1402 ه . ( * )
- ص 23 -
يأتيني بأحب الخلق إليه وإلي يأكل معي هذا الفرخ ، فقال علي : وأنا يا رسول الله ، لقد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس ، فقال رسول الله : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت ؟ قال : أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي ، فقال رسول الله : لا يلام الرجل على حب قومه .
في هذا الحديث جاء علي مرتين فرده أنس قائلا : رسول الله على حاجة ، في المرة الثالثة دق علي الباب دقا شديدا . وفي بعض الألفاظ : رفع صوته فسمع رسول الله صوت علي وقال لأنس : إفتح الباب ليدخل علي ، ثم اعترض عليه رسول الله ، أي على أنس ، واعتذر أنس كما في الخبر : أحببت أن تدرك الدعوة رجلا من قومي .
لكن الحديث في مسند أبي يعلى كما يلي : حدثنا قطن بن نسير ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، حدثنا عبد الله بن مثنى ، حدثنا عبد الله بن أنس عن أنس قال : أهدي لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حجل مشوي ، فقال رسول الله ( صلى الله
عليه وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام ، فقالت عائشة : اللهم اجعله أبي ، وقالت حفصة : اللهم اجعله أبي ، قال أنس : فقلت أنا : اللهم اجعله سعد بن عبادة ، قال أنس : سمعت حركة الباب ، فإذا علي ، فسلم ، فقلت : إن - ص 24 -
رسول الله على حاجة ، فانصرف ، ثم سمعت حركة الباب فسلم علي ، فسمع رسول الله صوته ، أي رفع علي صوته [ أريد أن أؤكد أن لفظ أحمد محرف ] فسمع رسول الله صوته فقال : أنظر من هذا ؟ فخرجت ، فإذا علي ، فجئت إلى
رسول الله فأخبرته ، فقال : ائذن له ، فأذنت له ، فدخل ، فقال رسول الله : اللهم وإلي اللهم وإلي . هذا لفظ أبي يعلى . ولاحظوا الفوارق بين هذا اللفظ ولفظ الهيثمي ، ثم لفظ الترمذي ، ولفظ أحمد بن حنبل .
أما في الخصائص للنسائي ( 1 ) [ الذي نص الحافظ الذهبي على أن كتاب الخصائص داخل في السنن ، راجعوا سير أعلام النبلاء ( 2 ) وكذا راجعوا مقدمة تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ] فيروي النسائي هذا الحديث بسند صحيح ، مضافا
إلى أن كتابه داخل في السنن الكبرى للنسائي الذي يقولون بأن له شرطا في هذا الكتاب أشد من شرط الشيخين : عن أنس بن مالك : إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان عنده طائر ، فقال : اللهم * هامش * ( 1 ) الخصائص للنسائي : 29 رقم 10 - مكتبة المعلا - الكويت - 1406 ه ( 2 ) سير أعلام النبلاء 14 / 133 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1404 ه . ( * )
- ص 25 -
ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء أبو بكر فرده ، ثم جاء عمر فرده ، ثم جاء علي فأذن له .
وفي مسند أبي يعلى بنفس السند ، ترون مجئ الشيخين ومجئ عثمان أيضا ، قال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء أبو بكر فرده ، ثم جاء عمر فرده ، ثم جاء عثمان فرده ، ثم جاء علي فأذن له ( 1 ) .
لاحظوا الفوارق بين الألفاظ ، وقد تعمدت التدرج في النقل حتى تلتفتوا إلى أنهم إذا أرادوا أن ينقلوا القضية الواحدة وهي ليست في صالحهم ، كيف يتلاعبون باللفظ ، وكيف ينقصون من القصة ، وكيف يسقطون تلك النقاط الحساسة التي يحتاج
إليها الباحث الحر المنصف في تحقيقه عن سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وفي فحصه عن القول الحق من بين الأقوال .
أقول : سند النسائي كما أكدت سند صحيح ، وهو نفس السند في مسند أبي يعلى ، لكن بعضهم يحاول أن يناقش في سند هذا الحديث الأخير الذي نقلته عن النسائي وأبي يعلى ، يحاول أن يناقش في هذا السند ، ونحن نرحب بالمناقشة ، وأي مانع لو كانت * هامش * ( 1 ) مسند أبي يعلى 7 / 105 رقم 4052 - دار المأمون للتراث - دمشق - 1406 ه . ( * )
- ص 26 -
المناقشة مناقشة علمية ، على كل منصف أن يسلم ، وأي مانع لو كانت المناقشة واردة ، وحينئذ لرفعنا اليد عن هذا الحديث وتمسكنا بغيره من الألفاظ ، أو تمسكنا بغير هذا الحديث من الأحاديث ، وأي مانع ؟ لكن كيف لو كانت المناقشة ظاهرة
البطلان ، واضحة التعصب ! ! يحاول بعضهم أن يناقش في وثاقة أحد رجال هذا السند ، وهو السدي ، والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن ، ربما يناقش فيه بعض ، لكنه من رجال مسلم ، من رجال الترمذي ، من رجال النسائي ، من رجال أبي داود ، ومن رجال ابن ماجة .
ويقول أحمد بترجمته : ثقة . ويقول غيره من كبار الرجاليين : ثقة . حتى أن ابن عدي المتشدد في الرجال يقول : هو مستقيم الحديث صدوق ، بل إنه من مشايخ شعبة .
وقد ذكرنا أن شعبة أمير المؤمنين عندهم ، وهو لا يروي إلا عن ثقة هكذا يقولون ، يقولون شعبة بن الحجاج لا يروي إلا عن ثقة ، وممن يعترف بهذا المعنى أو يدعي هذا المعنى هو ابن تيمية ، - ص 27 -
وينقل السبكي كلامه في كتابه شفاء الأسقام ( 1 ) .
فإذا كان الرجل من رجال خمسة من الصحاح الستة ، ويوثقه أحمد ، ويوثقه العجلي ، ويوثقه ابن عدي ، ويوثقه الآخرون من كبار الرجاليين ( 2 ) ، فأي مناقشة تبقى في السدي ليطعن الطاعن عن هذا الطريق في هذا الحديث الذي هو في نفس
الوقت الذي يدل على فضيلة لأمير المؤمنين ، يدل على ما يقابل الفضيلة لمن يقابل أمير المؤمنين ؟ وهناك قرائن داخل الحديث وقرائن في خارج الحديث لا نحتاج إلى ذكرها كلها ، بل نكتفي بالإشارة إلى بعض القرائن الداخلية وبعض القرائن الخارجية فقط .
في بعض ألفاظ هذا الحديث يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وأوجههم عندك ، وهذه الإضافة موجودة في بعض الألفاظ .
وفي بعض الألفاظ : اللهم أدخل علي أحب خلقك إلي من الأولين والآخرين .
وربما يدل هذا الحديث بهذا اللفظ على أفضلية أمير المؤمنين * هامش * ( 1 ) شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام : 10 . ( 2 ) تهذيب التهذيب 1 / 313 . ( * )
- ص 28 -
من الأولين والآخرين ، أما الآخرون فالأمر فيهم سهل . أما الأولون فإنه يشمل الأنبياء أيضا ، يشمل حتى أولي العزم منهم ، ويكون هذا الحديث بهذا اللفظ من أدلتنا على أفضلية أمير المؤمنين من جميع الأنبياء إلا النبي والرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وفي بعض ألفاظ الحديث يقول أنس : فإذا علي - أي فتحت الباب فإذا علي - فلما رأيته حسدته . وفي بعض ألفاظ الحديث : فلما نظر إليه رسول الله ( ص ) قام قائما فضمه إليه وقال : يا رب وإلي يا رب وإلي ، ما أبطأ بك يا علي ؟ .
وفي لفظ آخر بعد تلك العبارات : ما أبطأ بك يا علي ؟ قال : يا رسول الله قد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس ، قال أنس : فرأيت الغضب في وجه رسول الله ، وقال : يا أنس ما حملك على رده ؟ قلت : يا رسول الله سمعتك تدعو ، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار .
وكأن بهذا العذر زال غضب رسول الله ! ! ذلك الغضب الشديد الذي رآه أنس في وجهه ، زال بمجرد اعتذاره بهذا العذر ، حتى أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما اعتذر هذا العذر قال : لست بأول رجل أحب قومه ! ! وإني أعتقد أن هذا الكلام من رسول الله مفتعل عليه في - ص 29 -
حديث الطير : لا يلام الرجل على حب قومه أو لست بأول رجل أحب قومه ، أعتقد أن هذه إضافة من المحدثين .
لكن لو سألتم بأي دليل تعتقد ؟ ليس عندي الآن دليل ، وإنما أقول : كيف غضب رسول الله ذلك الغضب ثم زال غضبه بمجرد اعتذار أنس بهذا العذر الواهي ؟ بل يعتذر له رسول الله مرة أخرى ، ويبدي له عذرا ! ! ألم يكن يعلم رسول الله بهذا : لا
يلام الرجل على حب قومه ؟ فلماذا غضب عليه إذن ؟ بل قاله له رسول الله وكأنه يلاطفه بعد ذاك الغضب الشديد ، كما في هذا الحديث : لست بأول رجل أحب قومه ، أبى الله يا أنس إلا أن يكون ابن أبي طالب . وهذه قرائن داخلية في الألفاظ ،
ولو أردت أن أعيد عليكم الألفاظ بكاملها من أولها إلى آخرها لطال بنا المجلس ، لكن تلك المقاطع التي نحتاج إليها - كقرائن داخلية تؤيد ما نريد أن نستدل به من هذا الحديث - هذه القرائن انتخبتها واستخرجتها بهذا الشكل .
مضافا : إلى أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) احتج بحديث الطير في يوم الشورى . ولماذا احتج ؟ وعلى من احتج ؟ احتج على كبار الصحابة الذين انتخبهم عمر ، لأن يستشيروا - ص 30 -
فيما بينهم ، فيتعين الخليفة في ذلك المجلس ، هؤلاء أعلام القوم وأهل الحل والعقد . إذن ، احتج علي على هؤلاء ، ومن المحتج ؟ علي أمير المؤمنين ، وهل يحتج علي بما ليس له أصل ؟ وهل يحتج علي بما هو ضعيف سندا أو كذب
أو موضوع ؟ فالمحتج علي ، والمحتج عليه أولئك الأصحاب المنتخبون من قبل عمر لأن يعين من بينهم خليفة عمر ، واحتج علي في ذلك المجلس بحديث الطير .
وأيضا : سعد بن أبي وقاص الذي أمره معاوية بن أبي سفيان بسب علي ، فأبى سعد من أن يسب ، وسأله معاوية عن السبب ، فاعتذر بأنه سمع من رسول الله خلالا أو خصالا لعلي ، وما دام يذكر تلك الخصال فلن يسب عليا ، هذا الحديث الذي قرأناه من قبل ، وفيه تحريفات كثيرة كما ذكرت لكم في ذلك المجلس .
في بعض ألفاظ هذا الحديث : إن سعدا اعتذر من أن يسب عليا بخصال ، فذكر الخصال ومنها حديث الطير ، الخصال التي اعتذر بها سعد في هذه الرواية هي : حديث الراية ، وحديث الطير ، وحديث الغدير ، وهذه الرواية موجودة في حلية الأولياء لأبي نعيم ، ومن - ص 31 -
شاء فليراجع ( 1 ) . هذا ، والشواهد والقرائن الخارجية الدالة على أن عليا أحب الخلق إلى الله وإلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دون غيره ، تلك القرائن كثيرة لا تحصى ، والله يشهد على ما أقول ، وأنتم أيضا تعلمون ، فلا نطيل
المجلس بذكر تلك الشواهد . بل في الأحاديث التي بحثنا عنها ، والآيات التي درسناها فيما سبق ، والتي سنذكرها فيما سيأتي ، كفاية لأن تكون شواهد لهذا الحديث .
وما معنى الأحبية إلى الله وإلى الرسول ؟ وأي علاقة بين الأحبية وبين الإمامة والولاية ؟ أي ارتباط بين الأمرين ؟ أتتصورون أن تكون الأحبية إلى الله وإلى الرسول ، أن يكون الشئ أحب الأشياء إلى الله والرسول ، أو يكون شخص
الأحب إلى الله وإلى الرسول ، أن تكون الأحبية اعتباطية ليس لها معيار ، ليس لها ملاك ، ليس لها ضابط ، أيمكن هذا ؟ أتتصورون هذا ؟ أتحتملون هذا ؟ وأنتم بأنفسكم ، كل واحد منكم إذا أحب شيئا ، وجعله أحب الأشياء إلى نفسه ، أو أحب شخصا واتخذه أحب * هامش * ( 1 ) حلية الأولياء 4 / 356 . ( * )
- ص 32 -
الناس إلى نفسه ، يسأل لماذا ؟ ولا بد وأن يكون له ضابط ، قطعا يكون له سبب ، فالأحبية ليست أمرا اعتباطيا ، الإنسان لا يحب كل صوت ، لا يحب كل صورة ، لا يحب كل شئ ، لا بد وأن يكون هناك ضوابط للحب فكيف الأحبية ؟ أن يكون
شئ أحب الأشياء إلى الإنسان من كل الأشياء في العالم ، أن يكون شخص أحب الأشخاص إلى الإنسان من كل أفراد الإنسان وبني آدم ، ويكون هذا بلا حساب وبلا سبب من الأسباب ؟ أيمكن هذا ويعقل ؟
نحن لكوننا أفرادا من البشر وذي عقول ، ونحاول أن تكون أعمالنا وتروكنا عن حكمة ، عن سبب ، عن علة ، لا نذر شيئا ولا نختار شيئا إلا لعلة ، إلا لحساب ، إلا لسبب ، أيعقل أن تقول بأني أحب الكتاب الفلاني وهو أحب إلي من بين جميع كتب العالم ، فإذا سئلت عن السبب لا يكون عندك سبب ، لا يكون عندك جواب معقول .
الله سبحانه وتعالى يجعل فردا من أفراد البشر ، وواحدا من خلائقه أحب الخلائق إلى نفسه ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتخذ أحدا ويجعله أحب الخلق إليه ، أترى يكون هذا بلا حساب وهل يعقل ؟
وجميع التصرفات التي صدرت من المحدثين والمؤلفين في هذا الحديث ، وما سنقرأ أيضا مما يحاولونه أمام الإمامية في - ص 33 -
استدلالهم بهذا الحديث ، كل تلك القضايا أدلة أخرى وشواهد على أن هذا الحديث يدل على مقام عظيم لأمير المؤمنين ، يدل على شأن كبير ، وإلا لما فعلوا ، ولما تصرفوا ، ولما ضربوا وكسروا المنبر ، ولما أهانوا المحدث الحافظ الشهير الكبير عندهم ، كما سنقرأ .
ثم إن الأحبية إلى الله والرسول لما لا تكون اعتباطا ، ولا بد من سبب ، والمفروض أن تلك الأحبية إلى رسول الله لم تكن لميول نفسانية ولم تكن لأغراض شخصية ، لأن رسول الله أعلى وأجل وأسمى من أن يحب شخصا ويجعله أحب الخلق إليه لمجرد ميل نفساني ، فما هي تلك الضوابط التي أشرنا إليها ؟
نحن لا علم لنا بتلك الضوابط على نحو الدقة ، لا نعلم بها ، الأمر أدق من هذا ، أدق من أن تتوصل إليه عقولنا وأفهامنا ، الأمر أدق من أن نفهم أن النبي أي معيار كان عنده لأن يتخذ أحدا أحب الخلق إليه ، نحن لسنا في ذلك المستوى لأن نعرف
ذلك المعيار ، لأن نعرف ملكات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى نتمكن من تعيين من هو أحب ، اللهم إلا عن طريق تلك الأحاديث الواردة عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، عن طريق الأحاديث المتواترة القطعية ، عن طريق الأحاديث المتفق عليها بين الطرفين . - ص 34 -
فأحبية شخص إلى رسول الله لا يمكن أن تكون لميل نفساني ولشهوة خاصة ، ولغرض شخصي عند رسول الله ، فيجعل أحدا أحب الخلق إليه ولا يجعل الآخر والآخرين ، بل هناك ضوابط ، وهي التي تقرب إليه أبعد الناس وتبعد عنه أقرب
الناس ، تلك الضوابط لا بد وأن تكون هكذا ، وإلا فليس بنبي مرسل من قبل الله سبحانه وتعالى ، يفعل ويترك وما يفعل وما يترك إلا عن وحي من الله سبحانه وتعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ( 1 ) .
فإذا كانت الأحبية بملاك ، بسبب ، وبحساب ، تلك الأحبية تنتهي إلى الأقربية المعنوية ، تنتهي إلى الأفضلية ، تنتهي إلى وجود ما يقتضي أن يكون ذلك الشخص الأحب إلى رسول الله ، أن يكون مقدما على غيره في جميع شؤون الحياة .
وإليكم عبارة الحافظ النووي في شرح صحيح مسلم ، وهذا حافظ كبير من حفاظهم ، وكتابه في شرح صحيح مسلم ومن أشهر كتبهم وأكثرها اعتبارا وشهرة ، يقول في معنى محبة الله تعالى لعبده - والمراد من هذه الكلمة في النصوص الإسلامية كتابا وسنة - * هامش * ( 1 ) سورة النجم : 3 - 4 . ( * )
- ص 35 -
فيشرح قائلا : محبة الله سبحانه وتعالى لعبده تمكينه من طاعته ، وعصمته ، وتوفيقه ، وتيسير ألطافه وهدايته ، وإفاضة رحمته عليه ، هذه مباديها ، وأما غايتها فكشف الحجب عن قلبه ، حتى يراه [ أي يرى لله تعالى ] ببصيرته فيكون [ هذا
الشخص المحبوب لله سبحانه وتعالى ] كما قال في الحديث الصحيح : فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره ( 1 ) . هذه عبارته ، وما ألطفها من عبارة .
فهل من شك حينئذ في استلزام الأحبية للإمامة ؟ إن من كان محبوبا لله تعالى يكون له هذه المنزلة ، فكيف من كان أحب الخلق إليه ، عبارة النووي كانت في محبة الله لأحد ، أما كون هذا الشخص وحده هو الأحب من كل الخلائق إلى الله سبحانه وتعالى فحدث ولا حرج ، هذا الذي قلت بأن أفهامنا تقصر عن درك مثل هذه القضايا ، إلا أننا نتكلم بقدر ما نفهم .
إذن ، لا شك ولا ريب في استلزام الأحبية للإمامة والخلافة والولاية . * هامش * ( 1 ) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 15 / 151 . ( * )
- ص 36 -
هذا على ضوء الحديث الذي قرأناه برواته وأسانيده وألفاظه ، وبعض العبارات المتعلقة بالمطلب ذكرتها لكم .
فتم البحث إلى الآن عن دلالة حديث الطير على الإمامة واستلزام الأحبية للأفضلية .
- ص 10 -
ثالثا : أبو سعيد الخدري ، وحديثه يوجد في تاريخ ابن كثير ( 1 ) ، وغيره ، وأشار إليه الحاكم في المستدرك ( 2 ) .
رابعا : أبو رافع ، وحديثه يوجد عند ابن كثير ( 3 ) .
خامسا : أبو الطفيل ، وأخرج حديثه ابن عقدة ، والحاكم النيسابوري ( 4 ) ، وغيرهما .
سادسا : جابر بن عبد الله الأنصاري ، ويوجد حديثه عند ابن عساكر ، وابن كثير ( 5 ) .
سابعا : حبشي بن جنادة ، ويوجد حديثه عند ابن كثير ( 6 ) .
ثامنا : يعلى بن مرة ، ويوجد حديثه عند الخطيب البغدادي ، وابن كثير ( 7 ) .
تاسعا : عبد الله بن عباس ، وحديثه عند الطبراني ( 8 ) . * هامش * ( 1 ) البداية والنهاية 7 / 354 . ( 2 ) المستدرك 3 / 131 . ( 3 ) البداية والنهاية 7 / 354 . ( 4 ) أنظر : كفاية الطالب للحافظ الكنجي : 368 . ( 5 ) ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) لابن عساكر 2 / 105 رقم 612 . ( 6 ) البداية والنهاية 7 / 354 . ( 7 ) تاريخ بغداد 11 / 376 - دار الكتب العربي - بيروت . ( 8 ) المعجم الكبير 10 / 343 رقم 10667 . ( * )
- ص 11 -
عاشرا : سفينة مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويوجد حديثه عند أبي يعلى الموصلي ( 1 ) ، وأشار إليه الحاكم النيسابوري ( 2 ) .
الحادي عشر : عمرو بن العاص ، ويوجد حديثه في كتاب له إلى معاوية بن أبي سفيان ، روى ذلك الكتاب الخطيب الخوارزمي في كتاب المناقب ( 3 ) .
الثاني عشر : أنس بن مالك ، وهو المشهور برواية هذا الحديث ، لأنه صاحب القصة .
وهذا الحديث الشريف وارد من طرق أصحابنا ، عن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ، وعن بعض الأصحاب ، حتى أن أبا الشيخ الحافظ الإصفهاني روى هذا الحديث عن الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) في كتابه ، وهو من كبار حفاظ أهل السنة . فهؤلاء رواة هذا الحديث من الصحابة .
وأما رواته من التابعين ، فإن التابعين الرواة لهذا الحديث عن أنس بن مالك فقط يبلغون حدود التسعين رجلا .
ورواه من أئمة المذاهب :
1 - أبو حنيفة . * هامش * ( 1 و 2 ) وفي ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) لابن عساكر 2 / 133 رقم 643 . ( 3 ) المناقب : 200 - مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين - قم - 1411 ه . ( * )
- ص 12 -
2 - أحمد بن حنبل . 3 - مالك بن أنس . 4 - الإمام الأوزاعي ، ذلك الفقيه الكبير الذي كان يعد مذهبه مذهبا مستقلا من بين المذاهب ، إلى أن حصروا المذاهب في الأربعة المشهورة .
ومن رواته جماعة كبيرة من مشايخ البخاري ومسلم . وكثير من رواته من رجال الصحاح الستة عند أهل السنة .
ولنذكر أسماء أشهر مشاهير رواة هذا الحديث من أئمة الحديث وكبار الحفاظ في القرون المختلفة : 1 - شعبة بن الحجاج ، أمير المؤمنين في الحديث ، كما يلقبونه . 2 - الأوزاعي ، الإمام المعروف . 3 - مالك بن أنس ، إمام المذهب . 4 - أبو حنيفة ، صاحب المذهب . 5 - أحمد بن حنبل ، صاحب المذهب . 6 - أبو عاصم النبيل ، شيخ البخاري . 7 - أحمد بن حنبل . 8 - عبد الرزاق الصنعاني ، شيخ البخاري . - ص 13 -
9 - البخاري نفسه ، يروي هذا الحديث ، لكن لا في صحيحه ، بل في تاريخه الكبير ، وسنذكر نص حديثه فيما بعد . 10 - البلاذري ، صاحب أنساب الأشراف . 11 - أبو حاتم الرازي ، الذي هو من أقران البخاري ومسلم . 12 - الترمذي ، صاحب الصحيح . 13 - أبو بكر البزار ، صاحب المسند . 14 - النسائي ، صاحب الصحيح . 15 - أبو يعلى الموصلي ، صاحب المسند . 16 - محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير المعروفين . 17 - ابن أبي حاتم ، صاحب التفسير ، والمحدث الكبير الذي يعدونه من الأبدال . 18 - ابن عبد ربه ، في العقد الفريد . 19 - أبو الحسين المحاملي ، صاحب الأمالي . 20 - أبو العباس ابن عقدة ، له كتاب في حديث الطير . 21 - المسعودي المؤرخ ، صاحب مروج الذهب . 22 - أبو القاسم الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة . 23 - أبو الشيخ الأصفهاني ، صاحب كتاب طبقات المحدثين بإصفهان . - ص 14 -
24 - ابن السقا الواسطي ، هذا الحافظ الكبير من علماء القرن الرابع ، سنذكر قصته في حديث الطير . 25 - أبو حفص ابن شاهين ، له كتاب في حديث الطير . 26 - أبو الحسن الدارقطني ، صاحب كتاب العلل . 27 - أبو عبد الله الحاكم النيشابوري ، صاحب المستدرك ، وله كتاب بطرق حديث الطير . 28 - أبو بكر ابن مردويه ، له كتاب في طرق حديث الطير . 29 - أبو نعيم الأصفهاني ، صاحب حلية الأولياء وغيره من الكتب ، له كتاب في طرق حديث الطير . 30 - أبو طاهر ابن حمدان الخراساني ، المحدث الكبير ، له كتاب في طرق حديث الطير . 31 - أبو بكر البيهقي ، صاحب السنن الكبرى . 32 - ابن عبد البر ، صاحب الإستيعاب . 33 - الخطيب البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد . 34 - محي السنة البغوي ، صاحب مصابيح السنة . 35 - رزين العبدري ، صاحب الجمع بين الصحاح الستة 36 - أبو القاسم ابن عساكر ، صاحب تاريخ دمشق . - ص 15 -
37 - ابن الأثير الجزري ، صاحب جامع الأصول . 38 - وأيضا أخوه ابن الأثير الآخر ، صاحب أسد الغابة . 39 - الخطيب التبريزي ، صاحب مشكاة المصابيح . 40 - أبو الحجاج المزي ، صاحب تهذيب الكمال وكتاب تحفة الأشراف . 41 - شمس الدين الذهبي ، صاحب المؤلفات المعروفة المشهورة . 42 - ابن كثير الدمشقي ، صاحب التفسير والتاريخ . 43 - أبو بكر الهيثمي ، صاحب مجمع الزوائد . 44 - شمس الدين ابن الجزري ، صاحب المؤلفات . 45 - ابن حجر العسقلاني ، صاحب المؤلفات ، شيخ الإسلام ، والفقيه المحدث الرجالي المعروف . 46 - جلال الدين السيوطي ، أيضا صاحب المؤلفات المشهورة . 47 - ابن حجر المكي ، صاحب الصواعق . 48 - شاه ولي الله الدهلوي ، محدث الهند .
وكما عرفتم في خلال ذكر أسماء الرواة هؤلاء : إن جماعة من الأعلام ومن كبار المحدثين ألفوا كتبا خاصة تتعلق بطرق حديث الطير ، - ص 16 -
وهؤلاء هم : 1 - الطبري ، صاحب التفسير والتاريخ . 2 - ابن عقدة . 3 - الحاكم النيسابوري . 4 - ابن مردويه . 5 - أبو نعيم . 6 - أبو طاهر ابن حمدان . 7 - الذهبي نفسه يذكر في كتابه تذكرة الحفاظ بترجمة الحاكم النيسابوري : أن له كتابا - أي الذهبي نفسه - في طرق حديث الطير ( 1 ) .
فهؤلاء رواة هذا الحديث بنحو الإجمال من الصحابة ، وأشرنا إلى أن عدد التابعين الرواة لهذا الحديث من أنس بن مالك وحده يبلغون حدود التسعين رجلا ، وذكرنا أشهر مشاهير علماء الحديث في القرون المختلفة الرواة لحديث الطير ، وذكرنا من ألف في خصوص حديث الطير كتابا .
وحديث الطير موجود في عدة من الصحاح ، كصحيح الترمذي ، * هامش * ( 1 ) تذكرة الحفاظ 3 / 1042 - 1043 - دار إحياء التراث العربي - بيروت . ( * )
- ص 17 -
وصحيح النسائي ، وصحيح ابن حبان ، وأيضا موجود في المختارة للضياء المقدسي ، وفي المستدرك للحاكم ، وفي الجمع بين الصحيحين ، وفي الجمع بين الصحاح .
كما أن لهذا الحديث أسانيد صحيحة هي أكثر من عشرين سند موجودة في خارج الصحاح .
ولا أظن أن من يقف على هذه الأسامي ، وهذه الأسانيد ، يشك في صدور هذا الحديث عن رسول الله ( ص ) ، هذا الحديث المتفق عليه بين المسلمين ، وحينئذ ننتقل إلى الجهة الثانية .
الجهة الثالثة : محاولات القوم في رد حديث الطير
فننتقل الآن إلى محاولات القوم في رد هذا الحديث وإبطاله ، وفي المنع عن نقله وانتشاره وما صنعوا . تتلخص محاولاتهم في وجوه :
الأول : المناقشة في سند الحديث فإذا راجعتم كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لأبي الفرج ابن الجوزي ، تجدونه يذكر هذا الحديث بسند أو ببعض أسانيده ويضعفه ويسكت عن بعض الأسانيد الأخرى ( 1 ) .
لكن ابن الجوزي أبا الفرج الحنبلي المتوفى سنة 597 ه * هامش * ( 1 ) العلل المتناهية 1 / 228 من رقم 360 - 377 . ( * )
- ص 42 -
معروف بالتسرع بالحكم ، لا بالتضعيف فقط بل حتى الحكم بالوضع ، ولربما ضعف أو كذب في كتبه أحاديث موجودة في الصحاح ، وهذا ما دعا كبار المحدثين من المحققين من أهل السنة إلى التحذير من الاعتماد على حكم ابن الجوزي ، في أي حديث من الأحاديث ، وأنه لا بد من التثبت .
والعجيب أنهم ربما ينسبون إلى ابن الجوزي أنه أدرج حديث الطير في كتاب الموضوعات ، راجعوا كتاب المرقاة في شرح المشكاة للقاري ( 1 ) وبعض الكتب الأخرى ، ينسب إلى ابن الجوزي أنه حكم على هذا الحديث بالوضع وأدرجه في كتاب الموضوعات .
والحال أنه غير موجود في كتاب الموضوعات ، نعم ، موجود في كتاب العلل المتناهية ، لكنه ببعض أسناده ، وإنما يتكلم على بعض رجال هذا الحديث في بعض الأسانيد - ونحن لا ندعي أن كل أسانيده صحيحة - ويسكت عن البعض الآخر .
ويأتي من بعده ابن كثير ، فيذكر في تاريخه ( 2 ) حديث الطير ، ويرويه عن عدة من الأئمة الأعلام ، يرويه عن الترمذي ، وعن أبي يعلى ، * هامش * ( 1 ) مرقاة المفاتيح 10 / 465 رقم 6094 - دار الفكر - بيروت - 1414 ه . ( 2 ) البداية والنهاية المجلد الرابع الجزء السابع : 350 - دار الفكر - بيروت . ( * )
- ص 43 -
وعن الحاكم ، وعن الخطيب البغدادي ، وعن ابن عساكر ، وعن الذهبي ، وعن غيرهم ، إلى أن قال : وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة منهم : أبو بكر ابن مردويه ، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا
أبو عبد الله الذهبي يقول : ورأيت مجلدا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر ابن جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ ، ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سندا ومتنا للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم .
ثم يذكر ابن كثير رأيه في هذا الحديث قائلا : وبالجملة ، ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه .
أقول : فدليل ابن كثير على ضعف هذا الحديث أن قلبه لا يساعد ، قلب ابن كثير لا يساعد على قبول هذا الحديث ، كما أن قلب أبي جهل لم يساعد على قبول القرآن والإسلام ، فليكن ، وأي مانع ؟ قلبه لا يساعد ، لا يقول : إنه موضوع ، لا يقول :
إنه حديث مكذوب ، لا يقول : في سنده كذا وكذا ، لا يقول : الراوي ضعيف لقول فلان ، لنص فلان على ضعفه ، وأمثال ذلك ، فإنها مناقشات علمية تسمع ، إنها مناقشات علمية قابلة للبحث ، قابلة للنظر ، وأي مانع ! يقول : وبالجملة ، ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه . - ص 44 -
الرجوع إلى القلب من جملة أساليبهم في رد بعض الأحاديث ، أذكر لكم شاهدا واحدا فقط ، وإلا لطال بنا المجلس . عندما يريدون أن يردوا حديثا وقد أعيتهم السبل ، فلم يمكنهم المناقشة في سنده بشكل من الأشكال ، يلجأون إلى القسم أحيانا ،
كقولهم : والله إنه موضوع ، وأي دليل أقوى من هذا ؟ ! أو يلتجئون إلى قلوبهم : والقلب يشهد بأن هذا الحديث موضوع ، أذكر لكم شاهدا واحدا فقط .
في مستدرك الحاكم حديث عن علي ( عليه السلام ) : أخبرني رسول الله : إن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين ، قلت : يا رسول الله فمحبونا ؟ قال : من ورائكم . يقول الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ( 1 ) .
هذا حديث الحاكم ، وما ذنبنا إن كان الحاكم كاذبا بنقل هذا الحديث وفي حكمه بصحته ، نحن المحبون لأهل البيت ندخل الجنة وراء أهل البيت ، هم يدخلون ونحن وراءهم ، لأننا نحب أهل البيت ، وهذا لا يمكن لأحد إنكاره . * هامش * ( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 151 وذيل الصفحة . ( * )
- ص 45 -
فيقول الذهبي في تلخيصه للمستدرك في ذيل هذا الحديث : الحديث منكر من القول يشهد القلب بوضعه ( 1 ) .
ليته ناقش في سند الحديث ، بضعف راو من رواته ، يشهد القلب بوضعه ! ! ولماذا يشهد قلب الذهبي بوضع هذا الحديث ؟ الحديث يقول : إن أول من يدخل الجنة رسول الله وعلي وفاطمة والحسن ومحبوهم من وراءهم ، أي مانع من هذا ؟
وأي ضير على الذهبي حتى يشهد قلبه بأن هذا الحديث موضوع ؟ ولماذا ؟ هل حب أهل البيت مانع من دخول الجنة فيكون قلبه يشهد بوضع هذا الحديث ؟ أو يشك في أن رسول الله وعليا وفاطمة والحسنين أول من يدخل الجنة ؟ أيشك في هذا ؟ لماذا قلبه يشهد بوضعه ؟ فتأملوا في هذا .
إذن ، كانت المحاولة الأولى ، المناقشة في سند الحديث والحكم بضعف الحديث ، لكن الحديث في الصحاح كما ذكرنا ، وله أسانيد صحيحة ، وقسم كبير من أسانيده أنا بنفسي صححتها على ضوء كلمات كبار علماء الحديث وأئمة الجرح والتعديل وهي في خارج الصحاح . * هامش * ( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 151 وذيل الصفحة . ( * ) | |
|
| |
ابو الحسن المالكي المدير العام
عدد الرسائل : 1168 تاريخ التسجيل : 27/11/2010
| موضوع: رد: كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول الإثنين مايو 30, 2011 1:02 pm | |
| | |
|
| |
علي العاملي المدير العام
عدد الرسائل : 297 تاريخ التسجيل : 12/04/2011
| موضوع: شو يا ابو الحسن المالكي اتهمتني بالكذب الإثنين مايو 30, 2011 2:21 pm | |
| اتهمتني بالكذب على ماذا يا ابو الحسن المالكي ايها المسلم الموحد الذي يصلي خمس صلوات ويصوم شهر رمضان ما نقلته كان واضحا دون تحريف او تغيير وانت بدورك تنقله ام انك تقرأ فقط العنوان وتجاوب والحمدلله بردك هذا يتضح صدق حديثي وصدق قولي | |
|
| |
| كتاب ليالي بيشاور المقدمة والتعارف والحوار الاول | |
|