علي عليه السلام أفضل الأمة
روى المير السيد علي الهمداني، الفقيه الشافعي، في كتابه " مودة القربى " أخبارا متظافرة في أفضلية الإمام علي عليه السلام على جميع الصحابة، بل على جميع الأمة.
قال في المودة السابعة: عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
____________
1- لقد روى هذا الخبر والحديث عن عمر بن الخطاب، جمع من العلماء والمحدثين من أهل السنة، منهم: محب الدين الطبري في الرياض النضرة 2/226، وذكره في ذخائر العقبى ص 100 أيضا
والمتقي الحنفي في كنز العمال 6/156 نقله من فردوس الأخبار للديلمي، عن ابن عمر.
ومنهم العلامة الكنجي القرشي الشافعي في كتابه كفاية الطالب الباب الثاني والستين في تخصيص علي(ع) بمائة منقبة دون سائر الصحابة، روى بسنده عن عمر بن الخطاب، وفي تعليقه قال: هذا حديث حسن ثابت، رواه الجوهري في كتاب فضائل علي(ع) عن شيخ أهل الحديث الدارقطني،
وأخرجه محدث الشام في تاريخه في ترجمة علي (عليه السلام)، كما أخرجناه سواء.
ومنهم العلامة الصفوري الشافعي، رواه في كتابه نزهة المجالس 2/240 ط مصر سنة 1320 هج.
((المترجم)) الصفحة 386
أفضل رجال العالمين في زماني هذا علي عليه السلام(1).
____________
1- وفي المصدر نفسه، في المودة السابعة أيضا في الخبر الأول، رواه عن علي بن الحسين(ع) عن ابن عمر، في خبر طويل عن سلمان، قال في آخره: إن النبي(صلى الله عليه وآله) قال له:... وإني أوصيت إلى علي(ع)، وهو أفضل من أتركه بعدي.
وروى أيضا في المودة السابعة عن أنس، قل: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن أخي، ووزيري، وخليفتي في أهلي، وخير من أترك بعدي، يقضي ديني، وينجز موعدي ، علي بن أبي طالب.
وروى كثير من أعلام العامة خبرا بهذا المعنى، منهم: العلامة الكنجي القرشي الشافعي في" كفاية الطالب" الباب الثاني والستين، ص 119، ط الغري سنة 1356 هج بسنده عن عطاء، قال: سألت
عائشة عن علي(ع) فقالت: ذلك خير البشر، لايشك فيه إلا كافر.
قال: هكذا ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة علي(ع) في تاريخه في المجلد الخمسين.
وخرجه الكنجي الشافعي عن طرق عديدة في نفس الصفحة؛ منهم: الإمام علي(ع) عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله): من لم يقل علي خير البشر فقد كفر.
وعن حذيفة، عن النبي (صلى الله عليه وآله): علي خير البشر، من أبى فقد كفر.
وعن جابر، عن النبي(صلى الله عليه وآله): علي خير البشر فمن أبى فقد كفر.
وخرجه بهذا اللفظ، الخطيب البغدادي في" تاريخ بغداد" في ترجمة الإمام علي (عليه السلام).
وخرجه المناوي في " كنوز الحقائق" المطبوع بهامش" الجامع الصغير" للسيوطي، ج 2/20 ـ 21، من سنن أبي يعلي، عن النبي(صلى الله عليه وآله): علي خير البشر من شك فيه كفر.
وخرجه المتقي في كنز العمال 6/159 عن الإمام علي(ع) وعن ابن عباس، وابن مسعود، وجابر بن عبدالله الأنصاري، فراجع. (والخير هنا بمعنى الأفضل).
((المترجم)) الصفحة 387
وقال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة: 1/9: وأما نحن فنذهب إلى ما ذهب إليه شيوخنا البغداديون، من تفضيله(ع) ـ أي: علي ـ وقد ذكرنا في كتبنا الكلامية ما معنى الفضل، وهل المراد به الأكثر ثوابا، أو الأجمع لمزايا الفضل والخلال الحميدة، وبينا أنه عليه السلام أفضل على التفسيرين معا.
وقال في11/119: وقع بيدي بعد ذلك كتاب لشيخنا أبي جعفر الإسكافي ، ذكر فيه أن مذهب بشر بن المعتمر، وأبي موسى، وجعفر بن بشر، وسائر قدماء البغداديين، أن أفضل المسلمين علي ابن أبي طالب، ثم ابنه الحسن، ثم ابنه الحسين ، ثم حمزة بن عبدالمطلب، ثم جعفربن أبي طالب...إلخ.
وبعد نقله هذا القول، وعده عقيدة المعتزلة، ينظم فيه شعرا، فيقول:
وخير خلق الله بعد المصطفى أعظمهم يوم الفخار شرفا
السيد المـعظـم الوصي بعد البتول المرتضى علي
وابناه ثم حمزة وجعفر ثم عتيق بعـــدهم لا ينكر
الشيخ عبدالسلام: لو كنت تطالع أقوال العلماء في أفضلية أبي بكر (رض) ما كنت تتمسك بغيره.
قلت: وأنتم إذا كنتم تتركون أقوال المتعصبين وتأخذون بأقوال المنصفين من علمائكم الأعلام، لرأيتم رأينا وتمسكتم بقولنا في تفضيل الإمام علي عليه السلام.
ولكي تعرف دلائل وبراهين الطرفين أدلك على مصدر واحد كنموذج راجع: شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 13/215 ـ الصفحة 388
295، فإنه ذكر في هذا الفصل من الكتاب كلام الجاحظ، ودلائله على أفضلية صاحبكم، أبي بكر، وذكر رد أبي جعفر الإسكافي وهو من أفاضل علماء السنة وكبار أعلام الأمة وشيخ المعتزلة، وذكر دلائله وبراهينه العقلية والنقلية في تفضيل الإمام علي(ع) على غيره من الأمة.
ومن جملة كلامه ـ في صفحة 275 ـ يقول أبو جعفر الإسكافي: إننا لا ننكر فضل الصحابة وسوابقهم، ولسنا كالإمامية الذين يحملهم الهوى على جحد الأمور المعلومة (لقد أصدر علينا حكما غيابيا ولو كنا لأجبناه).. قال: ولكننا ننكر تفضيل أحد من الصحابة على علي بن أبي طالب(ع) انتهى.
فنستفيد من مجموع الأخبار والأحاديث وأقوال العلماء والمحدثين، أن عليا عليه السلام لا يقاس به أحد من المسلمين. وأن مقامه أسمى وشأنه أعلى من الآخرين بمراتب، فلا يمكن أن تقدموهم عليه بنقل بعض الأحاديث الضعيفة السند أو الدلالة.
ثم لا ينكر أن عليا عليه السلام هو أبو العترة وسيد أهل البيت عليهم السلام، ولا يقاس بأهل البيت أحد من الأمة في الشأن والمرتبة، فكيف بسيدهم وعَلَمهم؟!
لقد روى المير السيد علي الهمداني الشافعي، في المودة السابعة من كتابه " مودة القربى " عن أحمد بن محمد الكرزي البغدادي، أنه قال:
سمعت عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن التفضيل.
فقال: أبو بكر وعمر وعثمان. ثم سكت. الصفحة 389
فقلت: يا أبه أين علي بن أبي طالب؟!
قال: هو من أهل البيت، لا يقاس به هؤلاء!
وإذا نريد أن نفسر كلام الإمام أحمد فنقول: يعني: أن عليا(ع) لا يذكر في عداد الصحابة، بل هو في مقام النبوة والإمامة.
ونجد خبرا آخر في المودة السابعة أيضا بهذا المعنى، رواه عن أبي وائل، عن ابن عمر، قال: كنا إذا عددنا أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان.
فقال رجل: يا أبا عبدالرحمن! فعلي ما هو؟!
قال: علي من أهل البيت لا يقاس به أحد، هو مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) في درجته، إن الله تعالى يقول: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم...} (1).
ففاطمة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في درجته وعلي معهما(2).
____________
1- سورة الطور، الآية 21.
2- لقد وردت أخبار كثيرة في أن أهل البيت(ع) لايقاس بهم أحد ، منها مافي" ذخائر العقبى" لمحب الدين الطبري، ص 17، فإنه قال تحت عنوان إنهم لايقاس بهم أحد قال: وعن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نحن أهل بيت لايقاس بنا أحد.
وأخرج هذا الحديث أيضا عبيدالله الحنفي في كتاب" أرجح المطالب" ص 330، غير أنه قال: أخرجه ابن مردودية في " المناقب".وفي نفس الصفحة قال: قال علي(ع) على المنبر: نحن أهل بيت رسول الله لايقاس بنا أحد. أخرجه الديلمي أيضا في " فردوس الأخبار" وأخرجه عن الديلمي علي المتقي الحنفي في كنز العمال 6/218. وفي نهج البلاغة في آخر الخطبة التي تقع قبل الخطبة الشقشقية، قال أخرجه الديلمي أيضا في " فردوس الأخبار" وأخرجه عن الديلمي علي المتقي الحنفي في كنز العمال 6/218.
وفي نهج البلاغة في آخر الخطبة التي تقع قبل الخطبة الشقشقية، قال الإمام
<= الصفحة 390
وكان هذا الأمر واضحا وضوح الشمس في الضحى، وكان من المسلمات، ولذا نرى في المودة السابعة أيضا خبرا بهذا المعنى، رواه عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم يحضر المهاجرون والأنصار ـ كذا ـ: يا علي ! لو أن أحدا عبد الله حق عبادته، ثم شك فيك وأهل بيتك، أنكم أفضل الناس، كان في النار!! انتهى
لما سمع أهل المجلس هذا الخبر استغفر أكثرهم الله، وبالخصوص الحافظ محمد رشيد. استغفروا الله، لأنهم كانوا يظنون أفضلية الآخرين!
هذه نماذج من الأخبار الكثيرة في تفضيل الإمام علي عليه السلام على الصحابة والمسلمين عامة، وأضف عليها الحديث النبوي الشريف الذي رواه علماء الفريقين في يوم الخندق ومعركة الأحزاب حينما قتل الإمام علي (عليه السلام) بطل الأحزاب و قائدهم وحامل لوائهم عمرو بن عبد ود العامري وانهزم المشركون وانتصر المسلمون، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.
فإذا كان عمل واحد من مولانا الإمام علي (عليه السلام) هو أفضل من عبادة الجن والإنس، فكيف بأعماله كلها، من الجهاد في سبيل الله، وتحمل الأذى في جنب الله، وصلاته، وصومه، وإنفاقه الصدقات،
____________
=>
علي(ع): لايقاس بآل محمد(صلى الله عليه وآله) من هذه الأمة أحد، ولايسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء القالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة...
((المترجم)) الصفحة 391
ورعايته الأرامل والأيتام في طول حياته المباركة؟!
فلا أرى أحدا مع ما ذكرناه، ينكر تفضيل الإمام علي(ع) على غيره، إلا المعاند.
علي عليه السلام أفضل بدليل المباهلة
قال تعالى: {فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}(1).
اتفق المفسرون، واجمع المحدثون، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امتثل أمر الله عز وجل في الآية الكريمة فأخذ معه الحسن والحسين عليهما السلام لأبنائنا، وأخذ فاطمة الزهراء عليها السلام تطبيقا لكلمة نسائنا، وأخذ الإمام عليا عليه السلام، تطبيقا لكلمة أنفسنا.
ومن الواضح الذي لا يشك فيه إلا كافر، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد الأولين والآخرين، وخير الخلق، وأفضل الخلائق، وبحكم كلمة أنفسنا حيث جعل الله تعالى عليا(ع) في درجة نفس النبي، فصار هو كالنبي(صلى الله عليه وآله) في الفضل، وأصبح خير الخلق، وأفضل الخلائق(2).
____________
1- سورة آل عمران، الآية 61.
2- لقد وردت أحاديث كثيرة عن طرق الشيعة والسنة في أن عليا(ع) كنفس النبي(صلى الله عليه وآله)، ونكتفي هنا بنماذج مما رواه علماء العامة..
نقل الحافظ سليمان الحنفي في كتابه" ينابيع المودة" في الباب السابع، قال: أخرج أحمد بن حنبل في المسند وفي المناقب، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لتنتهين يابني وليعة <= الصفحة 392
____________
=>
أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي،
يمضي فيكم بأمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية. فالتفت إلى علي(ع) فأخذ بيده وقال: هو هذا مرتين.
قال الحافظ سليمان: أيضا أخرجه موفق بن أحمد الخوارزمي المكي بلفظه.
أقول: وأخرجه العلامة الكنجي الشافعي في" كفاية الطالب" الباب الحادي والسبعين، وقال: نقله عن خصائص علي(ع) لإمام أهل الجرح والتعديل الحافظ النسائي، وهو بسنده عن أبي ذر...إلى آخره.
ونقل الحافظ سليمان أيضا في نفس الباب والمصدر، قال: أخرج أحمد في المسند عن عبدالله بن حنطب، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لوفد ثقيف حين جاؤه: لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي ليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم؛فالتفت إلى علي وأخذ بيده فقال: هو هذا مرتين.
وذكر الحافظ سليمان في آخر الباب خبرا ننقله بعينه إتماما للفائدة، قال: وفي المناقب عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: لقد سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول في علي خصالا لو كانت واحدة منها في رجل اكتفى بها فضلا وشرفا : قوله(صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه.
وقوله(صلى الله عليه وآله): علي مني كهارون من موسى.
وقوله(صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا منه.
وقوله(صلى الله عليه وآله): علي مني كنفسي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي.
وقوله(صلى الله عليه وآله): حرب علي حرب الله، وسلم علي سلم الله.
وقوله(صلى الله عليه وآله): ولي علي ولي الله، وعدو علي عدو الله.
وقوله(صلى الله عليه وآله): علي حجة الله على عباده.
وقوله(صلى الله عليه وآله): حب علي إيمان، وبغضه كفر.
وقوله(صلى الله عليه وآله): حزب علي حزب الله، وحزب أعدائه حزب الشيطان.
وفوله(صلى الله عليه وآله): علي مع الحق، والحق معه، لايفترقان.
وقوله(صلى الله عليه وآله): علي قسيم الجنة والنار.
وقوله(صلى الله عليه وآله): من فارق عليا فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله.
وقوله(صلى الله عليه وآله): شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة.
انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه.
((المترجم)) الصفحة 393
فأذعنوا واعتقدوا أن مصداق (والذين معه) هو سيدنا ومولانا علي(ع)الذي كان من أول عمره، ومن أول البعثة مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يدعه في الملمات، وما تركه في الهجمات والطامات، بل كان ناصره وحاميه، يقيه بنفسه، ويدافع عنه بسيفه، ويفديه بروحه.
حتى أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فارقت روحه الدنيا ورأسه في حجر الإمام علي(ع) كما قال في خطبة له في نهج البلاغة: ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد(ص ) أني لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر الأقدام، نجدة أكرمني الله بها.
ولقد قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإن رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله والملائكة أعواني... حتى واريناه في ضريحه، فمن ذا أحق به مني حيا وميتا؟!
ولما وصلنا إلى نهاية خطبة الإمام أمير المؤمنين(ع) صار وقت صلاة العشاء... فقطعنا كلامنا.. وبعدما أدوا الصلاة شربوا الشاي وتناولوا الفواكه والحلوى، ولما انتهوا بدأت أنا بالكلام فقلت:
لقائل أن يقول: إذا كان علي(ع) مع النبي(صلى الله عليه وآله) في كل مواقفه، فلماذا لم يرافقه بالهجرة من مكة إلى المدينة؟!
أقول: لأن عليا(ع) قام في مكة بأعمال مهمة بعد النبي(صلى الله عليه وآله) كان قد ألقاها النبي(صلى الله عليه وآله) على عاتقه وأمره أن ينفذها، لأنه(صلى الله عليه وآله) لم يعتمد على أحد يقوم مقامه ويقضي مهامه غير الإمام علي(ع) لأن النبي(صلى الله عليه وآله) ـ كما نعلم ـ كان أمين أهل مكة، حتى إن الكفار والمشركين كانوا يستودعون عنده أموالهم ولا يعتمدون على غيره في استيداع الصفحة 394
أماناتهم وحفظها، فكان(صلى الله عليه وآله) يعرف بالصادق الأمين.
فخلف رسول الله(صلى الله عليه وآله) أخاه وابن عمه عليا(ع) في مكة ليرد الودائع والأمانات إلى أهلها، وبعد ذلك حمل معه بنت رسول الله وحبيبته فاطمة الزهراء التي كان يعز فراقها على أبيها، وأخذ معه أمه فاطمة بنت أسد وابنة عمه فاطمة بنت الزبير بن عبدالمطلب وغيرهن فأوصلهن بسلام إلى المدينة المنورة عند رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فضيلة المبيت على فراش النبي (صلى الله عليه وآله)
وإضافة إلى ما ذكرناه، فإن عليا(ع) إذا لم يدرك فضيلة مرافقة النبي (صلى الله عليه وآله) في الهجرة، فإنه عليه السلام أدرك مقاما أسمى بالإستقلال لا بالتبع، وهو مبيته على فراش النبي(صلى الله عليه وآله) ليلتبس الأمر على الأعداء، فيخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بينهم بسلام.
فإذا كانت آية الغار تعد فضيلة لأبي بكر بأن حسبته ثاني إثنين، فقد جعلته تابعا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، غير مستقل في كسب الفضيلة، وإنما حصلها تبعا للنبي(صلى الله عليه وآله).
بينما الإمام علي(ع) حينما بات على فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله) نزلت في شأنه آية كريمة سجلت له فضيلة مستقلة تعد من أعظم مناقبه، وهي قوله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد}(1).
وقد ذكر جمع كثير من كبار علمائكم الأعلام والمحدثين الكرام،
____________
1- سورة البقرة، الآية 207 الصفحة 395
خبرا هاما بهذه المناسبة، وإن كانت ألفاظهم مختلفة ولكنها متقاربة والمعنى واحد، ونحن ننقله من كتاب " ينابيع المودة " للحافظ سليمان الحنفي، الباب الحادي والعشرين ، وهو ينقله عن الثعلبي وغيره.
قال الحافظ سليمان: عن الثعلبي في تفسيره، وابن عقبة في ملحمته، وأبو السعادات في فضائل العترة الطاهرة، والغزالي في إحياء العلوم، بأسانيدهم، عن ابن عباس وعن أبي رافع وعن هند بن أبي هالة ربيب النبي (صلى الله عليه وآله) ـ أمه خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ـ أنهم قالوا:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه عمره، فكلاهما كرها الموت، فأوحى الله إليهما: إني آخيت بين علي وليي وبين محمد نبيي، فآثر علي حياته للنبي، فرقد على فراش النبي يقيه بمهجته. إهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه.
فهبطا، فجلس جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرائيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، والله عز وجل يباهي بك الملائكة!
فأنزل الله تعالى: (ومن الناس من يشري....).
أقول: الذين نقلوا هذا الخبر بألفاظ متقاربة وبمعنى واحد، جمع كبير من أعلام العامة، منهم: ابن سبع المغربي في كتابه " شفاء الصدور " والطبراني في الجامع الأوسط والكبير، وابن الأثير في أسد الغابة 4/25، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: 33، والفاضل النيسابوري، والإمام الفخرالرازي، وجلال الدين السيوطي، في الصفحة 396
تفاسيرهم للآية الكريمة، والحافظ أبونعيم في كتابه " مانزل من القرآن في علي " والخطيب الخوارزمي في " المناقب "، وشيخ الإسلام الحمويني في " الفرائد " والعلامة الكنجي القرشي الشافعي في " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين، والإمام أحمد في المسند ومحمد بن جرير بطرق متعددة، وابن هشام في " السيرة النبوية " والحافظ محدث الشام في " الأربعين الطوال " والإمام الغزالي في إحياء العلوم 3/223وأبو السعادات في " فضائل العترة الطاهرة " وسبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص: 21، وغير هؤلاء الأعلام.
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/262 ـ ط دار إحياء التراث العربي ـ قول الشيخ أبي جعفر الإسكافي، قال: وقد روى المفسرون كلهم أن قول الله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) أنزلت في علي(ع) ليلة المبيت على الفراش.
فأرجو من الحاضرين، وخاصة العلماء الأفاضل، أن يفكروا في الآيتين بعيدا عن الانحياز إلى إحدى الجهتين، فتدبروا وقايسوا بينهما، وأنصفوا أيهما أفضل وأكمل، صحبة النبي(صلى الله عليه وآله) ومرافقته أياما قليلة في سفر الهجرة، أم مبيت الإمام علي (عليه السلام) على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) واقتحامه خطر الموت، وتحمله أذى المشركين، ورميه بالحجارة طيلة الليل، وهو يتضور ولا يكشف عن وجهه، ليسلم رسول الله(صلى الله عليه وآله) من كيد الأعداء وهجومهم، ومباهاة الله سبحانه ملائكته بمفاداة علي(ع) وإيثاره ثم نزول آية مستقلة في شأنه، أنصفوا أيهما أفضل؟؟
ولا يخفى أن بعض علمائكم الأعلام أنصفوا فأعلنوا تفضيل الإمام علي (عليه السلام) على غيره، وفضلوا مبيته على فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله) الصفحة 397
على صحبة أبي بكر ومرافقته إياه في الهجرة، منهم: الإمام أبو جعفر الإسكافي ـ وهو من أبرز وأكبر علماء ومشايخ أهل السنة المعتزلة ـ في رده على أبي عثمان الجاحظ وكتابه المعروف بالعثمانية.
لقد تصدى الإسكافي لنقضه بالبراهين العقلية والأدلة النقلية، وأثبت تفضيل الإمام علي(ع) على أبي بكر، وفضل المبيت على الصحبة، ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/215 ـ 295، فراجعه، فإنه مفيد جدا.
ومما يذكره الشيخ أبوجعفر في مقاله، قال: قال علماء المسلمين: (إن فضيلة علي(ع) تلك الليلة لا نعلم أحدا من البشر نال مثلها) شرح ابن أبي الحديد 13: 260.
وبعد كلام طويل ـ وكله مفيد ـ قال في صفحة 266 و 267: قد بينا فضيلة المبيت على الفراش على فضيلة الصحبة في الغار بما هو واضح لمن أنصف، ونزيد هاهنا تأكيدا بما لم نذكره فيما تقدم فنقول: إن فضيلة المبيت على الفراش على الصحبة في الغار لوجهين:
أحدهما: إن عليا(ع) قد كان أنس بالنبي(صلى الله عليه وآله) وحصل له بمصاحبته قديما أنس عظيم، وإلف شديد، فلما فارقه عدم ذلك الأنس، وحصل به أبوبكر، فكان ما يجده علي(ع) من الوحشة وألم الفرقة موجبا زيادة ثوابه، لأن الثواب على قدر المشقة.
وثانيهما: إن أبابكر كان يؤثر الخروج من مكة، وقد كان خرج من قبل فردا فازداد كراهيته للمقام، فلما خرج مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) وافق ذلك هوى قلبه ومحبوب نفسه، فلم يكن له من الفضيلة ما يوازي فضيلة من احتمل المشقة العظيمة وعرض نفسه لوقع السيوف، ورأسه الصفحة 398
لرضخ الحجارة، لأنه على قدر سهولة العبادة يكون نقصان الثواب.
وعالم آخر من علمائكم وهو ابن سبع المغربي، صاحب كتاب " شفاء الصدور " يقول فيه وهو يبين شجاعة سيدنا الإمام علي (عليه السلام): إن علماء العرب أجمعوا على أن نوم علي(ع) على فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله) أفضل من خروجه معه، وذلك أنه وطن نفسه على مفاداته لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وآثر حياته، وأظهر شجاعته بين أقرانه. انتهى
فالموضوع واضح جدا بحيث لا ينكره إلا من فقد عقله بالتعصب الذي يعمي ويصم عن فهم الحق وإدراك الحقيقة!
أكتفي بهذا المقدار في إطار البحث حول جملة (والذين معه) وأما جملة (أشداء على الكفار) فقد قال الشيخ عبد السلام: إن المراد منها والمقصود بها هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.
فأقول: نحن لا نقبل الكلام بمجرد الإدعاء، من غير دليل. والأولى أن نطبق العبارة على الشخص المشار إليه، فندرس سيرته وحالاته ونعرف صفاته وأخلاقه، فإذا تطابقت مع الآية الكريمة، فحينئذ نسلم، وإذا لم تتطابق، فنرد إدعائكم وكلامكم، ونثبت قولنا ورأينا بالدليل والبرهان.
فلنضع الجملة على طاولة التحليل والتحقيق فنقول: الشدة تظهر في مجالين:
1 ـ مجال المناظرات العلمية والبحوث الدينية مع الخصوم.
2 ـ مجال الجهاد الحربي والمناورات القتالية مع الأعداء.
أما في المجال العلمي فلم يذكر التاريخ لعمر بن الخطاب مناظرة علمية ومحاورة دينية تغلب فيها على الخصوم ومناوئي الإسلام الصفحة 399
وإذا كنتم تعرفون له تاريخا وموقفا مشرفا في هذا المجال فبينوه حتى نعرف!
ولكن عليا(ع) يعترف له جميع العلماء وكل المؤرخون بأنه كان حلال المشكلات الدينية والمعضلات العلمية.
وهو الوحيد في عصره الذي كان قادرا على رد شبهات اليهود والنصارى مع كل التحريفات التي جرت على أيدي الأمويين والبكريين الخونة على تاريخ الإسلام ـ كما يصرح بها علماؤكم في كتب الجرح والتعديل ـ مع ذلك ما تمكنوا من إخفاء هذه الحقائق الناصعة، والمناقب الساطعة، والأنوار العلمية اللامعة، التي أضاءت تاريخ الإسلام مدى الزمان..
وخاصة في عصر الخلفاء الذين سبقوا الإمام علي (عليه السلام)، فقد كان علماء اليهود والنصارى وسائر الأديان، يأتون إلى المدينة ويسألونهم مسائل مشكلة ويوردون شبهات مضلة، ولم يكن لهم بد من أن يرجعوا إلى مولانا وسيدنا علي(ع) لأنه باب علم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فيرد شبهاتهم ويجيب عن مسائلهم، وقد أسلم كثير من أولئك العلماء كما نجده مسطورا في التاريخ.
والجدير بالذكر، أن الخلفاء الثلاثة الذين سبقوا الإمام عليا( ع) كلهم اعترفوا وأقروا له بتفوقه العلمي وعجزهم وجهلهم أمام علماء الأديان.
وقد ذكر بعض المحققين من أعلامكم عن أبي بكر أنه قال: أقيلوني أقيلوني! فلست بخيركم وعلي فيكم!
وأما عمر بن الخطاب فقد قال أكثر من سبعين مرة: لولا علي الصفحة 400
لهلك عمر. وقال: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن.
وذلك لما كان يرى من علي(ع) حل المعضلات والحكم في القضايا المشتبهات التي كان يحار في حلها وحكمها عمر وحاشيته وكل الصحابة، وقد ذكر التاريخ كثيرا منها في كتبكم ولكن لا مجال لذكرها ولا منكر لها!! فالأفضل أن يدور بحثنا حول الأهم فالأهم.
النواب: لا أرى موضوعا أهم من هذا، فلو سمحتم...أرجو أن تذكروا لنا بعض الكتب المعتبرة عندنا التي نقلت وذكرت ما نقلتم من قول الخليفة عمر الفاروق ، حتى نعرف الحق والواقع.
قلت: نعم، إن أكثر علمائكم نقلوا هذه العبارات أو ما بمعناها وإن اختلف اللفظ، وسأذكر لكم بعضهم حسب ما يحضر في ذهني وذاكرتي.
مصادر قول عمر
1 ـ ابن حجر العسقلاني، في تهذيب التهذيب/ 337 ط حيدر آباد الدكن.
2 ـ ابن حجر العسقلاني ـ أيضا ـ في الإصابة 2/509 ط مصر.
3 ـ ابن قتيبة ـ المتوفي سنة 276 هجرية ـ في تأويل مختلف الحديث 201 و 202.
4 ـ ابن حجر المكي الهيتمي، في الصواعق: 78.
5 ـ أحمد أفندي، في هداية المرتاب: 146 و152 الصفحة 401
6 ـ ابن الأثير الجزري، في أسد الغابة: 4/22.
7 ـ جلال الدين السيوطي، في تاريخ الخلفاء: 66.
8 ـ ابن عبد البر القرطبي، في الإستيعاب: 2/474.
9 ـ عبدالمؤمن الشبلنجي، في نور الأبصار: 73.
10 ـ شهاب الدين العجيلي، في ذخيرة المال.
11 ـ الشيخ محمد الصبان، في إسعاف الراغبين: 152.
12 ـ ابن الصباغ المالكي، في الفصول المهمة: 18.
13 ـ نور الدين السمهودي، في جواهر العقدين.
14 ـ ابن أبي الحديد في شرح النهج: 1/18 ط دار إحياء التراث العربي(1).
15 ـ العلامة القوشجي، في شرح التجريد: 407.
16 ـ الخطيب الخوارزمي المكي، في المناقب 48/60.
17 ـ محمد بن طلحة القرشي الشافعي، في مطالب السؤول: 82 الفصل السادس ط دار الكتب.
18 ـ الإمام أحمد بن حنبل، في المسند والفضائل.
19 ـ سبط ابن الجوزي، في التذكرة: 85 و87.
20 ـ الإمام الثعلبي، في تفسيره " كشف البيان ".
____________
1- قال ابن أبي الحديد: وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه( علي عليه السلام).
في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة، وقوله غير مرة: لولا علي لهلك عمر. وقوله: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله: لا يفتين احد في المسجد وعلي حاضر... إلى آخره.
((المترجم)) الصفحة 402
21 ـ ابن القيم، في الطرق الحكيمة ـ ضمن نقله بعض قضاياه(ع): 41 ـ 53.
22 ـ محمد بن يوسف القرشي الكنجي، في " كفاية الطالب " الباب السابع والخمسين.
23 ـ ابن ماجة القزويني، في سننه.
24 ـ ابن المغازلي، في كتابه " مناقب علي بن أبي طالب ".
25 ـ شيخ الإسلام الحمويني، في فرائد السمطين.
26 ـ الحكيم الترمذي، في شرح " الفتح المبين ".
27 ـ الديلمي، في " فردوس الأخبار ".
28 ـ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي، في " ينابيع المودة " الباب الرابع عشر.
29 ـ الحافظ أبو نعيم، في " حلية الأولياء " وفي كتابه الآخر المسمى " ما نزل من القرآن في علي ".
30 ـ والفضل بن روزبهان، في كتابه المسمى بـ: " إبطال الباطل " (1).
____________
1- ومنهم: محب الدين الطبري، في ذخائر العقبى: 82، فإنه قال بعد نقله مراجعة عمر إلى
علي(ع) في قضاياه المشكلة وذكر حكم المرأة التي ولدت لستة أشهر..
قال عمر: اللهم لاتنزلن بي شديدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي!
وذكر أيضا عن يحيى بن عقيل، قال: كان عمر يقول لعلي(ع) إذا سأله ففرج عنه: لاأبقاني
الله بعدك يا علي!
قال: وعن أبي سعيد الخدري، أنه سمع عمر يقول لعلي ـ وقد سأله عن شيء فأجابه: أعوذ بالله أن أعيش في يوم لست فيه يا أبا الحسن!
ومنهم: أبو المظفر يوسف بن قزاغلي الحنفي، في كتابه" تذكرة خواص الأئمة": 87
<= الصفحة 403
هؤلاء وكثير غيرهم وكلهم من أجلة علمائكم وأعلامكم رووا أن عمر كان يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن!
ويقول: كاد يهلك ابن الخطاب، لولا علي بن أبي طالب!
ويقول: لولا علي لهلك عمر!
ويقول: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن!
وغيرها من العبارات المتقاربة من العبارات المذكورة.
النواب: نرجو من سماحتكم أن تحدثونا عن بعض القضايا المعضلة التي حكم فيها سيدنا علي كرم الله وجهه، وكذلك عن المسائل المشكلة التي حلها وأجاب عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
قلت: من جملة القضايا قضية رواها جمع من علمائكم..
روى ابن الجوزي في كتابه الأذكياء: 18، وفي كتابه الآخر أخبار الظراف: 19.
وروى محب الدين الطبري، في كتابه الرياض النضرة: 2/197، وفي كتابه الآخر ذخائر العقبى: 80.
____________
=>
ط إيران . فقد ذكر قضية المرأة التي ولدت لستة أشهر، فأمر عمر برجمها، فمنعهم من ذلك علي بن أبي طالب بعدما بين سببه، فقال عمر: اللهم لاتبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب!
ومنهم: المتقي الحنفي، في كنز العمال 3/53. فإنه بعد ذكر القضية قال: قال عمر: اللهم لا
تنزل بي شدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي.
((المترجم)) الصفحة 404
وروى الخطيب الخوارزمي، في المناقب: 60.
وروى سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 87، قالوا: عن حنش بن المعتمر، قال: أن رجلين أتيا إمرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار وقالا: لا تدفعيها إلى أحد منا دون صاحبه حتى نجتمع. فلبثا حولا، ثم جاء أحدهما إليها وقال: إن صاحبي قد مات فادفعي إلي الدنانير، فأبت، فثقّل عليها بأهلها، فلم يزالوا بها حتى دفعتها إليه. ثم لبثت حولا آخر فجاء الآخر فقال: ادفعي إلي الدنانير!
فقالت: إن صاحبك جاءني وزعم أنك قد مت فدفعتها إليه.
فاختصما إلى عمر، فأراد أن يقضي عليها وقال لها: ما أراك إلا ضامنة.
فقالت: أنشدك الله أن تقضي بيننا، وارفعنا إلى علي بن أبي طالب.
فرفعها إلى علي (عليه السلام) وعرف أنهما قد مكرا بها.
فقال: أليس قلتما، لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه؟
قال: بلى.
قال: فإن مالك عندنا، اذهب فجيء بصاحبك حتى ندفعها إليكما.
فبلغ ذلك عمر فقال: لا أبقاني الله بعد ابن أبي طالب!
ومن جملة المسائل والقضايا المشكلة التي تحير فيها عمر، وحلها الإمام علي (عليه السلام)، مسائل كانت بين عمر وحذيفة بن اليمان، رواها الصفحة 405
العلامة محمد بن يوسف القرشي الكنجي في كتابه " كفاية الطالب " الباب السابع والخمسين، بإسناده عن حذيفة بن اليمان، أنه لقى عمر ابن الخطاب، فقال له عمر: كيف أصبحت يا ابن اليمان؟
فقال: كيف تريدني أصبح؟! أصبحت والله أكره الحق، وأحب الفتنة ، وأشهد بما لم أره، وأحفظ غير المخلوق، وأصلي على غير وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء!!
فغضب عمر لقوله، وانصرف من فوره وقد أعجله أمر، وعزم على أذى حذيفة لقوله ذلك.
فبينا هو في الطريق إذ مر بعلي بن أبي طالب، فرأى الغضب في وجهه، فقال: ما أغضبك يا عمر؟!
فقال: لقيت حذيفة بن اليمان فسألته كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت أكره الحق!
فقال(ع): صدق، فإنه يكره الموت وهو الحق.
فقال: يقول: وأحب الفتنة!
قال(ع): صدق، فإنه يحب المال والولد، وقد قال تعالى:
{ ... إنما أموالكم وأولادكم فتنة...} (1).
فقال: يا علي! يقول: وأشهد بما لم أره!
فقال: صدق، يشهد لله بالوحدانية، ويشهد بالموت، والبعث، والقيامة، والجنة، والنار، والصراط، وهو لم ير ذلك كله.
فقال: يا علي! وقد قال: إنني أحفظ غير المخلوق!
____________
1- سورة الأنفال، الآية 28 الصفحة 406
قال(ع): صدق، إنه يحفظ كتاب الله تعالى ـ القرآن ـ وهو غير مخلوق.
قال: ويقول: أصلي على غير وضوء!
فقال: صدق، يصلي على ابن عمي رسول الله(صلى الله عليه وآله) على غير وضوء.
فقال: يا أبا الحسن! قد قال أكبر من ذلك!
فقال (ع): وما هو؟!
قال: قال: إن لي في الأرض ما ليس لله في السماء!
قال: صدق، له زوجة، وتعالى الله عن الزوجة والولد.
فقال عمر: كاد يهلك ابن الخطاب لولا علي بن أبي طالب!
قال العلامة الكنجي بعد نقله للخبر بطوله:
قلت: هذا ثابت عند أهل النقل، ذكره غير واحد من أهل السير.
فهذا عمر في المجال العلمي عاجز جاهل، وساكت خامل، ولكن نرى الإمام عليا (ع) يصول ويقول، فيرد شبهات الفضول، ويقنع ذوي العقول.
وأما في المجال الثاني، وهو الحرب والضرب،والجهاد والجلاد، في سبيل الله والمستضعفين من العباد، فإنا لا نرى أيضا لعمر بن الخطاب موقفا مشرفا ، ولا نعرف له صولة أو جولة، وشجاعة أو بطولة.
بل يحدثنا التاريخ أنه لم يثبت أمام الكفار والمشركين، وكان سبب انهزام وانكسار المسلمين!
الحافظ: لا نسمح لك أن تتفوه بهذا الكلام، ولا نسمح أن تحط من شأن عمر (رض) الذي هو أحد مفاخر الإسلام، ولا ينكر أحد من الصفحة 407
الأعلام والمؤرخين العظام، أن الفتوحات التي حصلت في الإسلام، أكثرها أهمها كانت في عهد سيدنا عمر وبأمره وسياسته وحسن قيادته، وأنت تقول إنه كان فرّارا من الحروب، وإنه سبّب هزيمة المسلمين وانكسارهم!
أتظن أننا نسمع هذه الإساءة والإهانة بخليفة سيد الأنام وأحد زعماء الإسلام ونسكت؟!
نحن لا نتحمل هذا الكلام، فإما أن تأتي بالدليل والبرهان، أو تستغفر الله سبحانه وتعالى من الإساءة والإهانة في الحديث والبيان.
قلت: وهل تكلمت بكلام في طول حوارنا وبحثنا في الليالي الماضية من غير دليل وبرهان؟!
أو هل رويت حديثا من غير أن أذكر له مصدرا وسندا من كتبكم المعتبرة ومصادركم الموثقة؟!
أما عرفتم أني لا أتكلم عن جهل وتعصب، ولا أنحاز إلا إلى الحق ، وان مدحي وقدحي لا يكون إلا بسبب مقبول عند ذوي العقول؟!
وأظن إنما صدرت منكم هذه الزبرة والزفرة والنفرة! حين سمعتم الكلام من رجل شيعي، فحسبتموه إساءة وإهانة، وذلك لأنكم تسيئون الظن بنا، والله عز وجل يقول: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم...} (1).
فإنكم تظنون أن الشيعة يحرفون التاريخ، ويضعون الأحاديث ليذموا رجالا ويمدحوا آخرين، بينما نحن لا نزيد على الواقع شيئا، ولا نتكلم إلا نقلا من كتب علمائكم ومحدثيكم.
____________
1- سورة الحجرات، الآية 12. الصفحة 408
فلا داعي لتغير الحال والغضب، وشدة المقال والعتب، أو أن تنسب إليّ الإساءة باللسان، والإهانة في البيان! بل من حقك أن تطالبني بالدليل والبرهان.
وإن أردت مني فأقول:
ذكر كثير من علمائكم ومؤرخيكم، أن القتال الذي لم يحضره الإمام علي عليه السلام لم ينتصر فيه المسلمون، والذي حضره سجل النصر والانتصار للدين، وأهمها غزوة خيبر، فإن عليا عليه السلام غاب عن المعسكر لرمد أصابه في عينه فأعطى النبي (صلى الله عليه وآله) الراية لأبي بكر، فرجع منكسرا، فأعطاها لعمر بن الخطاب، فرجع وهو يجبن المسلمين وهم يجبنونه!
الحافظ ـ وهو غضبان ـ: هذا الكلام من أباطيلكم، وإلا فالمشهور بين المسلمين أن الشيخين كانا شجاعين، وكل منهما كان يحمل في صدره قلبا قويا ليس فيه موضع للخوف والجبن.
قلت: ذكرت لكم كرارا، أن شيعة أهل البيت عليهم السلام لا يكذبون ولا يفترون، لأنهم يتبعون الأئمة الصادقين عليهم السلام، وهم يحسبون الكذب من الذنوب الكبائر، والافتراء أكبر منه خسائر.
ونحن كما قلت مرارا، لسنا بحاجة لاثبات عقائدنا وأحقية مذهبنا ، أن نضع الأحاديث ونتمسك بالأباطيل.
فإن غزوة خيبر من أهم الغزوات التي سجلها التاريخ من يومها إلى هذا اليوم، وجميع مؤرخيكم ذكروها باختصار أو بتفصيل، منهم: الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء 1/62، ومحمد بن طلحة في مطالب السؤول:40 وابن هشام في السيرة النبوية، ومحمد بن يوسف الكنجي في الباب الرابع عشر من " كفاية الطالب " وغير هؤلاء الصفحة 409
من الأعلام، ولا يقتضي المجلس أن أذكرهم جميعا، ولكن أهمهم الشيخين، البخاري في صحيحه 2/100 ط. مصر سنة 1320هجـرية، ومسلم في صحيحه 2/324 ط. مصر سنة 1320 هجرية.
فإنهما كتبا بالصراحة هذه العبارة: " فرجع أيضا منهزما " أي: عمر.
ومن الدلائل الواضحة على هذه القضية الفاضحة، أشعار بن أبي الحديد، فإنه قال ضمن علوياته السبع المشهورة:
ألم تخبر الأخبار في فتح خيبر ففيها لذي اللب الملب أعاجيب
وما أَنْس لا أنْس اللذين تقدما وفرهما و الفر قد علما حوب
وللراية العظمى وقد ذهبا بها ملابس ذل فوقها و جلابيب
يشلهما من آل موسى شمردل طويل نجاد السيف أجيد يعبوب
يمج منونا سيفه وسنانه ويلهب نارا غمده والأنابيب
احضرهما أم حضرا خرج خاضب وذانهما أم ناعم الخد مخضوب
عذرتكما، إن الحمام لمبغض وإن بقاء النفس للنفس محبوب
ليكره طعم الموت والموت طالب فكيف يلذ الموت والموت مطلوب؟!
الصفحة 410
فنحن لا نريد إهانة أحد الصحابة، وإنما ننقل لكم ما حكاه التاريخ ورواه المؤرخون عنهم، وبعد هذا عرفنا أن عمر ما كان صاحب صولة وجولة، وشدة وحدة، في الحروب والغزوات التي كانت بين المسلمين وبين أعدائهم، فكيف نؤول الجملة من الآية الكريمة (أشداء على الكفار) بعمر ونطبقها عليه؟!
ولكن إذا راجعنا تاريخ الإسلام ودرسنا سيرة الإمام علي(ع) وطالعنا تاريخه المبارك، نجده أشد المسلمين على الكفار في المجال العلمي والمجال الحربي، والله تعالى يشير إليه بقوله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم....} (1).
الحافظ: إنك تريد أن تحصر الآية الكريمة التي تصف عامة المؤمنين في شأن علي كرم الله وجهه؟!
قلت: لقد أثبت لكم أني لا أتكلم بغير دليل، ودليلي على هذا، أن الآية إذا كانت تصف جميع المؤمنين، لما فروا في بعض الغزوات من الميادين!
الحافظ: هل هذا الكلام من الإنصاف إذ تصف صحابة النبي(صلى الله عليه وآله) الذين جاهدوا ذلك الجهاد العظيم، وفتحوا تلك الفتوحات العظيمة، وتقول: إنهم فروا ؟!
أليس قولك هذا إهانة لصحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟!
____________
1- سورة المائدة، الآية 54. الصفحة 411
قلت: أولا: أشهد الله سبحانه أني لم أقصد إهانة أي فرد من الصحابة وغيرهم، وإنما الحوار والنقاش يقتضي هذا الكلام.
ثانيا: أنا ما أنسب إليهم الفرار، ولكن التاريخ هكذا يحكم ويقول: إن في غزوة أحد، فر الصحابة حتى كبارهم، وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله) طعمة لسيوف المشركين والكفار، كما يذكر الطبري والمؤرخون الكبار، فماذا تقولون حول الآية الكريمة التي تشمل أولئك الذين ولوا الدبر وفروا من الجهاد وخالفوا أمر الله عز وجل إذ يقول:
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}(1).
ثالثا: لقد وافقنا في قولنا بأن الآية نزلت في شأن الإمام علي( ع) كثير من أعلامكم وكبار علمائكم، منهم: أبو إسحاق الثعلبي ـ الذي تحسبوه أمام أصحاب الحديث في تفسير القرآن ـ قال في تفسير " كشف البيان " في ذيل الآية الكريمة 54 من سورة المائدة: إنما نزلت في شأن الإمام علي (عليه السلام)، لأن الذي يجمع كل المواصفات المذكورة في الآية لم يكن أحد غيره.
ولم يذكر أحد من المؤرخين من المسلمين وغيرهم، بأن الإمام عليا (ع) فر من الميدان، حتى ولو مرة، أو أنه تقاعد وتقاعس في حروب النبي (صلى الله عليه وآله) وغزواته مع الكفار، ولو في غزوة واحدة.
بل ذكر المؤرخون أنه في معركة أحد حينما انهزم المسلمون، حتى كبار الصحابة، ثبت الإمام علي (عليه السلام) واستقام واستمر في الجهاد
____________
1- سورة الأنفال، الآيات 15 و 16. الصفحة 412
ومقاتلة المشركين الأوغاد، وهم أكثر من خمسة آلاف مقاتل بين راكب وراجل، وعلي (عليه السلام) يضرب بالسيف خراطيمهم ويحصد رؤوسهم، فذب عن الإسلام، ودفع الطغام، عن محمد سيد الأنام، حتى سمع النداء من السماء: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي)(1).
____________
1- لقد ذكر هذه الفضيلة الإلهية، والمنقبة السماوية، لأسد الله الغالب، علي بن أبي طالب(ع) كثير من العلماء الأعلام ومشايخ الإسلام، منهم:
ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/293 عن شيخه أبي جعفر، قال: وما كان منه ـ أي: علي(ع) ـ من المحاماة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد فر الناس وأسلموه، فتصمد له كتيبة من قريش، فيقول(صلى الله عليه وآله): يا علي! اكفني هذه. فيحمل عليها فيهزمها ويقتل عميدها، حتى سمع المسلمون والمشركون صوتا من قبل السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
ومنهم:
العلامة الكنجي القرشي الشافعي في كتابه" كفاية الطالب" في الباب التاسع والستين، فقد خصصه بنداء ملك من السماء: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي) إلا أنه يروي أن ذلك كان يوم بدر، فراجع.
وأما روايته في أحد فقد قال في الباب السابع والستين، بإسناده عن أبي رافع، قال: لما كان يوم أحد نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى نفر من قريش، فقال لعلي( ع): إحمل عليهم؛ فحمل عليهم فقتل هاشم بن أمية المخزومي وفرق جماعتهم.
ثم نظر النبي(صلى الله عليه وآله) إلى جماعة من قريش، فقال لعلي(ع): إحمل عليهم؛ فحمل عليهم وفرق جماعتهم وقتل فلانا الجمحي.
ثم نظر إلى نفر من قريش، فقال لعلي(ع): إحمل عليهم؛ فحمل عليهم وفرق جماعتهم وقتل أحد بني عامر بن لؤي.
فقال له جبرائيل: هذه المواساة!
فقال النبي(صلى الله عليه وآله): إنه مني وأنا منه.
فقال جبرائيل: وأنا منكم يا رسول الله.
<= الصفحة 413
وقد أصيب في جسمه يوم أحد بتسعين إصابة غير قابلة للعلاج، فعالجها رسول الله بعدما انتهت المعركة عن طريق الإعجاز، إذ مسح عليها بريقه المبارك الذي جعل الله فيه بلسم كل جرح، ودواء كل داء.
الحافظ: ما كنت أظن أن تفتري على كبار الصحابة إلى هذا الحد وتنسبهم إلى الفرار! وهم المجاهدون في سبيل الله وخاصة الشيخان (رض) فإنهما ثبتا ودافعا عن النبي (صلى الله عليه وآله) إلى آخر لحظة حتى انتهت المعركة.
قلت: إني لست بمفتر، ولكنكم ما قرأتم تاريخ الإسلام، وليس لكم فيه تحقيق وإلمام، حتى نطقتم بهذا الكلام!
لقد ذكر المؤرخون وأصحاب السير: أن المسلمين انهزموا في غزوة أحد وخيبر وحنين، أما خبر خيبر فقد ذكرته لكم عن صحيح البخاري ومسلم وغيرهما (1).
____________
=>
رواه أيضا عن ابن عساكر بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، والحافظ الخطيب البغدادي في ما خرجه من الفوائد للشريف النسيب ـ كذا ـ انتهى.
وقال ابن أبي الحديد في مقدمته على شرح نهج البلاغة: المشهور المروي أنه سمع من السماء يوم أحد: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي).
((المترجم))
1- لقد ذكر فرار الشيخين وهزيمتهما في معركة خيبر، كثير من أعلام وعلماء السنة، منهم:
الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 124، والحاكم في المستدرك 3/37، وفي تلخيص المستدرك 3/37، قالوا: عن ابن عباس أنه قال: بعث رسول الله إلى
<= الصفحة 414
وأما الخبر عن غزوة حنين وفرار المسلمين فيها، فراجع الجمع بين الصحيحين للحميدي والسيرة الحلبية: 3/123.
وأما فرارهم في غزوة أحد، فحدث ولا حرج! فقد ذكره عامة المؤرخين، منهم: ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي في شرح النهج 13/ 278 ط دار إحياء التراث العربي، قال: فر المسلمون بأجمعهم ولم يبق معه[ النبي (صلى الله عليه وآله)] إلا أربعة: علي والزبير وطلحة وأبو دجانة (1).
____________
=>
خيبر، أحسبه قال: أبا بكر ـ والترديد من الراوي ـ فرجع منهزما ومن معه، فلما كان من الغد بعث عمر، فرجع منهزما يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه.
وروى الحافظ أحمد بن شعيب بن سنان النسائي، أحد أصحاب الصحاح الستة، المتوفي سنة 303 هج، في كتابه " خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع )" ط مطبعة التقدم بالقاهرة، ص 5، عن علي(ع) قال: بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعقد له لواء فرجع، وبعث عمر وعقد له لواء فرجع، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار؛ فأرسل إلي وأنا أرمد ... إلى آخره.
وروى عن بريدة يقول: حاصرنا خيبر فأخذ الراية أبو بكر ولم يفتح له، فأخذه من الغد عمر فانصرف ولم يفتح له...إلى آخره.
ورواه عن طريق آخر عن بريدة الأسلمي، قال: لما كان يوم خيبر، نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) بحصن أهل خيبر، أعطى رسول الله(صلى الله عليه وآله) اللواء عمر، فنهض فيه من نهض من الناس، فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا....إلى آخر.
((المترجم))
1- لقد ذكر