السؤال :
ما معنى قول الله تعالى : ﴿ وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ﴾، ما معنى كلمة الأعراف، ومن هم الرجال الموجودن على الأعراف ؟!!..
الجواب :
الأعراف من حيث اللغة جمع عُرف، ومنه عُرف الفرس والديك.. وأما الأعراف من حيث المُصطلح القرآني فهو سُورٌ وموضع مرتفع بين الجنة والنار، والتسمية مستعارة من المعنى اللغوي.
وتُسمَّى السورة السابعة من القرآن الكريم بسورة الأعراف لذكر كلمة " الأعراف " في آيتين منها، وهما :
1 ) قال الله عزَّ وَجلَّ : ﴿ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴾(1).
2 ) وقال عزَّ ذكره : ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾(2).
هذا ويُستفاد من الأحاديث أن الأعراف مكان مرتفع يفصل بين الجنة والنار ويُشرف منه على أصحاب الجنة والنار، ويستقر على هذا المكان فريقان :
الفريق الأول : هم رجال الله البارزين والمقربين إليه.
والفريق الثاني : هم قَوْمٌ مستضعفين اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ فَإِنْ أَدْخَلَهُمُ اللهُ النَّارَ فَبِذُنُوبِهِمْ وَإِنْ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ فَبِرَحْمَتِهِ.
فيقوم أولئك الرجال البارزون بتمييز من يستحق الشفاعة من سيماء أولئك القوم فيشفعون لهم ويقولون اذهبوا إى الجنة, ثم يسوقون الباقين إى نار جهنم.
وَرَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنْ رَوَى عنهم، عَنْ مُقَرِّنٍ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام(3) يَقُولُ : جَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام(4) فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : ﴿ وَعَلَى الأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ ﴾ ؟!!.. فَقَالَ : " نَحْنُ عَلَى الأَعْرَافِ نَعْرِفُ أَنْصَارَنَا بِسِيمَاهُمْ، وَنَحْنُ الأَعْرَافُ الَّذِي لا يُعْرَفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا بِسَبِيلِ مَعْرِفَتِنَا، وَنَحْنُ الأَعْرَافُ يُعَرِّفُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ فَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ عَرَفَنَا وَعَرَفْنَاهُ، وَلا يَدْخُلُ النَّارَ إِلا مَنْ أَنْكَرَنَا وَأَنْكَرْنَاهُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَوْ شَاءَ لَعَرَّفَ الْعِبَادَ نَفْسَهُ وَلَكِنْ جَعَلَنَا أَبْوَابَهُ وَصِرَاطَهُ وَسَبِيلَهُ وَالْوَجْهَ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، فَمَنْ عَدَلَ عَنْ وَلايَتِنَا أَوْ فَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا فَإِنَّهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ، فَلا سَوَاءٌ مَنِ اعْتَصَمَ النَّاسُ بِهِ، وَلا سَوَاءٌ حَيْثُ ذَهَبَ النَّاسُ إِلَى عُيُونٍ كَدِرَةٍ يَفْرَغُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْنَا إِلَى عُيُونٍ صَافِيَةٍ تَجْرِي بِأَمْرِ رَبِّهَا لا نَفَادَ لَهَا وَلا انْقِطَاعَ "(5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سورة الأعراف الآية46 ص156
[2] سورة الأعراف الآية48 ص156
[3] أي الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام سادس أئمة أهل البيت عليهم السلام.
[4] أي الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
[5] الكافي : 1 / 184، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة 329هـ، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة 1365هـ، طهران / إيران.