الإمام علي عليه السلام يدعو على معاوية وشيعته
متن الرواية:
المصنف لابن أبي شيبة، ج2، ص108، برقم 7050 ، مكتبة الرشد ـ الرياض، الطبعة الأولى، 1409 هـ :
حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغفل [كذا، والصحيح: معقل] ، قال: صليت مع عليٍّ صلاة الغداة، قال: فقنت فقال في قنوته: اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبي الأعور السلمي وأشياعه، وعبد الله بن قيس وأشياعه.
ترجمة رجال السند:
1 ـ ابن أبي شيبة هو: عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي مولاهم، أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي (ت 235 هـ) ، ثقة حافظ صاحب تصانيف، من رجال البخاري ومسلم وثلاثة من السنن.
2 ـ هشيم هو: هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي خازم، وقيل: أبو معاوية بن بشير بن أبي خازم، الواسطي (104 ـ 183 هـ) ، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من رجال الستة.
3 ـ حصين هو: حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل الكوفي (43 ـ 136 هـ) ، ثقة تغير حفظه في الآخر، من رجال الستة.
4 ـ عبد الرحمن بن مغفل هو: عبد الرحمن بن معقل بن مقرن المزني، أبو عاصم الكوفي، ثقة من رجال أبي داود.
الحكم على السند:
هذا سند صحيح، رجاله رجال الصحيح، إلا عبد الرحمن بن معقل، وهو ثقة.
في ضوء الرواية الصحيحة:
هذه الرواية الصحيحة تدل على أنَّ الإمام علياً (عليه السلام) لم يكن يعتقد بأنَّ الصحابة الذين يحاربونه عبارة عن مجتهدين معذورين كما يروِّج له الحزب الأموي عبر التاريخ، فلو كان يعتقد بأنهم اجتهدوا فأخطؤوا لكان ينبغي له أن يدعو لهم بالهداية والمغفرة، فلمَّا وجدناه يدعو عليهم، عرفنا أنه لا يرى لهم نصيباً في الخير، بل يراهم عدواً يستحق أن تنزل عليه النقمة من الله تعالى؛ ولذا يدعو عليهم.
ولا ينبغي أن نستبعد هذا الدعاء على معاوية وحزبه؛ بعد معرفتنا بالمنزلة الخاصة للإمام علي عليه السلام، بحيث يكون محاربه وعدوُّه عدواً لله تعالى، فقد دعا النبي (صلى الله عليه وآله) للإمام علي فقال: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) ، فمن عادى علياً فهو عدوٌّ لله تعالى، وعدو الله ملعون يستحق النقمة بلا ريب.. وهناك حديث آخر في مسند أحمد وغيره يقول فيه النبي (صلى الله عليه وآله) للإمام علي وفاطمة والحسنين عليهم السلام: (أنا حرب لمن حاربكم، وسلمٌ لمن سالمكم) ، والأهمُّ من ذلك كله أنَّه قد صح عن النبي أنه جعل الإمام علياً معياراً للتمييز بين المؤمن والمنافق؛ ولذا ورد في صحيح مسلم عن الإمام عليٍّ أنه قال: (إنَّه لَعَهْدُ النبيِّ الأمِّي إليَّ: أن لا يُحبَّني إلاّ مؤمن، ولا يُبغضني إلاّ منافق) .
ومع غض النظر عن ذلك كلِّه؛ يكفينا ما ورد في صحيح البخاري من قول النبي صلى الله عليه وآله: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) ، وهذا يعني أنَّ معاوية وشيعته كانوا دُعاة إلى نار جهنَّم، وهذا يعني أنهم ـ كما في التعبير القرآني ـ : (أئمة يدعون إلى النار) ، وهذا سبب كاف جداً للدعاء على معاوية والبراءة منه وتحريم توقيره واحترامه.
ومن الجدير بالتنبيه أنه لا يوجد دليل ولا موجب لحصر دعاء الإمام علي في فترة زمنية محدودة، بل الصحيح أنه يشمل شيعة معاوية ومحبيه أينما وجدوا ومتى ما وُجدوا.. فليحذر المرء من أن يعرِّض نفسه للنقمة بمحبة معاوية وأشباهه من المنحرفين عن الإمام علي عليه السلام.
هذا باختصار، والله وليُّ التوفيق.