محمد أبو آية . السلفيون أشبه بالنازيين، فهم يجيزون أعمال الخطف والقرصنة وذبح البشر، ولا يمكن حصر أضرار الفكر السلفي في مقالة واحدة، فهم قتلة العلماء وأصحاب المسؤولية الأولى في حصار العقل العربي ومنعه من التطور، وفي هذه المقالة سأذكر ببعض من جرائمهم التي يندى لها جبين البشرية.
يعتمد الفكر السلفي على قاعدة مهمة وهي ض…رورة العودة إلى السلف الصالح في سلوكنا لكي يستقيم المجتمع، فحرموا وحللوا وقتلوا وأشاعوا الرهبة والخوف أينما حلو.
بدأت الأصوات الناعقة بضرورة العودة إلى السلف الصالح مبكراً وبالذات في الفترة العباسية الثانية التي تنكرت للعلماء والفلاسفة فقامت بقتلهم بتهمة الزندقة كما قامت بإحراق مؤلفات أضاءت الدنيا من حولنا.
هؤلاء هم سبب تكفير ابن المقفع وابن رشد حيث قام المنصور العباسي بإعدام عبدالله بن المقفع بطريقة بشعة فقد أمر ” بتطيينه ” حياً. الخوارزمي والبيروني وابن الهيثم وثابت بن قرة والتوحيدي وابن خلدون وجابر بن حيان وغيرهم كثيرين – تم تكفيرهم وإحراق جزءاً كبيراً من مؤلفاتهم وبالذات تلك المتعلقة بأصول الفقه.
حديثاً قام السلفيون بطعن نجيب محفوظ بسبب روايته الشهيرة ” أولاد حارتنا ” كما أطلقوا الرصاص على فرج فودة صاحب كتاب ” الحقيقة الغائبة ” كما قتلوا المفكر اللبناني الكبير حسين مروة.
وحديثاً أيضاً قام السلفيون بجز أعناق 200 ألف جزائري بدعوى فوزهم في الانتخابات وفي دارفور قتلوا زهاء 300 ألف ( مليشيا الجنجاويد السلفية ). في العراق تسبب الفكر السلفي وعمليات القاعدة بمقتل أكثر من مليون عراقي ناهيكم عن جهاد المساجد في باكستان بين السنة والشيعة. في غزة قام السلفيون مؤخراً بشنق المتضامن الإيطالي فيتوريو بدعوى أنه صليبي كافر !
للفكر السلفي ” مآثر ” أخرى مثل رفع قضايا الحسبة ضد المفكرين والكتاب والنقاد، فقد تم تكفير نصر أبو زيد وسيد القمني ومحمد العشماوي ونبيل فياض ونوال السعداوي وغيرهم.
حصار العقل الذي يفرضه الفكر السلفي تسبب في هزيمة حضارية للعرب والمسلمين. فلا حريات عامة أو خاصة ولا حرية تفكير أو تعبير.
لا تقتصر جرائم السلفيين في نخر جسم الأمة من الداخل، بل قاموا بتدمير برجي التجارة في نيويورك فهل هزمت أمريكا بتلك الجرائم ؟ قاموا أيضاً بتفجير قطارات الأنفاق في لندن ومدريد فذهب آلاف الأبرياء وأصبح الإسلام متهماً بالإرهاب.
الشعوب الصينية مكونة من 56 قومية مختلفة، منها 10 قوميات تدين بالإسلام، فهل نعتبر أن إسلام هؤلاء ناقص لكونهم يؤدون الفرائض الخمسة دون وجود مليشيات جهادية ؟ هؤلاء يعيشون ضمن دولة الصين الشيوعية ويمارسون كافة طقوسهم الدينية بكل حرية، من دون وجود سلفيين يعلمونهم سخافة الدخول إلى الحمام واستخدام السواك وارتداء الثوب القصير ويدخلون الحمام بالقدم اليمنى ويعددون الزيجات..
في زيارتي لبريطانيا عام 1997 لفت نظري شيء يثير الإعجاب. ففي إحدى المناطق السياحية قمت بشراء علبة سجائر، وعندما قمت بفتحها وجدتها تحتوي على 13 سيجارة وليس عشرين. تفحصت العلبة جيداً فإذا بتحذير ينبه الزبون بأنه بشرائه تلك العلبة فإنه يكون قد تبرع لمراكز مكافحة سرطان الرئة !
الناس في بريطانيا متحضرون جداً ويحترمون حق الإنسان في التفكير وفي التعبير عن نفسه دون ضغوطات أو إرهاب أو تهديد أو ابتزاز أو قتل.
من حقنا أن نعيش في دول تحترم حريات التفكير والتعبير، فالإنسان المقيد بالقوى الغيبية لا يبدع ولا يخترع. شعوب الغرب المتقدمة لا تفرض مادة الدين في المدارس الحكومية ولا ينتهكون مجموع حريات الأفراد.
في متحف هيئة الإذاعة البريطانية BBC توجد جميع أجهزة البث القديمة داخل أقفاص زجاجية مع بوستر للعالم الذي ابتكر الآلة.
للعلماء إذن قيمة عظيمة في المجتمع الغربي بصرف النظر عن ميوله الدينية أو عدمها، بينما نحن نكفّر جميع الكتاب العلمانيين وكأن العلمانية رديف للإلحاد ! ثم نعتبر أن الدراويش علماء وهم أبعد ما يكونوا عن العلم.
في جميع الدول العلمانية يمارس المسلمون طقوسهم الدينية دون أي مضايقة، فهل يمكن اعتبار ذلك معاداة للدين ؟! العلمانية تكفل حق الاعتقاد الديني ولكن الفكر الديني ولكي يفرض نفسه على عقول الشباب والناشئة – لا يحترم العلمانية لأنها تمنع إجراء فرض الدين بالقوة على الآخرين حيث الحرية للجميع بالتدين أو عدمه وليست من طرف واحد كما تعيش بلادنا البائسة.
الفكر السلفي في طريقه للزوال في عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان، فهم قد عاشوا وترعرعوا في الظلام الدامس وانتشروا بقوة اعتمادا على نسبة الأمية المرتفعة، أما اليوم فوسائل الإعلام الحديثة تقوم بمهمة نشر الوعي الخلاق، وأصبحت الأجيال الحالية أكثر قدرة على انتقاد الفكر الديني السلفي والثقافة السائدة بوجه عام.