قانون الأحوال الجعفرية والثغرات
تعليقاً وتأييداً لتصريحات المحامي الأستاذ صالح القلاف في مقالة «أزمة تلد أزمة» المنشور في صحيفة القبس، وردنا التعليق التالي من أحمد مصطفى يعقوب:قال تعالى «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً» النساء 58، تشير هذه الآية المباركة الى الأمر بالحكم بالعدل، لأن العدل أمر فطري ينشده جميع البشر، وقد تمتع أبناء الكويت على مدى سنوات بالعدل في هذا البلد الحبيب، حتى ان عدد المشكلات في المحاكم الكويتية أقل بكثير مما هو عليه في الدول الأخرى، بل إن كثيراً من القضايا تحل عبر حكمة كبار السن من دون اللجوء إلى المخافر والمحاكم، أو تحل عبر الذين ينشدون فعل الخير، ويريدون لهذا البلد أن يعيش شعبه في تكاتف وتآزر، وقد تمتع أبناء المذهب الجعفري في هذا الكويت منذ تأسيس الكويت بالعدل وفي المادة 29 من الدستور: الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو اللغة.وفي المادة 35 من الدستور: حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الدين طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب. وللمذهب الجعفري الذي ينتمي لفقه الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام خصوصية، وهذه الخصوصية تخصصها كتب علماء المذهب الجعفرية، مثل كتاب الوسائل للحر العاملي، والكافي الشريف للكليني، وبحار الأنوار للمجلسي وغيرها، كما تحددها الرسائل العملية لمراجع المذهب الجعفري، نظراً إلى كون الفقه الجعفري فقهاً يعتمد على استمرار الاجتهاد، وليس فقهاً جامداً على آراء السلف، كما هي حال المذاهب الأخرى، وهذا الأمر معلوم لدى السلطة القضائية الكويتية، إلا اننا نفاجأ بين الحين والآخر بصدور أحكام لا تتوافق مع الفقه الجعفري، ووجود ثغرات في القانون، وقد أكد المحامي الأستاذ صالح القلاف المحترم في مقاله المشار إليه آنفاً، والذي نضم صوتنا لصوته، ونوافقه على هذه التأكيدات ان استمرار دعاوى الأحوال الشخصية في المحاكم الكويتية بلا قانون، بالنسبة إلى المذهب الجعفري أمر خطير جداً، وهذا ما يسبب كارثة في المجتمع، لأن قانون الأحوال الشخصية يرتبط بالنسب والحسب والعوائل، فعلى سبيل المثال لو ان عقد الزواج كان وفق الفقه الجعفري، وقامت المرأة برفع دعوى بالمذهب السني، ففي بعض الأحيان تصدر لها أحكام، ويتم قبول دعواها وتطليقها، وقد يكون هذا الطلاق مخالفاً لتطبيقات الفقه الجعفري، مما يترتب عليه بطلان الطلاق، يتبعه مشاكل لا عد لها ولا حصر، بل قد يتعدى ذلك إلى إثارة الفتن بين الأسر كناتج طبيعي لهذه الأحكام.وعليه فلا يجوز أن تستمر هذه التجاوزات، تحت ظل القانون الذي لا يراعي خصوصية المذهب الجعفري الذي يشترط أن يكون القاضي حاصلاً على توكيل مراجع المذهب، وأن تُراعى شروط وأحكام هذا المذهب، بالنسبة إلى المرأة وقت وقوع الطلاق، وأن يكون هناك شاهدا عدل، لا كل من هب ودب، كما ان استمرار هذه الأحكام الناتجة عن عدم وجود قانون أحوال شخصية للطائفة الجعفرية، يفسح المجال للناس للكذب والمراوغة وخداع القانون والالتفاف على الشرع الحنيف، فيستغل الطرفان القانون الذي يخدم مصالحهما الخاصة، للحصول على الطلاق، أو النفقة أو حضانة الأولاد والخ، لذلك ينبغي على نواب المستقبل أن يكون لهم وقفة جادة، تجاه إقرار هذا القانون، خصوصاً ان هذه القوانين يجب أن يتم إقرارها من قبل مجلس الأمة، وذلك بعد ان حارب هذا القانون بعض النواب المتطرفين في المجالس السابقة، وتسببوا في تفاقم هذه المشكلة واستفحالها، فالمسؤولية تقع على عاتق كل نواب مجلس الأمة وفي رقبتهم مسؤولية شرعية، كما يجب على المرشحين طرح هذه القضية في ندواتهم، ويجب على الكتاب والصحافيين والإعلاميين وأصحاب الثقل التجاري والسياسي والاجتماعي طرح هذه القضية والمطالبة بها، فكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته.
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=760159&date=02012012القبس الكويتية الثاني من يناير 2012
بقلم أحمد مصطفى يعقوب
http://tanwerq8.blogspot.com/تويتر @bomariam111