عرّفوا لنا الشرك بالله وعبادة الأصنام ياشيعه!!!!!!!!!!!! الجزء الثالث
لقد جاءت في «نهج البلاغة» نصوصٌ تبيِّن بوضوح أن عليّاً عليه السلام لم يكن بمقدوره أن يطَّلع على خيانات بعض أمرائه وقوَّاده إلا عن طريق عيونه وجواسيسه أو عن طريق رسائل الناس،
كما كتب في رسالةٍ له يقول:
«أمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَيْنِي بِالمَغْرِبِ كَتَبَ إِلَيَّ يُعْلِمُنِينهج البلاغة، الرسالة 33.
كما أنه عيَّن «عُبَيد الله بن عباس» والياً على «البصرة» فاختلس مبلغاً كبيراً من بيت المال فلمّا علم الإمام بذلك بكى على المنبر( نهج البلاغة، الرسالة 41. (المؤلف). - ليس في نص الرسالة ذكر لاسم عبيد الله بن عباس ولا غيره، بل كل ما فيها توبيخ الإمام لشخصٍ من عمّاله خان الأمانة واستولى على أموال بيت المال.)
كما أنه عيّن «المنذر بن جارود» لجمع الصدقات ولكنّه أخذ الأموال لنفسه والتحق بمعاوية! فكتب له الإمام بعد اطلاعه على خيانته:
«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ صَلاحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ وظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِعُ هَدْيَهُ وتَسْلُكُ سَبِيلَهُ فَإِذَا أَنْتَ فِيمَا رُقِّيَ إِلَيَّ عَنْكَ لا تَدَعُ لِهَوَاكَ انْقِيَاداً ولا تُبْقِي لِآخِرَتِكَ عَتَاداًنهج البلاغة، الرسالة 71.
وعيَّن «أبا موسى الأشعري» والياً على «الكوفة» فظهر أنه لم يكن موافقاً له ولم يخدم الإمام كما يجب!
وعيَّن «كميل بن زياد النخعي» والياً على «هيت» فترك الدفاع عن المدينة ولم يدفع غارة جيش العدوِّ عليها بل سلَّمها دون مقاومة فكتب له الإمام رسالةً يذمُّه فيها ويوبِّخه على ذلكنهج البلاغة، الرسالة 61.
وعهد الإمام بولاية «فارس» إلى «زياد بن أبيه» فانقلب عليه وأصبح من أعوان معاوية وقام بقتل كثير من شيعة أمير المؤمنيننهج البلاغة، الرسالة 44.
وكذلك عيَّن «مصقلة بن هبيرة» عاملاً له على «اردشير خُرَّةبلدةٌ من بلاد العجم في جنوب إيران ذكر المؤلف أنها خوزستان.
ولكنه خان الأمانة وقام بتقسيم الفيء -أي بيت مال المسلمين- بين أقربائهنهج البلاغة، الرسالة 43.
وقام بعزل «قيس بن سعد بن عبادة» الذي كان من الرجال المجرِّبين المحنَّكين المحبِّين للإمام المخلصين له عن ولاية مصر تأثُّراً بوشاية بعض النمَّامين [التي تبيَّن كذبها فيما بعد]،
وعيَّن مكانه ابنَه المُتَبَنَّى «محمد بن أبي بكر» الذي تبيَّن أنه لم يكن يمتلك التجربة والحنكة الكافية للتصدِّي لتلك المسؤولية وبالتالي سقطت مصر وخرجت من سلطة أمير المؤمنين.
هل يجوز أن نقول إن عليَّاً عليه السلام كان يعلم أن أولئك الأفراد المذكورين كانوا خَوَنَة أو لم يكونوا أهلاً للمسؤولية ورغم ذلك عيَّنهم الإمام في مناصب مهمَّة وبالتالي كان شريكاً لهم على نحو ما في خياناتهم؟!
يجب أن نقول: معاذ الله إن الأمر ليس كذلك بكل تأكيد. إذن فما معنى تلك الأباطيل مثل عبارة «سامع السر والنجوى» التي جاءت في نص الزيارة؟
يجب أن نعلم أن جميع الأنبياء والمرسلين الذين رحلوا عن الدنيا لم يكن لهم نصوص زيارات وليس لهم الآن، ولكن المجلسيّ يقول في كتاب المزار من كتابه «البحار» في الزيارة رقم 18 أن علماء الشيعة كتبوا نص زيارة لزيارة آدم ونوح عليهما السلام،
ولكنهم لم يكتبوا نصوص زيارات لزيارة صالح وهود وإبراهيم عليهم السلام، وأنه يجدر صياغة زيارة لهم!
هؤلاء السادة لم يكن عندهم عمل يشغلهم لذلك أخذوا يكتبون زيارات لكل من رحل عن هذه الدار!
وقد استشهد واضع الزيارة رقم 18 في معرض إثباته لشفاعة حضرة أمير المؤمنين (ع) بقوله تعالى: ((وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)) [الأنبياء:28]،
ولم يدرِ أن الشفاعة في هذه الآية هي فعل الملائكة، علاوةً على أن الله تعالى جعل الشفاعة في هذه الآية موقوفةً على إذنه ورضاه وإرادته، ولا تتمّ بإرادة الملائكة والعباد لأنّ الله تعالى وحده الذي يعلم أحوال عباده وحقيقة أفعالهم، وقد اعتبر الإمامُ عليٌّ عليه السلام ذاته –
في نهج البلاغة - تلك الآيةَ متعلقةً بشفاعة الملائكةنهج البلاغة، الخطبة رقم 91.
فيبدو أن واضع تلك الزيارة لم يرَ نهج البلاغة، لأن مرجع الضمير في «لا يشفعون» في الآية ذُكِر قبلها لذا اعتبر الإمام علي تلك الآيات متعلقة بشفاعة الملائكة.
أضف إلى ذلك أن الإمام يقول عن يوم القيامة: «فَلا شَفِيعٌ يَشْفَعُ ولا حَمِيمٌ يَنْفَعُ نهج البلاغة، الخطبة 195
.ويعتبر تقوى الله وطاعته هي الشفيع للإنسان يوم المعاد فقال:
«أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله الَّذِي ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ..فَإِنَّ تَقْوَى الله دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ...فَاجْعَلُوا طَاعَةَ الله شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ... وشَفِيعاً لِدَرَكِ طَلِبَتِكُمْنهج البلاغة، الخطبة 198.
كما يعتبر القرآن الكريم هو الشفيع يوم القيامة لمن عمل به: «وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لا يَغُشُّ والهَادِي الَّذِي لا يُضِلُّ والمُحَدِّثُ الَّذِي لا يَكْذِبُ... واعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وقَائِلٌ مُصَدَّقٌ وأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ([1])نهج البلاغة، الخطبة 176.
واعتبر في دعائه الله تعالى هو الشفيع وقال: «والشافع لهم ليس أحد فوقك يحول دونهمالصحيفة العلوية، دعاؤه في اليوم الرابع عشر من كل شهر.
فبناء على كل ذلك فإن هذا الزائر الجاهل الذي يقول: «فإن لي ذنوباً كثيرة» ليس مصداقاً لقوله تعالى: «لِمَنِ ارْتَضَى» فعليه أن يذهب ويتوب من ذنبه.
وجاء في متن هذه الزيارة أيضاً مخاطبة أمير المؤمنين بعبارة:
«إنك تسمع كلامي وتردّ سلامي» هذا في حين أننا أثبتنا في الصفحات الماضية أن هذه الجملة باطلة. ولقد ظن هؤلاء الجاهلون أن البشر (سامعون كل صوت) كمثل الله تعالى!!
ولو سمع الأنبياء جميع الأصوات لخروا صعقى، كما حصل لموسى عندما سمع صوتاً من الجبل ((وَخَرَّ موسَى صَعِقًا)) (الأعراف:143استدلال المؤلف بهذه الآية ليس في محله، لأنها لا تدلّ على أن موسى (ع) خرَّ صعقاً لسماعه صوتاً من الجبل بل لأن ربّه تجلى للجبل فجعله دكَّاً: ((وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ )) (الأعراف: 143)
وكان الأئمة عليهم السلام حالَ حياتهم، إذا كلّمهم عدّة أشخاص في وقت واحد يعجزون عن فهم كلامهم، فما بالك في ذلك بعد وفاتهم!
وأساساً، إن صفة سماع كل الأصوات في وقت واحد من الصفات الخاصة بالله سبحانه كما جاء ذلك في كثير من الأدعية ومن جملتها دعاء الجوشن الكبير (الفقرة 99)
حيث نقرأ:«يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يمنعه فعل عن فعل، يا من لا يلهيه قول عن قول، يا من لا يُغلِّطه سؤال عن سؤال، يا من لا يحجبه شيء عن شيء»، ولا شك أن هذه الصفات لا يمكن أن نثبتها لأحد سوى الله عزَّ وجلَّ.
وفي الزيارة رقم 20 من هذا الباب نقرأ عبارة: «إني عذت بأخي رسولك»، هذا مع أن القرآن الكريم أوصانا مراراً أن نعوذ بالله وحده وأن لا نلجأ إلا إليه.
لقد جمع المجلسيُّ في كتابه هذا كلِّ زيارة رآها - في ظنه - حسنة العبارة مسجَّعة الكلمات، ومن جملة ذلك يقول بشأن الزيارة رقم 22: «إنها زيارة مليحة»
ثم ينقل لنا زيارة من وضع الغلاة واختلاقهم، وفي الزيارة رقم 23 يأتينا بزيارة هي يقيناً من وضع النصارى أو المشبِّهة الذين يثبتون لله الأعضاء والجوارح،
إذ نقرأ فيها مخاطبة الزائر للإمام عليٍّ (ع) بعبارة: «باب الله وعين الله الناظرة ويده الباسطة وأذنه الواعية» فاخترع واضع الزيارة لله تعالى عيناً ويداً وأذناً!!!
ثم يقول في موضع آخر مخاطباً الإمام: «السلام على الأصل القديم والفرع الكريم، السلام على الثمر الجنيّ».
فهنا يصف واضع هذه الزيارة عليَّاً (ع) بما وصفت النصارى به المسيح بن مريم (ع)
بأنه قديم وأنه ثمرة الخليقة!!
ويبدو أن هذا الزائر يقول بتعدد القدماء ولا يدري أن مثل هذا القول شرك بإجماع علماء الإسلام!
المرجع الأعلى للشيعة الإمامية في عصره يأمر بإزالة هذه الزيارة الشركية:
المرجع «محمد حسن النجفي»( هو آية الله الفقيه الأصولي الشيخ «محمَّد حسن بن الشيخ باقر بن الشيخ عبد الرَّحيم»، انتهت إليه الرئاسة العامة للشيعة الإمامية في عصره والمرجعيَّة صاحب «جواهر الكلام» الذي كان من مراجع الشيعة الكبار دخل يوماً حرم أمير المؤمنين عليه السلام فرأى هذه الزيارة ذاتها معلَّقةً في الحرم، فاستدعى الخدّام وقال لهم:
ارفعوا هذه الزيارة الشركيّة ومزِّقوها، فعملوا بأمره. لكن رغم ذلك قام الشيخ «عباس القميّ» بعد سنوات بإدراج هذه الزيارة الباطلة ضمن كتابه «مفاتيح الجنان» تحت عنوان «الزيارة السادسة» ووضعها تحت تصرّف العوام!!.
في هذه الزيارة عبارةٌ تصف الأئمَّة بأنهم مشرِّعو الأحكام وتقول: «وعلى الأئمَّة الراشدين الذين فرضوا علينا الصلوات»!
هذا في حين أن الله تعالى يقول: ((وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)) [الكهف:26]،
ويقول: ((إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لله)) [الأنعام:57]،
ويقول: ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى)) [الشورى:13]
حيث يرجع الضمير المستتر لفعل «شَرَعَ لَكُمْ» إلى «الله» الذي ذُكِرَ في الآية التي قبلها. وقال سبحانه أيضاً:
((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله)) [الشورى:21]،
وبناءً عليه فإن التشريع وفرض الأحكام خاصٌّ بالله تعالى ولا يحقُّ لأيِّ إمام أو حاكمٍ أن يشرع للبشر أحكاماً بوصفها ديناً.
وفي هذه الزيارة أيضاً عبارة تصف عليَّاً عليه السلام بأنه شجرة طوبى وبأنه سدرة المنتهى وبأنه آدم ونوح وعيسى وموسى!!
ويبدو أن واضعَ تلك الزيارة كان يعتقد أن الإمامَ هو عينُ كلِّ شيء! كما يعتقد ذلك أصحاب «وحدة الوجود» الذين يتصوَّرُون أنَّ الله عينُ الخلقِ والخلقَ عينُ الخالقِ! وبالتالي عليٌّ هو موسى ذاته،
وموسى هو عليٌّ والعياذ بالله من هذه الضلالات والخرافات.
وفي هذه الزيارة أيضاً عبارة: «السلام على حبل الله المتين»
هذا مع أن الإمام عليّاً عليه السلام ذاته اعتبر مراراً أن حبل الله المتين هو القرآن الكريم،
وقال في ذلك:
«وعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ الله فَإِنَّهُ الحَبْلُ المَتِينُنهج البلاغة، الخطبة 156.
وقال: «وَ إِنَّ الله سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ حَبْلُ الله المَتِينُنهج البلاغة، الخطبة 176
.فالإمام يعتبر القرآن الكريم حبل الله المتين الذي يجب على الإمام ذاته كما يجب على جميع المسلمين أن يتمسَّكوا به ويعتصموا به (( في الواقع ليس في تسمية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام علي عليه السلام بالحبل المتين أي غلوّ، كيف لا وهو إمام المتقين ومولى الموحدين ونبراس العابدين وأسوة المجاهدين والثقل الأصغر الذي أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وآله- أن نتمسك به، وكيف لا وقد قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وآله- عليٌّ مَعَ القُرْآنِ والقُرْآنُ مَعَ عَلِيٍّ لَنْ يَفْتَرِقَا؟! هذا وليس من الضروري أن يكون الإمام عليه السلام حيَّاً في الدنيا حتى تصحّ تسميته بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، بل هو كذلك بعد وفاته لمن تمسَّك بسيرته ومنهجه وتأسَّى بأخلاقه وشمائله وتعلَّم من كلماته وَحِكَمِهِ ومواعظه وعضَّ بالنواجذ على سنَّته )))
ولكن واضع تلك الزيارة لفّق كل ما أراد ولو كان مخالفاً لكتاب الله ومخالفاً لكلام أمير المؤمنين عليه السلام ذاته! ومن هنا ندرك مقدار إيمان أمثال هؤلاء الغلاة بكلام عليٍّ عليه السلام وحقيقة دعوى محبتهم له وتعلّقهم بالأئمَّة عليهم السلام.
[color:210f=window****]*]التلاعب بمعـاني بعـض آيات القرآن]:
قال الله تعالى في وصف عظمة القرآن: ((إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)) [الزخرف:3-4]،
فلاحظوا أن صفتي «العَليّ» و«الحكيم» هما في تلك الآية للقرآن الكريم، ولكن واضع الزيارة حرّف معاني القرآن وجعل هاتين الصفتين خاصَّتين بالإمام عليّ عليه السلام
فقال: «السلام على صاحب الدلالات الذي ذكر الله في محكم الآيات فقال تعالى وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ»!
فانظروا كيف يتلاعب هذا الوضّاع بمعاني آيات القرآن لتحقيق هدفه وكيف جعل «العَليّ» و«الحكيم» اللتان هما صفتان للقرآن صفتين أو اسمين لعليّ بن أبي طالب عليه السلام!
[رحمة الله تعالى وكرمه هي الشفيع المستشفع به في أدعية الأئمّة الكرام]:
والطريف أنه رغم كل هذه الأباطيل المخرِّبة للإسلام فإن هذا الزائر يطلب الشفاعة!!
لو كان الإمام عليٌّ عليه السلام حياً وقال لأمثال هؤلاء الغلاة:
إن الشفاعة لله وحده ولا أملكها أنا كما أنها ليست باختياركم ورغبتكم، لعادَوْهُ وخالفوه!
ذلك لأنهم اخترعوا لأنفسهم شفاعةً تخلِّصهم من كلِّ ذنب وتسهِّل عليهم ارتكاب المعاصي، في حين أن الأئمة عليهم السلام لم يكن لهم مثل هذا الادّعاء، وقد كان عليٌّ عليه السلام يقول في دعائه: «وَقَدْ رَجَوْتُ مِمَّن تَوَلّانِي بِإحْسَانِهِ أَنْ يَشْفَعَ لِي عِنْدَ وَفَاتِي بِغُفْرَانِهِ»،الصحيفة العلوية، داؤه في المناجات.
ويقول في دعاء كميل: «اللهمَّ إنِّي أتقرَّبُ إليكَ بِذِكْرِكَ وَأَسْتَشْفِعُ بِكَ إلى نَفْسِكَ..»،
ويقول في دعاء آخر من أدعيته عليه السلام:
«أنت الأول قبل خلقك والآخر بعدهم والظاهر فوقهم.... والدافع عنهم والشافع لهم، ليس أحدٌ فوقك يحول دونهم وفي قبضتك منقلبهم ومثواهمالصحيفة العلوية، دعاؤه في اليوم الرابع عشر من كل شهر.
فنلاحظ أن الإمام عليه السلام يعتبر الله تعالى شفيعَهُ. وكذلك يقول حضرة الإمام زين العابدين وسيد الساجدين عليه السلام في دعائه:
«وإن شَفَعْتُ فلستُ بأهل الشفاعة. اللهم صلِّ على محمدٍ وآله وشفِّعْ في خطايايَ كرمكَ.... اللهم لا خفير لي منك فليخفُرْني عزُّكَ ولا شفيع لي إليكَ فلْيَشْفَعْ لي فضلُكَالصحيفة السجادية، داؤه (ع) في ذكر التوبة وطلبها
ويقول أيضاً: «لا شفيعَ يشْفَعُ لي إليكَ... ولا ملاذ ألجأُ إليهِ منكَالصحيفة السجادية، دعاؤه (ع) بعد الفراغ من صلاة الليل.
لو كان أولئك الغلاة الوضّاعون لنصوص الزيارات مؤمنين حقاً بالقرآن الكريم ومحبِّين حقاً للأئمَّة عليهم السلام
لما وضعوا تلك العبارات المغالية التي لا تفيد إلا في تقوية مذاهب الباطنية والشيخية والصوفية الغلاة،
وتقديم أدلة يستشهدون بها على إثبات عقائدهم المنحرفة.
وللأسف الشديد إن أكثر الناس لا يعلمون أن تلك الزيارات موضوعة ومخالفة للقرآن،
وقد تضمَّنت الزيارةَ التي نحن في صددها كلَّ ما وضعه الغلاة في أوصاف عليّ عليه السلام ومن جملة ذلك أنه جاء فيها: «السلام على المولود في الكعبة المزوَّج في السماء»!.
ايها الشيعي
لقد مَنّ الله تعالى على هذه الأمَّة إذ أرسل إليهم رسولاً ذا خُلُقٍ عظيمٍ وأنزل عليه
(قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) [الزمر:28]
كتاباً مبيناً ((يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) [المائدة:16] (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)) [الزمر:23]
ولو أنزله سبحانه تعالى ((عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)) [الحشر:21].
وقد نزَّله - جلَّ ذكره - على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم، ليتدَبَّر الناسُ آياتِهِ وليتَّعِظَ أربابُ العقُولِ بمواعِظِهِ،
فقال عزَّ من قائل: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) [ص:29].
وقال سيدنا علي رضي الله عنه
«وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَسَبَبُهُ الأَمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جِلاءٌ غَيْرُهُنهج البلاغة، الخطبة (176).
وقال عليه السلام: «فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ وَارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ، أَتَمَّ نُورَهُ وَأَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ، وَقَبَضَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِنهج البلاغة، الخطبة (183).
وقال عليه السلام: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِنهج البلاغة، الخطبة (110).
إوقال عليه السلام: نهج البلاغة، الحكمة (105)، (ص:487).
اِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوهَا ونَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلا تَتَكَلَّفُوها.
والسؤال بماذا كان يتوسل سيدنا علي الي الله؟؟؟؟؟؟؟؟ لماذا لاتتوسلون الي الله كما فعل سيدنا علي ؟؟؟
لماذا لا تتعبدون الي الله كما تعبد سيدنا علي ؟؟؟؟ الم تقرا كتبك في نهج البلاغة، الخطبة (110).
روَى الشَّرِيْف الرَّضِيّ في "نهج البلاغة" عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام أنَّه قال: «إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
الإِيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الإِسْلامِ، وَكَلِمَةُ الإِخْلاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ فِي الأَجَلِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ
ولقد بيَّنَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام في هذه الخطبة المسمَّاة "بالديباج" أفضلَ طريقِ التقرُّبِ إلى اللهِ سبحانَهُ،وهو: الإيمان بالله ورسوله، والتعبُّد بما شرع الله من فرائض وأحكام.
وأمَّا الذين يدْعون مِنْ دونِ اللهِ تعالى آلهةً لِيَكْشِفوا عنهم الضُّرَّ أو يُحَوِّلوه عنهم ويزعمون أنها الوسائل إلى الله، فأولئك عن صراط التوحيد لناكبون، وعن إخلاص العبادة لله تعالى لعادلون
كما يقول الله عز وجل: ((قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً. أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)) [الإسراء:56-57]
جاء في روضة الكافي للكليني، (ص:386)، ونهج البلاغة، الخطبة (147)،
على اختلافٍ يسيرٍ بين رواية الكليني ورواية الشريف الرضيّ.
قال عليه السلام:
«بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، ولِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، ولِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ، فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ، فأراهم حِلْمَه كيف حَلُمَ، وأراهم عفْوَهُ كيف عفا، وأَرَاهُمْ قُدْرَته كيف قَدَرَ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَكَيْفَ خَلَقَ ما خَلَقَ من الآيات، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ من العصاة بِالْمَثُلاتِ وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ، وكيف رَزَقَ وهَدَى وأعْطَى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أحثوا في وجوه المدّاحين التراب(وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12/ص132، الحديث الأول.)
و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حلالُ محمَّدٍ حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامُهُ حرامٌ إلى يوم القيامة»؟،(رواه الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال: ((حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجئ غيره، وقال: قال عليٌّ عليه السلام : ما أحدٌ ابتدع بدعةً إلا ترك بها سنةً.)). (الكافي: ج 1/ ص 58، ح19)
كما قال: «لا رأيَ في الدين، إنَّما الدين من الربِّ أمرُهُ ونَهْيُهُ» (وسائل الشيعة،ج18/ص40)،
مما يعني أنه لا يحق لأحد أن يزيد على آداب وأحكام الدين أو ينقص منها؟؟؟؟؟.
االعجب أن المعممين يحثون الناسُ بمثل هذه الزيارات الفاضحة ويحثُّونهم على قراءتها في أيام مخصوصة وقد أحصى بعضهم أن الأيام المخصوصة تشكّل خمس السنة!
وقد جمع المجلسيُّ في «البحار» كل زيارة كتبها كل عالم حسب ذوقه، مع أن أهل التحقيق يعلمون أن جميع أذون الدخول المذكورة في الزيارات لا سند صحيح لها.
وينقل المجلسيُّ عن كتاب «كامل الزيارة» لابن قولويه زيارةً لحمزة رضي الله عنه وإبراهيم ابن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ليس لها سند!
فهل يجوز بعد ذلك أن ننسب لأحد سوى الله تعالى مجازاة الخلق؟!
إن مبتدع هذه الزيارة جعل الخير والشرَّ بيد الإمام وأصبح لذلك شاكراً له! كما اعتبره حافظه من نار الله والمتكفل بأمور دنياه وآخرته وبنجاته يوم الحساب! مع أن الله تعالى يقول لرسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم - وعليٌّ عليه السلام أحد أفراد أمته-: ((قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً)) [الجن:21]، ويقول سبحانه كذلك: ((وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)) [الأنعام:107]، ويقول أيضاً: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)) [الشورى:6].
هذا ورغم أن الله تعالى يقول في القرآن الكريم: ((إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)) [آل عمران:38]، ويقول: ((إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ)) [إبراهيم:39]،
كما أن الإمام السجاد عليه السلام يقول في الدعاء (51) من الصحيفة السجاديَّة، مخاطباً ربَّه سبحانه: «وجدتُكَ لدعائي سامعاً..»، إلا أن مفتري هذه الزيارة يقول للإمام فيها: «فأنت سامع الدعاء ووليُّ الجزاء»
ومعنى ذلك:
أن كل من يدعو ربه في الأرض أو في السماء ويقول «يا الله»، بإمكانه أيضاً أن يقول: «يا عليّ»!!
وواضح أن مختلق ألفاظ هذه الزيارة جعل كتاب الله وتشريعاته وأحكامه وراء ظهره، ودبَّج من الألفاظ المغالية ما شاء.
إن القرآن الكريم بيَّن لنا بكل وضوح أن من يدعو غير الله ويتضرَّع إليه فقد أشرك، فقال: ((قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً)) [الجن:20]، وقال: ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أَحَداً)) [الجن:18]، وقال أيضاً: ((قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)) [الإسراء:56-57]، وهناك مئات الآيات الأخرى التي تدل على عدم جواز دعاء غير الله وأنه شرك.
في الواقع لقد نقل المجلسيُّ كثيراً من هذه الزيارات المليئة بالعبارات الكفرية المغالية من كتاب «محمد بن المشهدي»([1]) الموسوم بـ «المزار الكبير» ولا ندري هل كان «محمد بن المشهدي» هذا عابداً لله أم عابداً للإمام؟
وهذا المشهدي هو ذاته الذي أتحف الشيعة بالدعاء المعروف بِـ «دعاء الندبة»! وقد بيَّنْتُ في كتابي «بررسى دعاى ندبه» (بالفارسية، ومعناه: «دراسة وتمحيص دعاء الندبة») مخالفة كثير من عباراته للقرآن الكريم.
وفي الزيارة رقم (32) يروي الراوي أنه إذا وصلتَ إلى الحرم فقل: «أشهد أنك تسمع صوتي! أتيتك متعاهداً لديني وبيعتي»!! وليت شعري هل يتوقَّع أن يعود الإمام بعد ألف سنة من العالم الآخر إلى الدنيا كي يبايعه؟!
ونقرأ في هذه الزيارة أيضاً: «لا يَخِيْبُ من ناداكم»،
مع أن الإمام زين العابدين السجّاد عليه السلام يقول في دعاء «أبي حمزة الثمالي»: «الحمدُ لله الذي أدعوه ولا أدعو غيرَه ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، الحمدُ لله الذي أرجوه ولا أرجو غيرَه ولو رجوتُ غيرَه لخيَّبَ رجائي».
ونقرأ دعاءه في «الصحيفة السجّادية» (الدعاء الأول): «الحمدُ لله الذي أغلق عنَّا باب الحاجة إلا إليه»،
وفي الصحيفة ذاتها (الدعاء 28):
«لا يشركك أحد في رجائي ولا يتَّفق أحد معك في دعائي ولا ينظمه وإياك ندائي»،
وفيها (الدعاء 51):«أدعوك فتجيبني.... فلا أدعو سواك ولا أرجو غيرك....».
فاختر أيها القارئ الكريم بين دعاء الإمام السجّاد عليه السلام وبين الدعاء والألفاظ التي وضعها «محمد بن المشهدي»!!
وفي هذه الزيارة جملةٌ يضع مفتريها بها علياً عليه السلام في مصاف الأنبياء!! إذْ يقول: «السلام على سفير الله بينه وبين خلقه..» ومعلومٌ أن السفارة الإلهية خاصة بالأنبياء.
هنا يجدر بالذكر أنه كانت توجد فرقة من الغلاة تُدْعَى «المفوِّضة» يعتقد أصحابها بأن الله تعالى فوّض أمر تدبير العالم لمحمّد وعليّ وأنهما مديرا أمور الكون!
وقد وردت عن الأئمة الأطهار- عليهم السلام - أحاديث كثيرة في لعن «المفوِّضة» وتكفيرهم([2]).
ويظهر أن واضع هذه الزيارة التي نحن في صددها كان أحد أولئك الغلاة «المفوِّضة»
لأنه يقول في زيارته هذه:
«وفوَّضَ إليكم الأمور، وجعلَ إليكم التدبير..»!
والواقع أن هذه الزيارة قد حَوَتْ كل خرافات الغلاة وضلالاتهم حتى صارت مصداقاً لقول القائل: لقد جمعت في حُسْنِك ما تفرَّق في غيرك من المحاسن!!
ومن جملة عبارات الغلوّ في زيارته قوله: «أعطاكم المقاليد وسخَّرَ لكم ما خلق..»! هذا مع أن الله تعالى بيّن في كتابه أن مقاليد السموات والأرض في يده وحده((لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) [الزمر:63]،
كما بيّن أنه سخّر كل ما في الكون لفائدة عباده جميعاً مؤمنين كانوا أم كافرين ولم يخصّ أحداً بذلك كما في قوله تعالى: ((أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)) [لقمان:20].
وليت شعري ماذا يريد مختلق هذه الزيارة هل يريد أن يجعل الله عاطلاً عن أي عمل ويجعل الإمام عليه السلام قائماً بكل الأعمال؟!
مع أن الإمام ذاته كان يحتاج إلى الطعام كي يبقى حيَّاً فإذا بقي بضعة أيام دون أن يأكل مات من الجوع، أو إذا توقف عن التنفُّس دقائق معدودة فقد حياته!
وأيضاً نقرأ في هذه الزيارة المفتراة: «إياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم»، وهي جملة تخالف صريح القرآن كما سنبيِّنه عند مناقشتنا للزيارة «الجامعة» لاحقاً إن شاء الله.
ونقرأ في هذه الزيارة أيضاً: «عليكم الاعتماد يوم المعاد»، هذا في حين أن الله تعالى يقول:
((يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لله)) [الانفطار:19].
وفي هذه الزيارة عبارات تصف الإمام بصفات خاصة بالأنبياء والملائكة مثل:
«يا من اصطفاهم... أنتم السفرة الكرام البررة... يا عيون الله في خلقه»،
فليت شعري هل يحتاج الله إلى عيون بين البشر ليطّلع على أحوال الخائنين؟!
هذا مع أن الله تعالى نهى رسوله الكريم وجميع أمته عن التجسُّس فقال:
((وَلا تَجَسَّسُوا)) [الحجرات:12]،
فكيف يمكن أن يكون الإمام عيناً؟؟؟؟؟؟؟
أوليس هو أيضاً مكلّفٌ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وكذلك نقرأ في هذه الزيارة الموضوعة أنه اعتبر الإمام حافظاً له وحارساً فقال:
«واحشروني في جملتكم واحرسوني من مكاره الدنيا والآخرة»
ولم يقرأ هذا المسكين القرآن الكريم الذي قال الله تعالى فيه مراراً لرسوله الكريم:
((وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)) [الأنعام:107]
وقال: ((وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ)) [هود:86].
والطريف أن «المجلسيّ» والشيخ «عباس القمّيّ» وأمثالهما نَقَلَا صلاةً عن «حسن مثلة الجمكراني» مجهول الحال وفي آخرها دعاء ننقله من «مفاتيح الجنان» يقول راويه فيه أنه يُسْتَحَبُّ الدعاء به بعد تلك الصلاة، وفيه:
«يا محمَّدُ يا عليُّ! احفظاني فإنكما حافظاي وانصراني فإنكما ناصراي، يا محمَّدُ يا عليُّ! اكفياني فإنكما كافياي»!!
في حين أن الله تعالى يقول: ((وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ الله مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)) [التوبة:116]
، ويقول: ((وَكَفَى بِالله وَلِيّاً وَكَفَى بِالله نَصِيراً)) [النساء:45]،
ويقول: ((أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ)) [الزمر:36]
أي أنَّ الله وحده هو الكافي عبده. أما مثل ذلك المغالي المشرك فيعتبر غير الله أيضاً حافظاً وناصراً!
ولو أردنا أن نذكر جميع العبارات الخرافية في كتاب «مفاتيح الجنان» لاحتجنا إلى كتاب مستقل([3]).
أَوَلَا يدري مختلق هذه الزيارة التي قال فيها: «واحشروني في جملتكم»
أن الحشر والنشر ليسا بيد أي أحدٍ سوى الله وحده؟
ألم يقرأ قوله تعالى: ((وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) [الحجر:25]
حيث قدَّم كلمة «هو» على فعل «يحشرهم» للدلالة على الحصر. بل إن الأنبياء والأئمة أنفسهم لا يعلمون زمن الحشر والنشر والقيامة فضلاً عن أن يتمكنوا من حشر أحد معهم، فالله تعالى يقول:
((يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)) [الأحزاب:63]
ويقول: ((إِنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)) [لقمان:34].
ولا عجب ممن لا حظَّ له من العلم بكتاب الله أن يفتري تلك الأكاذيب ويروّج تلك العبارات الكفريَّة!
وكذلك نقرأ في الزيارة التي أوردها المجلسيُّ في هذا الباب برقم «34» عديداً من العبارات والجمل الكفرية التي لا تعدو أوهاماً باطلة، بل معظم عبارات هذه الزيارة مضادّة للقرآن الكريم،
مثل قوله فيها: «السلام عليك يا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سيد الوصيِّين وحجّة رب العالمين على الأوَّلين والآخرين...... وملجأ ذوي النهي..... السلام عليك يا شجرة النداء وصاحب الدنيا والحجَّة على جميع الورى في الآخرة والأولى..... السلام عليك يا.. باب الله وحطّته وعين الله وآيته، السلام عليك يا عيبة غيب الله... ومجلي إرادة الله، وموضع مَشِيَّةِ الله، وأول من ابتدع الله والحجة على جميع من خلق الله، السلام عليك أيها النبأ العظيم والخطب الجسيم والذكر الحكيم والصراط المستقيم... السلام عليك أيها الحبل المتين... ومرشد البريات وعالم الخفيات، السلام عليك يا صاحب العلم المخزون وعارف الغيب المكنون وحافظ السرّ المصون والعالم بما كان ويكون... السلام عليك أيها العارف بفصل الخطاب ومثيب أوليائه يوم الحساب... ومهلك أعدائه بأليم العذاب.... وقاصم المعاندين الأشرار.... وعارف السرّ وأخفى، السلام عليك أيها النازل من عليين والعالم بما في أسفل السافلين ومهلك من طغى من الأولين ومبيد من جحد من الآخرين، السلام عليك يا صاحب الكرَّة والرجعة.... السلام عليك يا سامع الأصوات.... السلام عليك يا من حظي بكرامة ربه فجلَّ عن الصفات واشتق من نوره....الخ (بحار الأنوار، المجلسي، ج97/ زيارة رقم 34، ص 347 - 352.)
ونحو هذه الجمل والعبارات الشركية المغالية المضادَّة للقرآن
، التي تَحْرُمُ قراءَتُها ويُعَدُّ الاعتقاد بمضمونها خروجاً عن أصول الإسلام،
هذا رغم أنه ليس من البعيد أن نجد من يسعى إلى إثبات معاني تلك الجمل متوسلاً بروايات وأخبار هي بدورها من وضع الغلاة المشركين أيضاً، مما لا يُعَوَّل على رواياتهم ولا يمكن إثبات أي شيء بها.
أجل، لقد أضفى واضع تلك الزيارة صفات الله تعالى على الإمام فقال:
«كلَّ يا مولاي عن نعتك أفهام الناعتين وعَجَزَ عن وصفك لسان الواصفين، كيف أصف يا مولاي حسن ثناءك والأوهامُ عن معرفة كيفيتك عاجزة، والأذهان عن بلوغ حقيقتك قاصرة» فلاحظوا كيف وصف هذا المغالي عليّاً عليه السلام بعبارات هي ذاتها العبارات التي كان الإمام عليه السلام نفسه يصف بها ربّه تبارك وتعالى!!!