عرفوا لنا الشرك بالله وعبادة الأصنام ياشيعه!!!!!!! الجزء السابع
عرفوا لنا الشرك بالله وعبادة الأصنام ياشيعه!!!!!!! الجزء السابع
جاء في روضة الكافي للكليني، (ص:386)، ونهج البلاغة، الخطبة (147)،
على اختلافٍ يسيرٍ بين رواية الكليني ورواية الشريف الرضيّ.
قال عليه السلام: «بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، ولِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، ولِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ، فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ، فأراهم حِلْمَه كيف حَلُمَ، وأراهم عفْوَهُ كيف عفا، وأَرَاهُمْ قُدْرَته كيف قَدَرَ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَكَيْفَ خَلَقَ ما خَلَقَ من الآيات، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ من العصاة بِالْمَثُلاتِ وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ، وكيف رَزَقَ وهَدَى وأعْطَى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أحثوا في وجوه المدّاحين التراب
(وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12/ص132، الحديث الأول.)
و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حلالُ محمَّدٍ حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامُهُ حرامٌ إلى يوم القيامة»؟،
(رواه الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال: ((حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجئ غيره، وقال: قال عليٌّ عليه السلام : ما أحدٌ ابتدع بدعةً إلا ترك بها سنةً.)). (الكافي: ج 1/ ص 58، ح19)
كما قال: «لا رأيَ في الدين، إنَّما الدين من الربِّ أمرُهُ ونَهْيُهُ» (وسائل الشيعة،ج18/ص40)،
مما يعني أنه لا يحق لأحد أن يزيد على آداب وأحكام الدين أو ينقص منها؟؟؟؟؟.
روايات باب وجوب زيارة الإمام الحسين (ع)
عقد المجلسيُّ أول باب من هذه الأبواب تحت عنوان: «باب 1-
أن زيارته صلوات الله عليه واجبةٌ مفترضةٌ مأمورٌ بها وما ورد من الذمِّ والتأنيب والتوعُّد على تركها وأنها لا تُترك للخوف »!.
الزيارة (31) المروية عن جابر بن عبد الله ومقارنتها بالروايات السابقة
إحدى الزيارات في هذا الباب زيارة يؤمن بها جميع علماء الشيعة تقريباً وهي تختلف تماماً مع كل الروايات الأخرى. لذا سنذكر زيارته هنا كي يطلع عليها القرَّاء الكرام:
أولاً- يقول «جابر» في زيارته يوم الأربعين لقبر الإمام الحسين عليه السلام :
«.... والذي بعث محمداً بالحقِّ لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
قال عطية: فقلت لجابر: كيف ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً ولم نضرب بسيفٍ، والقومُ قد فُرِّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأولادهم وأرملت الأزواج؟؟
فقال لي: يا عطية! سمعتُ حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: مَنْ أحبَّ قوماً حُشر معهم ومَنْ أحبَّ عمل قومٍ أشرك في عملهم (بحار الأنوار، ج98/ص 195- 196، ح 31، عن كتاب «بشائر المصطفى لشيعة المرتضى». )
نقول : شتّان بين مشاركة الزائر لهم في الثواب وبين ما رأيناه في بعض الروايات السابقة من أن للزائر بكل قدم ثواب كذا وكذا من الشهداء!
وشتان بين ثواب شهادة واحدة وبين ما مرّ في بعض الزيارات من أن للزائر ثواب ألف شهيد! فهذا الحديث ينفي كل تلك الروايات ويبين أنها موضوعة.
ثانياً: في هذا الحديث أن جابرَ سلّم على الحسين (ع) ثلاث مرات
ثم قال: «حبيبٌ لا يجيب حبيبه.
ثم قال: وأنَّى لك بالجواب وقد شَحَطَتْ أوداجُكَ على أثباجك وَفُرِّقَ بين بدنك (بحار الأنوار، ج98/ص 195- 196، ح 31، عن كتاب «بشائر المصطفى لشيعة المرتضى».)
فعلى قول جابر لا يمكن للشهداء ولا للإمام أن يجيبوا من يخاطبهم،
فأين هذا مما مرّ معنا من متون الزيارات التي وضعها الغلاةوقالوا فيها: «أشهد أنك تسمع كلامي وتردّ جوابي»!
هل نصدِّق قول الغلاة أم قول جابر بن عبد الله رضي الله عنه؟
لا يستطيع أحد أن يدّعي أن معرفة الغلاة الكذابين بالدين أفضل من معرفة حضرة جابر رضي الله عنه.
الزيارة (32) المروية عن صفوان
يَنْسُبُ صفوان إلى الإمام الصادق (ع) قوله له:
إذا وصلت إلى الحائر فقل كذا وكذا، وهذا بحد ذاته دليل على كذب رواة هذه الرواية إذْ لم يكن في زمن صفوان لا حائر ولا جدار.
ثم ينقل عن الإمام قوله: إذا رأيت القبّة فقل كذا، وهذا أيضاً دليل آخر على كذب راوي هذا الخبر الذي لم يكن منتبهاً إلى حقيقة أنه لم يكن في زمن أئمة أهل البيت عليهم السلام قبّة على القبور، إذ ليس من سنن الإسلام بناء القباب على القبور!
ولا شك أنه إذا أورد الشيخ المفيد أو الكليني أو مئات آخرون في كتبهم رواياتٍ مكذوبة فإن ذكرهم لها في كتبهم لا يحوِّلها إلى روايات صحيحة، بل يجب القول إنّ أولئك العلماء الكبار - [على جلالة قدرهم]- اشتبهوا وأخطؤوا، وخطأ الكبار من أكبر الأخطاء!
الزيارة (32) المروية عن صفوان
يَنْسُبُ صفوان إلى الإمام الصادق (ع) قوله له: إذا وصلت إلى الحائر فقل كذا وكذا، وهذا بحد ذاته دليل على كذب رواة هذه الرواية إذْ لم يكن في زمن صفوان لا حائر ولا جدار.
ثم ينقل عن الإمام قوله: إذا رأيت القبّة فقل كذا، وهذا أيضاً دليل آخر على كذب راوي هذا الخبر الذي لم يكن منتبهاً إلى حقيقة أنه لم يكن في زمن أئمة أهل البيت عليهم السلام قبّة على القبور،
إذ ليس من سنن الإسلام بناء القباب على القبور!
ولا ينقضي العجب من العلماء الذين ملؤوا كتبهم من هذه الأكاذيب. ولا شك أنه إذا أورد الشيخ المفيد أو الكليني أو مئات آخرون في كتبهم رواياتٍ مكذوبة فإن ذكرهم لها في كتبهم لا يحوِّلها إلى روايات صحيحة، بل يجب القول إنّ أولئك العلماء الكبار - [على جلالة قدرهم]- اشتبهوا وأخطؤوا، وخطأ الكبار من أكبر الأخطاء!
ثم قال في هذه الرواية أنه بعد الانتهاء من الزيارة:
«اخرج ولا تُوَلِّي وجهك عن القبر حتى يغيب عن معاينتك»!
فليت شعري هل يرى الإمام إدارة ظهر الزائر لقبره حتى ينزعج من ذلك ويستاء؟!
هل كان الناس زمن أئمة أهل البيت عليهم السلام يتصرَّفون كذلك معهم؟
والان تري عوام الناس يعودون القهقرى في صحن الحَرَم بعد انتهاء زيارتهم للضريح ولا يولُّونه ظهورهم إلّا بعد الخروج من الصحن،
لانهم أخذوا هذه الخرافات والأعمال غير المبرَّرة من كتب الزيارات التي دوّنها العلماء!!!!!!!!
الزيارة (33) المنقولة عن الشيخ المفيد
يروي الشيخ المفيد زيارةً مضرّةً علامات الكذب وقرائن الوضع فيها كثيرة. من ذلك ما جاء فيها من أنه إذا وصلتَ إلى باب صحن القبر ودخلتَ الصحن (الفناء) فقل كذا وكذا،
وقد أوضحنا سابقاً مراراً أن أئمة أهل البيت عليهم السلام بريئون من هذه الحُرم والأفنية والأروقة التي بُنيت على قبورهم والتي لم يكن لها وجود في عهدهم.
فكل زيارة تضمنت مثل هذا الأمر هي موضوعة بلا ريب. وفي هذه الزيارة لعن من حرّف الكتاب، أي حرّف معاني كلماته أو جمله وفسّرها بما يخالف مدلولاتها في اللغة العربية،
وهذا النوع من التحريف يُقال لهذا «تحريف معنويٌّ» أما التحريف اللفظي فلم يقع في القرآن على الإطلاق لأن الله تعالى قد ضمن حفظ كتابه وصيانته وقال: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9].
أما التحريف المعنوي فقد قامت به أكثر فرق المسلمين خاصة الباطنية والشيعه وجماعاتٌ من الصوفية أو من المدّعين كذباً حبَّ أهل البيت عليهم السلام.
فمثلاً قالوا إن المقصود من البعوضة أو الإبل أو دابة الأرض أو القمر أو ناقة الله: هو عليّ عليه السلام وهكذا... فَلَعْنُ من حرّف الكتاب - الذي جاء في الزيارة - ينطبق على جميع هؤلاء!
ثم يقول واضع الزيارة للإمام: «فها أنذا وافد إليك بنصري» أي أنني جئتك بنصرتي لك!!!!!!!!!
فبالله عليكم أيها القرّاء المحترمين هل يسخر واضع هذه الزيارة من نفسه أم من الزائرين، حتى يقول للإمام إن لم أستطع نصرك أو لم أكن يوم عاشوراء حتى أنصرك فها أنا الآن جئتك بنصري لك!!!!!!!!
أفلا يدري أن الإمام نال السعادة الأبدية وترك الدنيا إلى غير رجعة ولم تعد هناك حرب ولا حاجة لنصرته!!!!!!!
ثم يقول: «ثم ارفع يديك إلى السماء وقل اللهم إني أشهد أن هذا القبر قبر حبيبك وصفوتك من خلقك.....»
وهكذا يستمرّ صفحة كاملة في مخاطبة الله تعالى بأنه يشهد أن هذا القبر كذا وكذا... حتى يصل إلى دعاء صاحب القبر أن يشفع له
ثم يقول: «إن لم تشفع لي ولا ينصرف زوَّارك يا مولاي بالعطاء والحباء والخير والجزاء والمغفرة والرضا وأنصرف أنا مجبوها بذنوبي مردوداً علىَّ عملي قد خيبت لما سلف مني فإن كانت هذه حالي فالويل لي ما أشقاني وأخيب سعيي وفي حسن ظني بربي وبنبيي وبك يا مولاي وبالأئمة من ذريتك ساداتي أن لا أخيب..»
فبالله عليكم لاحظوا ماذا يقولون وأيَّ خبط وإضرار بالإسلام والتوحيد يفعلون!!!!!!!!!!!!!!!
ثم يصل إلى قوله: «تفضَّل عليَّ بشهوتي»!!!!!!!
والطريف أن هؤلاء يعتبرون أنفسهم بمثل هذه الكلمات الركيكة من العارفين بالله المخلصين لله ولرسوله!!!!!!!!!
وفي موضع آخر من هذه الزيارة يقول مخاطباً الإمام: «أتيتك زائراً وبحقك عارفاً و.... والمنة عليَّ بجميع سؤلي ورغبتي وشهوتي»
أي يطلب من الإمام أن يمنّ عليه بقضاء حوائجه وتحقيق رغباته ومشتهياته، أي أنه يعتبر الإمام قاضي الحاجات!!!!!!
أما عليٌّ عليه السلام فإنه يقول:
«وأَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ ومَانِعٍ عَزِيزٍ وأَخْلِصْ فِي المَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِيَدِهِ الْعَطَاءَ والْحِرْمَانَ....... فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ ورَزَقَكَ وسَوَّاكَ ولْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ وإِلَيْهِ رَغْبَتُكَ ومِنْهُ شَفَقَتُكَنهج البلاغة، الرسالة 31.
ثم بعد ذكر واضع هذه الزيارة استحباب أداء صلوات وأدعية من عنده، يأتي بزيارة لا سند لها لحضرة «العباس» (ع) ويقول:
«عُدْ إلى الضريح»، وهذه العبارة بحد ذاتها علامة على أن هذه الزيارة وُضعت بعد القرن الهجري الثالث أو في القرن الهجري الرابع على الأقل في زمنٍ كان قد أُنشئ فيه ضريح لحضرة العباس.
على كل حال إن من يقرأ هذه الزيارة معتبراً ما يفعله عبادة يكون قد ارتكب بدعة في الواقع.
ونلفت الانتباه هنا أنه جاء في أوائل هذه الزيارة جملة توحيدية ممتازة يبدو أنها صدرت عن واضع الزيارة سهواً!
إذ لو فهمها الناس جيداً لما ارتكبوا هذه البدع، يقول: «الحمد لله الواحد في الأمور كلِّها»
أي أن الله تعالى منفرد ومتفرّد في فعل جميع الأمور ولم يتّخذ وزيراً ولا واسطة بل هو متفرِّدٌ وحدَهُ في جميع الأمور، فإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي أن يُطلب شيء إلا منه.
الزيارة (34) المنقولة عن ابن طاووس
ذكر ابن طاووس هذه الزيارة بدون سند ثم رواها عنه الآخرون رغم أن قرائن الوضع فيها واضحة وتتعلَّق بزمن كان لمراقد أئمّة أهل البيت عليهم السلام فيه قبّة وضريح،
فقد جاء في أولها: «تقف على باب قبّته الشريفة... وتدخل وتجعل الضريح بين يديك ثم تقول كذا وكذا (عدة صفحات) ثم.... قبّل الضريح!!»
ومن المؤكد أن أولياء الله وأئمة أهل البيت عليهم السلام لا يرضون أن يقبّل المسلمون أضرحتهم التي صُنعت من الذهب والفضة وبناها السلاطين وأمراء الجور بالأموال المغصوبة من الناس!
[التوسُّل إلى الله يكون بالإيمان والعمل الصالح فقط وليس بالأئمة (ع)]
بمعزلٍ عن مخالفة كثير من جمل هذه الزيارة لكتاب الله، فإن من أوضح علامات الوضع فيها أن واضعها لم يفهم المعنى الصحيح للآية 35 من سورة «المائدة» المباركة فقال -وكأنه يستند إليها-: «لم يتوسّل المتوسّلون إلى الله بوسيلة هي أعظم حقّاً عنده منكم أهل البيت».
فأولاً: يجب أن نعلم أن لا أحد من مخلوقات الله، حتى الأنبياء العظام صلوات الله عليهم، له حق واجب على الله، بل لله المتعال الحقّ والمنَّة على جميع عباده، ولو كان لواضع هذه الزيارة الجاهل علمٌ بالقرآن لقرأ آياتٍ كقوله سبحانه وتعالى: ((قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا)) [يوسف:90]،
وقوله سبحانه: ((وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ)) [الصافات:114]، وقوله كذلك: ((وَلَكِنَّ الله يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)) [إبراهيم:11]، ولو قرأها لما لفَّقَ تلك الجمل.
ثم النقطة المهمّة أكثر هي استشهاده بالآية 35 من سورة المائدة على التوسل بالأئمة من أهل البيت عليهم السلام مما يستدعي أن نوضّح هذا الأمر - ونبيِّن المعنى الصحيح لهذه الآية، والتي أحسن الأستاذ الشيخ «مرتضى مطهّري» في كتابه «العدل الإلهي» بيانَ معناها الصحيح، وذلك لكي يتَّضح خداع وضّاعي الزيارات ومغالطة الخرافيين في هذا الأمر.
يقول تعالى: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [المائدة:35].
أولاً: الخطاب في الآية - كما هو ظاهر- موجّه إلى المؤمنين،
وطبقاً للآية 285 من سورة البقرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مشمولٌ بخطاب الله للمؤمنين، وبالطبع أئمة أهل البيت عليهم السلام أيضاً مشمولين بالخطاب،
فلنا أن نسأل إذن ما هي الوسيلة التي كان يبتغيها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى عليهم السلام للتقرّب إلى الله تعالى؟
هل كانت شيئاً سوى الإيمان والتقوى والعمل الصالح؟
هل الوسيلة التي يجب على الإمام كما يجب على المأمومين أن يطلبوها ويتوسلوا بها إلى الله شيء سوى الجهاد في الله وفي سبيل الله؟
هل يوجد في الدين فرق بين أحكام الإمام وأحكام المأموم؟!
بالطبع لا،
لذا يجب أن نقول إنَّ عَلَى المأمومين أنْ يقتدوا بالإمام ويتَّبعوه ويتأسُّوا به في كلِّ وسيلة توسَّل بها إلى الله.
في الواقع لقد ذكرَتْ الآيةُ الكريمةُ في آخرها - بعد الأمر بابتغاء الوسيلة –
نموذجاً للوسائل التي يجب ابتغاؤها فقالت: ((وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [المائدة:35]
فأوضح الله تعالى المقصود بابتغاء الوسيلة فوراً، ولعلَّ هذا يفسّر لماذا يجتزئ أكثر المدافعين عن الخرافات الآية المذكورة في خطبهم وكُتُبهم فلا يُكْمِلُونها حتى آخرها ويقفون عند قوله تعالى: ((وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)).
ثانياً: لم تقل الآية الكريمة: «ادعوا الوسيلة» بل قالت: «ابتغوا إليه الوسيلة» ومن البديهيّ أن الابتغاء غير الدعاء.
ثالثاً: لم يبقَ أحدٌ من أئمة أهل البيت عليهم السلاممنذ أواخر القرن الهجري الثاني فما بعد حتى نتوسّل بهم كما لم تَعُدْ هناك إمكانية لطلبهم وابتغاء أرواحهم الطيبة في هذا العالم لأنهم انتقلوا منه! فكيف يمكن أن يأمرنا الله بابتغاء شيء لا يمكن ابتغاؤه؟!
رابعاً: هذه الآية إن قُصد بها كما يدّعي الخرافيون التوسّل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو أئمة الهدى عليهم السلام لم يكن العمل بها ممكناً إلا لمن كان يعيش مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة أو مع الإمام عليه السلام في الكوفة، فكيف كان للمؤمنين من أهل اليمن أو الشام أو خراسان أن يتوسّلوا بالإمام ويطلبوه؟
(إلا أن يشدّوا رحال السفر إلى مقر الإمام عليه السلام وهو أمر لم يكن ميسّراً للجميع) وإلا فلا يمكن ابتغاء أئمة الدين من أماكن بعيدة!([1])
خامساً: قوله تعالى: ((قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)) [الإسراء:56-57]
يفسّر ويبيّن بوضوح معنى «الوسيلة» ولفظ «أقرب» في الآية المذكورة قرينة على أن المراد من الوسيلة هو «المنزلة» التي تتحصّل بالالتزام بأوامر الشرع ونواهيه فالذين هم عند الله يبتغون القرب والمنزلة منه.
ثم إن الآية تقول على نحو ضمني أن الذين تدعونهم هم أنفسهم يبحثون عن وسيلة تقرِّبهم من الله ولا شك أن الذي يبحث عن الوسيلة بنفسه لا يمكن أن يكون هو ذاته وسيلة.
سادساً: لماذا لا يشير مُدَّعو حبِّ آل الرسولعليهم السلام إلى ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام من توضيحات بشأن هذه الآية ولماذا لا يذكرون للناس ما تفضّل به أولئك الأئمة الكرام عليهم السلام؟!
فمن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إلهي وسيلتي إليك الإيمان بك».
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: «إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ المُتَوَسِّلُونَ إِلَى الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى الإيمَانُ بِهِ وبِرَسُولِهِ والْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الإسْلامِ، وكَلِمَةُ الإخْلاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وإِقَامُ الصَّلاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ، وحَجُّ الْبَيْتِ واعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ ويَرْحَضَانِ الذَّنْبَ، وصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي المَالِ ومَنْسَأَةٌ فِي الأجَلِ، وصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَنهج البلاغة، الخطبة 110.
وكما نلاحظ فهذا الكلام هو في الواقع تفسير للآية التي سبق ذكرها من سورة المائدة.
وكذلك جاء في أدعية أمير المؤمنين عليه السلام قوله:
«قد جئتُ أطلب عفوَكَ ووسيلتي إليكَ كرمُكَ..»( الصحيفة العلويَّة، دعاؤه (ع) في الاستغفار في سحر كل ليلة عقب ركعتي الفجر.
و«فقد جعلتُ الإقرار بالذنب إليك وسيلتي... مُتَوِسِّلٌ بكرمك الصحيفة السجَّاديَّة، دعاؤه (ع) في المناجاه في شهر شعبان
و «فإني أتَوَسَّلُ إليكَ بتوحيدكَ وتهليلكَ وتمجيدكَ وتكبيركَ وتعظيمكَ..»( الصحيفة السجَّاديَّة، دعاؤه (ع) فيالاستغفار في الشدائد
و «يتوسَّلُ إليك بربوبيَّتِكَ..»الصحيفة السجَّاديَّة، دعاؤه (ع) فيفي ليلة الجمعة علَّمه لكميل بن زياد النخعي
. ومفاتيح الجنان، دعاء كميل.
ويروي «السيد بن طاووس» عن الإمام الحسين عليه السلام قوله في دعاء عرفة:
ها أنا أتَوَسَّلُ إليك بِفَقْرِي إليكَ ...». الصحيفة السجَّاديَّة، دعاؤه (ع) فيدعاء يوم عرفة.
ويقول الإمام «زين العابدين وسيد الساجدين» عليه السلام:
«اللهمَّ إنِّي بِذِمَّة الإسلام أتَوَسَّلُ إليكَ..» مفاتيح الجنان، دعاء يوم الخميس.
و«وسيلتي إليكَ التوحيدُ، وذريعتي إليك أنِّي لم أُشْرِكْ بكَ شيئاً([1]) الصحيفة السجَّاديَّة، دعاؤه (ع) في دفع كيد الأعداء.
ويقول متأسّياً بجده الكريم: «اللهمَّ إنِّي أتقرَّبُ إليكَ بذكركَ وأستشفع بكَ إلى نفسكَالصحيفة العلوية
دعؤه المعروف بدعاء كميل.
وأيضاً: «وبدعائك تَوَسُّلِيْمفاتيح الجنان، داء أبي حمزة الثمالي
فكما نلاحظ لم يتوسل عليّ عليه السلام وأئمة أهل البيت الكرام عليهم السلام - ولا حتى بهدف تعليم المأمومين وإرشادهم- في أدعيتهم بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ولا بالأنبياء السابقين عليهم السلام كأبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم بل كان توسّلهم دائماً هو بالإيمان والإسلام والجهاد والعمل الصالح وبصفات الله ورحمته ولم يتوسّلوا على الإطلاق ببشر أو مخلوق. فلا أدري لماذا يتجاهل من يقولون إنهم شيعةٌ لعليٍّ والأئمة من آله كلماتهم هذه ويتوسّلون في الغالب بالإمام وبذراري الأئمة عليهم السلام مع أن الأئمة عليهم السلام لم يقولوا لهم توسّلوا بنا في أدعيتكم(.في الواقع إن موضوع التوسل بالأئمة والصالحين والاستشفاع بهم إلى الله هو المستند الرئيسي الذي يتمسّك به من يلجأ إلى المشاهد ويطلب حوائجه من أصحابها من الأولياء والأئمة، لذا نجد هذه الفكرة منتثرة ومكررةً في جميع الزيارات، مثل قول الزائر: ((فاشفع لي عند ربِّك فان لي ذنوباً كثيرةً وإن لك عند الله مقاماً معلوماً وجاهاً عظيماً وشأناً كبيراً وشفاعةً مقبولةً....... (إلى قوله)....فكن لي إلى الله شفيعاً، فما لي وسيلةٌ أوفى من قصدي إليك وتوسُّلي بك إلى الله...)) [بحار الأنوار للمجلسي، ج 97/باب زياراته (أي علي بن أبي طالب عليه السلام) المطلقة، الزيارة رقم 20، ص 295.]، أو قوله: ((أتيتكما (للإمامين) زائراً ومتوسِّلاً إلى الله تعالى ربي وربِّكما ومتوجِّهاً إلى الله بكما، مستشفعاً بكما إلى الله في حاجتي هذه فاشفعا لي فإن لكما عند الله المقام المحمود والجاه الوجيه والمنزل الرفيع والوسيلة...)) [المصدر السابق، الزيارة رقم 23، ص 307.]. لذلك أراد المؤلف ردّ مشروعية التوسل إلى الله بالأشخاص - أيا كان مقامهم حتى ولو كانوا أنبياء - من أساسه، وحصر التوسل إلى الله بالأعمال، أو بصفات الرحمة لذاته الأحدية.هذا وموضوع جواز التوسل إلى الله بالصالحين من الموضوعات الخلافية التي انقسم العلماء بشأنها، إذ وردت بعض النصوص - حتى في مصادر الحديث المعتبرة لدى أهل السنة - بما يفيد جواز التوسل، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا صَحِيحًا «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَدْعُوَ فَيَقُولَ: اللهمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ الله إنِّي أَتَوَسَّلُ بِك إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِيَقْضِيَهَا لِي اللهمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ» وَرَوَى النسائي نَحْوَ هَذَا الدُّعَاءِ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ ماجه عَنْ عُثْمَانَ بْنِ العتبية «أَنَّ رَجُلًا ضَرِيراً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اُدْعُ الله أَنْ يُعَافِيَنِي فَقَالَ: إنْ شِئْت دَعَوْت وَإِنْ شِئْت صَبَرْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك. فَقَالَ: فادعه. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ اللهمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا رَسُولَ الله يَا مُحَمَّدُ إنِّي تَوَجَّهْت بِك إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى اللهمَّ فَشَفِّعْهُ فِيّ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ النسائي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ العتبية وَلَفْظُهُ «أَنَّ رَجُلًا أَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ الله اُدْعُ الله أَنْ يَكْشِفَ لِي عَنْ بَصَرِي. قَالَ فَانْطَلِقْ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْ: اللهمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِك إلَى رَبِّي أَنْ يَكْشِفَ عَنْ بَصَرِي اللهمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ قَالَ فَرَجَعَ وَقَدْ كَشَفَ الله عَنْ بَصَرِهِ».
وقد كتبت في موضوع التوسل وما يجوز فيه وما لا يجوز كتبٌ ورسائلُ عديدة من المخالفين والموافقين يمكن لمن أراد التوسع في الموضوع أن يرجع إليها
وهناك نقطة أخرى في هذه الزيارة وهي قول واضعها - كما جاء في دعاء «الندبة»-:
«اللهم أبلغ سيدي ومولاي تحية وسلاماً» مما يدلُّ على أنه يعتقد -مُحِقَّاً-أن الله «حاضر ناظر قريب» منه
وأن الإمام «غائب وبعيد» عنه، لذا يطلب من الله تعالى أن يبلّغه السلام!
فلنا أن نسأله: لماذا إذن تخاطب الإمام في الزيارة وكأنه حاضر وناظر وتقول له كاذباً: «أشهد أنك تسمع كلامي وتردّ جوابي» أليس هذا تناقض محض؟
ولكن واضعي تلك الزيارات لا ينتبهون إلى تناقضاتهم هذه!.
( [1])روى الكشي في رجاله (طبع كربلاء، ص 253) بسنده عن مصادف قال: ((لما لبَّى القوم الذين لبُّوا بالكوفة [أي قالوا: لبَّيْكَ يا جعفر] دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرتُهُ بذلك، فَخَرَّ ساجداً وألْزَقَ جؤجؤَهُ بالأرض وَبَكَى، وَأقبل يلوذُ بإصبعه ويقول: بَلْ عَبْدُ الله قِنٌّ داخرٌ مراراً كثيرةً، ثم رفع رأسه ودموعُهُ تسيلُ على لحيته، فندمتُ على إخباري إيّاه، ...)). (المؤلِّف). (والقِنُّ: هو المتمِّحض في العبودية والرقِّ. والداخر: هو الخاضعُ لله المنقاد لَهُ).
( [2]) على سبيل المثال يقول المجلسيُّ في مقدمة كتابه المعروف «زاد المعاد» (بالفارسية) ما ترجمته: ((....ولما كان إنهاء هذه الرسالة وابتداء واختتام هذه العجالة قد تمّ في عهد دولة العدالة وأواني سلطنة السعادة للحضرة العليا سيد سلاطين الزمان ورأس سادة العصر عصارة أوراق الملة والدين ونقاوة أحفاد سيد المرسلين بستان الورد المصطفوي ومنارة الأسرة المرتضوية.... (إلى قوله): مؤسس قواعد الملة والدين ومروّج شريعة آبائه الطاهرين، حياض ساحة بلاطه ملاذ الخلائق وطافحة بتقبيل شفاه سلاطين زمانه، لسان حالها وهي تحطّ رحالها في الصرح الممَرَّد لعزّته وجلاله: قد مسَّنا الضُّرُّ أيُّها العزيز، أعني السلطان الأعظم والخاقان الأعدل الأكرم ملجأ الأكاسرة وملاذ القياصرة محيي مراسم الشريعة الغرّاء ومشيّد قواعد الملة البيضاء السلطان ابن السلطان والخاقان ابن الخاقان الشاه سلطان حسين الموسوي الحسيني الصفوي بهادر خان لا زالت رايات دولته مرفوعة وهامات أعدائه مقموعة...الخ))!