سوف نرسل ردودا وليس ردا واحدا ولكن نريد ان نعرف عن مذهبك وناسف ان نذكر ذلك . اذا كنت وهابي وسلفي فان الحاور معك سوف لا يؤدي الى شيء بل الى مهاترت والسبب ان عقولكم كعقول ربات الحجال لا تتفكروا ووتتدبروا وحرمتم استعمال العقل وهناك مذهب الجبرية الذي اخترعته بني امية وما زال الى الان لانه يلائم ملوك الحجاز . كلامك منقول من منتديات اخرى ( لقد وجدت هذا الموضوع في منتديات كثيرة ) وكان هناك ردود وليس ردا . نحن نرد عسى ان يكون هناك من يتابع ويقرا ويحدد من هو على الصراط من عدمه .
ان نظرتنا الى الصحابة تختلف عن نظرتكم لها , لقد اتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ، على حد تعبير ابن حجر العسقلاني ، ويجب الاعتقاد بنزاهتهم ، إذ ثبت أن الجميع من أهل الجنة وأنه لا يدخل أحد منهم النار ( 1 ) . والمقصود بالصحابة كل الصحابة بالمعنى الذي عرضناه عند تحليل تعريف ابن حجر . ما هو دليل أهل السنة على ذلك ذكر الخطيب أن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم ، وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم . فمن ذلك قوله تعالى : * ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) * وقوله : * ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) * وقوله : * ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ) * وقوله : * ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ) *
وقوله : * ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) *
وقوله : * ( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) * إلى قوله : * ( إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) * وفي آيات كثيرة يطول ذكرها ، وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها ( 2 )
(1) راجع الإصابة في تمييز الصحابة ص 9 و 10
( 2 ) راجع الإصابة في تمييز الصحابة ص 9 و 10 . ( * )
مضمون عدالة الصحابة عند أهل السنة تعني عدالة الصحابة فيما تعنيه ، أن كل من عاصر الرسول أو ولد في عصره ، لا يجوز عليه الكذب والتزوير ، ولا يجوز تجريحه ، ولو قتل آلاف ، وفعل المنكرات . وعلى أساس ذلك فجميع الطبقة الأولى من الأمويين ، كأبي سفيان وأولاده ، وجميع المروانيين بما فيهم طريد رسول الله وأولاده ، والمغيرة بن أبي شعبة وولده عبد الله الذي كان في حدود العاشرة من عمره حين وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومع ذلك نسبوا إليه مجموعة من الأحاديث كتبها على النبي في صحيفة يسمونها الصادقة . فجميع هؤلاء من العدول ومروياتهم من نوع الصحاح ولو كانت في تجريح علي وأهل البيت ، وفي التقريظ والتقديس لعبد الرحمن بن ملجم . هذه المرويات يجب قبولها ولا يجوز ردها لأن رواتها من العدول ، والعادل لا يتعمد الكذب ، والذين اتبعوا معاوية وسايروه طيلة ثلاثين عاما من حكمه ، هؤلاء كلهم على الحق والهدى ، وحتى الذين سموا الحسن بن علي وقتلوا الحسين وأصحابه ، وفعلوا ما فعلوا من الجرائم في الكوفة وغيرها كانوا محقين ومن المهتدين بحجة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد قال بزعمهم : " أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم " ( 1 ) . وهذا الحديث ضعفه أئمة أهل الحديث فلا حجة فيه وطعن فيه ابن تيمية ( 2 ) . ما هو جزاء من لا يعتقد بهذا الرأي ؟ بأقل أقوال أهل السنة : " إذا رأيت الرجل ينقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق .
والذين ينقصون أحدا على الاطلاق من أصحاب رسول الله هم زنادقة والجرح أولى بهم " ( 3 )
ومن عابهم أو انتقصهم فلا تواكلوه ولا تشاربوه ولا
) 1 ) راجع ص 81 و 82 من كتاب آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم للسيد مرتضى الرضوي .
( 2 ) المرجع السابق ص 91 وقد نقل عن محب الدين الخطيب وعن المنتقى للذهبي .
( 3 ) راجع الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ص 17 و 18 . ( * )
تصلوا عليه ) ( 1 ) . ما هو سر هذا التشدد والصرامة عند أهل السنة ؟ ذلك أن الرسول حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة . وهؤلاء الذين ينقصون أحدا من الصحابة يريدون أن يخرجوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح أولى بهم وهم زنادقة
( 2 ) . استذكار يقصد أهل السنة بالصحابة ما قصده ابن حجر عند تعريفه للصحابي بدءا من خديجة وعلي وزيد بن حارثة وأبي بكر وانتهاء بآخر طفل رأى الرسول أو رآه الرسول ، ويستحسن أن نرجع لعرضنا لتحليل ابن حجر لتعريف الصحابي .
محاولة للتخفيف من هذا الغلو قال المارزي في شرح البرهان : " لسنا نعني بقولنا الصحابة عدول كل من رآه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما أو زاره لماما ، أو اجتمع به لغرض وانصرف عن كثب ، وإنما نعني به الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " انتهى ( 3 ) .
استنكار المحاولة ودفنها والجواب على ذلك أن التغييرات المذكورة خرجت مخرج الغالب وإلا فالمراد من اتصف بالإنفاق والقتال بالفعل أو القوة . وأما كلام المازري فلم يوافق عليه بل اعترضه جماعة من الفضلاء . وقال الشيخ صلاح العلاني : هذا قول غريب يخرج
( )1 راجع ص 238 من كتاب الكبائر للحافظ الذهبي وراجع آراء علماء المسلمين ص 85 للسيد مرتضى . ( 2 ) راجع الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ص 17 و 18 .
( 3 ) الأعراف : 157 ، راجع الإصابة في تمييز الصحابة ص 19 . ( * )
كثيرا من المشهورين بالصحبة والرواية عن الحكم بالعدالة كوائل بن حجر ومالك بن الحويرث وعثمان بن العاص وغيرهم ممن وفد عليه ( صلى الله عليه وآله ) ولم يقم عنده إلا قليلا وانصرف .
وكذلك من لم يعرف إلا برواية الحديث الواحد ولم يعرف مقدار إقامته من أعراب القبائل والقول بالتعميم هو الذي صرح به الجمهور وهو المعتبر ( 1 ) .
الآثار المترتبة على هذا التعميم المساواة العشوائية ، فالصحابة حسب رأي أهل السنة متساوون بالعدالة ، فجميعهم عدول ، فالقاعد كالمجاهد ، والعالم كالجاهل ، ومن أسلم عن اقتناع تماما كمن أسلم لينجو بروحه ، والسابق كاللاحق ، والمنفق كالمقتر ، والعاصي كالمطيع ، والطفل المميز تماما كالراشد ، ومن قاتل الإسلام في كل المعارك تماما كمن قاتل مع الإسلام كل معاركه .
فعلي عليه السلام الذي قاتل مع الإسلام كل معاركه هو تماما كأبي سفيان الذي قاد كل الحروب ضد الإسلام ، وهو تماما كمعاوية ابن أبي سفيان وحمزة عليه السلام وهو المقتول وسيد الشهداء تماما مثل قاتله ( وحشي ) وعثمان بن عفان المبشر بالجنة هو تماما مثل عمه الحكم بن العاص والد خلفاء بني أمية ، وهو طريد رسول الله وطريد صاحبيه. وقد لعنه الرسول ولعن ولده ( 2 ) ، وعبد الله بن أبي سرح الذي افترى على الله الكذب وارتد عن الإسلام وأباح الرسول دمه ولو تعلق بأستار الكعبة ( 3 ) هو تماما كأبي بكر ، و عبد الله بن أبي زعيم المنافقين تماما كعمار بن ياسر . . . . . . الخ . كيف لا ؟ فكلهم صحابة وكلهم عدول وكلهم في الجنة ولا يدخل أحد منهم النار أبدا كما نقلنا .
( 1 ) راجع الإصابة في تمييز الصحابة ص 19 .
( 2 ) راجع كنز العمال ج 11 ص 358 - 361 وراجع المعارف لابن قتيبة ص 131 و 41 و 54 .
( 3 ) راجع كنز العمال ج 11 ص 358 - 361 وراجع المعارف لابن قتيبة ص 131 و 41 و 54 . ( *
تساؤل واستنتاج هل يعقل أن يكون العالم كالجاهل والقاعد كالمجاهد ومن أسلم عن اقتناع كمن أسلم خوفا ؟ هل من المعقول أن يتساوى القاتل والمقتول ؟ وهل يتساوى السابق باللاحق ، والمنفق بالمقتر والعاصي بالمطيع وصادق الإيمان بالمتظاهر ؟ وأن يتساوى المؤمن والمنافق . . . . الخ هل يعقل أن يكون معاوية مثل علي ؟ لا الشرع يقبل هذه المساواة ولا العقل ولا المنطق وهي ظلم صارخ وخلط فظيع ينفر منه العقل وتأباها الفطرة الإنسانية السليمة ( 1 ) .
نقد رأي أهل السنة الائتلاف والاختلاف على ضوء المعنيين اللغوي والاصطلاحي لكلمة صحابة فإنه لا بديل أمام أتباع الإسلام ( الفرق الإسلامية ) من الاتفاق على أن اصطلاح الصحابة يشمل كل الذين أسلموا أو تظاهروا بالإسلام وسمعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أو جالسوه أو شاهدوه ، ولكن الخلاف يكمن في التعميم ، فبينما يرى أهل السنة أن الصحابة بهذا المعنى الواسع كلهم عدول إلا أن الفرق الإسلامية الأخرى لا تقر أهل السنة على ذلك ولا توافق على هذا التعميم . محاولة للتوفيق الصحابة بالمعنى الواسع الذي يركن إليه أهل السنة هم كل شعب دولة النبي ، أو هم كل الأمة الإسلامية التي دانت لدولة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وهم أول المخاطبين المعنيين بآيات القرآن الكريم .
فعليهم طبقت أحكامه كلها ، فمن أعلن إسلامه وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله اعتبر مسلما ومواطنا في دولة النبي ، لأن الله هو المطلع على الضمائر ، العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ,
( 1 ) راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 106 وما فوق . ( * )
وهو وحده الذي يثيب على هذا الإسلام . وانطلاقا من هذا الاعتقاد ، فقد كان النبي يكتفي بالظاهر ويترك البواطن لله . وسلوك الإنسان متروك للمستقبل ولرحمة الله وتأثير المجتمع المسلم عليه ، ولموقف الفرد من معارك الإيمان مع الكفر تحت قيادة النبي أو من ينتدبه . ومن الطبيعي أن النبي لم يقل لمنافق أنت منافق ، بل كان يدعو الله أن يستر على عيوب خلقه وأن يصلحهم ويهديهم ، مع أن القرآن الكريم حافل بالآيات التي تقرع بشدة المنافقين المنتشرين في عاصمته المدينة ومن حولها من الأعراب . وكشفت هذه الآيات أسرارهم وفضحت أضغانهم وعالجت أمورا واقعية ووصفت وشخصت حالات فردية لأشخاص كانوا يعتبرون صحابة بل وأقيمت الحدود على الكثير منهم . والشريعة وضعت صفات موضوعية لأعمال البر والتقوى ولأعمال الفجور . فمن توافرت فيه صفات معينة حشرته تلك الصفات بإحدى هاتين المجموعتين ، وترجمة الصفات وبيانها متروك لسلوك الإنسان ميدانيا . فالصدام مع الكفر لم يتوقف طيلة حياة النبي ، والإنسان بطبعه يعكس دائما حقيقة اعتقاده بسلوكه آجلا أم عاجلا . وبانتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى ، كان كل مسلم من مواطني الدولة الإسلامية يعرف حقيقة موقعه في حوض التقوى أو في بؤرة الفجور ، وعرف الناس كلهم منازل بعضهم ، مع أن المجتمع المسلم ، خاصة مجتمع المدينة المنورة ، كان مجتمع صحابة ولكل واحد من أفراده صفة صحابي لغة واصطلاحا
ثم من يأمن مكر الله وما معنى الأمور بخواتمها ؟
إنه لا بديل من تقسيم الصحابة الكرام إلى مجموعتين كبيرتين :
1 - أفاضل الصحابة : وهم الأخيار الذين قامت الدولة على أكتافهم وتحملوا سخرية وأذى الأكثرية الكافرة حتى ظهر أمر الله وتمسكوا بأمر الله ووالوا نبيه ووالوا من والاه ، وانتقلوا إلى جوار ربهم وهم معتصمون بحبل الله ، فهؤلاء عدول بالإجماع ولا تشذ عن ذلك أية فرقة من الفرق الإسلامية .
2 - بقية الصحابة : وهم متفاوتون ، الله أعلم بهم ، فمنهم الصبي ومنهم المنافق . فالمنافقون الأشرار جعلهم الله في الدرك الأسفل من النار مع أنهم كانوا يتظاهرون بالإسلام ويسمون أيضا صحابة بكل المعايير الموضوعية المعروفة عند أهل السنة .
ما هي الفائدة من هذا التقسيم ؟
إن معرفة أفاضل الصحابة أمر في غاية الأهمية ، فهم الذين يبايعون الإمام البيعة الخاصة ، وهم ركن من أركان أهل الشورى ، وهم الذين ينفذون أوامر الإسلام ، وهم حكومة الإمام الفعلية ، وهم الذين يقومون بتهيئة المجتمع لتلقي الذكر ولتطبيق الشريعة ولإعطاء البيعة العامة وبرضاهم يجب أن ترضى العامة وبسخطهم يسخطون . فإذا تحقق ذلك نجت الأمة ونجوا ، وإن لم يتحقق هلكت الأمة وتأخروا ، ووسد الأمر لمن يغلب . وفائدة هذا التقسيم الآن هو دراسة الماضي دراسة موضوعية لمعرفة سر اختلاف المسلمين وبعثرة كلمتهم وانهيار دولتهم تمهيدا لاستشراق مستقبلهم وتوثيق خطواتهم بحيث تبقى ضمن المقصود الشرعي كطريق أوحد لتوحيدهم ثانية وإقامة دولتهم التي ينبغي أن تقوم على الأسس الشرعية حتى تدوم وتحقق غايتها ولا تنهار
ثانية . ثم إن التفضيل ضروري لمعرفة الأفضل ومن هو المستحق لملء الوظائف العامة . يقول تعالى : * ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) ، وقد فسرها الطبري بإسناد الولاية لمن هو جدير بها . وكيف يمكن تأدية هذه الأمانات في هذا المجال دون اللجوء للتفاضل ؟
إن أول من سمع بذلك هم الصحابة ، ومن المعني بذلك غيرهم ؟ ! .
التفاضل سنة إلهية ، ومنهج من مناهج الحياة ، وحافز من حوافز السمو بها تقتضيه طبيعة الحياة ويقتضيه التباين بين الخلق في القدرة والقوة والفهم ، وتحقيق العدل السياسي والوظيفي من حيث وضع الشخص المناسب في المكان المناسب المؤدي لتحقيق الغاية الشرعية ووسيلة ذلك كله هو نظام التفاضل الشرعي في الإسلام على اعتبار أن التفضيل مكافأة وحافز إلهي وأن التفاضل وسيلة شرعية . الدليل الشرعي للتفاضل وسيلة التفاضل مكرسة بالشريعة الإسلامية وبروحها العامة . قال تعالى : * ( فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ ) *
* ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) * .
والتفضيل وارد حتى على مستوى الأسر والأقوام ، فها هو سبحانه وتعالى يخاطب بني إسرائيل : * ( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) *
* ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) *
* ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) *
* ( وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) *
* ( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ) * . . . . . . الخ .
والتفضيل ضرورة لمعرفة الأفضل ومن هو المستحق لملء الوظائف العامة عملا بقوله ( صلى الله عليه وآله ) : من ولي على عصابة رجلا وهو يجد من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله .
سوف نتوسع اكثر في تعريف الصحابة عند الشيعة وما قلته ونسبته الى الامام علي عليه السلام الا حديث من هناك وهناك بترت ما بترت واولتها لتبرر واقعك بالنسبة الى الصحابة ( حيث انت مجبر على هذا )
اما ما تكلم به امير الكلام فهذا غيض من فيض عما صنعه الصحابة به وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له
أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها[137] فُلانٌ (ابن أبي قحافة) وَإنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى. يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إلَيَّ الطَّيْرُ; فَسَدَلْتُ[138]دُونَهَا ثُوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً[139]، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذَّاءَ[140] (جدّ)، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَة[141] (ظلمة) عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ !
ترجيح الصبر
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى[142] ، فَصَبَرْتُ وَفي الْعَيْنِ قَذَىً، وَفي الْحَلْقِ شَجاً[143]، أَرَى تُرَاثي[144] نَهْباً، حَتَّى مَضَى الاَْوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا[145]إلَى فُلان (ابن الخَطَّابِ) بَعْدَهُ (ثم تمثل بقول الأعشى) :
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا[146] وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً !! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُها[147] في حَيَاتِهِ إذْ عَقَدَهَا لآخر بَعْدَ وَفَاتِهِ ـ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا[148] ضَرْعَيْهَا! ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَة خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا[149] (كلامها) وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ[150] فِيهَا، وَالاِْعْتِذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ[151]، إنْ أَشْنَقَ[152] لَهَا خَرَمَ[153]، وَإنْ أَسْلَسَ[154] لَهَا تَقَحَّمَ[155]، فَمُنِيَ[156] النَّاسُ ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ بِخَبْط[157] وَشِمَاس[158]، وَتَلَوُّن وَاعْتِرَاض[159]; فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ الِْمحْنَةِ; حَتَّى إذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَة زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ، فَيَا للهِ وَلِلشُّورَى[160]! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاَْوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلَى هـذِهِ النَّظَائِرِ[161]! لكِنِّي أَسْفَفْتُ[162] إِذْ أَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَى[163] رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ[164]، وَمَالَ الآخر لِصِهْرِهِ، مَعَ هَن وَهَن[165]إلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ[166] ، بَيْنَ نَثِيلِهِ[167] وَمُعْتَلَفِهِ[168]، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ[169] مَالَ اللهِ خِضْمَةَ (خَضْمَ) الإبل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ[170]، إلَى أَنِ انْتَكَثَ[171] (عَلَيْه)ِ فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ[172] عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ[173] بِهِ بِطْنَتُهُ[174]]!
مبايعة علي عليه السلام
فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ[175] إلَيَّ، يَنْثَالُونَ[176] عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِب حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الْحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ[177] (عطافي)، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ[178]. فَلَمَّا نَهَضْتُ بالأمر نَكَثَتْ طَائِفَةٌ[179]، وَمَرَقَتْ أُخْرَى[180]، وَقَسَطَ آخَرُونَ[181]، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الآخرة نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الأرض وَلاَ فَسَاداً، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[182] بَلَى! وَالله لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا[183] في أَعْيُنِهِمْ وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا[184]]!
أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ[185]، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ[186]، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ[187]، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا[188] عَلَى كِظَّةِ[189] ظَالِم، وَلاَ سَغَبِ[190] مَظْلُوم، لألْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا[191]، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلألْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هـذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز[192]] !
قالوا : وقام إليه رجل من أَهل السواد[193] عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتاباً ( قيل: إن فيه مسائل كان يريد الإجابة عنها)، فأَقبل ينظر فيه - فلما فرغ من قراءته - قال له ابن عباس : يا أمير المؤمنين ، لو اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ[194] من حيث أَفضيتَ[195]!
فَقَالَ : هَيْهَاتَ يابْنَ عَبَّاس ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ[196] هَدَرَتْ[197] ثُمَّ قَرَّتْ[198]!
قال ابن عباس : فوالله ما أَسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أَلاَّ يكون أَمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أَراد.
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه: قوله عليه السلام «كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم» يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها، وإن أرخى لها شيئاً مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها; يقال: أشنق الناقة، إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه، وشنقها أيضاً: ذكر ذلك ابن السكيت في «إصلاح المنطق»، وإنما قال: «أشنق لها» ولم يقل «أشنقها» لأنه جعله في مقابلة قوله «أسلس لها» فكأنه عليه السلام قال: إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها بالزمام. ْ!