تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: في رحاب العقيدة. المقدمات والتوصيات ومجمل أسئلة ج1 الثلاثاء أغسطس 07, 2012 5:13 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى لاسيما سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين،وبعد.. مرحبًا بكم.. طلبًا للتسهيل والتيسير على جميع المشاهدين وخاصة الشيعة الذين يريدون الاستفادة في الرد المنطقي على الشبهات فإني توكلت على الله عز وجل للقيام بما سترونه:
كتاب (في رحاب العقيدة) حوار مع سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (مد ظله) الجزء الاول دار الهلال -[ 4 ]- الطبعة الرابعة 1425 هـ / 2004 م مزيدة ومصححة جميع الحقوق محفوظة -[ 5 ]- مقدمة الطبعة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين. وبعد.. كانت ولا زالت جامعة النجف الأشرف العلمية حاضنة لفكر وتراث أهل البيت (عليهم السلام) كما أنها المنهل العذب الذي ينهل منه الباحث والمفكر والفقيه وغيرهم. وكانت هذه الجامعة - التي جاهد علماؤها ومفكروها ورجلاتها بعلمهم وفكرهم لحفظ هذا التراث وصونه من أن يعبث به العابثون والحاقدون - هي الحصن المنيع في حفظ الأمانة الإلهية المتمثلة بحفظ العقيدة السليمة من الشوائب، محققة بذلك صيانة للتاريخ والتراث، ساعية في جمع وحدة الكلمة ونبذ كل ما يفرق بين المسلمين على مختلف توجهاتهم. وقد عانت النجف من محاولات التهميش تارة والإلغاء أخرى على أيدي أنظمة تعاقبت على الحكم، محاولة تفريغها من مفكريها وعلمائها حين، أو محاولة احتوائهم حيناً آخر، وذلك توصلاً إلى أغراض تخدم هدف السلطات الحاكمة على حساب الحقيقة المتمثلة بحفظ العقيدة. لكن قد قيض الله أعلام بارزة في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) حملوا الأمانة بأمانة وإخلاص، في سراء كانوا أو ضراء، مُتَحَدّين بذلك ظلم الظلمة وجبروت الجبابرة وطغيان الطغاة في ظل أنظمة حاقدة على كل -[ 6 ]- ما له علاقة بالعقيدة الدينية، يحاول فيها هؤلاء الطغاة طمس معالم الدين والرسالة بتزوير وتشويه التاريخ والحقيقة. وكان من أبرز هؤلاء الأعلام سليل بيت علم وفكر، ونتاج هذه المدينة العريقة وأحد أعمدتها وعلم من أعلامه، سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (دام ظله) الذي خطّت يراعته الشريفة أجوبة مسائل سائل يبحث عن الحقيقة في زمن قد شوّهت فيه الحقيقة، فكان (دام ظله) العالم في الجواب والأمين في التبليغ والصادق في القول. ونحن إذ نتشرف من خلال مؤسسة المرشد بإعادة طباعة هذا السفر الجليل إنما نرجو بذلك أن نكون من الذين دعوا فأجابوا وكانوا من المساهمين في نشر تراث أهل البيت (عليهم السلام). ونود أن نلفت نظر القرّاء الكرام بأن سماحته (دام ظله) قد زاد مصححاً ومنقحاً ومضيفاً في أجوبته للسائل على ما أرسله إليه وطبع في الطبعة الأولى، وذلك إتماماً وإجلاء لبعض الأجوبة التي لم يسع الوقت أو المقام في التفصيل في بيانها فأرجأ التفصيل إلى وقت لاحق وقد حان. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ المسلمين ويأخذ بيدهم ويقيهم شر أعدائهم ويجمع كلمتهم على الحق والخير، كما نسأله تبارك وتعالى أن يحفظ ويبارك في الحضن الذي حضن تراث أهل البيت (عليهم السلام)، ألا وهي جامعة النجف الأشرف بعلمائها ومفكريها ورجلاتها وعلى رأس الجميع مراجعها العظام الذين حفظوا تراث أهل البيت (عليهم السلام)، وفي مقدمتهم سماحة سيدنا المؤلف (دام ظله الشريف). الناشر -[ 7 ]- مقدمة الطبعة الأولى بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُول} (الأحزاب:72) في الوقت الذي تمثل العقيدة محوراً رئيساً للأمانة الإلهية في عاتق الإنسان، مما يستدعي الموضوعية واعتماد البرهان في كل مفاصله، بعيداً عن التعصّب والتزمّت، باعتبار أن الهدف منها الحقيقة والخروج عن عهدة المسؤولية. إلاّ أنها من الناحية الواقعية تحوّلت - لدى الكثيرين - إلى سبب رئيس للفرقة والعداء بين الجماعات والاتجاهات المختلفة، وأحياناً محوراً للصراع وممارسة الضغوط الظالمة، والتعدي على الحرمات، وسفك الدماء من دون حق. بينما يفترض في البحث العقيدي ان يساهم - عندما تخلص النوايا ويسمو أطرافها - في تعميق أواصر المحبة والوئام بين أبناء الأُمة، بل وإثراء الفكر والبحث العلمي. ويمثل هذا الكتاب نموذجاً بارزاً للبحث العقيدي الإيجابي حيث يتضمن حوارات متنوعة ومتتالية، أجراها أحد الباحثين الأردنيين - الذي شاء عدم ذكر اسمه بسبب ظروف خاصة نأمل أن لا تطول - مع عَلَم بارز من أعلام مدرسة آل البيت (عليهم السلام)، وأحد أعمدة الحوزة العلمية العريقة في النجف الأشرف، سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (مد ظله) الذي أثرى -[ 8 ]- المكتبة العربية والإسلامية بمجموعة من الكتب والبحوث العلمية والثقافية المتنوعة، والمعروف بانفتاحه على قضايا الأُمة وهمومها. وسوف يلمس القارئ الكريم في إجابات السيد الحكيم (حفظه الله) العمق والموضوعية العلمية والنَفَس الطويل الهادئ، البعيد تماماً عن التشنج والمصادرة، وهو ما حفّز المحاور الفاضل إلى متابعة حواره وتنويعه، ليكتمل نتاجاً ضخماً ثرياً في مضمونه، ومبدعاً في منهجه، فاتحاً أفقاً رحباً للعلماء والباحثين المسلمين من مختلف اتجاهاتهم ومذاهبهم في تعاطيهم لقضايا الفكر والعقيدة، وانفتاحهم على بعضهم بما يساهم في وحدة الصف الإسلامي وتقوية أواصر اللحمة الإسلامية، بدلاً من الانغلاق والتعصّب الأعمى المقيت الذي يشتت شمل الأُمة ويخدم خطط أعدائها والمتربصين بها. ونحن إذ نقدم هذا الكتاب لرواد العلم والحقيقة نسأل الباري تعالى أن يجمع المسلمين على الخير والهدى تطبيقاً لقوله عزّ من قائل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران:103). الناشر -[ 9 ]- بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين سلاماً إلى يوم الدين. أما بعد سماحة المرجع الديني العلامة السيد محمد سعيد الحكيم المحترم. إلى الطيب الكريم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على بعض الاستفسارات التي سأوردها في هذه الرسالة. فأقول: س1: نحن معاشر المسلمين من أهل السنة والشيعة يلزمنا التعرف على التراث الإسلامي لكلا الطائفتين، وخصوصاً أن أهل السنة في غياب عن تراثهم أولاً، وعن تراث الشيعة ثانيًا. فما أهم الكتب المعتمدة في العقيدة والفقه والحديث والسيرة عندكم؟ أدام الله فضلكم. س2: قضية سب الصحابة أو تكفيرهم من جهة الشيعة هل هو صحيح النسبة لهم؟ وخصوصاً تكفير أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - هل يقول الشيعة به؟ وكذلك بالنسبة لعائشة (رضي الله عنه)؟ -[ 10 ]- س 3: قضية تحريف القرآن الذي ينسبه بعض أهل السنة للشيعة هل هذا صحيح نسبته لأهل الشيعة؟ مع إنني قرأت كلاماً للشيخ محمد أبي زهرة في كتابه (الإمام جعفر الصادق) نقلاً منه عن المحقق الطوسي عدم صحة هذا. فما رأيكم أطال الله في أعماركم؟ س 4: الإمام المهدي المنتظر عند السنة هو غير الإمام المهدي عند الشيعة. هل يمكن القول بصحة الرأيين معاً أم لا؟ وما وجه الصواب أهو عند السنة أم عند الشيعة؟ س 5: الاستدلال عند الشيعة بوجوب نصب الإمام استدلال باللطف الإلهي، وهو يوجب وجود العدل بين الناس من خلال الإمام، لكنه ألا يعارضه الآن خلوّ الناس من إمام عادل، فيسقط الاستدلال باللطف الإلهي؟ س6: ما وجه الدلالة بحديث العترة على وجوب نصب سيدنا علي (عليه السلام) للإمامة؟ وهل يمكن أن يفهم الحديث على أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)يوصي الصحابة بآل البيت خيرًا، وأن يعتنوا بهم، لا أنه نص بالخلافة له؟ س7: واقعة الغدير يقول الشيعة: إنها متواترة. لكن أهل السنة لم ينقلوها بكتب الحديث. فكيف تكون بالمتواترة ولم يروِها أهل السنة ولو بخبر آحاد ضعيف؟! س 8: هل هناك بحسب علمكم كتاب في الردّ على كتاب (منهاج السنة) لابن تيمية للشيعة، الذي ألفه في الردّ على الحلي، مع أن أهل السنة قد قاموا بالردّ على ابن تيمية في كتابه هذا، منهم الشيخ أبو حامد بن مرزوق في كتابه (براءة الأشعريين)؟ س 9: هل من الممكن على حسب رأيكم التلاقي بين أهل -[ 11 ]- السنة والشيعة؟ وخصوصاً أنني أعلم أن أهل السنة - من الأشاعرة والماتريدية - لا يكفرون الشيعة، بل على العكس يذكرون آراءهم العقيدية في كتبهم ويناقشونها. وإن رأوا ضلال بعض المغالين من الشيعة، وكذلك يضللون بعض المغالين من السنة. س10: أرجو التكرم منكم بالإيعاز إلى طلبة العلم بالردّ على كتاب تحت عنوان: (حتى لا ننخدع) للمدعو (عبد الله الموصلي) الذي قد ملأه صاحبه بالنقل عن الشيعة وعلمائهم في تكفير أهل السنة، وإباحة أموالهم ودمائهم. فإنني أعلم أنه لا وقت لكم، لانشغالكم. ولهذا اقترحت عليكم ذلك الاقتراح، وإلا فأنتم الأعلم في ذلك. والكتاب هذا طبع في مصر، والقائم على طبعه (دار سلامة للنشر والتوزيع). وخصوصاً أن بعض السلفية قد قاموا بنشره والاعتماد على ما فيه. وفي النهاية أرجو مسامحتي على الإطالة، وقلة الأدب معكم. وأرجو من الله توفيقكم ـ وأن تخدموا المسلمين ـ لما يحبه ويرضى. وأرجو التكرم بالدعاء لي. 3 /12/ 1999 م (...................) الأردن ـ عمان ملاحظة: أرجو التكرم بالإجابة المفصلة والموثقة بالمراجع. وشكرًا.
(قال السائل) : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين سلاماً إلى يوم الدين. أما بعد سماحة المرجع الديني العلامة السيد محمد سعيد الحكيم المحترم. إلى الطيب الكريم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على بعض الاستفسارات التي سأوردها فى هذه الرسالة. فأقول: (بداية جواب سماحة السيد حفظه الله) : بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد.. فقد وصلنا كتابك الكريم، ونظرنا في الأسئلة التي تضمنها فوجدناها قد حامت حول مواضيع هامة حقيقةً بالبحث والنظر، والحوار فيها نافع مثمر. إلا أن بعض تلك المواضيع قد يكون مثاراً للحساسية، فيحتاج الحوار فيها إلى موضوعية كاملة، وسعة صدر، وتجرد عن التراكمات -[ 14 ]- والمسلمات الموروثة، من أجل الوصول للحقيقة التي يجري الحوار حولها. أما بدون ذلك فيكون الحوار فيها عقيمًا، لأن الجمود على تلك التراكمات، والتمسك بتلك المسلمات، يمنع من مصداقية الرؤية، ومن الوصول للحقيقة التي يحوم الحوار حولها. بل قد يزيد الأمر تعقيدًا، لأن تلك التراكمات والمسلمات قد توغلت في الضمائر، وأحيطت بهالة من الاحترام والتقديس، وتجندت العواطف لحراستها، فيكون مسها سبباً لتأجيج العواطف وإثارتها، وما قد يترتب على ذلك من بغضاء وشحناء، وردود فعل سيئة، نحن في غنى عنها، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي يمرّ المسلمون بها. والأفضل حينئذٍ أن يحتفظ كل طرف بعقيدته لنفسه، ونكتفي بحسن المخالطة والمعاشرة، كما قال الله جل شأنه: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً}(1).
النهي عن المراء والخصومة شرعًا ولعله لذا ورد عن النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين النهي عن المراء والخصومة.ففي حديث مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث من لقي الله بهن دخل الجنة من أي باب شاء: من حسن خلقه، وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقّاً" (2). وفي حديث إسماعيل بن أبي زياد عنه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة وبيت في وسط الجنة ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الإسراء الآية: 84. (2) الوسائل 8: 567 باب: 135 من أبواب أحكام العشرة حديث:2. -[ 15 ]- وبيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقّاً" (1). وزاد في خبر جبلة: "ولمن ترك الكذب وإن كان هازلاً، ولمن حسن خلقه" (2). وفي حديث أبي أمامة قال: "قال رسول الله-: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا. وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا. وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" (3). وفي حديث أبي هريرة: "قال: قال رسول الله-: لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة، ويترك المراء وإن كان صادقاً" (4). وفي حديث مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إياكم والمراء والخصومة، فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت عليهما النفاق" (5)... إلى غير ذلك. ويبدو مِن كتابك أنك لست بصدد المماراة والخصومة، بل تريد البحث عن الحقيقة، وتحاول الوصول إليها. ولذا رأينا أنه لا يحسن منا ردّك وسدّ الطريق عليك، فإنه ظلم لك، وللحقيقة التي تتوخاها. بل يلزمنا الاستجابة لك فيما أردت. ونرجو لنا ولك التوفيق في ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) الوسائل 8: 567 باب: 135 من أبواب أحكام العشرة حديث: 7، 8. (3) سنن أبي داود 4: 253 كتاب الأدب: باب في حسن الخلق، واللفظ له. سنن ابن ماجة 1: 19 باب اجتناب البدع والجدل. السنن الكبرى للبيهقي 10: 249 كتاب الشهادات: باب المزاح لا ترد به الشهادة ما لم يخرج في المزاح.... سنن الترمذي 4: 358 كتاب البر والصلة عن رسول الله-: باب ما جاء في المراء. (4) مسند أحمد 2: 352 في مسند أبي هريرة، واللفظ له. مجمع الزوائد 1: 92 كتاب الإيمان: باب ما جاء أن الصدق من الإيمان. المعجم الأوسط 5: 208. (5) الوسائل 8: 567 باب: 135 من أبواب أحكام العشرة حديث:1. -[16]- لا بد مِن تهيئة الجو المناسب للحوار المثمر غير أنّ الجدير بالذكر أنه ما من حقيقة إلا ويمكن التشكيك فيها، بل الإنكار لها والخصام حولها، وما من دليل إلا ويمكن الإشكال عليه والتكلف في رده. وكفانا شاهداً على ذلك وجود الباري جل شأنه، فإنه مع بداهته - لبداهة حاجة الموجودات الكونية للعلة الموجدة لها - صار مورداً للشك والإنكار والجدل والخصام في جميع العصور، وحتى عصورنا التي تعتبر متقدمة متنورة. كل ذلك لأن الأهواء والعواطف، والمسلمات الموروثة، وما تستتبعه من تراكمات، تحول دون مصداقية الرؤية، وتمنع النفس من الإذعان بالحقيقة، والاستجابة للدليل، وتحملها على التكلف في ردّه، وعلى التشبث بالأوهام والشبهات في مقابل الأدلة الحقيقة بالقبول. وإذا أردت أن تصل في حوارنا هذا إلى الحقيقة فعليك - بعد التوكل على الله تعالى، وطلب العون والتسديد منه - أن تتهيأ لذلك، وتتحرر من كل ما يحول دونها من تراكمات ومسلمات، وتنظر إلى ما نذكره في حديثنا هذا نظرة موضوعية هادئة. ثم اجعل نفسك ميزاناً فيما بيننا وبينك. فإذا ذكرنا لك شيئاً من الأدلة والشواهد على خلاف ما عندك، ولم تذعن به نفسك، فافترض أنك تملك نظيره في الاستدلال. فإن رأيته بوجدانك صالـحاً لأن يكون حجة لك، فهو صالـح لأن يكون حجة لنا، وعليك الإذعان له، وقد أوصلناك للحقيقة، ولزمتك الحجة. وإن لم ترَه بوجدانك صالـحاً لأن يكون حجة لك، فأرشدنا إلى وجه -[ 17 ]- الخلل فيه والمؤاخذة عليه، لننظر فيما تذكره، ونتعرف على وجهة نظرك، ثم نرى كيف نعقب عليه. وبذلك يكون حوارنا هادفاً مثمراً إن شاء الله تعالى، وحريّاً بصرف الوقت الثمين فيه. ومن الله سبحانه نستمد العون والتوفيق والتأييد والتسديد. وهو حسبنا ونعم الوكيل. | |
|