الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| موضوع: بطلان العلّة التي ذكروها الشيعه لاختصاص الخمس ببني هاشم في آيه الخمس للغنائم الإثنين أغسطس 20, 2012 2:56 pm | |
| بطلان العلّة التي ذكروها الشيعه لاختصاص الخمس ببني هاشم في آيه الخمس للغنائم
القائلون باختصاص الخمس ببني هاشم علَّةً لهذا الأمر مفادها أنهم لما كانوا من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن الله تعالى أكرمهم وميزهم عن سائر الخلق فحرَّم عليهم الصدقة،
ولما كانت الزكاة – والتي يقال لها أيضاً الصدقات – محرمةٌ عليهم لأنها من أوساخ الناس ولأن في أخذها نوع من الذل وقد أراد الله أن لا يتعرض أولئك القوم الشرفاء المتميِّزون بنسبهم إلى النبيِّ إلى مثل تلك الذلَّة، ومن الجهة الأخرى لما كان بعضهم بحاجة إلى المال، لذا قرر لهم الله تعالى الخمس ليعوض حرمانهم من الزكاة ويحافظ على علو مرتبتهم وكرامتهم وتميزهم. وهذا الادعاء باطل لعدة وجوه:
أولاً: العلة التي ذكروها باطلةٌ عقلاً لأنه ليس هناك أي ميِّزة وأفضليَّة - من حيث النسب أو العرق أو القبيلة أو العشيرة أو الوطن أو المسكن وأمثالها - لأيِّ فرد على فرد آخر ولا لأيِّ قوم على قوم آخرين، بل فضيلة كل شخص وتميزه إنما يكون بما كسبه بنفسه، ومثل هذه الفضيلة لا تسري إلى الآخرين ولا تورثُ لأن الفضائل الإنسانية والنفسية ليست مثل مال الإنسان أو متاعه كي تورث عنه وتنتقل من بعده إلى ورثته! أو يهبها ويوصي بها لأقربائه! بل الطريقة الوحيدة لكسب الفضائل والتميُّز هي أن يسعى الإنسان بنفسه ويبذل جهده لتحصيل الكمالات، لا أن يفتخر بما كان عليه آباؤه وأجداده! وهذا أمر بديهي لا يحتاج إلى دليل أو برهان.
ثانياً:والعلة التي ذكروها باطلةٌ نقلاً، وأول ما يبطلها كتاب الإسلام السماوي القرآن الكريم الذي بيَّن أن من خصوصيات دين الإسلام المبين إلغاءَه للامتيازات الموهومة، وهذا أحد مزايا الإسلام الأساسية وفيما يلي الآيات التي تفيد ذلك: أ- في مطلع سورة النساء المباركة بين الله تعالى في أول آية منها أن جميع بني آدم ينتمون إلى أب واحد وأم واحدة وبالتالي فهو يذكرهم بحقيقة أن جميعهم متساوون في الخلق والأصل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء/1]. فالآية دليل واضحٌ وبرهانٌ ساطعٌ على أنه لا يمكن لأي فرد أن يدعي مزية على فرد آخر من جهة آبائه وأجداده ونسبه. ب- ويقول تعالى في سورة الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات/13]. هذه الآية نصٌّ إلهيٌّ صريحٌ بأن أكرم الناس عند الله أتقاهم، ومثل هذا الأتقى لا يعلم حقيقته سوى الله وأجره وثوابه عند الله، أما في الدنيا فلا يمكن لأحد أن يعتبر نفسه أتقى وأكرم من الآخرين أو يطالب الآخرين بإعطاء مزية وأفضلية كأجرٍ على تقواه. ج- وفي سورة الحجرات المباركة ذاتها - ولكأنها سورة خاصة ومستقلة لإلغاء الامتيازات الموهومة التي تعد من آثار الجاهلية - يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات/10]. فبإعلان القرآن للأخوة الإسلامية ألغى الإسلامُ جميع الامتيازات والافتخارات العرقية المبنية على الأوهام والخرافات الجاهلية ونسخ أي تميز بين سيد قرشي وعبد حبشي. د- وفي السورة المباركة ذاتها يقول سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ﴾ [الحجرات/11].
ولما كان العلم بخيرية الإنسان وأفضليته خاصٌّ بالله وحده لذا لا يجوز لأحد أن يفتخر على آخر أو يتعالى عليه ويسخر منه لأنه لا يعلم هل أن الساخر أفضل أم الذي يُسخر منه أم العكس هو الصحيح؟!
ففي هذه الدنيا لا يستطيع أحد أن يعلم أي قوم وأي شخص أفضل من قوم أو أشخاص آخرين! وربما تصور بعضهم أن كون الشخص من ذرية نبيٍّ امتيازٌ منحه الله لبعض عباده، كما أن منصب النبوة هو كذلك، لذا لا بد من إعطائهم الخمس الذي هو امتياز خاص من الأموال والضرائب! لكن هذا التصور خاطئ من جميع الجهات لما يلي:
أولاً: إن الخمس الذي أُعطي في مذهب الشيعة الإمامية للسادات ليس لأجل كونهم من ذرية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بل لجهة انتسابهم لهاشم جدّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فحتى أبناء أخ هاشم أي أبناء المطلب الذين كانوا بتصديق التاريخ من عباد الأصنام يستحقون الخمس فقط لأنهم من أقرباء رسول الله!!
ثانياً: إن كون الإنسان من ذرية نبي لا يعطيه في الدين الصحيح أي مزية أو فضيلة إذا لم يكن بحد ذاته من أهل التقوى والصلاح! لذلك نجد أن الله تعالى قال في القرآن الكريم لنوح عن ابنه: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِن لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود/46].
بل يمكننا أن نقول إن ابن نوح مشمولٌ بدعوة نوح على الكفار بالهلاك حين قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ [نوح/26]، فكون الإنسان من ذرية نبيٍّ بل نشأته في بيت نبيٍّ لا تعطيه أي امتياز إذا لم يكن هو بحد ذاته مؤمناً صالحاً، لذا نجد أن حضرة نوح عليه السلام يقول في دعائه واستغفاره: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾ [نوح/28]. ففي دين الإسلام لا تُعطى أيُّ ميزة على الإطلاق لإنسانٍ لمجرد كونه ابناً لنبيٍّ أو من أحفاد نبيٍّ أو نشأ في بيت نبيٍّ، بل الذي يميز الإنسان هو إيمانه وعمله الصالح، كما قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران/68]. ففي هذه الآية الكريمة يلوم الله تعالى بكل صراحة من يفتخرون بأنهم من ذرية إبراهيم ويقول لهم: إن أولى الناس بإبراهيم هم الذين يتبعونه في دينه ويؤمنون به وبهذا النبيّ الخاتم وهذا خطاب لليهود وبني إسرائيل الذين كانوا يعدون أنفسهم من أبناء إبراهيم ويفتخرون بذلك!
وربما تمسك بعضهم بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ. ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران/33-34].
فاستدل بمثل هذا الامتياز والاصطفاء على اصطفاء أسرة بني هاشم أيضاً، في حين أن ذلك الاصطفاء كما يدل عليه صدر الآية وسياقها إنما كان للأنبياء من تلك الأسر ولم يكن أبداً امتيازاً لجميع أفراد تلك الأسر، كما نجد الآية التي سبقتها تنفي ذلك،
وإلا ففي غير هذه الصورة سيلزم من ذلك أن يكون يهود بني إسرائيل وآل عمران الذين كان عيسى المسيح منهم على نفس درجة سادات بني هاشم أو على الأقل أن يكونوا كذلك بعد قبولهم للإسلام فيشاركونهم في الفضل والشأن والأمر ليس كذلك!
هذا إضافة إلى أن الآيات الأخرى في القرآن الكريم تنقض هذا التصور كالآية التي مرت معنا من سورة الحجرات وقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾ [آل عمران/68] التي تنفي ذلك التصور تماماً.
الأحاديث الشريفة التي تؤيِّد هذه الحقيقة: لقد جاءت أحاديث كثيرة إلى حد التواتر عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الخصوص خاصةً تلك الجملة الشهيرة التي خطب بها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
«كُلُّكُمْ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَاب»، و«النَّاسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ المُشْطِ»، و«لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى».
بل إن أحد أهم مزايا الإسلام المشرقة التي امتاز بها من بين سائر أديان وملل العالم الأخرى أنه ينفي تماماً أي امتياز عرقي أو لوني بين أبناء البشر وقد كانت هذه المزية من أسباب اكتساح الإسلام السريع للعالم الذي أدهش العقول.
ثانياً: هناك أحاديث شريفة أخرى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت سلام الله عليهم كثيرة إلى حد الاستفاضة والتواتر في هذا الباب. من جملتها:
1- روى الصدوق في «من لا يحضره الفقيه» (ج 4/ص 363) ضمن وصايا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ عليه السلام: «يَا عَلِيُّ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَذْهَبَ بِالْإِسْلَامِ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا أَلَا إِنَّ النَّاسَ مِنْ آدَمَ وَآدَمَ مِنْ تُرَابٍ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاهُمْ»(وهذا الحديث مروي من طرق عديدة في مصادر أهل السنة فمثلاً رواه ابن هشام في السيرة النبوية (2/411) والواقدي في المغازي (2/836) ضمن خطبة النبي (ص) في قريش يوم فتح مكة ولفظ الواقدي: «إنّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيّةِ وَتَكَبّرَهَا بِآبَائِهَا، كُلّكُمْ مِنْ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ وَأَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ.». وروى نحوه الترمذي في سننه (3270) وأحمد في مسنده (2/361).). وقد روى ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج1/ص25) هذا الحديث من طريق أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «النَّاسُ وَلَدُ آدَمَ وآدَمُ مِنْ تُرَابٍ».
2- جاء في كتاب الأشعثيات [ويُسَمَّى أيضاً «الجعفريات»] (ص147): «أخبرنا محمد بن الأشعث حدثني موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبي عن أبيه [الإمام موسى بن جعفر (ع)] عن جده جعفر بن محمد (ع) عن أبيه [محمد الباقر (ع)] عن جده علي بن الحسين (ع) عن أبيه عن علي بن أبي طالب (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله تبارك وتعالى رفع عنكم عُبِّـيَّـة(العُبِّـيَّـةُ والعِبِّـيَّةُ: الكِبْرُ والفَخْرُ. (مجمع البحرين للطريحي: 1/574).) [عنية] الجاهلية وفخرها بالآباء فالناس بنو آدم وآدم خُلِقَ من تراب.».
3- وجاء في رجال الكشي (ص9) وفي الأمالي للشيخ الطوسي (147): «عن حنان بن سدير الصيرفي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: جلس جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ينتسبون ويفتخرون، وفيهم سلمان (رحمه الله)، فقال له عُمَر ما نسبتك أنت يا سلمان وما أصلك؟
فقال: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالاً فهداني الله بمحمد صلى الله عليه وآله ، وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمد صلى الله عليه وآله ، وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد صلى الله عليه وآله ، فهذا حسبي وَنَسَبي يا عُمَر. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر له سلمان ما قال عمر، وما أجابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا معشر قريش! إن حسب المرء دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله، قال الله (تعالى): ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ﴾ ثم أقبل على سلمان (رحمه الله) فقال له يا سلمان، إنه ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه.»(والحديث رواه الكليني في الكافي: ج 8/ص 181-182.).
4- وجاء في كتاب «صفات الشيعة» للشيخ الصدوق (ص 16): «عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:
لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة قام عَلَى الصَّفَا فَقَالَ: يَا بَنِي هَاشِمٍ! يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ! إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ وَإِنِّي شَفِيقٌ عَلَيْكُمْ. لَا تَقُولُوا إِنَّ مُحَمَّداً مِنَّا، فوَاللهِ مَا أَوْلِيَائِي مِنْكُمْ وَلَا مِنْ غَيْرِكُمْ إِلَّا المُتَّقُون». وفي آخر الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا وَإِنِّي قَدْ أَعْذَرْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَفِيمَا بَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيْنَكُم وَإِنَّ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلَكُمْ»(والحديث رواه الكليني في الكافي: ج 8/ص 182.). 5- وجاء في «المناقب» لابن شهرآشوب: «دَخَلَ زَيْدُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (ع) عَلَى المَأْمُونِ فَأَكْرَمَهُ وَعِنْدَهُ الرِّضَا (ع) فَسَلَّمَ زَيْدٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ أَنَا ابْنُ أَبِيكَ وَلَا تَرُدُّ عَلَيَّ سَلَامِي؟! فَقَالَ (ع): أَنْتَ أَخِي مَا أَطَعْتَ اللهَ فَإِذَا عَصَيْتَ اللهَ لَا إِخَاءَ بَيْنِي وَبَيْنَك»(المجلسي، بحارالأنوار، ج 49/ص 221.). 6- وروى الشيخ الصدوق في «عيون أخبار الرضا (ع)» (ج2/ص232) وفي «معاني الأخبار» (ص 105-106): «.. عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْوَشَّاءِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ: كُنْتُ بِخُرَاسَانَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (ع) فِي مَجْلِسِهِ وَزَيْدُ بْنُ مُوسَى حَاضِرٌ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي المَجْلِسِ يَفْتَخِرُ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ نَحْنُ وَنَحْنُ، وَأَبُو الْحَسَنِ (ع) مُقْبِلٌ عَلَى قَوْمٍ يُحَدِّثُهُمْ، فَسَمِعَ مَقَالَةَ زَيْدٍ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا زَيْدُ! أَ غَرَّكَ قَوْلُ بَقَّالِي الْكُوفَةِ إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ؟ وَاللهِ مَا ذَلِكَ إِلَّا لِلْحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَوُلْدِ بَطْنِهَا خَاصَّةً فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (ع) يُطِيعُ اللهَ وَيَصُومُ نَهَارَهُ وَيَقُومُ لَيْلَهُ وَتَعْصِيهِ أَنْتَ ثُمَّ تَجِيئَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَوَاءً؟! لَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْه، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ (ع) كَانَ يَقُولُ لِمُحْسِنِنَا كِفْلَانِ مِنَ الْأَجْرِ وَلِمُسِيئِنَا ضِعْفَانِ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ الحَسَنُ الْوَشَّاءُ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا حَسَنُ! كَيْفَ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾؟ فَقُلْتُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقْرَأُ ﴿إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ. فَقَالَ (ع): كَلَّا لَقَدْ كَانَ ابْنَهُ وَلَكِنْ لَمَّا عَصَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَفَاهُ اللهُ عَنْ أَبِيهِ، كَذَا مَنْ كَانَ مِنَّا لَمْ يُطِعِ اللهَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَأَنْتَ إِذَا أَطَعْتَ اللهَ فَأَنْتَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْت.». 7- وروى الشيخ الصدوق أيضاً في «عيون أخبار الرضا (ع)» (2/234-235): «تَمِيمٌ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْهَرَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا (ع) يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ قَالَ لِلصَّادِقِ (ع): يَا أَبَتَاهْ! مَا تَقُولُ فِي المُذْنِبِ مِنَّا وَمِنْ غَيْرِنَا؟ فَقَالَ (ع): لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ». 8- وروى الشيخ الصدوق في «الأمالي» (ص 110، المجلس 34): «عَنْ عَبَّادٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ قَالَتْ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَاهَى بِكُمْ وَغَفَرَ لَكُمْ عَامَّةً وَلِعَلِيٍّ خَاصَّةً وَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ غَيْرَ مُحَابٍ((((قوله غير محاب بتخفيف الباء، قال الفيروزآبادي: حاباه محاباةً.. نصره واختصه ومال إليه.) لِقَرَابَتِي»))))((((.(أما الحديث المعروف المنسوب إلى رسول الله أنه قال: «ألا إن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» فقد بين ابن الجوزي في كتابه «الموضوعات» (ج1/ص282) أنه حديث موضوع وكذب على رسول الله (ص).)))))) 9- وقال المحقق البحراني في كتابه «الحدائق الناضرة» (ج12/ص227، طبع النجف): «روى الشيخ في التهذيب(الرواية في «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي في: ج6/ص 146-147.) بسنده عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (ع) يَقُولُ وَسُئِلَ عَنْ قَسْمِ بَيْتِ المَالِ فَقَالَ: أَهْلُ الْإِسْلَامِ هُمْ أَبْنَاءُ الْإِسْلَامِ أُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ وَفَضَائِلُهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ أُجْمِلُهُمْ كَبَنِي رَجُلٍ وَاحِدٍ لَا نُفَضِّلُ أَحَداً مِنْهُمْ لِفَضْلِهِ وَصَلَاحِهِ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى آخَرَ ضَعِيفٍ مَنْقُوصٍ. وَقَالَ: هَذَا هُوَ فِعْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي بَدْوِ أَمْرِهِ..» (قال القاسم بن سلام في كتاب «الأموال» (ص375): «ذهب أبو بكر في التسوية إلى أن المسلمين إنما هم بنو الإسلام، كإخوة ورثوا آباءهم، فهم شركاء في الميراث تتساوى فيه سهامهم، وإن كان بعضهم أعلى من بعض في الفضائل ودرجات الدين والخير). 10- وروى الصدوق في «عيون أخبار الرضا (ع)» (2/236): «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ نَصْرٍ الرَّازِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلرِّضَا (ع) واللهِ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَشْرَفُ مِنْكَ أَباً! فَقَالَ: التَّقْوَى شَرَّفَتْهُمْ وَطَاعَةُ اللهِ أَحْظَتْهُمْ. فَقَالَ لَهُ آخَرُ: أَنْتَ وَاللهِ خَيْرُ النَّاسِ! فَقَالَ لَهُ: لَا تَحْلِفْ يَا هَذَا! خَيْرٌ مِنِّي مَنْ كَانَ أَتْقَى لِـلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْوَعَ لَهُ. وَاللهِ مَا نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ آيَةٌ: ﴿.. وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ..﴾ [الحجرات/13].». إن هذه الأحاديث الشريفة تدل على أنه لا يوجد بين أبناء الإسلام أي امتياز وأفضلية من حيث العرق والنسب، وأن مثل هذه الموهومات لا قيمة لها أصلاً في دين الإسلام لأن ملاك الفضيلة في نظر الإسلام هو التقوى وعبادة الله. وهناك أكثر من مائة حديث آخر في هذا المضمون أو المعنى وهي أحاديث يؤيد صحتها القرآن الذي هو ميزان الصحة ودليلها، تلك عَشَرَةٌ كامِلَةٌ. (((((إن عدم وجود أفضلية وامتياز لمن كان يمت بصلة قرابة لنبيٍّ من الأنبياء أمر تصافقت عليه كل الكتب السماوية، وكلها تعتبر أن الافتخار بالآباء والأجداد عمل لغو لا أساس له من الصحة، ومن آثار الجاهلية ولقد أرسل جميع الرسل بهذا الأمر. وفيما يلي بعض النصوص في ذلك: مثلاً، جاء في إنجيل متى، الإصحاح الثالث/ 9-10: «9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لََا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.». وفي إنجيل مرقس، الإصحاح 3/32-35: «32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِساً حَوْلَهُ فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجاً يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي». وفي إنجيل لوقا، الإصحاح 8/21، عندما قالوا للمسيح عليه السلام إن أمك وأخوتك واقفين ينتظرونك في الخارج أجابهم المسيح: ««أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا». أقول: كم يشيبه كلام المسيح الأخير هذا كلام الإمام الرضا عليه السلام لما سَلَّمَ عليه أخوه زَيْدٌ فَلَمْ يُجِبْ الإمام سلامه، فَقَالَ زيد: أَنَا ابْنُ أَبِيكَ وَلَا تَرُدُّ عَلَيَّ سَلَامِي؟! فَقَالَ الرضا (ع): أَنْتَ أَخِي مَا أَطَعْتَ اللهَ فَإِذَا عَصَيْتَ اللهَ لَا إِخَاءَ بَيْنِي وَبَيْنَك. (المجلسـي، بحار الأنوار، ج 49/ص 221، نقلاً عن كتاب «المناقب» لابن شهرآشوب المازندراني). وربما قال البعض إن هذا الامتياز الخاص الذي منح لبني هاشم هو امتياز مالي محض ولا علاقة له بأي تمييز عرقي ونسبي مما ألغاه الإسلام وأبطله، ورغم أنه من البعيد أن يقول شخص عاقل بمثل هذا القول لأن من الواضح تماماً أن هذا التمييز الماليّ الخاص الذي منح لهذه العشيرة أو الأسرة إنما منح لها بناء على أصلها العرقي ونسبها الخاص، والقائلون بذلك يرون في ذلك النسب فضيلة كبيرة أوجبت ذلك التمييز، فلا معنى للقول بأنه تمييز مالي محض، ومع ذلك نقول ما يلي رداً على هذا الادعاء: إن التاريخ وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلاهما يشهدان بأن بني هاشم لم يكن لهم في صدر الإسلام أي أفضلية وتمييز ماليٍّ على غيرهم من الناس، وإذا رأينا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطي أحياناً بعض من يمتّ إليه بصلة قرابة من خمس الغنائم، فإن ذلك لم يكن بسبب قرابته له، بل كما أوضحنا في الصفحات الماضية، بل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم خمسه بين أقربائه وزوجاته وجميع المستحقين من الرجال والنساء من المسلمين، وفي هذا الإطار مثلاً قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لاِبْنَتِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ مِئَتَىْ وَسْقٍ وَلِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ مِئَةَ وَسْقٍ وَلأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مِئَتَى وَسْقٍ مِنْهَا خَمْسُونَ وَسْقًا نَوًى – هذا مع أن لم يكن من بني هاشم ولا حتى من قريش أصلاً – وَقَسَمَ كَذَلِكَ لِعِيسَى بْنِ نُقِيمٍ مِئَتَىْ وَسْقٍ وَلأَبِى بَكْرٍ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ مِائَتَىْ وَسْقٍ وذكروا جَمَاعَةً مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَسَمَ لَـهُمْ مِنْهَا(انظر البيهقيُّ، السنن الكبرى، ج6/ص340، وانظر ابن هشام، السيرة النبوية، قسمة أسهم خيبر، ج2/ص 350 – 352.)، وفعل الأمر ذاته في تقسيم غنائم هوازن وحنين حيث أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المؤلفة قلوبهم وكانوا أشرافاً من أشراف الناس يتألفهم ويتألف بهم قومهم فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير وأعطى ابنه معاوية مائة بعير وأعطى يزيد بن أبي سفيان مائة بعير وأعطى عباس بن مرداس خمسين بعيراً(ابن هشام، السيرة النبوية، ج2/ ص 392.)، وبعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن لبني هشام خلال جميع الحكومات المتعاقبة أي سهم ماليٍّ خاصٍّ ينالونه لمجرد كونهم من أسرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانتسابهم لبني هاشم. وإذا وجدنا أنه في زمن عمر عندما دوَّن الدواوين وفرض العطايا فأعطى زوجات النبي وأقاربه صلى الله عليه وآله حتي خلافه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن لأحد من بني هاشم أدنى تميُّز على سائر المسلمين في أي شيء، ولا غرو .يروي عبد الرزاق بن همام الصنعاني في كتابه «المصنَّف» (الذي يُعَدُّ من أقدم ما وصل إلينا من كتب الحديث والفقه إذ إن مؤلفه ولد عام 126هـ وتوفي عام 211هـ وكان – بتصريح علماء الرجال- شيعي المذهب)، في (ج 5/ص 238) [ح (9482)] روايةً بسنده «عن الثوري عن قيس بن مسلم الجدلي قال: سألت الحسن بن محمد بن على ابن الحنفية عن قول الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ﴾؟ قال: هذا مفتاح كلام، لِـلَّهِ الدنيا والآخرة، وللرسول، ولذي القربى، فاختلفوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذين السهمين، قال قائل: سهم ذي القربى لقرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة الخليفة، واجتمع رأي أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل، والعدة في سبيل الله، وقد أجاب الامام علي طائفةً من أصحابه اقترحت عليه أن يعطي الناس شيئاً من هذه الأموال ويفضل أشراف العرب على غيرهم وقريش على الموالي والعجم ليستميل بذلك قلوب من يخشى مخالفتهم فأجابهم قائلاً: «أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بالجَوْرِ؟؟ لَا وَاللهِ مَا أَفْعَلُ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَما لَاحَ فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ. وَاللهِ لَوْ كَانَ مَالُهُمْ لِي لَوَاسَيْتُ بَيْنَهُمْ وَكَيْفَ وَإِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُهُمْ؟!»(الأمالي للطوسي، ص 194، والأمالي للمفيد، ص176، وبلفظ قريب منه: نهج البلاغة، ص 183، خطبة رقم 126: ومن كلام له (ع) لما عوتب على التسوية في العطاء)؟ وكما ذكرنا إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يميز خلال سيرته الشريفة بني هاشم وأقربائه بأي عطاء ماليٍّ خاص بهم، لا بل كان يحرمهم – قدر الإمكان – من بعض الامتيازات التي منحها للآخرين، أو يحرم عليهم بعض ما كان مباحاً للآخرين، ومن جملة ذلك: 1- جاء في سنن البيهقي الكبرى (ج7/ص31): «عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ حَدَّثَهُ: أَنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ حَدَّثَهُ قَالَ: اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الحَارِثِ [ابن عم النبيّ] وَالعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ [عمّ النبيّ] فَقَالاَ: لَوْ بَعَثْنَا بِهَذَيْنِ الغُلاَمَيْنِ قَالَ لِى وَلِلْفَضْلِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَكَلَّمَاهُ فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّى النَّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ فَبَيْنَمَا هُمَا في ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا فَذَكَرَا لَهُ فَقَالَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لاَ تَفْعَلاَ فَوَاللهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍانْتَحَاهُ رَبِيعَةُ بْنُ الحَارِثِ فَقَالَ: وَاللهِ مَا تَصْنَعُ هَذَا إِلاَّ نَفَاسَةً مِنْكَ عَلَيْنَا فَوَاللهِ لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَما نَفِسْنَاهُ قَالَ أَنَا أَبُو حَسَنٍ القَرْمُ أَرْسِلُوهُمَا فَانْطَلَقَا فَاضْطَجَعَ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم سَبَقْنَاهُ إِلَى الحُجْرَةِ فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا ثُمَّ قَالَ: «أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ». ثُمَّ دَخَلَ فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَتَوَاكَلْنَا الكَلاَمَ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ أَمَنُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُ النَّاسِ وَقَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ فَجِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَنُؤَدِّيَ إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّى النَّاسُ وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُ النَّاسُ فَسَكَتَ طَوِيلاً فَأَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ وَجَعَلَتْ زَيْنَبُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تُلْمِعُ إِلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ أَنْ لاَ تُكَلِّمَاهُ ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ.»(وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه «الأموال» (كتاب الخمس، باب سهم ذي القربى من الخمس) القصة ذاتها بهذا التفصيل والتوضيح لسبب قوله صلى الله عليه وآله وسلم (إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ). وأفضل دليل على أن تحريم الصدقة على آل محمد وبني هاشم إنما كان أمراً مختصاً بزمن حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو هذه القصة وأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يجعل خلال حياته أياً من بني هاشم عاملاً على الزكاة ولم يولهم على الأمصار إلا تلك المدة القصيرة التي ولَّى فيها علياً (ع) على اليمن وأمره بأخذ الصدقات من أهلها، أما في زمن خلافة عليٍّ (ع) فنجد أن أكثر ولاته على الأمصار كانوا من بني هاشم وقد أوكل إليهم مهمة جباية أموال الزكاة من أهاليها، فقد ولى أولاد عمه العباس جميعاً، فولَّى «عبد الله بن عباس» على البصرة و«عبيد الله بن العباس» على اليمن و«قثم بن العباس» على مكة و«معبد بن العباس» على المدينة، وولَّى ابن أخته [أم هاني بنت أبى طالب]: «جعدة بن هبيرة بن وهب المخزومي» على خراسان وأمره بجباية الزكاة والخراج من أهلها.). | |
|
الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| |
الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| موضوع: رد: بطلان العلّة التي ذكروها الشيعه لاختصاص الخمس ببني هاشم في آيه الخمس للغنائم الإثنين أغسطس 20, 2012 3:04 pm | |
| يتبع
كما جاء بيان ذلك في «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي (ج4/ص58، طبع النجف) وفي «الكافي» للكُلَيْنِيّ: 1-«عَنْ حضرة الباقر وحضرة الصادق عليهما السلام قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ الصَّدَقَةَ أَوْسَاخُ أَيْدِي النَّاسِ وَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيَّ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا مَا قَدْ حَرَّمَهُ...». فهذا الحديث يبين أنه إنما حُرِّمت الصدقةُ على النبيِّ لكونها أوساخ أيدي الناس أي ناتجة عن كدهم وعرق جبينهم، لأنه من الممكن أن يرى بعض الناس في أخذ النبيِّ من صدقاتهم أخذه لأجرٍ على رسالته، فكما كان أخذ أي أجر ماديٍّ على رسالته حراماً عليه صلى الله عليه وآله وسلم كذلك كان أخذه لمال الصدقات من أيدي الناس، خاصَّةً أن رسول الله قد أغناه الله بما أفاءه عليه من أموال الكفار لذا كان تحريم أموال الصدقات عليه من خصوصياته التي اختص بها ضمن مجموعة من الأمور الأخرى التي كانت حراماً علي ([1]) هذا ما ذكرته كتب التاريخ والسيرة الموثوقة مثل سيرة ابن هشام (2/140) و(3/412)، والأحكام السلطانية للمارودي (ص 161) وفتوح البلدان للبلاذري (ص 26) والخراج ليحي بن آدم (ص 36)، فقد جاء فيها: كانت أول أرضٍ افتتحها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرض يهود بني النضير، وسبب ذلك أنهم نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين خرج زعيمهم كعب بن الأشرف في أربعين فارساً حتى قدم مكة، بعد معركة بدر، فأخذ يقسم لقريش أنه حليفهم ويحرضهم على قتال محمد ويعدهم بالنصرة، وأماالسبب المباشر فإنه لمّا أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بني النضيرَ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ قَتِيلَيْنِ [قتلهما أحد أصحابه خطأً مع أنهما كانا معاهدين] فرأت بنو النضير أن الفرصة سانحة لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما علم الرسول بذلك قرر إجلاءهم وبعث إليهم يأمرهم بالجلاء عن بلده، لما كان منهم من الغدر والنكث. فأبوا ذلك وأذنوا بالمحاربة. فزحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحاصرهم خمس عشرة ليلة، ثم صالحوه على أن يخرجوا من بلده ولهم ما حملت الإبل إلا الحلقة [أي السلاح] والآلة، ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرضهم ونخلهم والحلقة وسائر السلاح. فخرج بعضهم إلى خيبر ومنهم آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب، في حين هاجر آخرون إلى الشام، وَخَلَصَتْ أَرْضُهُمْ كُلُّهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إلَّا مَا كَانَ لِيَمِينِ بْنِ عُمَيْرٍ وَأَبِي سَعْدِ بْنِ وَهْبٍ فَإِنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ الظَّفَرِ فَأَحْرَزَ لَهُمَا إسْلَامُهُمَا جَمِيعَ أَمْوَالِهِمَا. وكان وقوع تلك الواقعة بعد ستة أشهر من معركة أحد أي في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة. وقَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَا سِوَى الْأَرْضَيْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى المُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ إلَّا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَأَبَا دُجَانَةَ سِمَاكَ بْنَ خَرَشَةَ [الأنصاريين] فَإِنَّهُمَا ذَكَرَا فَقْرًا فَأَعْطَاهُمَا، وَحَبَسَ الْأَرْضَيْنِ الزراعية عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَتْ مِنْ صَدَقَاتِهِ يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَيسْتَخْرِجُ منها نفقته ونفقة أَزْوَاجِهِ السنوية ، ثم ينفق الباقي على السلاح وإعداد عدة القتال في سبيل الله. وقبل قضية بني النضير كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد حاز حوائط مخيريق السبعة إذْ كَانَ مِنْ حَدِيثِ مُخَيْرِيقٍ أنه كَانَ حَبْرًا عَالِمًا، ورَجُلًا غَنِيّاً كَثِيرَ الْأَمْوَالِ مِنْ النّخْلِ وَكَانَ يَعْرِفُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِصِفَتِهِ وَمَا يَجِدُ فِي عِلْمِهِ وَغَلَبَ عَلَيْهِ إلْفُ دِينِهِ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتّى إذَا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ السّبْتِ، قَالَ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ وَاللهِ إنّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنّ نَصْرَ مُحَمّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقٌّ. قَالُوا: إنّ الْيَوْمَ يَوْمُ السّبْتِ قَالَ لَا سَبْتَ لَكُمْ. ثُمّ أَخَذَ سِلَاحَهُ فَخَرَجَ حَتّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِأُحُدٍ وَعَهِدَ إلَى مَنْ وَرَاءَهُ مِنْ قَوْمِهِ إنْ قُتِلْتُ هَذَا الْيَوْمَ فَأَمْوَالِي لِمُحَمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْنَعُ فِيهَا مَا أَرَاهُ اللهُ. فَلَمّا قُتِلَ قَبَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَمْوَالَهُ وكانت سَبْعَةُ حَوَائِطَ، أي سبعة بساتين مزروعة فكانت عَامّةُ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بالمَدِينَةِ مِنْهَا. وفي غزوة خيبر أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إحدى القلاع السبعة التي تم افتتاحها كخمس الغنائم وأعطى باقي القلاع للمجاهدين، وأما أهْلُ فَدَكَ فَصَالَحُوا النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ أَرْضِهِمْ وَنَخْلِهِمْ يُعَامِلُهُمْ عَلَيْهِ وَلَهُمْ النِّصْفُ الْآخَرُ. إذن طبقا لما ذكرناه في المتن لم تكن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أية حاجةٍ للاستفادة من الصدقات أو الارتزاق من مال الزكاة لذا كان يحترز عنها كل الاحتراز. فظهر إذن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يأكل أو يرتزق بشيء من الصدقات وأما كلمة «الحرمة» التي جاءت في بعض الأحاديث فيبدو أنها ليست بمعناها الظاهر أو أنه قصد منها الكراهة. والواقع أن كلمة «التحريم» لم تأتِ أصلاً في كثير من مصادر الحديث مثل صحيح البخاري بل ما جاء هو عبارة «لا يأكل» وذلك مثلما جاء في حديث أكل الحسنين من تمر الصدقة الذي هو من الأحاديث المشهورة حيث روى البخاري [2/541] فقال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ (أي تمر الزكاة) فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضي الله عنهما - يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ فَقَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم لاَ يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ»؟!» وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال للحسن بن علي: «أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة؟؟». فكلمة «محرَّمة» التي وردت في بعض الروايات هي في الغالب من الرواية بالمعنى ومن ألفاظ المتحمِّسين، وإذا كانت لفظة التحريم دقيقة فإن هذا يكون من أحد الشؤون والخصوصيات الكثيرة الخاصَّة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده والتي لا تسري إلى غيره. فقد روى كتَّاب السير أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرَّم على نفسه الشريفة عدداً من الأشياء: الأول: الزكاة كما مر معنا في المتن وقد رأينا أن هذا التحريم غير ثابت لأن آيات الكتاب لا تؤيده بل تعارضه. الثاني: أكل البصل والثوم والكراث [نوع من البقل كريه الرائحة] النيِّئ. الثالث: الأكل متَّكئاً حيث قال: «لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا». الرابع: الكتابة، كما تدل عليه الآية الكريمة: ﴿وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ المُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت/48]. الخامس: قول الشعر بمدلول الآية الكريمة: ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ﴾ [يس/69]. السادس: أن يخلع لأمة الحرب [أي درع القتال] بعد لبسه كما قال قبيل معركة أحد عندما كان رأيه البقاء في المدينة والتحصُّن فيها لكن أكثر أصحابه فضلوا الخروج فنزل عند رأيهم ولبس عدة الحرب القتال فندم أصحابه ورجعوا إليه وأرادوه أن يعمل برأيه في البقاء في المدينة فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا أَخَذَ لأْمَةَ الْحرْبِ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالخُرُوجِ إِلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُقَاتِلَ» [سنن البيهقي: 7/40]. السابع: الالتفات إلى زخارف الدنيا كما تدل عليه الآية المباركة: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [طه/131]. الثامن: خائنة الأعين، أي الإشارة بالرأس والعين، كما حصل يوم فتح مكة عندما أهدر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم دمَ «عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ»، فجيء به إليه وطُلِب له من رسول الله الأمان فتأخر رسول الله عن مبايعته ثم قال: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حِينَ رَآنِى كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟». فَقَالُوا: مَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا في نَفْسِكَ هَلاَّ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ فقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : «إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ». [سنن البيهقي: 8/205]. التاسع: أن يعطي أحداً أو يهديه بقصد أن يأخذ أكثر مما أعطى كما تدل عليه الآية: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدَّثر/6]. العاشر: التزوج من امرأة تخاف الزواج منه كما حدث عندما قالت له ابنة النعمان بعد زواجها منه: «أعوذ بالله منك» ففارقها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الفور. الحادي عشر: نكاح الحرة الكتابية. الثاني عشر: نكاح الأمة المسلمة، لأن مثل هذا النكاح إنما يجوز بشرطين: الخوف من الوقع في الحرام وفقدان العفة، والثاني عدم القدرة على نكاح الحرة، وكلا الأمرين منتفيان بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . الثالث عشر: حرمة الزواج من نساء أخريات غير اللواتي تزوجهن كما قال له تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ.. الآية﴾ [الأحزاب/52]. فكل هذه الأمور كانت من خصائص النبيّ ولو فرضنا أنها كانت محرمة عليه فإن هذه الحرمة تختص به وحده وسرايتها إلى بقية المسلمين في غاية البُعْد. | |
|