أنت تطلب أمراً يذكرنا بطلب بني اسرائيل من موسى (عليه السلام) حتى يؤمنوا بدعوته كما في قولهم له (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) (البقرة -55-) فلو أراد الله تعالى إيمان كل الناس لما سار بانبيائه ورسله وحتى دينه وتشريعه وفق الدليل والبرهان وبمقتضى الاسباب الطبيعية ولذهب مباشرة الى العيان أو المعاجز أو عدم احتمال الاختلاف والتخلف عن الحق ولذلك قال تعالى ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين) (هود 118-119) وكذلك قوله تعالى عند رده على من لا يؤمن إلا بالادلة التي يشتهيها والواضحة لكل أحد حين قال عز من قائل (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون) (الانعام 8 - 9 ) فهذه الآيات الكريمة تثبت لنا بأن هناك ابتلاءاً وامتحاناً واختباراً للبشر حتى يؤمنوا بالله تعالى ويسلموا له, ولو كان الامر واضحاً لا لبس فيه لأحد لم يكن هناك اختبار فيؤمن الجميع مباشرة فلا ثواب ولا عقاب ولا أي استحقاق, فتأمل!.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنك أخي إن كنت تبحث عن الحق فيجب عليك النظر في أصل الاختلاف بين الفرق الاسلامية ثم النظر في أدلتها وأصولها العامة ومن ثم النظر في خصوصيات كل مذهب وتفاصيله فينبغي قبل طلبك هذا الذي جمعت فيه النص على الائمة والامامة وكذلك عصمة الائمة وكذلك اسماء الائمة (عليهم السلام) ومن مصادر السنة فماذا أبقيت للسنة من تبرير كي يخالفوا مذهبنا الا العناد والكفر!!
فاختلاف المسلمين وفرق المسلمين يجب أن يكون غير مخرج لهم من الاسلام فإذا كان ما تسأل عنه موجوداف ومتحققاً فهو حجة على كفرهم واخراجهم من الملة ولا قائل بذلك او لآمن أهل السنة جميعاً وانتهى الخلاف الازلي بين المسلمين وما استدل أحد بغير هذا النص الذي تطلبه أنت الآن!!!
فنعجب حقاً لما طلبت كيف طلبته وكيف تتوقع وجود مثل ذلك النص الصحيح الصريح في كل مسائل الخلاف فماذا أبقيت يا أخي للمخالف ولماذا يبقى خلاف اصلا!؟
فسؤالك يشبه سؤال أهل الكتاب لنا بأن دينكم باطل لانه غير مذكور عندنا بصراحة ونص لا يقبل التأويل!! وسؤالك يشبه قولك للخارجي:! افرو ف لنا حديث قتال علي (عليه السلام) للمارقين الخوارج واعترف بأنكم المقصودون من الحديث!
فهل يعقل ذلك يا أخي! أنت تطالبنا بأن نثبت لك صحة تفاصيل مذهبنا المتفرعة عن أصل ثابت عند السنة وتقفز على ذلك الاصل دون تسليم وتطالبني بأن أتي لك بدليل صحيح صريح يفصل ذلك الاصل الثابت برواية سنية صحيحة صريحة تذكر أسماء الائمة وعصمتهم ولا تتكلم عن ثبوت خلافة علي (عليه السلام) وإمامته وهو المهم وهو أصل الخلاف ومنه يعرف الحق من الباطل, وآخر يشترط ذكر خلافة علي (عليه السلام) في القرآن صراحة!
أما بالنسبة الى عدم الوجدان عند السنة فهو لا يدل على عدم الوجود الواقعي ولنا روايات كثيرة وباسانيد عن صحابة وتابعين ولكن للأسف كما قلت لكم بأن من يروى تلك الروايات لا يمكن أن يخالفها وبالتالي فالرواة هم شيعة ولا يستطيعون البوح بها إلا لخواص أصحابهم حتى وصلت الينا وعن طرقنا دون طرق الحكومات .
والنتيجة هي أن موضوع الخلاف بين الشيعة والسنة هو مسألة الخلافة هل هي بنص على علي (عليه السلام) أم هي شورى أو لم يتكلم النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا الامر وليس في الاسلام أصلاً نظام حكم أم هو كيفي تكيفي مزاجي بحسب ما يقع فبأي شكل يقع نقبله ونمضيه كما هو رأي المشهور من أهل السنة لان اسباب ثبوت خلافة وملك السلطات عندهم اختلف من شخص لآخر ولم يستدل أحد بدليل على خلافته وملكه البتة!!فها هي خلافة أبي بكر التي يعترف عمر قبل غيره بأنها كانت فلتة ولكن الله وقى شرها كما يروي ذلك البخاري (ج8/ 25) في كتاب المحاربين باب رجم الحبلى من الزنا من صحيحه.
وقد روى البخاري ايضاً ومسلم اعتراض علي(عليه السلام) عليها وعدم مبايعته لابي بكر ستة اشهر وهجره لهم واعتزاله إياهم ووصفه للبيعة بقوله لابي بكر (ولكنك استبددت علينا بالامر كنا نرى أن لنا في هذا الامر نصيباً لقرابتنا لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وها هي خلافة عمر بولاية عهد من أبي بكر وبرفض من الصحابة واجبار من الخليفة حيث يروي ابن سعد في طبقاته وابن ابي شيبة في مصنفه وابن عساكر وكنز العمال وابن الاثير في اسد الغابة وابن شبة في تاريخ المدينة (إن أبا بكر حين حضره الموت أرسل الى عمر يستخلفه فقال الناس (وفي رواية فدخل عليه علي وطلحة : تستخلف علينا فظاً غليظاً ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر, قال أبو بكر: أبربي تخوفونني...).
وها هي الخلافة بعد عمر تؤول الى ستة يحددهم عمر وحده ويجعل الامر والحكم والتنصيب في يد عبد الرحمن بن عوف ويرفض علي(عليه السلام) شرطاً اشترطوه عليه وهم يعلمون بأنه لا يوافق عليه ألا وهو العمل بسنة وسيرة أبي بكر وعمر فأبى علي(عليه السلام) ذلك وبين للامة بموقفه ذاك رفضه للشيخين فأعطى عبد الرحمن الخلافة لعثمان بعد قبوله لذلك الشرط ورفض علي له ومن ثم قال علي لعبد الرحمن كما رواه ابن شبة في تاريخ المدينة (ج3, 930) وتاريخ الطبري (حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما وليت عثمان إلا ليرد الامر إليك...)
ومن ثم قتل عثمان من قبل المسلمين وتخلى عنه الصحابة أجمعهم فتوجهوا الى أمير المؤمنين حقاً ولا ذوا به لينقذهم مما حصل لهم والفتنة التي أصابتهم والتي ليس لها إلا أبو الحسن (عليه السلام) فأجمعوا عليه وجعلوه خليفة لهم ولم ينعقد اجماع ورضا للمهاجرين والانصار على خليفة إلا لعلي (عليه السلام)
ومن ثم آلت الخلافة إلى بني أمية الذين لا يصلحون للامامة لانهم طلقاء وليسوا ممن تمد لهم الاعناق في الاسلام ووصفهم النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك كما وصفهم به مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) سفينة حين سأله سائل (إن بني أمية يزعمون ان الخلافة فيهم, قال كذب بنو الزرقاء بل هم ملوك من شر الملوك) رواه الترمذي وحسنه وأبو داود والسيوطي في الجامع الصغير وصححه الالباني. وبعدهم بنوالعباس ذووا الملك الجبري ومن ثم جاءت الدولة العثمانية! وبعدها الوهابيون ومن ثم العلمانيون والى يومنا هذا....! فهل تستطيع أن تتبنى ديناً له مثل هذه النظم في الحكم!!؟
وفي مقابل ذلك يأتي الشيعة ويقولون إن منصب الامامة خلافة لله وللرسول (ص) وهو يعني قيادة الامة وهدايتها والاخذ بها على الصراط المستقيم. ومعرفة الامام المناسب ليس أمراً ظاهرياً فكم من رجل صالح ظاهراً وهو شيطان في باطنه وبالعكس, وكذلك من كان صالحاً واقعاً قد يفسد بالامارة والولاية والمنصب والمال وما الى ذلك لو قلنا بمعرفتنا بالصالح والكفوء واقعاً.
وكذلك فإن أدلة النص على إمامة علي(عليه السلام) وخلافته لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ثابتة عند السنة أنفسهم وفي صحاحهم بالاضافة إلى ما ذكرنا من اعتراض الإمام (عليه السلام) على الخلفاء الثلاثة ورفضهم ورفض خلافتهم وسنتهم وسيرتهم :
فهناك حديث الثقلين الذي يوجب على الامة اخلاف النبي بهما كما أمر أمته بالتمسك بهما وعدم افتراقهما الى يوم القيامة.
وهناك حديث الغدير الذي نص فيه النبي(صلى الله عليه وآله) على خلافة علي (عليه السلام) فيه وخصوصاً حين التدقيق في الالفاظ والتجرد عن المعتقد فانك سترى وبوضوح أن النبي(صلى الله عليه وآله) قد أخبر في بداية كلامه بأنه يوشك أن يأتي رسول ربه (ملك الموت) فيجيب وكذلك قوله (صلى الله عليه وآله) للمسلمين ألست أولى بكم من أنفسكم قالوا بلى قال: ألست أولى بكم من انفسكم قالوا بلى قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه.
وهناك حديث الائمة الاثني عشر الذين من قريش وهذا حديث حار فيه أهل السنة حتى قالوا: لم نجد أحداً قطع بهذا الحديث أي: وصل فيه الى نتيجة فالنبي (صلى الله عليه وآله) يحصر خلفاءه باثني عشر فقط.
والواقع أن عشرات الخلفاء والملوك والسلاطين قد تأمروا على المسلمين فقام كل واحد من علماء السنة باختيار ما بدا له وما يقتنع به من خلفاء فيجعلهم مصاديق لهذا الحديث ولم يتفق إثنان منهم على إثني عشر خليفة أبداً وهذا يكشف عن ترجيحهم لخليفة دون آخر دون مقياس أو معيار! وهنا نسأل: هل قال النبي (صلى الله عليه وآله) ما قال وبشر بما بشر لعباً ولغواً ولعدم فائدة؟ فلا أدري إن كان الجواب بالنفي ما الفائدة التي استفادها إخواننا السنة من هذا الحديث وهؤلاء الاثني عشر المجهولين عند الامة!!!
وبالتالي فلم يصل أحد إلى نتيجة مع هذا الحديث إلا الشيعة الإمامية الاثنا عشرية فهم قد طبقوا الحديث واستفادوا منه وجوب تقليد هؤلاء الائمة الاثني عشر لخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتمثيله والاستنان بسنته فيأخذ الناس عنهم الشرع الصحيح والدين الحنيف والصراط المستقيم. وهناك الكثير من الاحاديث والآيات غير ما ذكرنا لمن يطلب الحق ويتجرد تماماً عما حمله أو تربى عليه أو تعلمه والتزمه.
ونختم حديثنا معكم بحديث نرجو أن تفكر به جيداً أخي العزيز وهو حديث لم يصل فيه أهل السنة الى نتيجة كحديث الائمة الاثني عشر وهو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي) الذي روى بأربعة أسانيد وطرق كلها صحيحة بذاتها ولا يمكن ردها حديثياً وعلمياً راجع كلام الالباني وتخريجه في سلسلة الاحاديث الصحيحة (2223) ورد الالباني على إبن تيمية رداً عنيفاً لانكاره وتكذيبه للحديث لأن معناه صريح يا أخي وقوي ألجأ ابن تيمية الى تكذيبه!!
فانظر يا ايها الناصبي في هذا الحديث جيداً وانظر الى تخبط علمائك فيه بين مكذب ومؤول بتأويل عجيب واحكم!