الحديث المذكور المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللهِ
وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما لَنْ تَضِلُّوا أبداً»
بصرف النظر الي متن الحديثوفسرناه من معتقدات الشيعهبدون تعصب للوصول الي الحق
إذا رجعنا فلسفة وجود الإمام كما تدعي الشيعه
هي ضرورة وجود مفسِّر للقرآن
ومبيّن لأحكام الله
وحقائق الدين
بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم –
ووضعنا تلك الأدلّة جنباً إلى جنب حديث الثقلين،
نَصِلُ إلى تفسير الشيعة لهذا الحديث
وهو أن القرآن الكريم لا يكفي وحده
لهداية الناس وإرشادهم نحو السعادة والكمال
بل لا بد معه من مفسّـِرين معصومين منصوبين مِنْ قِبَلِ الله تعالى،
وقد أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث
أن يعرِّفَنا بهؤلاء المفسِّرين المعصومين
فبيَّن لنا أنهم عترته وأهل بيته.
بعبارة أخرى، على الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذوا التفسير الصحيح للقرآن عن لسان العترة،
الذين هم، طبقاً لادعاء الشيعة، الأئمةُ الاثني عشر ذاتهم، وإلا فإنهم سيضلون وينحرفون.
ويقول علماء الشيعة في ذلك:
«إن جعل أهل البيت قرناء للقرآن الكريم في لزوم التمسّك بهما وأن الاثنين لا ينفصلان عن بعضهما، يوضِّح أن لا أحد من الاثنين يكفي وَحْدَهُ، وأن من قالوا:
(حسبنا كتاب الله) وقعوا في خطأ كبير، وأضلُّوا كثيراً»
كما ذكر محسن غرويان، محمد رضا غلامي،
سيد محمد حسين مير باقري، ص305).
(بحث مبسوط في تعليم العقائد)
الرد هداك الله ياشيعي لو كان هذا التفسير لحديث الثقلين صحيحاً لكانت
نتيجته المنطقية ضلال جميع البشر في عصر الغيبة منذ 1200 سنه !!!!!!!!!!!
وحرمان مليارات الناس الأبرياء من الهداية والسعادة،منذ 1200 سنه!!!!!!!!!!!!!
ولاتغالط وحكم عقلكوالسؤال لماذا
لأن الإمكانية العملية للتمسك بعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فهم القرآن وتفسيره في عهد الغيبة قد انتفتمنذ اكثر من 1200 عاموستطل حتي قيام المهديفي آخر الزمان عند الشيعه والسنهبغض النظر عن ايهم هو الصحيح ، !!!!!!!!
والناس في عهد الغيبة
· إما سيتدبرون القرآن بأنفسهم ويفهموه بالاعتماد على عقلهم فهماً بشـرياً (ولذا سيكون فهماً ناقصاً وغير خالص ومشوباً بالخطأ
· أو سيقلدون في فهم القرآن العلماء والفقهاء ويرجعون إليهم في هذا الأمر (والعلماء أيضاً فهمهم للدين فهم بشري)
فبهذا الحساب يكون جميع الناس ضالون ولا توجد طريق للهداية والسعادة إلى أن يظهر الإمام المعصوم.
فهل يمكن القبول بمثل هذا الأمر؟!
اذن الطريق الوحيد الذي يبقى للشيعة هو أن يقولوا:
رغم أن عترة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ليست حاضرة الآن، لكن تعاليمهم قد وصلت إلينا في قالب الأحاديث والروايات المنقولة عنهم وهذه التعاليم تملأ هذا الفراغ.
وأننا إذا قلنا بضرورة وجود الأئمة المعصومين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم – خاصةً استناداً إلى الأدلة التي نقلناها عن متكلّمي الشيعة
فيما سبق –
لا يمكننا أبداً أن نعتبر أن باستطاعة الأحاديث والأخبار الباقية لدينا عن الأئمة أن تملأ الفراغ الناجم عن عدم وجود الإمام المعصوم حاليّاً بيننا لتجدد ظروف الحياه وتغيرها ووجود مسائل جديده تحتاج للتوضيح.
ونضيف هنا أنه إذا كان تفسير الشيعة لحديث الثقلين –
والذي يستند إلى أدلة ضرورة الإمامة – صحيحاً للزم من ذلك منطقياً ضرورة وجود الأئمة المعصومين وحضورهم في جميع العصور،
وبالتالي فإن غيبة الإمام المعصوم لا تنسجم مع هذا التفسير إطلاقاً كما أن التوسُّل بالتعاليم والأحاديث الباقية لدي الشيعه عن الأئمة المعصومين لا يحل المشكلة.
فإذا قبلنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخاطب الناس بلغتهم مراعياً العرف السائد في التخاطب فيما بينهم،
فيجب أن نقبل أن قصده من حديث الثقلين هو أنه لما كان أهل بيتي وعترتي أقربَ الناس إليَّ وأكثَرَهم أخذاً عني فإنهم يعرفون تعاليم القرآن وأحكام الله أفضل من غيرهم.
لذا فيجب على الناس أن يستفيدوا من علمهم قدر الإمكان ويأخذوا عنهم دروس الدين.
ويتضح هذا أكثر إذا لاحظنا أن حديث الثقلين ورد بصورتين في إحداهما «كتاب الله وسنتي» وفي الثانية
«كتاب الله وعترتي»
وهذان النصان لا يتنافيان مع بعضهما بل يكمِّل أحدهما الآخر.
توضيح ذلك أن حديث الثقلين
كان يتضمّن في الأصل جملة:
«كتاب الله وسنتي»
والدليل ان الائمه كانوا تابعيين ومنفذين لهذه السنهفهم اتباع للدين وليسوا عين الدينوقال عليٌّ عليه السلام – كما جاء في نهج البلاغة
«وَصِيَّتِي لَكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً ومُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) فَلا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ وأَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وخَلاكُمْ ذَمٌّ».
وروى الشيخ الصدوق في معانيالأخبار (ص 155)
: «قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (ع) فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ السُّنَّةِ والْبِدْعَةِ وعَنِ الْجَمَاعَةِ وعَنِ الْفِرْقَةِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مَا سَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَالْبِدْعَةُ مَا أُحْدِثَ مِنْ بَعْدِهِ...»( بحار الأنوار 2/266.).
وجاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام – كما في نهج البلاغة (الخطبة 203)-:
«...نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللهِ ومَا وَضَعَ لَنَا وأَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ ومَا اسْتَنَّ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) فَاقْتَدَيْتُهُ»وفي أصول الكافي أيضاً ( ج 2 /ص606، ح 9) بسنده عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)
قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَا مَعَاشِرَ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وجَلَّ فِيمَا حَمَّلَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ فَإِنِّي مَسْئُولٌ وإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ إِنِّي مَسْئُولٌ عَنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وأَمَّا أَنْتُمْ فَتُسْأَلُونَ عَمَّا حُمِّلْتُمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ وسُنَّتِي».
وكذلك جاء في بحار الأنوار (ج2 /ص301): « [الأمالي للشيخ الطوسي] بسنده عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ (ع) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ فِي خُطْبَتِهِإِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ...»
.
وروى الحر العاملي في وسائلالشيعة (ج 11 /ص 511):
«وَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وكُلُّ ضَلَالَةٍ سَبِيلُهَا إِلَى النَّارِ ».
وفي مستدرك الوسائل (ج 12/ ص 322):«وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ».
وفي بحار الأنوار (ج2 /ص171):
«نقلاً عن كتاب المحاسن بسنده عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ مَا مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الجَنَّةِ ويُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا وقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ وأَمَرْتُكُمْ بِهِ »([2]).
وكلَّ إمامٍ لا بدَّ عليه أن يؤمن بالمرسلين ويكون تابعاً للأنبياء.
وأمير المؤمنين عليٌّ (ع) ذاتُهُ كان يقول:
«نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ الله ومَا وَضَعَ لَنَا وأَمَرَنَا بِالحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ ومَا اسْتَنَّ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) فَاقْتَدَيْتُهُ»([3]).
و بعد أن ضربه ابن ملجم قال في وصيته لابنه الحسن (ع):
«أَمَّا وَصِيَّتِي فالله لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ومُحَمَّداً صلى الله عليه وآله فَلا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ وأَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وخَلاكُمْ ذَمٌّ»(وكذلك شهدالائمه الاطهار للخلفاء الراشدين بانهماقاموا سنه رسول الله وماتوا علي ذلكوكان سيدنا علي يمدح ابي بكر وعمر}
لقد شهد علي رضي الله عنه: "إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر" ["كتاب الشافي" ج2 ص428].
ويروي المجلسي عن الطوسي رواية موثوقة
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه:
أوصيكم في أصحاب رسول الله ، لا تسبوهم، فإنهم أصحاب نبيكم،
وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً، ولم يوقروا صاحب بدعة، نعم!
أوصاني رسول الله في هؤلاء .
["حياة القلوب للمجلسي" ج2 ص621]. ومن المعروف والمشهور أنه
عندما سُئل الإمام زيد بن علي عن الشيخين
وقيل له: «رحمك الله، ما قولك في أبي بكر وعُمَر؟؟ فأجاب: رحمهما الله وغفر لهما، ما سمعت أحداً من أهل بيتي يتبرأ منهما ولا يقول فيهما إلا خيراً
»( انظر هذا في كتاب «مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين» لأبي الحسن الأشعري، طبع القاهرة، ج 1/ص 130، وكتاب «الملل والنحل»، لأبي الفتح الشهرستاني، طبع القاهرة، ج 1/ ص 155.)ويقول الإمام علي في رسالته التي بعث بها إلى أهالي مصـر
مع «قيس بن سعد بن عبادة» واليه على مصر، كما أوردها إبـراهيم بن هلال الثقفي الشيعي فـي كتـابـه:
«الغارات» (ص 210)، والسيد علي خان الشوشتري في كتابه «الدرجات الرفيعة» (ج1/ص 336)، والطبري في تاريخه (ج3/ص550):..
فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله عز وجل صلى الله عليه ورحمته وبركاته ثم إن المسلمين استخلفوا به أميرين صالحين عملا بالكتاب والسنة وأحسنا السيرة ولم يعدُوَا لِسُنـَّتِهِ ثم توفّاهما الله عز وجل رضي الله عنهما».وأثنى الإمام علي على عمر رضي الله عنه كما في
«نهج البلاغة» ترجمة فيض الإسلام، في الخطبة رقم 219،
فقال:
«لِـلَّهِ بِلادُ فُلَانٍ فَلَقَدْ قَوَّمَ الأَوَدَ وَدَاوَى الْعَمَدَ
وَأَقَامَ السُّنَّةَ وَخَلَّفَ الْفِتْنَةَ ذَهَبَ نَقِيُّ الثَّوْبِ قَلِيلَ الْعَيْبِ أَصَابَ خَيْرَهَا وَسَبَقَ شَرَّهَا.
أَدَّى إِلَى اللهِ طَاعَتَهُ وَاتَّقَاهُ بِحَقِّهِ رَحَلَ وَتَرَكَهُمْ فِي طُرُقِ مُتَشَعِّبَةٍ لا يَهْتَدِي بِهَا الضَّالُّ وَلا يَسْتَيْقِنُ المُهْتَدِي» .(نهج البلاغة:
ومن كلام له عليه السلام يريد به بعض أصحابه، تحقيق صبحي الصالح، ص 350،
أو نهج البلاغة الطبعة التي حققها الشيخ محمد عبده، ج2/ ص 322. اذن يا من تبحث عن الحقهدانا الله واياك الي الحق
أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قد أمرنا أن نرجع بعده إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وأن نتمسّك بهذين الحبلين ونعتصم بهما كي لا نضل.
ولكن لما كانت عترة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أقرب إليه من الآخرين وكانت معرفتها بسنته أكثر من الآخرين
لذا فإن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن الأمرَ ذاته في موارد أخرى بعبارة «كتاب الله وعترتي».
فإذا قلنا:
أولاً:إن قصد النبيِّ من كلمة «عترتي»
أفرادٌ مخصوصون (كالأئمة الاثني عشر للشيعة)
وثانياً رجوعَ الناس إلى هؤلاء الأفراد لأجل فهم الدين بشكل صحيح والتمتُّع بنعمة الهداية والوصول إلى السعادة الأخروية ضروريٌ حتماً؛
عندئذٍ سنواجه الانتقادات ذاتها التي واجهناها من قبل لدى دراستنا وتحليلنا للأدلّة العقليّة على ضرورة الإمامة.
أما في التفسير الذي عرضناه لحديث الثقلين فلا حديثَ عن الضرورة الحتمية للرجوع إلى عترة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ولا نفيٌ لعلم العلماء الآخرين.
إن القول بضرورة الرجوع إلى الأئمة لا يمكن قبوله لما يترتب عليه من محظورات عقلية كما أن نفي إمكانية الأخذ عن علماء آخرين (غير الأئمة) مخالف لقواعد المنطق، لأن إثبات الشيء لا يعني نفي ما عداه.
بعبارة أخرى لم يكن معنى كلام النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه إذا رجعتم إلى علماء آخرين فإنكم ستضلون حتماً ولن تصلوا إلى الهداية أو السعادة أبداً.
في القياس الاستثنائي (في علم المنطق) لا ينتج نفيُ المقدَّم نفيَ التالي،
بمعنى أن حديث الثقلين لا يدلُّ على أكثر من أن الناس لو رجعوا إلى عترة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وتمسكوا بها فلن يضلُّوا أبداً. فهل يا ترى إذا نفينا المقدم (الرجوع إلى العترة)
فإن النتيجة ستكون نفي التالي (أي أن الضلال سيكون قطعياً وحتمياً)؟
إن الإجابة على هذا السؤال طبقاً لقواعد المنطق هي: لا. إذا اعتبرنا كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وارداً على حسب المعنى العرفي –
كما هو الأصل -
فسنرى أن استنتاج عصمة العترة من حديث الثقلين يفتقد الأساس المنطقيَّ المحكم.
أما الشيعة فيستدلُّون بحديث الثقلين على ثبوت عصمة العترة على النحو التالي:
«إن أمْرَ رسول الله بالتمسك بالقرآن والعترة بشكل متساوٍ جنباً إلى جنب يبيِّن أنه: كما أن القرآن الكريم مصونٌ عن الخطأ والاشتباه... فعترةُ رسول الله الطاهرة معصومةٌ أيضاً من باب أولى عن الخطأ والاشتباه»
( المصدر السابق).
فأقول:
لكن كلام النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ليس ظاهراً في إثبات المساواة بين القرآن والعترة.
إن ما يفهم من ظاهر ذلك الحديث أن الناس لو رجعوا إلى كلا الاثنين (القرآن والعترة) فإنهم لن يضلوا أبداً.
أما إذا أراد النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من الحديث المذكور مساواة القرآن بالعترة واعتبارهما في رتبة واحدة فإن هذا يلزم عنه لازمان عقليان ومنطقيان:
1. في مثل هذا الفرض لن تكون هناك ضرورة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ارجعوا إلى كلا الاثنين (القرآن والعترة) تهتدوا،
بل كان عليه أن يقول:
إذا رجعتم إلى أيِّ واحدٍ منهما اهتديتم. وبالطبع لو أردنا أن نقبل بمرتكزات الشيعة فإنه في مثل هذا الفرض كان المفروض أن يقول النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: بدلاً من الرجوع إلى القرآن ارجعوا إلى عترتي،
وذلك لأننا -حسب رأي الشيعة - لا نعلم تفسير القرآن على النحو الصحيح والمطلوب، وعاجزون عن فهم كثير من آيات القرآن،
لأننا غير معصومين، وبالتالي فنحن نحتاج بشكل ضروري لتفسير الأئمة المعصومين لهذا الكتاب السماوي. بعبارة أخرى إذا قبلنا بمرتكزات الشيعة،
فإنه إذا كان هناك إمامٌ معصومٌ
(المفسـّر الحقيقي للقرآن) حاضراً بيننا،
فإن رجوع الناس المباشر إلى القرآن والتدبّر في آياته ليس غير ضروري فحسب بل عملاً عبثيّاً وغير مجد بل حتى ممنوع!.
لان الشيعة يُعْتَبَروا الأئمةُ المعصومون «قرآناً ناطقاً»،
وعندما يكون لدينا «قرآنٌ ناطقٌ»
أفلن يكون الرجوع إلى «القرآن الصامت»
عملاً عبثياً وغيرَ مجد ولا فائدة منه (بدليل العجز المطلق لغير المعصوم عن فهم بعض الآيات فهماً صحيحاً واحتمال الخطأ في فهم الآيات أخرى)؟؟؟؟؟؟؟
2. وإذا قَصَدَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من حديث الثقلين المساواة بين العترة والقرآن وبالنتيجة «عصمة العترة»
لكان من اللازم أن يذكر لنا مصاديق «العترة» بصراحة وشفافية تامة أي يعرّف لنا الأئمة واحداً واحداً.فلماذا لم يقم بمثل ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ألا يدَّعي الشيعة أن الناس لا يستطيعون أن يشخّصوا وجود ملكة «العصمة» لدى أي شخص؟
ألا يقولون إن المعصوم لا يمكن أن يعرِّفه للناس إلا معصومٌ مثله؟
فلماذا امتنع النبيُّ عن التعريف الصريح بالأئمة المعصومين(بذكر الاسم والكنية)!
هنا من الضروري التذكير بنقطة هامة وهي أنه ليس لدينا حتى حديث واحد موثوق ذكر فيه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أسماء أشخاص على أنهم «أئمة معصومون»،
والأحاديث التي يستند إليها علماء الشيعة في هذا المجال كلها موضوعة لا تقوم بها حجَّة، لأن في أسانيدها رواةٌ مجروحون لا يُوثَقُ بنقلهم ليس من وجهة نظر أهل السنة فقط بل حتى من وجهة نظر علماء الشيعة الكبار.
و لنترك كل ما ذكرناه جانباً،
ولنفرض أنه كان هناك، من بين عترة النبيِّ وآله، علماء ومفسرون كبار استفادوا من علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرةً وفهموا القرآن أفضل من غيرهم، ورغم أنهم لم يكونوا معصومين إلا أنهم كانوا علماء أتقياء وفقهاء ورعين.
فإذا قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم للناس:
إضافةً إلى رجوعكم إلى القرآن وتدبّركم في آياته ارجعوا أيضاً إلى هؤلاء العلماء واستفيدوا من علمهم كي لا تضلوا أبداً، فأي محظور عقلي يكون في كلامه هذا؟ ؟؟؟؟؟؟
ستقولونياشيعه إن هؤلاء العلماء والفقهاء غير معصومين وقد يخطئون في فهم الدين فلا يمكن القول بأن الرجوعَ إليهم والأخذَ عنهم
(حتى لو كان علمهم مأخوذاً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم) يعصمنا من الضلال بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فنقول :
أولاً:
علينا أن نصحِّح فهمنا لموضوع الهداية والضلال. الهداية تعني أن يكون الإنسان على الطريق الصحيح في سعيه الصادق والمخلص للوصول إلى الحق والإذعان للحقيقة التي وجدها
(حتى لو كان هناك احتمال لاشتباهه في تشخيص الحقيقة، ولكن طالما أنه اجتهد بكل صدق وإخلاص بقدر استطاعته البشـرية،
فإن ذلك سيمنحه رضا الله والقرب منه سبحانه وتعالى، ونَيل الأجر والثواب الأخروي، وهذه هي الهداية بعينها فليست الهداية شيئاً سوى ذلك)
وأي طريق أفضل من التعلم من مدرسة صحابيٍّ أدرك النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وتتلمذ على يديه مباشرةً وأخذ عنه حقائق الدين
(خاصة إذا كان ذلك الصحابي فرداً من أفراد عترة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وكان قد نهل أكثر من غيره من فيض معارف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلومه)؟
بناء على ذلك،
فإن المؤمن الذي يتدبّر القرآن ويتفكّر في آيات الله ويتعمّق في معانيها ويستفيد أيضاً في هذا المجال – لأجل مزيد من الفهم للقرآن- من أفكار واستنباطات كبار العلماء (مع قصد خالص ونية صحيحة، لا يمكننا أن نطلق عليه كلمة «ضال»،
رغم علمنا بأنه يمكن أن يقع في بعض الاشتباهات بسبب عدم عصمته والحدود التي تفرضها بشريته.
إن ما يؤدي إلى انحراف الإنسان عن مسير الهداية ويوقعه في أودية الضلال هو معاندته العامدة للحق
(بسبب هوى النفس وترجيح المصالح الدنيوية و....).
ثانياً :
يعتقد علماء الشيعة أن الأئمة المعصومين أمروا الناس في أحاديث متعدِّدة بالرجوع في عصر الغيبة إلى الفقهاء العدول،
وجعلوا أولئك الفقهاء حُجَّةً بينهم وبين الناس، وجعلوا هداية الناس مرهونة باتباع أولئك الفقهاء
(من ذلك مثلاً الحديث المشهور لدى الشيعة والمنسوب إلى توقيع صاحب الزمان أنه قال:
«وَ أَمَّا الحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وأَنَا حُجَّةُ الله» (وسائل الشيعة للحر العاملي، ج 27/ص140)،
أو الحديث المروي عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال:
«انْظُرُوا إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَنَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَحَرَامِنَا وَعَرَفَ أَحْكَامَنَا فَارْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً»
(أصول الكافي، الكليني: بَابُ كَرَاهِيَةِ الِارْتِفَاعِ إِلَى قُضَاةِ الْجَوْر، الحديث 5، ج 7/ص412)،
أو الحديث المشهور:
«فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ حَافِظاً لِدِينِهِ مُخَالِفاً لِـهَوَاهُ مُطِيعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ»
(بحار الأنوار، المجلسي: ج 2/ص 88، نقلا عن التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري).
نحن لن نبحث الآن في صحة هذه الدعوى أو عدم صحتها.
إننا نريد أن نسأل:
هل يمكن أن نستنتج من تلك الأحاديث أن الفقهاء معصومين؟
من البديهي أن الإجابة هي: كلا.
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نستنتج من وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع «عترته» والتمسك بها،
أن «عترته» لا بد أن تكون معصومة؟
هنا نلاحظ كيف أننا لو صحَّحنا فهمنا لمعنى الهداية والضلال
فلن نجد في وصية النبيِّ المسلمينَ أن يتمسَّكوا بعترته
(بمعنى العلماء والمفسرين والفقهاء من عترته وأهل بيته)
وتأكيده أن التمسك بهم يعصمهم من الضلال
(حتى لو وقعت أخطاء في هذا المجال) أيُّ محظور عقلي أو مشكلة،
ولمَّا كان الأمر كذلك فلا يمكننا أن نقول إن حديث الثقلين دليل قاطع ومحكم على عصمة العترة (وعلى أنه من الضروريّ والحتميّ أن يُرادَ من هذا اللفظ -أي العترة - أفرادٌ مخصوصون).
والحاصل إن الحديث المذكور لا يدل بالضرورة على مثل هذه النتيجة، لأنه حتى لو فرضنا عدم عصمة عترته
فإن الحديث لن يتضمن أي تناقض أو إشكال
(هذا بشرط أن نأخذ حديث النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم على المعنى العرفي وأن نصحح فهمنا لمعنى الهداية والضلال).
ثالثاً :
إذا اعتبرنا أن الضلال هو الخطأ في فهم الدين وفي تشخيص الحقيقة فسنكون مجبرين على الاعتراف بأننا ضالون على الدوام ولن نجد في حياتنا الهداية، حتى لو رجعنا إلى العترة التي تدّعي الشيعة عصمتها.
ذلك لأننا حتى لو افترضنا أن عترة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم معصومة عن الخطأ فإن الناس العاديين الآخرين غير معصومين عن الخطأ لذا فقد يخطئون في فهم كلام المعصوم أو في حفظه أو في نقله من شخص إلى آخر،
وبالتالي فإن كلام النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين (الذي يؤكِّد أننا لو رجعنا إلى القرآن والعترة فلن نضل إذن أبداً)
سيظهر أنه خلاف الواقع، هذا حتى لو افترضنا عصمة العترة.
ونعوذ بالله من تحليلات تنتج في النهاية ظهور مخالفة حديث النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم للواقع!.
ثم نسأل:
إذا كان الأئمة المعصومون قد جاؤوا لأجل بيان حقائق الدين وأحكام الله والتفسير الصحيح المعصوم عن الخطأ للقرآن الكريم،
فلماذا لم يدوِّن أيٌّ منهم تفسيراً كاملاً للقرآن كي يصبح مرجعاً معتبراً وكاملاً ومدوَّناً للآتين،
حتى لا يختلفَ علماء الشيعة في العصور التالية عند غياب الإمام المعصوم في فهم الدين وفي تفسيرهم الصحيح للقرآن ولا تـتشتَّتَ آراؤهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا لم يكتب الإمام علي (ع) خلال فترة الخمسة وعشرين عاماً التي اعتزل فيها السياسة وجلس في بيته مثل هذا التفسير؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا لم يقم الأئمة التالون (خاصة الإمام جعفر الصادق (ع) الذي أُتيحت له الحرية في نشر معارف الإسلام) بمثل هذا العمل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا لم يستفد الإمام الحسين (ع) من السنوات العشر الأولى من إمامته (التي كان معاوية لا يزال فيها حياً وكان المجتمع هادئاً لأن الحسين (ع) بسبب الصلح الذي أمضاه أخوه الإمام الحسن (ع) مع معاوية، لم يتعرَّض إلى مجاهدة معاوية ومحاربته)
في كتابة تفسير كامل للقرآن الكريم من أوله لآخره؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والسؤال ذاته يمكن أن نطرحه حول تعليم أصول الدين وطرق الاجتهاد الصحيح وقواعد استنباط الأحكام من النصوص الدينية.
ألم يكن الأئمة كما تدعون انهم يعلمون الغيب ؟؟؟
فالاولي انهم يعلمون أن عهد الغيبة سيحل قريباً وسيُحْرَمُ الناس فيه من حضور إمام معصوم؟؟؟
والسؤال فلماذا لم يقم أيٌّ منهم بكتابة دورة كاملة في علم أصول الفقه !!!!والقواعد الصحيحة للتفقُّه في الدين كي يستفيد العلماء والفقهاء منها في المستقبل؟؟؟؟؟؟؟؟
، وعلى الأقل عندما يريدون الاجتهاد من النصوص الدينية يستندون إلى منهج وقواعد واحدة ولا يقع بينهم كل ذلك الاختلاف والتشتت في الآراء؟؟
إن كل ما بقي لدينا عن الأئمة الكرام هو مجموعة من الأحكام الفقهية الخاصة بعصرهم وفترتهم الزمنية فقط لا غير،
ولا نجد أي شيء في تعاليمهم يتعلق بالنظر إلى المستقبل وتعليم نهج الاجتهاد واستنباط الأحكام.
فعلى سبيل المثال لم يقولوا لنا شيئاً عن موضوع ما إذا كانت ظروف الزمان والمكان دخيلة في الاجتهاد أم لا.؟؟؟؟
مثلاً كانوا يقولون فقط:
الاحتكار محرَّمٌ في ستة أشياء (الحنطة والشعير و...)
ولكنهم لم يوضِّحوا أبداً هل هذا الحكم خاصٌّ بذلك العصـر فقط أم أن حكم الاحتكار هذا يمتد بذاته إلى الأبد؟؟؟؟
لهذا نرى اليوم فقيهاً يقول إن حكم الاحتكار اليوم هو حكم الاحتكار ذاته الذي قاله المعصوم (قبل 13 قرن)
وأنه إلى يوم القيامة لا يحرم الاحتكار إلا في الأشياء الست المذكورة في تلك الرواية.
في حين أن هناك فقيهاً آخر يقول إن تحريم احتكار القمح والشعير و... في عصر الأئمة سببه أن حاجة الناس الأساسية إلى المواد الغذائية كانت منحصرة في تلك المواد الغذائية المذكورة فقط، وكان احتكار تلك الأغذية يضـر إضراراً كبيراً بالمجتمع الإسلامي
. واليوم وبعد أن تغيرت حاجات الناس فإن احتكار الأشياء التي يحتاجها الناس بالضـرورة (مثل الحديد والإسمنت والزيت و...) حرامٌ أيضاً،
يعني أن الملاك الأصلي لحكم الاحتكار هو حاجات الناس وحاجات المجتمع الضرورية، وليس من البعيد أن يأتي يوم تخرج فيه تلك السلع التي وردت في الرواية وكان احتكارها محرماً في ذلك الزمن مثل القمح والشعير
والزبيب والتمر و...عن كونها من ضروريات المجتمع وحاجات الأفراد الأساسية وبالتالي يصبح احتكارها غير محرم في حين يكون احتكار سلع مثل اللحم والدجاج والسمك و... أو الخشب والورق و... محرماً نظراً لكونها من السلع التي يحتاجها المجتمع بشكل أساسي
.
فسؤالنا هو
لماذا كان الأئمة المعصومون يكتفون، عند بيانهم لأحكام الدين وإجاباتهم عن استفتاءات الناس، بذكر الأحكام فقط والإجابة على أسئلة الناس فحسب،؟؟؟
ولا يُذَكِّرون الناس مثلاً أو ينبِّهونهم إلى أن حكم فرض دية المقتول على عاقلة القاتل مثلاً يختص بالمجتمعات القبلية القديمة فقط وعصور ما قبل العصور الحديثة أم لا يختص بها بل يعم جميع المجتمعات؟؟؟؟؟
وهل ينطبق الحكم ذاته على مجتمعات أخرى وأزمنة مستقبلية أم لا؟؟؟؟؟؟
ويمكن طرح هذه الأسئلة بشكل كُلِّيّ بالصورة التالية:
لماذا لم يخلّف لنا الأئمة المعصومون آثاراً مكتوبة في مجال تفسير القرآن، وبيان أحكام الله، والرؤية الدينية للعالم والكون،
والتاريخ الصحيح لحوادث صدر الإسلام، ومكانة العقل والعلم والفلسفة في الدين وكذلك حول أصول الأخلاق والعرفان (أو التصوف) الإسلامي و...، كي يحولوا إلى حد كبير دون تحريف تعاليمهم واندثارها،
وكي تكون تلك المؤلفات مصباح هداية يستنير بها ويهتدي بهديها جميع من سيأتي بعدهم في المستقبل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
صحيح أن بعض المستندات المكتوبة تتعرض أحياناً إلى الدس والاختلاق والتحريف، لكن احتمال الوضع والتحريف في الوثيقة المكتوبة أقلُّ بكثير منه في الكلام المنقول شفهياً والمتناقل عبر الأفواه بين الناس.
لذا إذا كان أئمة الشيعة قد نصبهم الله حقاً، وكانوا مأمورين بتفسير القرآن تفسيراً معصوماً عن الخطأ وببيان أحكام الله وحقائق الدين،
فإن تدوينهم لتعاليمهم وقيامهم بذلك بأنفسهم (للحيلولة دون الوضع والافتراء فيها أو تحريفها واندثارها،
وكذلك لأجل استفادة الناس والأجيال اللاحقة بنحو أكثر) كان من أوجب الواجبات.
فلماذا لم يقم أيٌّ منهم بمثل هذا الأمر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يكفي أن نفكِّر بهذه النقطة فقط كي ندرك حقيقة أن التفسير المعصوم عن الخطأ للدين لم يكن غرضاً مطلوباً لِـلَّهِ تعالى.
بعبارة أخرى إن الله تعالى لم يجعل فهم الناس لدينهم بشكل كامل وصحيح مئة بالمئة ودون أي خطأ أو نقص وعلمهم بجميع أحكامه صغيرها وكبيرها وتطبيقهم لها بحذافيرها شرطاً للسعادة والكمال والقرب منه سبحانه وتعالى. لأنه لو كان يريد ذلك لخلق جميع الناس منذ البداية معصومين عن الخطأ.
ودليلنا على ادعائنا هذا أن وضع مثل هذا الشـرط بالنسبة لأناس غير معصومين هو في الحقيقة تكليف بما لا يطاق وهو أمر - بمعزل عن قبحه - يؤدي إلى حرمان جميع الناس من السعادة والكمال
. وثانياً: حتى لو كان هذا الشرط قابلاً للتحقُّق ولم يكن خارجاً عن طاقة البشر فإن لازمه الضروري على الأقل وجود مرجع معصوم وحضوره في جميع العصور إلى يوم القيامة.
لكننا نرى اليوم أن مثل هذا اللازم أو الشرط غير متحقِّق،
لذا استناداً إلى هذا الواقع يمكننا أن نستنتج أن الله تعالى لم يجعل الوصول إلى السعادة والقرب منه سبحانه مشـروطاً بالفهم والعمل المعصومان عن الخطأ،
بل جعل شرط ذلك أن يبحث الإنسان بكل صدق وإخلاص عن الحقيقة ويعتمد في هذا السبيل على عقله وفطرته ووجدانه النقي الطاهر لتشخيص الحق من الباطل ويبذل طاقته وغاية جهده بصدق وإخلاص، وعندئذٍ حتى لو وقع في خطأ أو اشتباه أو تعثُّر فإنه يكون معذوراً بالتأكيد.
القصة في فهم الدين أيضاً هي هذه وليست شيئاً آخر. لقد أراد الله من الإنسان أن يسعى ويبذل جهده لفهم دينه ومعرفة طريق الحق من خلال تدبره القرآن وإعماله عقله وفكره وتفكيره،
ولما كان الله يعلم أنه خلق البشر غير كاملين وأن قدراتهم محدودة وناقصة وأنهم جائزو الخطأ، وأنهم بعد السعي الصادق لن يصلوا سوى إلى فهم بشري للدين، فإنه يقبل منهم هذا ويغفر لهم نواقصهم وأخطاءهم غير العمديَّة، ولا يرفض إلا المعاندة المتعمّدة وعن علم للحقّ.
هذا عدا عن أنه لو كان شرط السعادة والكمال هو التفسير المعصوم عن الخطأ للدّين فإن مثل هذا الغرض لا يمكن تحصيله حتى مع نَصْب أئمة معصومين وحضورهم بين الناس في جميع العصور.
لأنه حتى لو وُجد إمام معصوم في كل عصر كي يبين للناس حقائق الدين وأحكام الله بشكل صحيح مئة بالمئة، فإن الناس رغم ذلك قد يقعون في الخطأ والاشتباه في فهمهم لكلام المعصوم وفي ضبطهم له أو أثناء نقلهم كلامه إلى الآخرين مما سيعرِّض تعاليم المعصوم إلى التشويه والتحريف أو الدس والوضع.
ألا يختلف علماء الشيعة ذاتهم في عصـرنا الحاضر في فهمهم لكلام المعصوم؟؟؟؟؟؟؟
ألا يقدِّم كل واحدٍ من هؤلاء الفقهاء فهمه إلى الناس على أنه كلام المعصوم ذاته وحقيقة الدين؟؟؟؟؟؟؟
أليس فهمهم للدين فهماً بشـريّاً
(وبالتالي فهو فهم ناقص ومشوب بالخطأ)؟؟؟؟؟؟
وهنا نقطه اخريما الهدف من أقول سيدنا عليوهل يتبعها الشيعه
1- قال عليه السلام: «بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، ولِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، ولِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ، فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ،
فأراهم حِلْمَه كيف حَلُمَ، وأراهم عفْوَهُ كيف عفا، وأَرَاهُمْ قُدْرَته كيف قَدَرَ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَكَيْفَ خَلَقَ ما خَلَقَ من الآيات، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ من العصاة بِالْمَثُلاتِ وَاحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ، وكيف رَزَقَ وهَدَى وأعْطَى»([1]).
2- وقال عليه السلام:
«وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لا يَغُشُّ وَالْهَادِي الَّذِي لا يُضِلُّ وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لا يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ:
زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَلا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنَىً؛ فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْغَيُّ وَالضَّلالُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلا تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ»([2]).3
3- وقال عليه السلام: «وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ الْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَالرِّيُّ النَّاقِعُ، وَالْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ، وَالنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ، لا يَعْوَجُّ فَيُقَامَ، وَلا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ، وَلا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ ووُلُوجُ السَّمْعِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ»([3])
.4- وقال عليه السلام: «وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَسَبَبُهُ الأَمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جِلاءٌ غَيْرُهُ»([4]
).5- وقال عليه السلام: «فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ وَارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ، أَتَمَّ نُورَهُ وَأَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ، وَقَبَضَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِ»([5])
.6- وقال عليه السلام: «ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ، ولَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ: إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى وَعِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ»([6]).
7- وقال عليه السلام: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِ»([7]).8- وقال عليه السلام: «وَكِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطِقٌ لا يَعْيَا لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَعِزٌّ لا تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ»([8]).9
- وقال عليه السلام: «وَفِي القُرْآنِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُم، وخَبَرُ ما بعْدَكُم، وحُكْمُ ما بيْنَكُم»([9]).10- وقال عليه السلام: «إِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لا تَفْنَى عَجَائِبُهُ، وَلا تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ، وَلا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلا بِهِ»([10])
.قال سيدنا علي عليه السلام: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِ
([1]) راجع روضة الكافي للكليني، (ص:386)، ونهج البلاغة، الخطبة (147)، على اختلافٍ يسيرٍ بين رواية الكليني ورواية الشريف الرضيّ.
([2]) نهج البلاغة، الخطبة (176).
([3]) نهج البلاغة، الخطبة (156).
([4]) نهج البلاغة، الخطبة (176).
([5])نهج البلاغة، الخطبة (183).
([6]) نهج البلاغة، الخطبة (158).
([7]) نهج البلاغة، الخطبة (110).
([8]) نهج البلاغة، الخطبة (133).
([9]) نهج البلاغة، حكم أمير المؤمنين، حكمة (رقم:313).
([10]) نهج البلاغة، الخطبة (18).
هل من شيعي يجيب علي هذه الاسله والتناقضات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟