بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد و آلِ محمد
هل نستشعر حياة إمام زماننا (عج)
إن مسألة الإعتقاد بالإمام المهدي (صلوات الله وسلامه عليه) من ضروريات الدين، فالذي يُنكر مسألة الإمام المهدي (صلوات الله عليه) فقد أنكر مُسلَّماً من أقوال النبي (ص) عند الفريقين.. صحيح أن هناك خلافا بين الفريقين: هل أنّه سيولد في آخر الزمان، كما تقول العامة؟.. أو كما تعتقد الإمامية بأنّه حيٌ يُرزق من ذرية ومن نسل الإمام الحسن بن علي العسكري، هذه السلسلة التي بَشّرَ بها النبي صلى الله عليه وآله، كما في الصحيحين؟.. ولكنه أمر مسلّمٌ به عند جميع المسلمين.. فالذي يعتقد بأمير المؤمنين، عليه أنْ يعتقد بالإمام الثاني عشر، بناءً على أنّ التوثيق تسلسلي.. وهذه السلسة إذا وثقنا بأولهم وصدقهم وارتباطهم بالوحي انتهى الأمر، وثبت الجميع على حدٍ سواء.
إن يوم الجمعة مِنَ المحطات المناسبة في إعادةِ عقدِ البيعة.. والإنسان من خلال مبايعةٍ، يُعاهد إمامه على نُصرته.. ففي الفقه عند البحث في وجوبَ رد السلام، يُشترط في الوجوب أمور ثلاثة: أولا: لا بد من أنْ يكون المخاطَبْ حياً، فالميت لا تكليف عليه.. ثانيا: أنْ يكون سميعاً، فلو كان أصَما، ولا يسمع السلام، فلا يجب الرّد.. وثالثاً: أنْ يكون حاضراً، فلو كان في غُرفةٍ أخرى وسلّمت، لا يجب عليه الرد.
فإذاً، إذا وُجِدَتْ هذه الخواص الثلاث: الحضور، والإستماع، والحياة، وَجبَ الرّدُ.. وتطبيقا لذلك: فإن المعصوم -سواءً في ذلكَ النبي أو الوصي- حيٌ عند الله مرزوق، فهذه الروح انتقلت من عالم إلى عالم، وليس هنالك فناء أبداً.. ومن ناحية فهو يسمعُ بإذن الله عزّ وجل.. وثالثاً يشهد المقام، وهو حيٌ حاضر.. وعليه، فالإمام صاحب الأمر (عج): حيٌ، حاضرٌ، ويسمع.. فمثلا: إن رؤية ما وراء الجدار بآلاف الأميال، هذه الخصوصية نسبت لأحد الصحابة في قصة (سارية الجبّل).. وعليه، فإن معنى ذلك، أن هذه الحركة مأثورة في حياة المسلمين، أي أن تُنسب هذه الخاصية لإنسان.. فإذن، على المؤمن في يوم الجمعة وفي باقي الأيام، عليه بتشديد الإلتجاء له.
وأمّا موضوع غيبته وعدم تعيّن مكانه: فلو وجد سلطان في بلد، وهذا السلطان له قصر.. ولكن لا يُمكن اللقاء به، لوجود الحواجب والحواجز والحُجّابِ على الباب.. ولو أنّ هذا السلطان لم يكن له قصر، وإنما يتجول في كل يوم ٍمن منزلٍ إلى منزل، هل هنالك فارق؟.. فعندما لم يؤذن للمرء باللقاء فما الفرق في المقام، أي سواءً كان المكان معهوداً، أو كان المكان مبهما؟!.. فعندما يعتقد المرء بأنّ هذا السلطان له وجود، فإنه يحترم هيبته، ويُطيعُ أوامره، ويحسب حسابه، ويخافُ منه.
والإمام كذلك، فالإمام موجود في مكان غير معين، ولا يمكن اللقاء به فِعلاً في زمان الغيبة.. فهب أنّ الإمام له قصر في إحدى الجبال، ولا يمكن اللقاء به!.. فما الفرق بين الحضور مع عدم إمكانية اللقاء، وبين الحضور مع إمكانية اللقاء، مع تغيّب المكان المعهود؟.. فالأمر واحد، ما دمت تعتقد بوجوده وأنّه موجود، وجبت عليك تكاليف كثيرة، ولا فرق في ذلك أبداً.. ولكن المشكلة هي مشكلة اليقين، فلو وُجد اليقين في قلب إنسان، فإن احتجابه عن أعين رعيته، لا يُعد هذا مُشكلا ًومانعا من شدة الإلتفات والإلتجاء إليه!..
الشيخ حبيب الكاظمي
المصدر