أسعد الله أيامكم ولياليكم
وأطاب الله وجودكم
بدوام الذكر
لمحمد واله عليهم السلام
في مثل هذا اليوم تكتسي السماء أفضل حلية النور والجمال
بمناسبة زواج سيدة نساء العالمين من سيد الوصين
فاطمة الزهراء وامير المؤمنين علي
عليهما السلام
السماء تزوّج فاطمة (عليها السلام)
على خلاف كل نساء العالم اللواتي يكون أمر زواجهنّ بيد آبائهن أو بيدهنّ خاصّة كان أمر الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) بيد الله تعالى فهو الذي اختار الكفؤ لها.
فقد ورد في الكثير من الأخبار أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)بعد أن ردّ الكثير ممّن خطبوا الزهراء (عليها السلام) جاءه الأمر الإلهي بأن: زوّج فاطمة من علي (عليهما السلام).
الله زوّجها (عليها السلام) من علي (عليه السلام)
عن ابن عباس وأنس بن مالك قالا: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)جالس إذ جاء علي، فقال: يا علي ما جاء بك؟
قال: جئت اُسلّم عليك.
قال: هذا جبرئيل يخبرني أنّ الله زوّجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك،وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدرّ والياقوت، فنثرت عليهم الدرّ والياقوت فابتدرن إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدرّ والياقوت وهنّ يتهادينّه بينهن إلى يوم القيامة، وكانوا يتهادون ويقولون: هذه تحفة خير النساء(77).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أتاني ملك، فقال: يا محمد، إنّ الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى، فزوّجها منه في الأرض»
خطبة فاطمة (ع) من علي (ع):
ما بلغت فاطمة الزهراء (ع) التاسعة من العمر حتى بدا عليها كل ملامح النضوج الفكري والرشد العقلي فتقدم سادات المهاجرين والأنصار لخطبتها طمعاً بمصاهرة النبي (ص) ولكنه كان يردهم بلطف معتذراً بأن أمرها الى ربها.
مهر الزهراء (عليها السلام)
وخطبها علي (ع) فوافق النبي (ص) ووافقت فاطمة وتمّ الزواج على مهر قدره خمسمائة درهم، فباع علي درعه لتأمين هذا المهر ولتأثيث البيت الذي سيضمهما فكان أن بسط أرض الحجرة بالرمل ونصب عوداً لتُعلق به القربة واشترى جرةً وكوزاً، وبسط فوق الرمل جلد كبش ومخدة من ليف.
زفاف الزهراء على علي عليهما السلام
فلما كان بعد نحو من شهر قال جعفر و عقيل لاخيهما علي او عقيل وحده ألا تسأل رسول الله«ص»ان يدخل عليك املك قال الحياء يمنعني،فاقسم عليه ان يقوم معه فقاما و اعلما ام ايمن فدخلت الى ام سلمة فأعلمتها و اعلمت نساء النبي«ص»فاجتمعن عنده و قلن فديناك بآبائنا و امهاتنا انا قد اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الاحياء لقرت عينها،قالت ام سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى و قال:خديجة و اين مثل خديجة صدقتني حين كذبني الناس و وازرتني على دين الله و أعانتني عليه بمالها،ان الله عز و جل امرني ان ابشر خديجة ببيت في الجنة لا صخب فيه و لا نصب،قالت ام سلمة فديناك بآبائنا و امهاتنا انك لم تذكر من خديجة امرا الا و قد كانت كذلك غير انها قد مضت الى ربها فهنأها الله بذلك و جمع بيننا و بينها في جنته،يا رسول الله هذا اخوك و ابن عمك في النسب علي بن ابي طالب يحب ان تدخل عليه زوجته قال حبا و كرامة،فدعا بعلي فدخل و هو مطرق حياء و قمن ازواجه فدخلن البيت فقال أتحب ان ادخل عليك زوجتك فقال و هو مطرق اجل فداك أبي و امي فقال ادخلها عليك انشاء الله ثم التفت الى النساء و قال من ههنا فقالت ام سلمة انا ام سلمة و هذه زينب و فلانة و فلانة فامرهن ان يزين فاطمة و يطيبنها و يصلحن من شأنها في حجرةام سلمة و ان يفرشن لها بيتا كان قد هيأه علي عليه السلام بالاخرة و كان بعيدا عن بيت النبي«ص»قليلا فلما بنى بها حوله الى بيت قريب منه ففعلن النسوة ما امرهن و علقن عليها من حليهن و طيبنها.فانظر في هذا الخبر تجد ان ام سلمة كانت المقدمة في هذا الامر فأم ايمن جاءت اليها و لم يذكر اسم امرأة غيرها و هي وحدها كانت المخاطبة للنبي«ص»في شأن خديجة و المثنية عليها و المسلية عنها باسلوبها البديع الرقيق و هي التي خاطبته في شأن ادخال الزهراء على علي عليهما السلام و توسلت اليه بما يوجب الرقة و العطف من قولها اخوك و ابن عمك في النسب،و لما قال للنساء من هاهنا كانت هي المجيبة و كان اصلاح شأن الزهراء في حجرتها و دفع إليها ما بقي من المهر و قال ابقيه عندك.
وليمة العرس
و جاءت الهدايا الى النبي صلى الله عليه و آله و سلم (و كأني بالمسلمين من المهاجرين و الانصار لما سمعوا بهذا الزفاف قالوا هذا نبيكم سيد الانبياء الذي انقذكم الله به من الضلالة الى الهدى يريد ان يزف ابنته سيدة النساء الى ابن عمه اعز الناس عليه و اكثرهم جهادا بين يديه فأعينوه على وليمة العرس فاهدوا له البر و السمن و البقر و الغنم و غيرها) فامر بطحن البر و خبزه و امر عليا بذبح البقر و الغنم فلما فرغوا من الطبخ امر ان ينادى على رأس داره اجيبوا رسول اللهفبسط النطوع في المسجد فأكل الناس و كانوا اكثر من اربعة آلاف رجل و سائر نساء المدينة ثم دعا بالصحاف فملئت و وجه بها الى منازل ازواجه ثم اخذ صحفة فقال هذه لفاطمة و بعلها.و يظهر ان الطعام كان مقصورا على الثريد من الخبز و اللحم .
كيفية الزفاف
فلما كانت ليلة الزفاف اتى ببغلته الشهباء و ثنى عليها قطيفة و قال لفاطمة اركبي فاركبها و امر سلمان ان يقود بها و مشى«ص»خلفها و معه حمزة و جعفر و عقيل و بنو هاشم مشهرين سيوفهم و نساء النبي«ص»قدامها يرجزن و امر نباتا عبدالمطلب و نساء المهاجرين و الانصار ان يمضين في صحبة فاطمة و ان يفرحن و يرزحن و يكبرن و يحمدن و لا يقلن ما لا يرضي الله .
ثم ان النبي«ص»انفذ الى علي فدعاه ثم هتف بفاطمة،فأخذ عليا بيمينه و فاطمة بشماله و ضمهما الى صدره فقبل بين أعينهما و اخذ بيد فاطمة فوضعها في يد علي و قال بارك الله لك في ابنة رسول الله و قال يا علي نعم الزوجة زوجتك و قال يا فاطمة نعم البعل بعلك ثم قال لهما اذهبا الى بيتكما جمع الله بينكما و اصلح بالكما و قام يمشي بينهما حتى ادخلهما بيتهما.
نتاج هذا الزواج العظيم:
لقد كان هذا البيت المتواضع غنياً بما فيه من القيم والأخلاق والروح الايمانية العالية فبات صاحباه زوجين سعيدين يعيشان الألفة والوئام والحب والاحترام حتى قال علي (ع) يصف حياتهما معاً.
فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً. لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان.
وقد كانا قد تقاسما العمل، فلها ما هو داخل عتبة البيت وله ما هو خارجها. وقد أثمر هذا الزواج ثماراً طيبة، الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
نقدم أسمى أيات التهاني والتبريكات
لمقام صاحب العصر والزمان
بمناسبة
أعظم زواج على البشرية جمعاء